تذكَّري
عن ألفرد ده موسه بتصرُّف.
تَذَكَّرِي حِينَ يَزِفُّ الضُّحَى
عَلَى جُفُونِ الْبَشَرِ الرَّاقِدَةْ
مُرَوَّعًا يَفْتَحُ قَصْرَ الضِّيَا
أَمَامَ شَمْسِ النُّهُرِ الْعَائِدَةْ
تَذَكَّرِي وَاللَّيْلُ فِي حُلْمِهِ
مُسْتَجْمِعًا أَفْكَارَهُ الشَّارِدَةْ
مُنْثَنِيًا خَلْفَ رِدَاءٍ لَهُ
قَدْ فَضَّضَتْهُ الْأَنْجُمُ السَّاهِدَةْ
وَإِنْ تَرَى صَدْرَكَ فِي خَلْجَةٍ
لَدَى نِدَاءِ اللَّذَّةِ الْوَاجِدَةْ
وَالظِلُّ يَدْعُوكَ إِلَى لَذَّةِ
الْأَحْلَامِ فِي لَيْلَتِهِ الْهَاجِدَةْ
أَصْغِي إِلَى أَنْغَامِ صَوْتِ الْهَوَى
مِنْ غَابَةِ الْحُبِّ سَمَتْ صَاعِدَةْ
هَامِسَةً فِيكِ: اذْكُرِي حُبَّهُ
فِي كُلِّ لَيْلٍ مَرَّةً وَاحِدَةْ
•••
تَذَكَّرِي حِينَ صُرُوفُ الْقَضَا
تُفَرِّقُنِي عَنْكِ السِّنِينَ الطِّوَالْ
وَعِنْدَمَا حُزْنِي وَأَعْرَاضُهُ
تَدِبُّ فِي قَلْبِي ذُبُولَ الْهُزَالْ
تَذَكَّرِي حُبِّي وَآلَامَهُ
تَذَكَّرِي وَحْيِي أَمَامَ الْخَيَالْ
وَمَوْقِفَ التَّوْدِيعِ فِي سَاعَةٍ
كَانَ لَهَا صَمْتٌ مُهِيبُ الْجَلَالْ
لَا الْبُعْدُ فِي أَوْصَابِهِ وَالْأَسَى
وَلَا الثَّوَانِي فِي طَرِيقِ الزَّوَالْ
تُنْسِيكِ تَذْكَارَاتِ حُبٍّ مَضَى
مُضِيَّ أَشْبَاحٍ بِمَاءٍ زُلَالْ
مَا زَالَ قَلْبِي خَافِقًا فِي الْهَوَى
وَقَدْ تَمَشَّى فِيهِ دَاءٌ عُضَالْ
لَا يَنْثَنِي يَهْمِسُ فِيكِ اذْكُرِي
فَالذِّكْرُ جُزْءٌ مِنْ لَذِيذِ الْوِصَالْ
•••
تَذَكَّرِي يَوْمَ أُلَاقِي الْفَنَا
فِي ذِي الْحَيَاةِ الرَّثَّةِ الْبَائِدَةْ
يَوْمَ فُؤَادِي مُثْقَلًا بِالْأَسَى
يَنَامُ فِي حُفْرَتِهِ الْبَارِدَةْ!
تَذَكَّرِي إِمَّا تَرَي فُتِّحَتْ
عَلَى ضَرِيحِي الزَّهْرَةُ الزَّاهِدَةْ
فَفِي زُهُورِ الْحَقْلِ طُهْرُ الْهَوَى
مَا لَامَسَتْهُ نَفْحَةٌ فَاسِدَةْ
لَنْ تَنْظُرِينِي بَعْدُ فِي مَوْضِعٍ
فَهَذِهِ الدُّنْيَا غَدَتْ جَاحِدَةْ
سَوْفَ «كَأُخْتٍ صَادِقٍ حُبُّهَا»
تَرْعَاكِ دَوْمًا نَفْسِيَ الْخَالِدَةْ
أَصْغِي إِلَى صَوْتٍ دَوَى فِي الدُّجَى
أَنِينُهُ فِي الظُّلْمَةِ السَّائِدَةْ
حَفِيفُهُ قَالَ: اذْكُرِي دَمْعَهُ
فِي كُلِّ لَيْلٍ مَرَّةً وَاحِدَةْ
في ١٠ كانون الأول سنة ١٩٢٤