الحديث الرابع
وَلَا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا .
ألهمني الصواب يا ربي … فأنا أخشى أن أكون مخطئًا في حديثي إليك …
فلقد أنشأت في هذا الحديث علاقة بذاتك العلية، ليست مِمَّا يستسيغه الناس بين الخالق والمخلوق، ولم يفهموا أنَّها مجرد مناجاة من مخلوق لخالقه … مناجاة حب علوي … ليس مِمَّا يفهم أو يؤخذ بالمدلول من أنَّه تطاول على الذات الإلهية؛ وهو ما لا يُمكن أن يخطر على بالِ أي مؤمن بالله ورسوله …
وحسبي الله ونعم الوكيل فيمن فهمني خطأ ورماني بالضلال، دون أن ينتظر حسابك يا ربي يوم الحساب …
ومع ذلك ألتمس منك المغفرة لمن ظلمني، ولي إذا كنت سهوت أو أخطأت، وأنت الغفور الرحيم …
وأنتهز الفرصة لأشكر الأزهر الشريف على دعوتي لحضور الاحتفال بعيده الألفي، مِمَّا أشعرني بأنَّه لا يراني من الضالين.
سبحانك ربي.
•••
في شبابي … كنت كثير الإقامة في مسجد السيدة زينب …
أصلي وأطلب معاونتك لي في الدراسة، وفي كل شئوني … إنِّي لا أكتمك شيئًا …
واندمجت في سماع التلاوة من الشيخ ندا أشهر القارئين في ذلك العهد … خاصةً في سورة «الكهف» يوم الجمعة … ولعلها رسبت في خاطري منذ ذلك الحين، إلى أن جسَّدتها في تمثيلية بعد عشر سنوات هي «أهل الكهف».
وقد دفعتني يا ربي إلى شيءٍ آخرَ … الحمد لك يا ربي … فقد كان التمثيل وقتذاك في بدايته غير محترم … دفعتني إلى طريق الأدب، وأدخلتني المجمع اللغوي.
وأنا في الحقيقة أُحب هذا الرجل وأكرهه … ولقد أشدت به في حفلة الاستقبال؛ لأنَّه أحد الثلاثة الذين طالبوا الإنجليز باستقلال مصر: سعد زغلول، وعبد العزيز فهمي، وعلي شعراوي، وعلى أثر ذلك قامت ثورة ١٩١٩م … ثمَّ لأنَّه اتصف بالشجاعة … ولذلك قلت في كلمة استقبالي مُخاطبًا أعضاء المجمع: لقد وضعتموني مشكورين في كرسي مخيف؛ كرسي رجل من أشجع رجال مصر في التاريخ المعاصر هو: عبد العزيز فهمي … والشجاعة عند عبد العزيز فهمي وسيلة لغاية أسمى وأشرف هي: «الحرية»، والحرية عند عبد العزيز فهمي هي حياته … هي لحمه ودمه … هي فكره وروحه … هي علمه وجهاده … طلب الحرية للوطن … وطلب الحرية للفكر … وطلب الحرية للغة، فلا عجب إذن إذا اعتقدت أنا أنَّ هذا الكرسي الذي اقترن باسم عبد العزيز فهمي هو «رمز الحرية».
«إنَّ الشعر العربي في مجال الإحساس والشعور أنقى شعر عرفه الإنسان. فالأمانة والصدق والشهامة والصداقة واحترام المرأة، وقرى الضيف والكرم، وعظمة النفس، والبطولة والفخر، هي بعض ما يتغنَّى به ويُعبِّر عنه هذا الشعر العربي، وهو ما يسمو به فوق شعر الأمم الأخرى فحولةً ونبلًا …»
هذا بعض ما فعل واصف غالي، فرفع شأن الأدب العربي في بلاد الغرب … وهو لم يزل هناك يُواصل خدماته الجليلة في هذا السبيل، تاركًا كرسي عبد العزيز فهمي يئول إلى شخصي الضعيف بميراثه الضخم من فاخر الأعمال، وما انطوى عليه من معنى ورمز للوحدة الوطنية … وشغله بمن ينتمي إلى الإسلام ومَن ينتمي إلى المسيحية، كما شاءت إرادتك يا ربي أن تجمع بين محمد ﷺ ومارية.
