الموكب السلطاني
موكب مولانا السلطان
ارتدَتِ العاصمة في صباح الأحد ٢٠ ديسمبر حلل الزينة والرواء احتفالًا بتبوء صاحب العظمة السلطان حسين كامل سرير السلطنة المصرية، واستعدادًا لمشاهدة الموكب العظيم الذي سار به عظمته من سراي صاحب الدولة البرنس كمال الدين باشا نجله إلى قصر عابدين العامر، فزينت المنازل والمخازن والبنوك والمنتديات بالرايات المصرية والإنكليزية وغيرهما من رايات الدول المحالفة لإنكلترا، وخرجت العاصمة كلها لمشاهدة ذلك الموكب النادر المثال، فغصت الشوارع وشرفات المنازل ونوافذها والميادين العمومية على سعتها بالمتفرجين، واصطف تلامذة المدارس الحربية المصرية أمام منزل صاحب الدولة البرنس كمال الدين باشا ومعهم موسيقى السواري ونحو مئة صف ضابط وجندي من الأورطة البيادة المصرية الأولى أمام مدخل سراي عابدين، واصطفت الجنود الإنكليزية والاسترالية والنيوزيلندية مشاة وفرسانًا بأعلامها وموسيقاتها على جوانب الشوارع التي مر فيها الموكب من ميدان قصر النيل إلى سراي عابدين العامرة صفوفًا متلاصقة.
(١) سرادق عابدين
وكان قد نصب سرادق كبير رحيب غربي ديوان التشريفات في قصر عابدين العامرة، وصفت فيه الألوف من الكراسي وجعل بعضها أعلى من بعض متدرجة على شكل الامفيتياتر، فاجتمع فيه المدعوون من الأمراء والعلماء وخدمة الدين ونواب الأمة والمديرين والمحافظين وعمد البلاد وأعيانها وللضباط والقضاة والوطنيين والأجانب وأعضاء نقابة المحامين وأعضاء النيابة ورؤساء المصالح والتجار والزراع والصحافيين ليشاهدوا منه جلال الموكب السلطاني وهو سائر في ميدان عابدين إلى القصر السلطاني. ولما ازدحم هذا السرادق بالجالسين فيه وكثرت وفود القادمين من المدعوين صفت الكراسي لمئات منهم خارجه في الرحبة المقابلة له.
(٢) خروج الموكب السلطاني وسيره
وفي الساعة التاسعة والنصف برح عظمة السلطان سراي دولة البرنس كمال الدين في موكب فخيم، فأطلقت المدافع من القلعة إيذانًا بذلك وإجلالًا وتعظيمًا، وجلس عظمته في مركبة سلطانية يجرها أربعة جياد مطهمة ويحف بها الغلمان بالملابس المذهبة، وجلس إلى يساره فيها صاحب العطوفة حسين باشا رشدي رئيس الوزراء، وسارت المركبة تتقدمها أورطة من فرسان الجنود الإنكليزية مسلحة بالبنادق وأورطة من الفرسان المصرية يحملون الرماح، فالحرس السلطاني وتليها مركبتان سلطانيتان تقلان بقية الوزراء فأورطة من الفرسان الإنكليز شاهرة السيوف، فأدى طلبة المدرسة الحربية السلام العسكري، وصدحت موسيقاهم بالنشيد السلطاني، وظل الموكب سائرًا على هذا النظام بين صفين من الجنود الإنكليزية من ميدان قصر النيل إلى فندق سافوي فشارع قصر النيل فميدان سوارس فشارع عماد الدين فشارع المغربي فميدان الأوبرا فشارع عابدين فميدان عابدين، وكان كلما مر بأورطة من الجنود حيت التحية العسكرية فيحييها عظمته ويحيي الأهالي الواقفين صفوفًا على الجانبين فيصفقون له ابتهاجًا وسرورًا.
