الحديث الثاني
وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا .
فلنواصل الحديث يا ربي العظيم … لقد جاء في قرآنك الكريم ذكر لأديانك الثلاثة وكتبها السماوية: التوراة والإنجيل والقرآن … اسمح لي أن أسأل: أكان من الضروري أن تنزل هذه الأديان والكتب الثلاثة؟
لا بُدَّ طبعًا أن يكون لذلك حكمة … ولماذا أسأل؟ لقد خلقتَ لي العقل … وهو أعجب مخلوقاتك … خلقته لنا لنُفكِّر به في حكمتك …
ولقد فكرتُ … ولكنِّي غير واثق برأيي …
إيماني بوحدانيتك نبع من إدراك عقلي لوحدانية أسلوبك … فأسلوبك واحد لكلِّ مخلوقٍ حيٍّ: إنسان أو حيوان أو نبات … أوجدتَ معه بوجوده نوعًا من المعرفة الذاتية التلقائية في صورة الغريزة … فأول ما يعرف هو أين يجد طعامه؛ فيمد يده إلى ثدي أمه … وأين يجد الخطر على حياته فيخاف من النار …
لأنَّ إرادتك العليا يا ربي هي المحافظة على وجود ما أوجدته …
وهذه المحافظة تحتاج إلى معرفة … وهذه المعرفة توجدها أنت فينا بالغريزة، وأولى الغرائز فينا هي غريزة البقاء مقترن بك.
ثمَّ يتم الوليد مرحلة الولادة ويبدأ يحبو، ثمَّ يدخل مرحلة الإدراك الذي يخرجه من ذاته إلى ما حوله، ثمَّ إلى اللعب بما يقع في يده، وقد يحطمه … ثمَّ يقف على قدميه ويسير، ويبدأ في النطق والأسئلة عمَّا يراه، ويدخل في الطفولة وينمو إدراكه مع عضلاته فيدفعه ذلك إلى النشاط في صورة اللعب … كل ذلك في منطقة الحكم الغريزي الذي يُنمِّي فيه عضلاته ويُربِّي فيه مداركه الأولى، إلى أن يدخل في مرحلة الصبا فيزداد إدراكه بنفسه وبالعالم الخارجي، فيتلقَّى من أهله ومن أصدقائه ما يجعله يعيش في مجتمعٍ صغيرٍ له نظامه ومعتقداته … إلى أن يخرج منه إلى مرحلة الشباب فتنمو فيه العاطفة، وينمو فيه من المشاعر ما يُنتج لونًا من الحياة فيه جماله ومثالياته، ثمَّ يدخل بعد ذلك في مرحلة الرجولة فيتم فيه العقل واستقراره …
ومراحل البشرية هذه جاء وصفها في كتابي «شهرزاد» (١٩٣٣م) حيث جسدتُ الغريزة في شخصية العبد، وجسدتُ العاطفة والقلب في شخصية قمر، وجسدتُ العقل والفكر في شخصية شهريار، وفي آخر المرحلة العقلية طغى العلم، فضلَّ الإنسان … وكانت آخر كلمة شهرزاد: «هو العمل على إعادته إلى البشرية» وهو ما جاء به الإسلام قبل ذلك، ولم يفطن إليه المسلمون.
ومرحلة البشرية هي آخر مراحل الإنسان، وفي هذه المرحلة تكتمل في الإنسان قوة تلك العضلة التي اسمها «العقل» الذي وصفته أنت يا ربي بأنَّه أعجب ما خلقت؛ لأنَّ الإنسان به يعي ذاته وما حوله من خلقك … ثمَّ يُحلل ماهية الأشياء والمخلوقات إلى أن يرقى إلى إدراك وجودك … وهذا الإدراك الذاتي بالعقل هو قدرة الإنسان التي أردتها له، ويتميَّز به عن سائر وجودك بوسائل أخرى غير العقل والتفكير … ولذلك أنت يا ربي قد كرَّرت وردَّدت في قرآنك كلمة «البشر» وكلمة «العقل»، ولم تجعل رسولك محمدًا يقنع البشر بالمعجزات، كما كان الحال مع الأنبياء الذين سبقوه، عندما كانت البشرية في مراحل الطفولة والصبا والشباب، ولم يكن قد حان الحين بعد لإقناع البشر بوجود الله ورسله بالإدراك الفكري وحده عن طريق العقل … وهذه هي حكمتك.