وشاء كرم الله أن يترك لي هذا الكرسي ويترك لي معه مهمة الكلام عن صاحبه الأول العظيم، وهي مهمة خلتُها عسيرة أول الأمر، وإذا هي في الواقع لن تُكلِّفني جهدًا … فتاريخ عبد العزيز فهمي معروف لكم جميعًا لأنَّه تاريخ مصر في جهادها السياسي وجهادها الفكري: أمَّا جهادها السياسي فموقف عبد العزيز فهمي منه خالد على الدهر، فهو أحد الثلاثة الذين ثاروا لحرية البلد، وصاحوا في وجه المُسْتعْمِر تلك الصيحة التي أيقظت الوطن …
•••
ولكنِّي أكره من عبد العزيز فهمي أشياء:
أولًا عبارة أدهشتني منه هو بالذات، قالها أثناء أنْ كنَّا معًا في سيارته يقوم بشرح نظريته في اللغة، قال إنَّه ذهب إلى البرنس محمد علي ولي العهد ليُحادثه بشأنها، وقال له بالنص الذي أدهشني: «أنتم يا صاحب السمو أسيادنا وأولاد أسيادنا.» رنَّت هذه العبارة في أذني ولم أستطع نسيانها … ولكن بطرح الدهشة، وبالدراسة الموضوعية، وبالتفكير المُتأنِّي ظهر لي أنَّ الأمثلة كثيرة لذلك:
وفي مصر علمت من طه حسين أنَّه كان يرسل النسخة الأولى لكُتبه إلى السراي الملكية …
إذن العلاقة بين رجل الفكر ورئيس الدولة مسألة شخصية لا تُؤثِّر في حرية فكر المُفكِّر … ولكنَّنا اعتدنا أن نرفع مَنْ نُحب إلى مثل أعلى شبه معصوم، وأن نخفض من نكره إلى حضيض مُجرَّد من كل مزية.
الأمر الثاني الذي لا أغتفره له هو أنَّه السبب في هدم وحدة الحركة الوطنية بالانشقاق على الوفد المصري بحُجَّة أنَّ سعد زغلول كان يستبدُّ برأيه، ولولاه لأصبح الوفد المصري مستمرًّا كما استمر حزب المؤتمر في الهند … ولكن عبد العزيز فهمي كان عصبي المزاج، فلم يستطع التماسك والصبر على ما لا يُعجبه ليتحاشى الانشقاق والانقسام.
تراجيديا فرنسية من خمسة فصول من تأليف كازيمير دي لافيني، وتدور المسرحية في أخريات أيام لويس الحادي عشر: فيظهر الملك كاذبًا وضعيفًا وشرسًا كثير الوسوسة بين أطبائه المعالجين. وبالقرب منه يعيش «كومين» وابنته «ماري» التي تقع في حب «نيمور» الذي لقي أبوه وإخوته حتفهم على يد الملك منذ زمن، والذي تخفَّى تحت اسم مستعار ويعمل سفيرًا لأحد الدوقة. ولكن مكر الملك استطاع أن ينزع السر من ابنته، فيُلقي القبض عليه ويُودعه السجن، ولكن أحد أطباء الملك «كواتييه» ساعد نيمور على الهرب، ولكنَّه يظل متخفيًا في غرفة الملك حيث يستمع إلى اعترافاته لأحد المقربين للملك، وتُعدُّ هذه الاعترافات قمة المسرحية. ويتردَّد نيمور في قتل الملك مُفضِّلًا تركه نهبًا لهواجسه وشعوره بالذنب.
وهكذا تمضي المسرحية بأسلوب كلاسيكي، في شكلٍ رائعٍ فقد جمع المُؤلِّف بين فن الرومانسية والمواقف الدرامية ونقد الشخصيات وتحليل الأوضاع الاجتماعية، ولم تَخلُ هذه المسرحية من الكوميديا الخفية.