(٣) الوصول إلى عابدين
ولما أقبل عظمته على ميدان عابدين وقف جماهير المدعوين في السرادق على الأقدام، وصفقوا تصفيقًا شديدًا، وهتفوا له بالدعاء، وحيت الجنود البريطانية والمصرية التحية العسكرية، وصدحت موسيقاتها بالنشيد السلطاني، وأطلقت المدافع من القلعة إيذانًا بوصول عظمته، ثم بادر سعادة كبير الأمناء ومن معه من موظفي السراي إلى استقبال عظمته وصعدوا بها إليها.
وعند ذلك تقدمت الجنود المصرية الواقفة تجاه السراي إلى الأمام، وصدحت الموسيقى بالنشيد السلطاني، وهتف الضباط ثلاثًا: فليحي السلطان حسين. فرددت الجنود هذا الدعاء ثلاثًا أيضًا.
(٤) وصول وكيل نائب جلالة الملك
ثم أقبل جناب المستر شيتهام وكيل نائب جلالة الملك ومعه موظفو الوكالة الإنكليزية جميعًا في مركبتين فخيمتين تتقدمهما كوكبة من فرسان الجنود الإنكليزية، وتلاهم جناب الجنرال مكسويل قائد الجيوش في مصر، وإلى جانبه جناب قائد البارجة الإنكليزية الراسية الآن في الإسكندرية في مركبة أخرى يتقدمها كوكبة من فرسان الجنود الإنكليزية أيضًا. فصفق لهم الحاضرون وصعدوا جميعًا إلى القاعة الكبرى حيث قدموا إلى عظمة السلطان واجب التهنئة والتبريك ثم انصرفوا فشيعوا بمثل ما قوبلوا به من التجلة والإكرام.
(٥) المقابلات السلطانية
وبعد ذلك بدأت المقابلات السلطانية فكان حضرات الأمناء وغيرهم من رجال التشريفات يدعون المدعوين من السرادق فرقًا فرقًا لمقابلة عظمته.
فتشرف بمقابلة عظمته على التوالي: أصحاب السمو أعضاء العائلة السلطانية، وعطوفة رئيس الوزراء، وحضرات الوزراء والمستشارين، فوكلاء الوزارات، فأعضاء صندوق الدين العمومي، فمستشارو أقلام قضايا الحكومة، فالعلماء، فالبطاركة والمطارنة وغيرهم من الرؤساء الروحيين، فرئيس ووكلاء الجمعية التشريعية وأعضاؤها، فرئيس ومستشارو محكمتي الاستئناف المختلطة والأهلية، فرؤساء وقضاة وأعضاء المحاكم الابتدائية والنيابات الأهلية والمختلطة بالقاهرة، فرؤساء المصالح الأميرية، فضباط الجيوش البحرية والبرية، فرؤساء مجلس النظار السابقون والنظار، والسردارون، ورؤساء التشريفات ورؤساء ديوان المعية، والسرياوران، ونظار الخاصة، ومديرو الأوقاف، ووكلاء النظارات ونظار الدائرة السنية، ومديرو مصلحة الأراضي الأميرية والسكك الحديدية والتلغرافات الأميرية، ورؤساء المصالح الأميرية السابقون والذوات العسكريون، والملكيون غير الموظفين الحائزون لرتبة الباشوية والضباط البحريون والبريون والمستودعون والمتقاعدون وأصحاب الرتب والمديرون والمجالس البلدية والمحلية وأعيان الأقاليم، وعمد وأعيان العربان وأعضاء المجالس البلدية، وموظفو الدواوين والمصالح، ونقابة المحامين المختلطة والأهلية، ومديرو البنوك وشركة قنال السويس، ومديرو الشركات والتجار والأعيان الأوروبيون والوطنيون، والصحافيون الوطنيون والأوروبيون وأعضاء الجمعية الزراعية وموظفو الديوان السلطاني.