وقد نشرتُ في أحد كتبي «سجن العمر»: «إنَّنا نُولد في غيبوبة تامة من عقولنا؛ فكل عضو يتحرَّك حين نولد إلَّا الجزء الذي ندرك به الحياة التي هبطنا إليها … ترى ماذا كان يحدث لو أنَّنا واجهنا الحياة بعقولٍ مُدرِكة من اللحظة الأولى؟ كنَّا نفقد عقولنا للفور من هول الأعجوبة … أعجوبة الحياة في انكشافها المفاجئ أمام القادم من عالم الظلام والعدم، ولكن الحياة تتكشَّف لنا على مراحل …»
وهذا هو المعنى والسبب في وصفك لرسولك محمد بأنَّه خاتم الأنبياء، وأنَّ الإسلام خاتم الأديان السماوية … لأنَّ البشرية بعد أن أدخلتها يا ربي في مرحلة المعرفة الفكرية للخالق والمخلوق بعقلها المفكر فقد تركتها لهذا العقل … وهذه آخر مراحل البشرية …
ثمَّ إنَّك يا ربي لا يُمكن أبدًا أن تلغي ما خلقت وما أوجدت … ولذلك أبقيت كل المراحل السابقة موجودة في كيان البشرية والإنسان: فإلى جانب العقل الذي تَوَّجت به وجوده؛ أبقيت معه الغرائز والعواطف، وجعلت لكل منها ضرورة نافعة، كما أنَّ لكل منها ضرره إذا طغى.
وفي قرآنك تحذير دائم بعدم الطغيان والغلو والإسراف، مع السماح باستخدام هذه القوى الثلاث في حياة البشرية باعتدال.
ولي صديق مسيحي كثير القراءة في القرآن.
ولذلك أعتقد أنَّك تحب من رجال كل دين أن يقرءوا كذلك كل الكتب السماوية الأخرى … فإذا امتنع عن ذلك أهل الإسلام بحجة التحريف في تلك الكتب الأخرى، فليُحدِّدوا أماكن التحريف فقط ويُنبِّهوا إليها، ويمضوا في قراءة الباقي الذي لا ريب فيه … أمَّا الإهمال التام لما ذكره الله في قرآنه، فلا أظن الله يرضى عنه … فالله تعالى خلق الأديان السماوية لحكمة … فلا بُدَّ من أن نُتابع الله في حكمته حيثما كانت.
•••
ولكن التفريق والتعصُّب والكراهية ربما كان المسئول عنها الحُكَّام وأتباعهم من بعض رجال الدين المُتعصبين … سامحهم الله …
لي سؤال يا ربي الكريم … وقد يبدو كأنَّه اعتراض … وأعوذ بالله … أعوذ بك أن أعترض على حكمتك … فإنَّ حكمتك هي الكلمة التي أجد فيها الراحة والحماية إذا أصابني عذاب أو ألم شديد … فعندما فقدتُ ابني الوحيد وأنا في شيخوختي … وسرتُ … في جنازته … لاحظت من يسير خلفي ويحمل كرسيًّا … فقد اعتقد بعض المُشيِّعين أنَّ شيخًا ضعيفًا مثلي لن يقوى على احتمال صدمة موت وحيده الشاب، وقد يسقط على الأرض في أي لحظة … وأنا نفسي لا أعرف كيف صبَّرتني يا ربي ووضعت في نفسي وجسمي القدرة على مواصلة السير حتَّى المقبرة، ولكنِّي أذكر أنَّها كلمة واحدة كنت أردِّدها: «حكمتك أنت يا ربي» … نعم حتَّى الآن فيما يُصيبني من ألم ليس لي من دواء إلَّا هذه الكلمة: حكمتك … لأنِّي أومن اليوم إيمانًا راسخًا أنَّ كل ما يُصيبني هو «حكمة» من لدنك، وعندئذٍ أرتاح … وأعفي نفسي من أي تساؤلات أو تعليلات … إنَّها حكمتك وكفى … لأنَّك لا تُقدِّر شيئًا ولا تقضي قضاء إلَّا وفيه حكمة … وكيف نرقى نحن البشر إلى إدراك قضائك وقدرك؟!