مُفكِّر وفيلسوف مصري ورائد من رُوَّاد الحركة الوطنية، وُلِدَ بالدقهلية، حصل على ليسانس الحقوق ١٨٩٤م، عمل بالقضاء، استقال من منصبه ١٩٠٥م واشتغل بالسياسة، شارك في تأسيس حزب الأمة وتولَّى رئاسة تحرير الجريدة حتَّى ١٩١٤م، عُيِّن مديرًا لدار الكتب ١٩١٥–١٩١٨م فمديرًا للجامعة المصرية ١٩٢٥م، فوزيرًا للمعارف ١٩٢٨م، وعاد إلى إدارة الجامعة ١٩٣٠م، ثمَّ استقال ١٩٣٢م، وفي ١٩٣٨م عاد للمرة الثالثة مديرًا للجامعة، عُيِّن عضوًا بمجمع اللغة العربية ١٩٤٠م، فرئيسًا للمجمع ١٩٤٥–١٩٦٣م، ثمَّ عُيِّن وزيرًا للخارجية ١٩٤٦م، فنائبًا لرئيس الوزراء وعضوًا بمجلس الشيوخ، أسهم في عدة مجامع وجمعيات علمية، ترجم لأرسطو وجمعت خطبه ومقالاته وأحاديثه، نال جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية ١٩٥٨م.
سياسي مصري درس الحقوق واشتغل بالمحاماة، وبرز فيها.
وهو من حزب الوفد حتَّى ١٩٢١م، هو أحد الثلاثة الذين قابلوا المعتمد البريطاني في ١٣ نوفمبر سنة ١٩١٨م لتقديم طلبات مصر، وفي عام ١٩٢٣م أصبح عضوًا في لجنة الدستور، ثمَّ وزيرًا للحقَّانية (العدل) ١٩٢٥م ورئيسًا لمحكمة النقض.
وبعد ذلك انتُخِبَ رئيسًا لحزب الأحرار الدستوريين خلفًا لعدلي «باشا» يكن عام ١٩٢٤م، ثمَّ اعتزل السياسة لفترة من الزمن وانصرف للأدب والمحاماة، ولكنَّه عاد إلى رئاسة الحزب بعد وفاة محمد محمود «باشا» عام ١٩٤١م، وانتُخِبَ في نفس العام عضوًا في الجمعية التشريعية المصرية، ثم ١٩٤٢م نقيبًا للمحامين، ثمَّ رئيسًا للمجمع اللغوي حتَّى وفاته عام ١٩٤٨م.
وكان له نشاط ملحوظ وجريء في المجمع اللغوي، وهو من أنصار حرية الفكر، ودعا إلى تحرير اللغة العربية من القيود الشكلية وأعد بحثًا مطبوعًا في ذلك، وقد امتدحه معظم معاصريه من الأدباء والمفكرين والسياسيين.
أحد أعضاء حزب الوفد المصري الأوائل، درس القانون، وعُيِّن وزيرًا للخارجية، كان يُجيد الفرنسية لدرجة أنَّهم دعوه في البرلمان الفرنسي لإلقاء كلمة أثناء زيارته لفرنسا وقد أشادوا ببلاغة فرنسيته.
اختِير ليشغلَ كرسي عبد العزيز فهمي في المجمع اللغوي ولكنَّه اعتذر، واختِير توفيق الحكيم ليشغل ذلك الكرسي خلفًا للاثنين.
مُشرِّع مصري وُلِدَ عام ١٨٨٧م تخرَّج في مدرسة الحقوق، ثمَّ أكمل دراسته بجامعة جرينوبل حيث حصل على الدكتوراه … في ١٩٢٢م عُيِّن مستشارًا قانونيًّا، ثمَّ كبيرًا للمستشارين في عام ١٩٢٦م، وفي ١٩٤١م عُيِّن وزيرًا للمالية، ثمَّ وزيرًا للخارجية عام ١٩٤٥–١٩٤٦م بوزارة النقراشي … وفي هذه السنة انْتُخِبَ قاضيًا بمحكمة العدل الدولية بلاهاي، ثمَّ نائبًا لرئيس المحكمة … كان يتولَّى رئاسة الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي والإحصاء والتشريع، تُوفِّيَ سنة ١٩٦٦م.
