مناجاة بلبل
ثَمِلْتُ بِشَدْوِكَ يَا بُلْبُلُ
وَكَيْفَ بِشَدْوِكَ لَا أَثْمَلُ
أَعَدْتَ إِلَى الْقَلْبِ ذِكْرَى الْجَمَالِ
فَأَنْتَ بِتِذْكَارِهِ أَجْمَلُ
نَقَلْتَ إِلَى مَسْمَعِي صَوْتَ حُبِّي
نَعِمْتَ وَنِعْمَ الَّذِي تَنْقُلُ
كَأَنَّكَ أُرْسِلْتَ تَلْعَبُ دَوْرًا
جَمْيلًا بِقَلْبِيَ يَا مُرْسَلُ
تَنَقَّلْ تَنَقَّلْ عَلَى الْغُصْنِ وَارْفُلْ
فَشَدْوُكَ فِي مُهْجَتِي يَرْفِلُ
فَعَمَّا قَرِيبٍ سِتَارُ حَيَاتِي
عَلَى كُلِّ مَا مَرَّ بِي يُسْدَلُ
وَلَكِنْ غَدًا حِينَ أُمْسِي رُفَاتًا
وَيَحْجُبُنِي قَبْرِيَ الْمُقْفَلُ
تَعَالَ فَتَلْفِي فُؤَادِيَ حَيًّا
كَزَهْرَةِ «تَوْتَنْخَ» لَا يَذْبُلُ
تَعَالَ وَأَنْشِدْ قَلِيلًا فَإِنِّي
عَلَى رَغْمِ مَا حَلِّ بِي أَجْزِلُ
فَصَوْتُكَ شِعْرٌ يَجُولُ بِفِكْرِيَ
مُوحًى مِنَ اللهِ أَوْ مُنْزَلُ
تَعَالَ تَجِدْ فَوْقَ قَبْرِيَ صَخْرًا
كَهَمِّي الثَّقِيلِ الَّذِي أَحْمِلُ
وَصَفْصَافَةً تَنْحَنِي تَارَةً
وَطَوْرًا تُلَاعِبُهَا الشَّمْأَلُ
وَبِالْقُرْبِ مِنْ ذَلِكَ الْقَبْرِ وَادٍ
رَهِيبٌ تَخَلَّلَهُ جَدْوَلُ
تَمُرُّ عَلَيْهِ السُّنُونُ عُجَالَى
وَمَنْ مَرَّ كَالطَّيْرِ يَسْتَعْجِلُ
فَهَذِي الطُّيُورُ كَأَفْرَاحِ قَلْبِي
تَطِيرُ سِرَاعًا وَلَا تَمْهُلُ
وَيَخْلُفُهَا الْأَلَمُ الْمُسْتَزِيدُ
فَيَفْعَلُ فِي الصَّدْرِ مَا يَفْعَلُ
تَعَالَ غَدًا حِينَ أُمْسِي وَحِيدًا
وَزُرْنِيَ زَوْرَةَ مَنْ يَسْأَلُ
وَأَسْمِعْ فُؤَادِيَ لَحْنًا شَجِيًّا
فَيَحْيَا بِهِ حُبُّهُ الْأَوَّلُ
في ٢٣ شباط سنة ١٩٢٣