الحزن والجمال
أو مرغريت فهمي أمام الضمير
وقد أزال الحزنُ أثَر الجمال الخلَّاب عن وجهها.
كُنْتِ بِالْأَمْسِ رَبَّةَ الْعَاشِقِينَا
تُسْكِرِينَ الْمَلَا وَلَا تَسْكَرِينَا
وَلَقَدْ كُنْتِ تَبْسُمِينَ بِحَظٍّ
فَلِمَاذَا أَمْسَيْتِ لَا تَبْسُمِينَا؟
مَا الَّذِي أَوْجَبَ اكْتِئَابَكِ حَتَّى
صَارَ رَمْزُ الْجَمَالِ رَمْزًا حَزِينَا؟
أَظْلَمَ الْحُزْنُ فِي عُيُونِكِ نُورًا
كَانَ بِالْأَمْسِ فِتْنَةَ النَّاظِرِينَا
أَيْنَ ذَاكَ الْجَمَالُ أَيْنَ جَبِينٌ
مَا أَرَانَا مِنْ قَبْلُ هَذِي الْغُضُونَا؟
أَوَلَيْسَتْ هَذِي الْغُضُونُ رُمُوزًا
لَمْ تَزَلْ فِي الْفُؤَادِ سِرًّا دَفِينَا
خَفِّفِي الْيَوْمَ وَطْءَ مَشْيِكِ كَيْ لَا
يُصْبِحَ الْمَشْيُ نَقْلَةَ الرَّاقِصِينَا
مَا تَعَوَّدْتِ غَيْرَ مَشْيِ دَلَالٍ
كُنْتِ حَتَّى الْهَوَى بِهِ تَخْدَعِينَا
خَفِّفِي الْمَشْيَ إِنَّ فِي التُّرْبِ قَلْبًا
رَجَعَ الْيَوْمَ بَعْدَ إِثْمِكِ طِينَا
لَا تُصِيخِي لِلْحُبِّ وَامْشِي عَلَيْهِ
لَيْسَ عَهْدُ الْغَرَامِ إِلَّا جُنُونَا
لَا تُصِيخِي إِلَى الضَّمِيرِ إِذَا مَا
قَالَ يَوْمًا عِبَارَةَ الْمُشْفِقِينَا
«قَدْ أَهَنْتِ الْحَيَاةَ بَعْدَ عَلِيٍّ
فَاسْتَحِي الْيَوْمَ لَا تُهِينِي الْمَنُونَا
إِنْ يَكُ الْفِسْقُ مِنْ عَلِيٍّ فَمِنْكِ الْـ
ـفِسْقُ وَالْجُورُ بِئْسَ مَا تَفْعَلِينَا
أَنْتِ أَفْسَدْتِهِ وَكَانَ غُلَامًا
ثُمَّ صَيَّرْتِهِ مِنَ الْبَاذِرِينَا
انْزَعِي الْحَلْيَ عَنْكِ وَاسْتَبْدِلِيهَا
بِقُيُودٍ أَحَقَّ بِالسَّافِكِينَا
هَذِهِ الْحَلْيُ مِنْ دِمَاءِ عَلِيٍّ
كَيْفَ تُبْقِينَهَا وَلَا تَخْجَلِينَا؟»
•••
لَا تُصِيخِي يَا مَرْغِرِيتُ لِصَوْتٍ
لَيْسَ صَوْتُ الضَّمِيرِ إِلَّا مُجُونَا
وَارْقُصِي إِنْ وَدِدْتِ فَوْقَ تُرَابٍ
ضَمَّ قَلْبًا لِمُغْرَمٍ وَعُيُونَا
وَاطْرَحِي الْحُزْنَ عَنْكِ؛ فَالْحُزْنُ جُبْنٌ
كَيْفَ يَا غَادَةَ الدِّمَا تَجْنِينَا؟
إِيهِ ضَحِّي الضَّمِيرَ فِي كُلِّ حَالٍ
وَمُرِي السَّفْكَ فِي الْوَرَى أَنْ يَكُونَا
في ٢ تشرين١ سنة ١٩٢٣