أديب فرنسي من مواليد ١٨٥٣م اشتغل بالتدريس العالي في مستهل حياته، ثمَّ نال لقب الدكتوراه عن رسالته: «الكوميديا بعد موليير ومسرح دانكور»، وكانت باكورة أعماله الشعرية بعد التفرُّغ من التدريس هي «القليدات» و«الشرقيات الصغيرات» ثمَّ تخصَّص في النقد المعاصر في كبرى الدوريات والمجلات الأدبية، وقد جُمِعَت فيما بعد في مُجلَّدات تحت عنوان «المعاصرون». وقد كتب بعد ذلك نقدًا مسرحيًّا رائعًا «إيحاءات من المسرح»، وقد اتسمت أعماله النقدية بالوضوح والسلاسة بجانب العمق والتحليل، ونراه قد كتب مسرحيات ناجحة أهمها: ثائرة – الوحيدة – الزواج الأبيض – الملوك – الغفران … وغيرها، ثمَّ انتخب في الأكاديمية الفرنسية (١٨٩٥م)، ثمَّ نراه في أُخريات حياته قد اهتم بالمسائل الحيوية والنقد الموضوعي.
عندما ألغى «مصطفى كمال» الخلافة العثمانية التركية عام ١٩٢٤م، انتهز هذه الفرصة بعض ملوك العرب الذين يدينون لإنجلترا بالجلوس على عروشهم، وأخذوا يسعون لإقامة خلافة لهم على المسلمين في سائر البلاد، وكان من الملوك الذين طمعوا في هذه الخلافة «أحمد فؤاد الأول» الملك فؤاد، وأنشأ لهذا الغرض مجلة سمَّاها مجلة الخلافة.
وفي هذا الوقت قام الشيخ علي عبد الرازق (من علماء الأزهر) بتأليف كتابه «الإسلام وأصول الحكم» يُناوئ به طمع الملك فؤاد بطريقةٍ خفيةٍ، وأنكر في كتابه الخلافة الإسلامية من أصولها، وادَّعى أنَّها ليست في شيء من الإسلام لأنَّه ترك أمور الدنيا للبشر يتدبَّرُونها، فأثار كتابه فتنة كبرى بين المسلمين؛ فأكثرهم أنكر آراء الشيخ عبد الرازق، ولم ينتصر له إلَّا عدد قليل، وكان على رأس المُنكرين له علماء الأزهر.
وأُوحي إلى هيئة كبار العلماء في الأزهر بمحاكمته، ورأس المحاكمة الشيخ محمد أبو الفضل الجيزاوي شيخ الجامع الأزهر آنذاك، وانتهت المحاكمة «بإخراج الشيخ علي عبد الرازق — أحد علماء الأزهر والقاضي الشرعي بمحكمة المنصورة الشرعية ومُؤلِّف كتاب الإسلام وأصول الحكم — من زمرة العلماء.»
وكان عبد العزيز باشا فهمي وقتذاك وزيرًا للحقَّانية، وكان عليه أن يعزل الشيخ علي عبد الرازق من وظيفة القضاء الشرعي، ولكن عبد العزيز فهمي رفض تنفيذ الحُكم، وقرَّر تحويله على مستشاري لجنة القضايا ليفصلوا: هل هيئة كبار العلماء مختصة بالنظر في جريمة علي عبد الرازق أم لا؟ فغضب «يحيى باشا إبراهيم» رئيس الوزراء بالنيابة وذهب إلى الملك فؤاد وأخبره بأمر عبد العزيز فهمي، ثمَّ عاد إليه وطلب منه الاستقالة فرفض عبد العزيز فهمي الاستقالة، وقال له يحيى إبراهيم باشا: إذن أُقِيلُكَ، فقال له: أَقِل كما تُريد.