حقًّا يا ربي … الإيمان بك راحة … ومن صفاتك التي تمنحني أكبر قدرٍ من الراحة صفتان: الحكمة والرحمة … أمَّا حكمتك فتنفعني للتسليم بقضائك، وأمَّا الرحمة فتنفعني باللطف فيه … وأنا دائمًا أُردِّد هذه العبارة: «اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه.»
وإنَّك تعرف مقدار شكري لك وحمدي … فقد كنتَ معي لطيفًا رحيمًا … ولكن العقل، العقل يا ربي … بقدر ما أعطيتني الإيمان راحة، أعطيتني العقل جهدًا! وهذا الجهد يأتي من حركة العقل … هذا المُولِّد الكهربائي للأفكار … وتيار الأفكار إمَّا أن يُنتج، وإمَّا أن يَصعق … ولذلك له نتائج نتحمَّل نحن مسئوليتها … فيها سعادتنا وفيها شقاؤنا … وعلاقته بالدين خطيرة … فالدين عقيدة ثابتة … والعقل أفكار مُتحرِّكة … وهذه الأفكار تُلازمها أدوات التحليل … وهذا التحليل إذا مسَّ العقيدة الدينية فتَّت أجزاءها، فاهتزَّت وذهب ثباتها، وأصبحت ككل وجود عقلي يتعرَّض للمطالبة بالدليل والبرهان … وعندئذٍ يظهر الشك … لأنَّ كل مطالبة بدليلٍ أو إثباتٍ معناه أنَّ هنالك شكًّا … أعوذ بك يا ربي من الشك في الدين …
ولكن الشك أنواع ….
هناك الشك المغتفر … الذي قال فيه إبراهيم:
وهناك الشك الآثم للإنكار والإلحاد …
ثمَّ شك يتبخر بالإيمان …
مثل شك عمر بن الخطاب ساعة أن علم بالإسراء وأنَّك يا ربي أسريت بعبدك ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، والمسافة بينهما لا يُمكن أن تُقطع في ليلة … ورفض عقله أن يُصدِّق ما حدث … وكاد أن ينضم إلى الذين كذَّبوا وشنَّعوا، وقد علم أبو بكر الصديق بما كان من عمر فأكَّد له أنَّ الإسراء حدث فعلًا … ووقع عمر في الشك لحظة قبل أن ينتهي إلى الإيمان …
وما حدث لعمر قد حدث لي أنا أيضًا في مرحلة من حياتي نشط فيها العقل ونهض يُؤدِّي عمله وهو عدم قبوله ما لا ينطبق عليه منطقه وقوانينه … إلى أن انتهيت إلى الإيمان المستقل عن القدرة البشرية والمتصل بالقدرة الإلهية …
وعقلي الآن يا ربي حدث له العجب؛ أصبح يسير اليوم مع الإيمان في طريقٍ واحدٍ … فقد تقدَّم العلم العقلي حتَّى استطاع الكشف عن بعض قوانين خلقك المعجزة التي كانت مجهولة من قبل … فآمن كثير من العلماء اليوم بك وبقدرتك وعظمتك … وأصبح لهم الفضل في تقريبي إليك بالطريق العلمي مع الطريق اللغوي الذي كان كل وسيلتنا إلى معرفتك في تلك المرحلة من مراحل المعرفة البشرية، حيث لم تشأ حكمتك دخول البشر في مرحلة العلم الوضعي والتجريبي وقتذاك.
وإنَّه ليبدو لي الآن أنَّ الطريق إليك في المستقبل سوف يكون كذلك طريق العلم، العملي والتجريبي؛ لأنَّ اكتشاف المجرات التي تبعد عنَّا آلاف السنين الضوئية، لم يُدركه علماء البشر إلَّا أخيرًا بآلات الرؤيا الحديثة … ولا يُمكن لأي لغة أن تُصوِّر لنا ذلك … والله العظيم هو خالق هذه المجرات، والعلم هو الوسيلة الوحيدة لإدراك ما خلق من هذه المجرات الضوئية … والله وحده هو الذي يُسخِّر لنا وسيلة العلم لندرك عظمته؛ فكيف لا نسعى بمشيئته إلى العلم في زماننا وكل زمانٍ ومكانٍ … ويصدق بذلك ما جاء في القرآن:
إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (سورة فاطر: من الآية ٢٨).
