إلى بدوية جميلة
كانت تُدخِّن النارجيلة في حديقةٍ شرقية
عن لامَرْتِين بتَصرُّف.
مَنْ أَنْتِ يَا بِنْتَ الْأُلَى وَجَدُوكِ
فِي رَوْضَةِ الدُّنْيَا بِغَيْرِ شَرِيكِ؟
أَنْتِ ابْنَةُ الشَّرْقِ الْمُكَلَّلِ رَأْسُهُ
بِوُروُدِ أُمِّكِ أَوْ سُيُوفِ أَبِيكِ
تَدْعِينَ قِيثَارِي وَقَدْ حَطَّمْتِهِ
لِيُحَرِّكَ الْأَوْتَارَ فِي نَادِيكِ
يَا زَهْرَةَ الشَّرْقِ الْمُضَمَّخِ عَرْفُهَا
يَلْهُو النَّسِيمُ بِخَصْرِكِ الْمَفْكُوكِ
وَالْبُلْبُلُ الْغِرِّيدُ يَسْكُبُ لَحْنَهُ
فِي كُمِّكِ الْمَفْتُوحِ للسَّاقِيكِ
الشِّعْرُ فِي أَلْحَاظِ عَيْنِكِ نَائِمٌ
وَإِذَا وَدِدْتِ يُفِيقُ بِالتَّحْرِيكِ
لَكِنْ إِذَا مَا شَاءَ لَحْظُكِ أَنْ يَرَى
فِي الشِّعْرِ أَجْمَلَ مَنْظَرٍ يَسْبِيكِ
فَتَأَمَّلِي فِي الْحَوْضِ حُسْنَكِ مُشْرِقًا
فَبَدَائِعُ الْأَشْعَارِ لَا تَحْكِيكِ
قَدْ أَفْرَغَ الْبَدْرُ الْمُنِيرُ ضِيَاءَهُ
فِي خَيْمَةِ الزَّهْرِ الَّتِي تَأْوِيكِ
وَإِلَى الْوِسَادِ مُذِ اسْتَنَدْتِ لِرَاحَةٍ
بِالنَّارِجِيلَةِ كُلُّهُمْ جَاءُوكِ
أَدْنَتْ يَدَاكِ مِنَ اللُّمَى نَرْبِيجَهَا
مُتَبَطِّنًا بِالزَّنْبَقِ الْمَحْبُوكِ
لَمَّا نَشَقْتِ أَرِيجَهَا بِتَدَلُّلٍ
خَفَقَتْ عَوَاطِفُ صَدْرِهَا «الْمَنْهُوكِ»
إِنِّي اسْتَعَدْتُ لَدُنْ رَأَيْتُكِ صَبْوَتِي
فَوَجَدْتُهَا أَشْهَى وَأَعْذَبَ فِيكِ
لَكِنْ شَبَابِي وَالْغَرَامُ تَلَاشَيَا
فَهُمَا كَنَفْخَةِ دُخْنَةٍ مِنْ فِيكِ
لَمْ أَنْسَ يَوْمَ عَلَوْتِ مَتْنَ مُطَهَّمٍ
وَكَبَحْتِهِ بِشَكِيمَةِ الْمَمْلُوكِ
هُوَ فِي جِيَادِ أَبِيكِ سَيِّدُ قَوْمِهِ
وَيَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْكِ كَالصُّعْلُوكِ
لَمْ أَنْسَ زِنْدَكِ مِثْلَ حَلْقَةِ قِرْبَةٍ
وَلُمَى شِفَاهِكِ مِثْلُ عُرْفِ الدِّيكِ
وَأَشِعَّةً مِنْ بَدْرِ لَيْلِكِ نَوَّرَتْ
يَاقُوتَ خِنْجَرِ خَصْرِكِ الْمَشْكُوكِ
إِنِّي قَطَعْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وُرُودَهَا
وَرَمَيْتُهَا فِي الشَّاطِئِ الْمَتْرُوكِ
فَأَتَتْ غِضَابُ الْبَحْرِ تَجْرِفُهَا إِلَى
اللُّجَجِ الْعَمِيقَةِ بِالرِّيَاحِ النُّوكِ
كَانَتْ وُرُودُ الصَّدْرِ تَنْفَحُ مُهْجَتِي
بِأَرِيجِ حُبٍّ بِاسِمٍ وَضَحُوكِ
كَمْ كُنْتُ أَنْشَدْتُ الْقَرِيضَ مُسَلْسَلًا
لَوْ كَانَ فِي الْعِشْرِينَ عُمْرُ أَخِيكِ
لَعِبَارَةٍ أَوْ نَظْرَةٍ مِنْ أَجْلِهَا
عَبَدَ الرِّجَالُ الطُّهْرَ مُذْ عَبَدُوكِ
في ٣ كانون أول سنة ١٩٢٤