حديث الزهرة الذابلة
لَقَدْ مَرَّ بِي أَمْسِ بِالصُّدْفَةِ
فَتَاةٌ لَهَا الْحُسْنُ فِي الْوَجْنَةِ
فَلَمْ تَتَرَدَّدْ بِأَنْ قَطَفَتْنِي
فَشَعَّتْ عَلَى شَعْرِهَا نَجْمَتِي
وَلَمْ يَمْضِ يَوْمَانِ حَتَّى ذَبُلْتُ
فَأُسْقِطْتُ صَفْرَاءَ كَالْمَيْتَةِ
وَصِرْتُ أُدَاسُ بِأَقْدَامِهَا
إِلَى أَنْ رَمَتْنِي مِنَ الشُّرْفَةِ
•••
وَفِي الصُّبْحِ أَبْصَرَنِي عَابِرٌ
وَقَدْ شَمَّ بِي أَرَجَ النَّكْهَةِ
فَحَنَّ عَلَيَّ وَقَرَّبَ مِنِّي
عُيُونَ التَّسَاؤُلِ عَنْ حَالَتِي
وَقَدْ لَمَّنِي بِخُشُوعٍ وَقَالَ:
تَعَالَيْ أُرَوِّكِ مِنْ دَمْعَتِي
تَعَالَيْ فَإِنَّكِ رَمْزٌ لِقَلْبِي
وَرَمْزٌ لَعَمْرِيَ فِي شِقْوَتِي
تَعَالَيْ فَإِنَّ ذُبُولَكِ يَحْكِي
ذُبُولَ الْفَضِيلَةِ وَالنِّعْمَةِ
يُعَفِّرُكِ النَّاسُ تَحْتَ النِّعَالِ
وَأَنْتِ تَجُودِينَ بِالنَّفْحَةِ
فَكُلُّ الَّذِينَ أَسَاءُوا إِلَيْكِ
أَجَدْتِ عَلَيْهِمِ بِالرَّحْمَةِ
تَعَالَيْ فَبُسْتَانُكِ الصَّدْرُ وَالْقَلْبُ
يُرَوِّيكِ مِنْ مَنْهَلِ الْمُهْجَةِ
في ٢٦ كانون١ سنة ١٩٢٣