ولذلك عندي الآن اقتراح:
وعلى رجال الدين أن يُفهموا المسلمين أنَّ صلاح الإسلام ليس في التجمُّد في زمنٍ واحدٍ مضى، بل في الحركة المُتقدمة مع تنقية ما يفسد ويتعثر بالحركة الطائشة.
أخيرًا يا ربي، أتنبَّأ للمسلمين إذا لم يُغيروا ما بأنفسهم، فإنَّك كما نقلتَ المسيحية إلى روما سوف تنقل الإسلام الراقي إلى حيث الرقي والعلماء الذين ورد ذكرهم في قرآنك بقولك: إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ (سورة فاطر: من الآية ٢٨).
روى الوليد بن مسلم، قال: حدَّثنا مالك بن أنس عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمَّان عن أبي هريرة قال: «سمعت رسول الله ﷺ يقول: أول ما خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة، وذلك قوله تعالى: ن وَالْقَلَمِ ثمَّ قال له اكتب، قال: وما أكتب؟ قال: ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عملٍ أو أَجَلٍ أو رزقٍ أو أثرٍ، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة — قال — ثمَّ ختم فم القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة. ثمَّ خلق العقل، فقال الجبَّار: ما خلقت خلقًا أعجب إليَّ منك، وعزتي وجلالي لأكملنَّك فيمن أحببت ولأنقصنك فيمن أبغضت.» قال ثمَّ قال رسول الله ﷺ: «أكمل الناس عقلًا أطوعهم لله وأعملهم بطاعته.»
– كذلك أورد هذا الحديث الحافظ ابن كثير في تفسيره الآية من سورة القلم قال: رواه ابن عساكر عن أبي عبد الله مولى بني أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة.
(فصل) عصمة الأنبياء ومتعلقها جواز الخطأ في الاجتهاد عليهم (تفسير المنار، ج٢١، ص٢١٢).
المُتكلِّمون استدلوا على ما سمَّوه عصمة الأنبياء بالعقل لا بالنقل، وتأولوا الآيات والأحاديث الواردة بوقوع الذنوب منهم بل الدالة على إمكانها، وليس المراد بدلالة العقل على عصمتهم أنَّها كعصمة الملائكة منافية لطباعهم، فإنَّ مِمَّا فضلوا به على الملائكة أنَّهم بشر كسائر البشر جُبِلُوا على الشهوات الجسدية، وداعية كل من المعصية والطاعة، كما علم من قصة أبيهم آدم، ولكنَّهم بقوة الإيمان ومعرفة الله عز وجل والخوف منه والرجاء فيه والحب له يرجحون الطاعة على المعصية بمَلَكة راسخة فيهم، يعصمهم الله تعالى بها من الخطأ في التبليغ، ومن الكتمان لشيء مِمَّا أُمِرُوا به منه، ومن مخالفته، ومن الرذائل والمعاصي المنافية للرسالة، المبطلة للحُجَّة، دون الخطأ في الاجتهاد والرأي، الذي لا يُخالف نص الوحي، فإذا وقع منهم بهذا الاجتهاد ما كان الخير والكمال لهم في علم الله خلافه، بيَّنه الله لهم تعليمًا، وعلَّمهم ما هو الأليق بهم تربيةً وتكميلًا. ومنه اجتهاد نوح الذي رجع له بالحنان الأبوي جواز دخول ابنه الكافر فيمن وعده الله بنجاتهم كما بيَّناه في موضعه، ولم يعلم أنَّ سؤاله ربه ما ليس له به علم قطعي ممنوع إلَّا بعد أن سأله نجاة ولده فأجابه بهذه الموعظة؛ وكذلك فصَّلنا هذه المسألة في تفسير أخذ النبي الفداء من أسرى بدر من سورة الأنفال (٦٧)، وتفسير عتاب الله لنبيه على الإذن لبعض المنافقين في التخلُّف عن غزوة تبوك والعفو عنه في سورة التوبة (٤٣).