وقد خلع الشيخ علي عبد الرازق بعد الحُكم عليه العمامة ولبس الطربوش ثمَّ سافر إلى فرنسا، والتحق بإحدى جامعاتها، ومكث بها إلى أن حصل على شهادة منها، ثمَّ عاد إلى مصر، واشتغل بالمحاماة في المحاكم الشرعية، ثمَّ رشَّح نفسه لمجلس النواب فنجح، ومرَّت الأيام وصار وزيرًا للأوقاف — وكان الشيخ المراغي آنذاك شيخًا للأزهر، وهو الذي أعاد العالمية إلى الشيخ علي عبد الرازق، وألغى ذلك الحكم.
(انتهى نقلًا عن القضايا الكبرى في الإسلام للأستاذ عبد المتعال الصعيدي.)
ألقى الدكتور طه حسين محاضرات سنة ١٩٢٦م في الشعر الجاهلي جمعها في كتاب سمَّاه «في الشعر الجاهلي» أنكر فيه ما رُوِي من الشعر الجاهلي لأنَّه لا يُمثِّل الحياة الدينية والعقلية للعرب الجاهليين، وقد جرَّه البحث في هذا إلى إنكار قصة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وغير ذلك مِمَّا أثار عليه الناس، وجعلهم يشكونه إلى النائب العام، فتولَّى النائب العام التحقيق معه فيما نُسِبَ إليه من اتهامات، وانتهى التحقيق إلى عدم جواز المعاقبة لعدم توفُّر القصد الجنائي في الاعتداء على الإسلام، وإنَّما أورد الباحث ما أورده من ذلك على سبيل البحث العلمي: «وإذا انتفى القصد الجنائي عنه لا يكون عليه عقاب، وتُحْفَظ الشكاوى المقدمة فيه إداريًّا.» وقد قرَّرت الحكومة مع ذلك الاستيلاء على الكتاب من المكاتب وغيرها، وحالت دون انتشاره بين الناس.
وُلِدَ رضي الله عنه في المدينة سنة ٢٦ﻫ، ونشأ نشأة علمية عالية فحفظ القرآن والحديث، وكان أبوه مروان بن الحكم من أقرب المُقرَّبين إلى الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولكن الفتن ثارت بمقتل عثمان فاعتزل أبوه السياسة وبايع عليًّا، ثمَّ جاء معاوية، ثمَّ خلفه ابنه يزيد حتَّى آلت الخلافة إلى مروان وخلفه عبد الملك، وكان حازمًا صارمًا اشتُهر بالعلم والوَرَع مع الحزم، واستطاع أن يُخْمِد الفتن ويُرْسِل الفتوحات إلى ما وراء النهرين وبلاد المغرب. وكان من أشهر أهل زمانه وأعلمهم بفقه وحديث ولغة.
هو ضياء الدين أبي الفتح نصر الله المصلي المُلقَّب بابن الأثير الجزري تُوفِّيَ ببغداد (٦٣٧ﻫ/١٢٣٩م) وهو الأخ الأصغر لابن الأثير المُؤرِّخ عز الدين مُؤلِّف «أُسد الغابة في معرفة الصحابة» وكتاب «كامل التواريخ واللباب في أنساب العرب» وعدة مؤلفات أخرى، وُلِدَ ٥٥٥ﻫ وتُوفِّي سنة ٦٣٠ﻫ، ويكبرهما أخ ثالث يُلقَّب بمجد الدين وُلِدَ ٥٤٤ﻫ وتُوفِّيَ ٦٠٦ﻫ بالموصل وهو الفقيه: له عدة مؤلفات نذكر منها «النهاية في غريب الحديث والأثر» و«جامع الأصول في أحاديث الرسول» جمع فيه بين الصحاح الستة.