(٥-١) مدة المقابلات ونصائح عظمته
وقد دامت هذه المقابلات إلى نحو الساعة الثالثة بعد الظهر، وكان صاحب العظمة السلطان يقابل المهنئين بهشاشته وبشاشته المعتادة، ويخطب في كل فريق منهم متكلمًا عن الشؤون العمومية التي تهمه وتهم القطر المصري، فكان لأقواله أعظم تأثير في النفوس؛ فقد خاطب بعضهم عن الأزمة المالية وما صارت إليه الأحوال من العسر، وبعضهم عن الأمن العام ووجوب التضامن على حفظه، وبعضهم عن الإصلاح بين العائلات ونبذ الضغائن والعداوات بين أبناء البلد الواحد، وبعضهم عن أحوال الزراعة والحاصلات وغير ذلك من الشؤون العمومية. وكان في جميع أقواله يبدي للسامعين النصائح الغالية والإرشادات الحكيمة فيقابلون أقواله بهتاف الدعاء لعظمته.
خطبة رئيس الجمعية التشريعية
ولما تشرفت هيئة الجمعية التشريعية بمقابلة عظمته ألقى سعادة مظلوم باشا رئيس هذه الجمعية بين يديه الخطبة الآتية:
مولاي الأعظم!
بالأصالة عن نفسي وبالنيابة عن زملائي أعضاء الجمعية التشريعية أتقدم لمقام عظمتكم السامي بالتهانئ الخالصة لمصر العزيزة على تشرفها باستواء ذاتكم الفخيمة على عرشها الرفيع، فقد عرفتكم بشدة الغيرة على مصالحها والعمل دائمًا على ما فيه خيرها وسعادتها، وهي واثقة بأنها ستدخل تحت ظلال ملككم في عصر جديد مملوء بالخيرات، ونسأل الله أن يمد في حياتكم حتى نتمكن من تحقيق مقاصدكم السامية في رقيها وتقدمها المادي والأدبي.
فأمنت الهيئة على هذا الدعاء.
النطق السلطاني
وأجاب عظمة السلطان على ذلك بما معناه:
إنني أشكركم وأشكر أعضاء الجمعية التشريعية على تهنئتكم، فأنتم جميعكم سواء كنتم من الأعضاء المنتخبين أو الأعضاء المعينين إنما اختاروكم لهذه المناصب لتخدموا الأمة ومصلحة القطر، وستنالون بإذن الله ما تبغونه من الخير لوطنكم بالصبر والرزانة والتعقل.
إنني ما كنت أمني نفسي من قبل بتبوء سرير سلطنة مصر، ولكن الله أراد ذلك، وأؤكد لكم أن كل مرادي هو أن أقف بقية حياتي على خدمة الأمة وسعادتها، ولكني أوصيكم بانتهاج منهج الحكمة والاعتدال في أقوالكم وأعمالكم إذ بذلك نتغلب على المصاعب التي تعترض في سبيلنا ونظفر بالسعادة المطلوبة، ألا فاذكروا قول سيدنا يعقوب لبنيه في القرآن الشريف ولا تيأسوا من رحمة الله.
والسلام عليكم ورحمة الله.
(٦) النصح الغالي
وقد خاطب عظمته أعيان الأرياف طالبًا منهم أن يجروا على خطط الاقتصاد، وأن يشتغلوا بالزراعة، وأن يكون الأعيان منهم في ذلك خير قدوة لبقية الأهالي، وأن يستعملوا نفوذهم لإزالة الخصومات من بين العائلات لأن هذه الخصومات هي من أكبر مصادر الجرائم في مصر.
(٧) الخطاب السلطاني لمديريتي الفيوم وقنا
يا حضرات العمد والأعيان:
أشكر لكم أولًا حضوركم اليوم، وأنتهز هذه الفرصة لأن أزودكم ببعض النصائح فافهموها وعوها جيدًا.
أنتم عمد وأعيان، هذه الصفة خولت لكم حق الحضور، ولولاها لما حضرتم إلى هذا المكان الآن. فعليكم بكونكم عمدًا وأعيانًا واجبات، فكلما ارتفع المرء زادت التبعة الملقاة عليه.
أنت أيها العمدة يجب أن لا تعين فلانًا خفيرًا أو شيخ خفر لأنه قريبك أو من محاسيبك، الوظيفة ليست ملكك بل هي ملك الأمة العام اؤتمنت عليها ائتمانًا، فيجب أن تعين من تعينه لمصلحة الأمة ولفائدتها، أما في مصلحتك الخصوصية فعين من تريد. يجب أن يفهم جميع الموظفين ويجب أن نفهم جميعنا أيضًا أننا في أعمالنا العمومية نشتغل أمناء فقط ووكلاء، وشرط الوكيل أن يكون أمينًا.
