إلى الشبَح الباكي
صاحب الكوخ الأحمر.
شَبَحَ الدُّمُوعِ تُمِضُّكَ الْأَتْرَاحُ
هَوِّنْ عَلَيْكَ فَكُلُّنَا أَشْبَاحُ
مَاذَا تُؤَمِّلُ مِنْ رَحِيقٍ فَاسِدٍ
قَدْ زَخْرَفَتْ أَلْوَانُهُ الْأَقْدَاحُ؟
هَذَا الْوُجُودُ جُنَيْنَةٌ مَرْغُوبَةٌ
قَدْ غَرَّ فِيهَا آدَمَ التُّفَّاحُ
هَذَا الْوُجُودُ مَشَانِقٌ نُصِبَتْ لَنَا
وَالظُّلْمُ فِي سَاحَاتِهَا السَّفَّاحُ
أَوَمَا تَرَى الْفَلَّاحَ بَعْدَ جِهَادِهِ
يَلْقَى الشَّقَاءَ لِأَنَّهُ فَلَّاحُ؟
فَكَأَنَّ إِكْرَامَ الْفَقِيرِ مُحَرَّمٌ
وَكَأَنَّ إِكْرَامَ الْغَنِيِّ مُبَاحُ
تِلْكَ الْجُفُونُ وَقَدْ ذَرَفْتَ دُمُوعَهَا
أَيَرُودُ خَلْفَ سُجُوفِهَا الْإِصْلَاحُ؟
إِنْ كَانَ ذَرْفُ الدَّمْعِ يُصْلِحُ أُمَّةً
فَمَدَامِعٌ فِي أُمَّتِي وَنُوَاحُ
•••
فِي دَمْعَةِ التُّعَسَاءِ سِرٌّ كَامِنٌ
هُوَ خَلْفَ لَيْلِ الظَّالِمِينَ صَبَاحُ
تِلْكَ الْمَبَانِي سَوْفَ تَهْدِمُ رُكْنَهَا
مِنْ عَاصِفَاتِ حَيَاتِنَا الْأَرْوَاحُ
أَذْرِ الدُّمُوعَ فَمَا الدُّمُوعُ سِوَى نَدَى
هَذِي الْحَيَاةِ وَعَرْفُهُ فَيَّاحُ
مَا الدَّمْعُ إِلَّا الرَّاحُ فِي كَأْسِ الْوَرَى
وَسَتُسْكِرُ الْأَكْوَانَ هَذِي الرَّاحُ
يَا مَنْ طَلَى بِدَمِ الْفَقِيرِ عُرُوشَهُ
وَنَرَاهُ يَجْلِسُ فَوْقَهَا يَرْتَاحُ
هَذِي الْعُرُوضُ جَمَاجِمٌ مَرْصُوفَةٌ
فِي جَوْفِهَا تَتَمَرَّدُ الْأَرْوَاحُ
•••
رَأَيْتُكَ يَا شَبَحَ الْحُزْنِ تَبْكِي
وَمَا فِي الْوُجُودِ سِوَى الْمُفْتَرِي
إِذَا كُنْتَ تَنْشُدُ تِلْكَ الْعَدَا
لَةَ فَاذْهَبْ إِلَى كُوخِكَ الْأَحْمَرِ
•••
كَمْ قَدْ رَأَيْتُكَ وَالظَّلَامُ مُخَيِّمٌ
تَنْسَلُّ تَحْتَ سُدُولِهِ الْآثَامُ
تَشْدُو عَلَى الْقِيثَارِ أَنْغَامَ الْأَسَى
فَتُجِيبُكَ الْأَوْجَاعُ وَالْآلامُ
اذْهَبْ لِكُوخِكَ فَالسَّلَامُ مُجَسَّمٌ
فِيهِ وَمَا فِي ذَا الْوُجُودِ سَلَامُ
اذْهَبْ إِلَيْهِ فَسَوْفَ تَأْتِي سَاعَةٌ
فِيهَا تَعَضُّ بَنَانَهَا الظُّلَّامُ
اسْهَرْ عَلَى تَقْوِيضِ أَرْكَانِ الرِّيَا
وَاتْرُكْ عُيُونَ الْأَغْنِيَاءِ تَنَامُ
أَرْوَاحُهُمْ بِالْمَالِ تَحْلُمُ طَالَمَا
قَدْ أَزْعَجَتْهُمْ هَذِهِ الْأَحْلَامُ
•••
رَأَيْتُكَ يَا شَبَحَ الْحُزْنِ تَبْكِي
وَمَا فِي الْوُجُودِ سِوَى الْمُفْتَرِي
إِذَا كُنْتَ تَنْشُدُ تِلْكَ الْعَدَا
لَةَ فَاذْهَبْ إِلَى كُوْخِكَ الْأَحْمَرِ
في ٤ آب سنة ١٩٢٣