-
رواه أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي.
-
رواه الطبراني في الأوسط من حديث الأوزاعي.
-
وكذا في الصغير.
-
ورواه الخطيب في تاريخ بغداد.
-
والنسائي في السُّنَن.
-
والحاكم في المُستدرَك.
-
رواه مؤمل بن إهاب في جزئه الشهير وابن عدي في الكامل، وأحمد، وأبو يعلى، وأبو عوانة في مستخرجه الصحيح والبيهقي في السُّنَن.
-
والسخاوي في جزءٍ خاصٍّ أفرده لهذا الحديث وذكره في «المقاصد الحسنة».
-
وتكلَّم الإمام ابن فورك عليه في جزء وشرحه.
-
وكذا ذكره الغزالي في الإحياء.
-
وأخرجه الحافظ العراقي في أماليه.
– كذلك أخرجه الحافظ ابن كثير: قال الإمام أحمد حدَّثنا وكيع عن أبي هلال عن بكر عن أبي ذر رضي الله عنه قال إنَّ النبي ﷺ قال له: «انظر فإنَّك لست بخيرٍ من أحمر ولا أسود إلَّا أن تفضله بتقوى الله» تفرَّد به أحمد رحمه الله.
-
أورده الإمام الغزالي في كتاب العلم من إحياء علوم الدين.
-
وقال العراقي أخرجه ابن عدي في الكامل والبيهقي في الشُّعَب.
-
وأخرجه ابن عبد البر في العلم من رواية أبي عاتكة.
-
وأخرجه ابن عبد البر أيضًا من رواية الزهري عن أنس.
-
وأخرجه ابن عدي أيضًا من رواية الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رفعه، ثمَّ قال هذا من وضع الجوبياري لابن كرام باطل بهذا الإسناد. ا.ﻫ.
-
قال السيد مرتضى الزبيدي: وحديث أنس أيضًا أخرجه الخطيب في «الرحلة» والديلمي في «مسند الفردوس» وزادا كالبيهقي وابن عبد البر بآخره: «فإنَّ طلب العلم فريضة على كلِّ مسلمٍ.»
وقال أيضًا: وقد روى هذا الحديث عن أبي عاتكة ستة: محمد بن غالب التمتام وجعفر بن هاشم والحسن بن علي بن عبَّاد وأبو بكر الأعين والعبَّاس بن طالب والحسن بن عطية، وقد خرج الخطيب في الرحلة من طرق هؤلاء، وكذا البيهقي والديلمي وابن عدي والعقيلي وتمام.
-
وأورده الإمام القرطبي في كتابه «جامع بيان العلم وفضله» وخرَّجه تخريجًا وافيًا.
-
أورده الإمام الغزالي من كتاب الإحياء.
-
أورده صاحب القوت، فقال: وكذلك رُوِينَا عن رسول الله «لا ينبغي للجاهل أن يستقر على جهله ولا ينبغي للعالم أن يسكت على علمه.» وقد قال الله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (سورة النحل: من الآية ٤٣).
أورده الإمام الغزالي في كتاب العلم من إحياء علوم الدين قال: «وفي حديث أبي ذرٍّ رضي الله عنه: حضور مجلس عالم أفضل من صلاة ألف ركعة، وعيادة ألف مريض، وشهود ألف جنازة، فقيل يا رسول الله ومن قراءة القرآن؟ فقال رسول الله ﷺ: وهل ينفع القرآن إلَّا بالعلم؟!»
وذكر السيد مرتضى في تخريجه: أنَّ ابن الجوزي ذكره في الموضوعات، وإنْ كان السيد مرتضى الزبيدي قد وجد لهذا الحديث طريقًا آخر أخرجه ابن ماجه كما في الذيل للسيوطي والحاكم في تاريخه، كما في الجامع الكبير له في مسند أبي ذر ولفظه: «يا أبا ذر لأن تغدو في أن تتعلَّم آية من كتاب الله خير لك من أن تُصلي مائة ركعة، وأن تغدو فتتعلم بابًا من العلم عمل به أو لم يعمل به خير من أن تصلي ألف ركعة تطوُّعًا …»