اهتموا جميعكم بترقية البلاد وإسعادها، اتركوا الضغائن والأحقاد وكونوا رجالًا بالمعنى الصحيح.
البلاد حالتها سيئة هذا العام، النيل كان واطئًا في بادئ الأمر، والقطن نقص محصوله وثمنه، وتلك حال عامة في العالم أجمع، على أننا والحمد لله في حال يحسدنا عليها سوانا، فلا تهتموا كثيرًا بالفخفخة الفارغة والمظاهرة الكاذبة كاقتناء مركبات وبناء سرايات وصنع أثاث لا موجب له، بل اتبعوا المثل السائر في ذلك: على قدر «حصيرك مد رجليك».
أنتم بالطبع أعراب ورؤساء عشائر من الفيوم، أريد أن أوجه إليكم كلمتي: إنكم تسكنون في مصر منذ أكثر من مئة سنة من أيام جنتمكان محمد علي، أريد منكم أن تعلموا أنكم لستم الآن في الصحراء بل قد تحضرتم وصارت لكم في البلاد مقتنيان تعيشون من خيراتها، فيجب أن يكون لكم ما لها وعليكم ما عليها.
لقد مضى زمان كانوا يقولون فيه «بدوي وفلاح»، فاجعلوا نصب عيونكم الخضوع لنظامات البلاد وقوانينها خضوعًا تامًّا، ولا تقولوا إننا عرب أتينا من الغرب، بل أريد منكم أن تعدوا أنفسكم من الأهالي لأنكم متمتعون بكل حقوق البلاد، فكل واحد منكم لا يريد أن يعد نفسه مصريًّا، ولا أن يخضع لنظامات البلاد وقوانينها، فما عليه إلا أن يرتحل عنها ويتركها. هذا ما تريده حكومتي وهذا كلام بالعربي، أفهمتم؟
إننا نرغب في تقدم البلاد فبماذا تتقدم؟ تتقدم البلاد بالتضامن والاتحاد، وذلك لا يكون إلا بترك الأحقاد الجنسية. كلنا مصري بقطع النظر عن العقائد والأديان، فأنا في عقيدتي مسؤول عن نفسي وأمام الله وحده، أما أمام الوطن فكلنا مسؤولون ومتضامنون في المسئولية على السواء، فاعلموا أن الاختلاف في المصالح باختلاف المعتقدات فكرة قديمة لا مكان لها الآن.
اعلموا أنني جربت الحلو والمر ونتيجة اختباري أن السعادة هي من عند الله يأتيها من يشاء وليس للعبد فيها يد، فاعملوا جميعكم يدًا واحدة وألقوا اتكالكم على الله. ها أنا اليوم لم أصنع شيئًا لنفسي ولكن إرادة الله هي التي سببت الحال التي أنا فيها الآن.
يجب أن أضع كتفي إلى كتف الفلاح لابس الجلابية البيضاء واللباس لأن هذا ما تقتضيه حالة البلاد.
يا حضرات الأعيان: الحكومة ستجعل كل اهتمامها منصرفًا إلى إسعاد البلاد، ولكن عليكم أن تصبروا ولا تستعجلوا. إن الحال التي دخلت فيها مصر الآن تجعلنا بمساعدة حلفائنا نعمل كل أمر نافع للبلاد، وسترون إن شاء الله خيرًا عظيمًا. وأنتم يا أهل الفيوم سنهتم لكم بإنشاء المصارف (أليس إنه يلزم لها مصارف يا معبد بك؟ فأجاب: بلى، يا مولانا). سنهتم بالخير للجميع، وإني أعدكم أنني سأزور المديريات لا زيارة ساعات بل زيارات طويلة، وأبحث بنفسي عما فيه نفع الأهلين، فعليكم أن تشدوا أزرنا وتساعدونا بانقيادكم إلى المديرين الذين هم مكلفون خدمتكم وعليهم واجبات لحكومتي، والله نسأل أن يقدرنا جميعًا على ما فيه الخدمة ومصلحة الجميع.
