لا ترحم
اللَّيْلُ فِي صَدْرِي بَدَا يُظْلِمُ
لَا كَوْكَبٌ فِيهِ وَلَا أَنْجُمُ
يَعْثُرُ قَلْبِي هَائِمًا فِي الدُّجَى
بِأَعْظُمِ الصَّدْرِ فَلَا يَسْلَمُ
إِنْ يَكُ ظَمْآنًا فَمَا مِنْ دَمٍ
جَفَّتْ عُرُوقِي لَيْسَ فِيهَا دَمُ
وَإِنْ يَكُنْ جَاعَ فَلَا مَأْكَلٌ
يَغْذُوهُ إِلَّا ذَلِكَ الْعَلْقَمُ
يَشْقَى وَلَا يَعْلَمُ مَاذَا بِهِ
يَذُوبُ كَالشَّمْعِ وَلَا يَعْلَمُ
وَرَغْمَ هَذَا عِنْدَ مَرْأَى الْهَوَى
يُقْدِمُ كَالنِّمْرِ وَلَا يَحْجُمُ
طَوَائِفُ الْجِنِّ تَرَاءَتْ لَهُ
فَخَافَ مِنْهَا الْحَلَكُ الْأَدْهَمُ
وَاتَّخَذَتْ فِي جَنْبِهِ مَسْكَنًا
تُفْشِي إِلَيْهِ الْوَيْلَ لَا تَكْتُمُ
لَمَّا رَآهُ حُبُّهُ قَالَ لِي
هَذَا عَظِيمٌ قُلْتُ بَلْ أَعْظَمُ
قَالَ: وَأَيْنَ اللهُ؟ قُلْتُ اقْتضَى
فِي الشَّرْعِ أَلَّا يُرْحَمَ الْمُغْرَمُ
قَالَ: وَأَيْنَ الْعَدْلُ؟ قُلْتُ انْثَنَى
مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا فَلَا يَقْدُمُ
قَالَ عَجِيبٌ لَيْسَ مِنْ رَاحِمٍ
وَأَيْنَ سَلْمَى؟ قُلْتُ لَا تَرْحَمُ!
في ١٧ آذار سنة ١٩٢٢