– وأهم كتب ابن الأثير اللغوي الذي نحن بصدده «الوشي المرقوم في حل المنظوم» وكتاب «المثل السائر في آداب الكاتب والشاعر» ويُعلم المصنف في هذين الكتابين الطالب الطريقة التي بها يُتقن صناعة الكاتب والشاعر.
فيلسوف المؤرخين الذين صنَّفوا في اللغة العربية. وُلِدَ في تونس الغرب سنة ٧٣٢ﻫ/١٣٣٢م، وتوظَّف في حكومة تونس سنة ١٣٥١م ثمَّ في فاس ثمَّ حجَّ ثمَّ انتهى به المطاف في مصر وتولَّى فيها قضاء المالكية وتُوفِّيَ بالقاهرة سنة ٨٠٦ﻫ/١٤٠٦م.
كان فضلًا رفيع القدر، وله فنون عقلية ونقلية في التاريخ الكبير الذي سمَّاه «ديوان العبر وكتاب المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» وهو يقع في سبعة مجلدات مع المقدمة التي هي مأثرة دائمة الذكر في فلسفة التاريخ، وتُرْجِمَت إلى كثير من لغات العالم وبهرت الشرق والغرب على السواء.
كاتب وأديب فرنسي وصاحب مدرسة فكرية فلسفية.
كتب رائعته التراجيدية «أوديب» (١٧١٨م) ثمَّ أمضى بعض سنوات في إنجلترا حيث وجد الفلسفة والحرية الفكرية، واستشعر أهمية العلماء في الحياة السياسية وفي المجتمع، وبعد عودته كان إنتاجه يدور حول التراجيديا الفلسفية. أهمها: «بروتس»، «زايير»، «موت القيصر»، «تاريخ شارل الثاني عشر»، «معبد الأذواق»، «ملاحظات على أفكار باسكال»، «ألزير» (١٧٣٦م)، «محمد» (١٧٤٢م)، «ميروب» (١٧٤٣م).
وفي عام ١٧٤٥م عاد إلى باريس ليستمتع بتقرُّبه إلى البلاط الملكي وكتب «ديوان فونتنوي» وانتُخِبَ عضوًا في الأكاديمية الفرنسية (١٧٤٧م) ثمَّ كتب قصصًا فلسفية (زاديج – ميكرو ميجاس)، وسافر إلى برلين حيث كان الملك «فريدريك الثاني» في انتظاره وأحسن ضيافته، وهناك أصدر فولتير كتابه «قرن لويس الرابع عشر» (١٧٥١م) واختلف الفيلسوف والملك، فترك الأول بروسيا عائدًا إلى «فرني» بفرنسا، وقضى هناك ثلاثة وعشرين عامًا من الإنتاج الفكري فأبدع في كتابة الرواية «كانديد» و«أميرة بابليون» و«القاموس الفلسفي».
(انظر: تحت شمس الفكر، توفيق الحكيم، مكتبة مصر).
ولقد كتب توفيق الحكيم مقالًا بعنوان «الدفاع عن الإسلام» سنة ١٩٣٦م في كتابه تحت شمس الفكر هاجم فيه فولتير لاجترائه على الإسلام ونبيه ﷺ جاء فيه: «قرأت لثلاث عشرة سنة خلت قصة «فولتير» التمثيلية «محمد» فخجلت أن يكون كاتبها معدودًا من أصحاب الفكر الحر، فقد سبَّ فيها النبي العربي سبًّا قبيحًا عجبت له، وما أدركت له علَّة، لكن عجبي لم يطل إذ رأيته يهديها إلى البابا بنوا الرابع عشر …»
تُوفِّي (١٧٧٨م) في باريس مُخلِّفًا تراثًا ضخمًا وجدلًا كبيرًا.
أكبر أدباء ألمانيا في العصر الحديث، درس القضاء في مستهل حياته ثمَّ احتضنه دوق «فايمار» صديقًا ووزيرًا ومستشارًا، مِمَّا أتاح له تعرُّف الأحداث والشخصيات الأدبية والعلمية والسياسية. وقد راقب وتفاعل مع القصر الملكي الألماني خصوصًا في المعارك الكبرى.