فصاح كل من حضر ثلاثًا: «ليعيش مولانا السلطان».
(٨) النطق السلطاني عن الصحف والصحافيين
إني سعيد اليوم لا بالنظر إلى نفسي بل لاجتماعي بأعيان أمتي وبوجوه بلادي وبأرباب الصحف من جملتهم. إن الصحافة التي لها قوة عظيمة وحول وطول في الأمة أتذكر ابتداءها في بلادنا منذ نحو أربعين سنة حين أصدر أبو السعود جريدته، وكنت أقرأها ولم يكن للصحافة عندنا شأن حينئذ، وأما الآن فقد بلغت في بلادنا شأوًا رفيعًا وأضحت قوة أدبية يعتد بتأثيرها في مجموع الأمة لأنها هي منزلة المربي والمثقف والمهذب للجمهور.
الأحداث المصريون يتعلمون الآن ويتهذبون في المدارس، وأما السواد الأعظم من الأمة فالصحف هي التي تعلمه وتنير ذهنه بما تحويه من النصائح والحِكم والأخبار النافعة والأقوال المفيدة. وأنا أرى الناس في المحطات والشوارع وكل مكان يتهافتون على ابتياع الجرائد لقراءتها والاستفادة بما فيها.
ويحسن بالجرائد أيضًا أن تجعل لمطالبها ومقاصدها خططًا معينة واضحة ولسياستها مبادئ معلومة ثابتة بحيث يعلم قراؤها منها سياستها وغايتها.
أرجو منكم رجاء صادرًا من صميم فؤادي أن تعاونونا في خدمة وطننا، وأن توجهوا قوة صحفكم إلى ما فيه الخير للأمة، ولكم والله أسأل أن يوفق مساعينا، ثم وقف ووقفوا وحياهم وخرجوا من الحضرة داعين لعظمته بالعز والتأييد والعمر المديد.
(٩) زيارة عظمة السلطان للوكالة البريطانية
توجه صاحب العظمة السلطان حسين الساعة السادسة مساء الاثنين ٢١ ديسمبر يحف به الحرس السلطاني إلى الوكالة البريطانية، وكانت ثلة من الجنود الإنكليزية مصفوفة هناك، فلما وصل عظمته صدحت الموسيقى الإنكليزية بالنشيد المصري وأدت الجنود التحية، واستقبله جناب المستر ستورس عند أسفل السلالم في مدخل الوكالة، وصعد مع عظمته إلى أعلاها حيث كان باستقباله جناب المستر شيتام وكبار موظفي الوكالة، فاستقبلوا عظمته بمزيد الإجلال وساروا به إلى ردهة الاستقبال حيث قضى عظمته معهم نصف ساعة من الزمان ثم ودعهم فشيعه جناب المستر شيتام والمستر ستورس وسائر الموظفين إلى أسفل السلالم بما قابلوه به من الجفاوة والتعظيم، وكان بمعية عظمته في هذه الزيارة عطوفة رشدي باشا رئيس وزرائه وسعادة سعيد باشا ذو الفقار كبير الأمناء وسعادة إسماعيل باشا مختار سرياور عظمته.
(١٠) الزينات في العاصمة
العلم المصري الجديد
وما توارت الغزالة وراء الحجاب وأسدل الليل جلباب الظلام حتى ردت أنوارها الأنوار الساطعة التي تلألأت في جميع أنحاء المدينة، فكان نورها يخطف الأبصار ويدهش الأنظار. وقد اشترك الآهلون على اختلاف طبقاتهم في إقامة الزينات الباهرات إكرامًا لذلك اليوم المجيد والعهد السعيد الذي دخلوا فيه، فكانت العاصمة كلها كأنها في مهرجان فخيم وفرح عظيم، ولم تقتصر الزينات على العاصمة بل اشتركت مدينة الإسكندرية وعواصم المديريات فبرهنت بما أقامته من الزينات الباهرة على ما خامر أفئدة الجميع من السرور والانشراح.