يا أرغن الوادي١
هَلْ إِنَّ فِكْرَكَ مِنْ يَرَاعِكَ أَسْرَعُ
أَمْ إِنَّ نَثْرَكَ مِنْ نَظِيمِكَ أَبْدَعُ؟
للهِ مَوْهِبَةٌ يَحَارُ بِهَا الْحِجَى
أَرَجُ الشُّعُورِ بِرَوْضِهَا يَتَضَوَّعُ
يَا ابْنَ الرَّبِيعِ وَفِي الرَّبِيعِ أَزَاهِرٌ
مِثْلُ الْكَوَاكِبِ فِي سَمَائِكِ تَلْمَعُ
كَيْفَ انْثَنَيْتَ عَنِ النَّظِيمِ مُخَيَّرًا
وَتَرَكْتَ شِعْرَكَ فِي دِمَاغِكَ يَهْجَعُ؟
يَا ابْنَ الْخَيَالِ وَفِي الْخَيَالِ حَقِيقَةٌ
بَصَرُ الْوُجُودِ أَمَامَهَا يَتَخَشَّعُ
كَمْ مَرَّةٍ وَقَّعْتَ شِعْرَكَ نَغْمَةً
وَاللَّيْلُ أَنْصَتَ مُصْغِيًا يَتَسَمَّعُ
يَا أَرْغَنَ «الْوَادِي» وَفِي الْوَادِي هَوًى
يَصْبُو إِلَيْكَ فُؤَادُهُ وَالْأَضْلُعُ
لَقَّنْتَهُ شَدْوَ الْهُيَامِ مُوَدِّعًا
وَرَحَلْتَ عَنْهُ وَالْعُيُونُ تُوَدِّعُ
أَشَفِيقُ لَا «بَرَدَى» وَلَا «فَيْحَاؤُهُ»
إِنْ كَانَ «بَرْدَونِيُّ» وَحْيِكَ يَدْمَعُ
اسْمَعْ أَنِينًا صَادِرًا مِنْ غَوْرِهِ
فَإِذَا سَمِعْتَ أَنِينَهُ تَتَوَجَّعُ
يَا شَاعِرَ الْآلَامِ لَا تَكُ يَائِسًا
فَكَوَاكِبُ الْإِلْهَامِ فَوْقَكَ تَسْطَعُ
لَا تَقْطَعِ الْأَوْتَارَ مِنْ قِيثَارَةٍ
نَغَمَاتُهَا فِي الشِّعْرِ لَا تَتَقَطَّعُ
في ٣ أيار سنة ١٩٢٣
١
قصيدة بعث بها إلى صديقه الشاعر الرقيق شفيق أفندي معلوف بدمشق.