وكان مُراسلًا وصديقًا لمدام دي شتاين ثمَّ لشيلر، وقد نجح في الخروج بالأدب المحلي إلى العالمية.
وتنقسم أعماله إلى شعر وقصص ومسرح وأبحاث علمية ذات قيمة. وهو من أبرز من كتبوا الرمزية بعمق كما في «فاوست».
وهكذا نرى أنَّ حياة «جوته» وإنتاجه يُمثِّلان انسجام التطوُّر المستمر، وقد وُصِفَ في موسوعة لاروس الفرنسية: بأنَّه أحد العباقرة القلائل الذين اقتربوا من حد الكمال البشري حيث إنَّه أحاط بمجموع معارف واهتمامات الإنسانية.
هو أبو الطيب أحمد بن عبد الصمد الجعفي الكندي، وُلِدَ في الكوفة سنة ٣٠٣ﻫ/٩١٥م، وهو من أشهر شعراء العرب وأشعرهم، ولُقِّبَ بالمتنبي؛ لأنَّه كان قد ادَّعى النبوة في بادية السماوة وتبعه خلق كثير من بني كلب؛ فخرج إليه والي حمص فأسره وحبسه حتَّى تاب، وتفرَّق عنه أصحابه. قُتِلَ المتنبي ٣٥٤ﻫ/٩٦٥م، قتله بعض اللصوص، ولقد كانت له علاقة بسيف الدولة أمير حلب وأجزل له العطاء، وعاش في رغدٍ من العيش.
الكاتب الأديب والشاعر والناقد والسياسي والصحفي وُلِدَ بأسوان عام ١٨٨٩م عمل بالوظائف الحكومية، ثمَّ تفرَّغ للصحافة منذ ١٩٠٧م عَمِلَ بالدستور والمؤيد والأهرام، ثمَّ تعدَّدت بعد ذلك الصحف التي عَمِلَ بها.
انْتُخِبَ العقَّاد مرتين عضوًا بمجلس النواب عن أسوان والصحراء الغربية، كما عُيِّن عضوًا بمجلس الشيوخ، وفي خلال نيابته هاجم محاولة الملك فؤاد العبث بالدستور، وأعلن رأيه في المجلس بقوله: «إنَّ الأمة على استعداد لأن تسحق أكبر رأس في البلاد يخون الدستور ولا يصونه.» فقُبِضَ عليه وسُجِنَ من أكتوبر ١٩٣٠م إلى يوليو ١٩٣١م، تُوفِّيَ في ١٩٦٤م.
أديب مصري، وُلِدَ بالقاهرة عام (١٣٠٤ﻫ/١٨٨٦م) ودرس بالأزهر ومدرسة القضاء الشرعي واشتغل حينًا بالقضاء الشرعي، ثمَّ عُيِّن مدرسًا فأستاذًا للأدب العربي بالجامعة المصرية منذ عام ١٩٢٦م، فعميدًا لكلية الآداب واشترك في تأسيس لجنة التأليف والترجمة والنشر. من مؤلفاته: «فجر الإسلام»، و«ضحى الإسلام»، و«فيض الخاطر» تُوفِّيَ عام ١٣٧٣ﻫ/١٩٥٤م.
وُلِدَ بالمنصورة ١٨٨٦م، تخرَّج في مدرسة الحقوق، وأُوفِد في بعثة دراسية إلى فرنسا، حصل من جامعة باريس على الليسانس في العلوم، والدكتوراه في الفلسفة، عاد إلى مصر وعُيِّن أستاذًا للفلسفة في كلية الآداب، فوكيلًا لها فعميدًا لها، فمديرًا لدار الكتب المصرية، فمديرًا لجامعة الإسكندرية، ثمَّ عضوًا بمجمع اللغة العربية، والمجمع العلمي بدمشق وعضوًا بجمعية الشُّبَّان المسلمين بمصر.