رواية قاضي الغرام
أوبرا كوميك ذات ثلاثة فصول، بقلم الأستاذ بديع أفندي خيري، العرض الأول بتاريخ ٢٨ / ١١ / ١٩٢٩١
الفصل الأول
(يُرفَع الستار عن منظر خان الحاج توكُّل.)
لحن الافتتاح
الجميع
:
نحمد الله ونشكر فضله
لقمة البياع منطالة
في النهار لما يقبض له
خمسة فضة ما هيش بطالة
يسند بها حاله … ويبر عياله … ويطول حق الدخان
وفارجها معانا … بيعنا وشرانا … هنا هه لزباين الخان
بائع الروائح
:
العنبر والياسمين
في قزايزه وفي بنانيره
لما يفحفح أبو مين
اللي ما ترقص مناخيره
الجميع
:
من لذتها تهري وتنكت
ويسكتها ودي لم تسكت
إلا بِشَرْوه في الحال
م الريحة العال العال
بائع الحراير
:
اطقرمش نخيل عينه
لما يبضع ويشيل
أما اللي جيوبه واجعينه
نورطه غايته في منديل
والَّا كوفيه دوا للسقعة
والا طاقية غطا للقرعة
الجميع
:
والسوق يجبر إذا راج
خرجين وتلات تخراج
الخان هو مرسانا
وعليه أخدنا وعطانا
يا رب هون عشان نموِّن
مغربي هندي عجمي لاوندي
صيني حبشي بصري
شامي تركي مصري
زي بعضه
بدوي
(يدخل خلف توكُّل)
:
لا بد ما أقعدش هنا، إدِّيني حسابي موش عايز أشتغل، هو الشغل بالزور.
توكُّل
:
ما فاتت بقى خليك بني آدم، واحد مجنون وعنده شوية لطف، ما تستحملوش، حد
يدق عالمجنون؟!
بدوي
:
مجنون ودِّيه المرستان، موش تسيبه يطبق في زمارة رقبتي لما يقطع
نفسي.
توكل
:
ما هو من عدم تصرفك، يعني لو عملت زي بقيت الخدامين ووافقته على عقله يجرى
لك إيه؟
بدوي
:
يجرى لي إيه إزاي؟! أتلحس زي ما اتلحسوا، عايزني أهاوده على المطاليع
البدنجاني بتاعته، وأقول له برضه يا سيادة المتصرِّف، ويا سعادة المتصرف، زي ما
بيقولوا له؟!
توكل
:
يعني بقى تعارض ربنا في حكمه، الهفَّة اللي طالعة في مخه مهيآله
كده.
بدوي
:
طيب تهيأله حاجة مبلوعة، عسكري مثلًا، ضابط، قاضي، موش المتصرف بتاع
مدينة سمرقند على سن ورمح.
توكل
:
النهاية، أهه بعد العلقة اللي نتشتهاله، موش حيستجري يهوب ناحيتك، يالَّه
روح هات مقطف الخضار وحصلني عالسوق، الغدا قرَّب … أعمل إيه، بخت مقندل، حتت
ولد واحد ويطلع خُلَل (يخرج).
بدوي
:
يا مغيث يا رب، دانا من ساعتها لدلوقت جتتي متلبشة، قال ليه وليه ما انضمش
للمعية بتاعة سي قرنفل أبو جلابية مهلهلة أبو جزمة عيانة باللوز، النهاية
أما اخش أجيب المقطف.
قرنفل
(من الخارج)
:
يا خدم يا حشم.
الجميع
:
مولاي.
بدوي
:
يا نهار إسود، ده صوته. لا لا، بيني وبينه ربنا، بلاش المقطف، أجيب
الخضار في حجري (يخرج).
قرنفل
(يدخل وخلفه خدم الخان)
:
يارعيتي يا معيتي يا حاشيتي.
الجميع
:
مولاي.
قرنفل
:
جتكوا البلا، حاشية زي البهايم تمام. أنا قايل لكم ستين ألف مرة مولاي
كدة حاف، مولاي كده لوحدها، موش كفاية أبدًا، لازم تقولوا …
أحدهم ١
:
مولاي المتصرف.
قرنفل
:
مضبوط، إنت ولد نبيه، اسمع يا خازندار المتصرفية.
أحدهم ٢
:
مولاي.
قرنفل
:
لقد أنعمنا عليه بحتة جبنة رومي، نفِّذ الإرادة السنية.
أحدهم ٢
:
سمعًا وطاعة.
الجميع
:
مبروك.
أحدهم ١
:
الله يحفظكم، قال يعني اتعطف المفش، ألا حتة جبنة رومي!
قرنفل
:
أهه كل واحد منكم حيتجدعن زيه في مهام دولتي، حتما أنغنغه، من زيتون من
خيار مخلل، من عيش ملدن، من كل ما هفته نفسه، أنا فنجري، أنا بنجري أنا إيدي
سايبة، أنا ما أعزش حاجة عن شعبي المحبوب، الكرار للشعب والشعب
للكرار.
الجميع
:
يدوم العز. يحيا المتصرف.
قرنفل
:
هنا في الولاية بتاعتي دي، الولاية المعظمة، الولاية المنظمة، الولاية
المكونة من خمسة وتلاتين سرير نوم أقيم الأحكام، أنشر النظام، أصدر
التعليمات، أبحث المشاريع، أتصرف زي ما يعجبني في شئون الزباين، أيوه،
الزباين بأجمعهم رعيتي، الخدامين أتباعي وأفراد حاشيتي، كناسين الخان،
زبالين الخان، غسالين، مساحين، تمشي عليهم كلمتي، لا منازع في رغبتي، إلَّا
واحد فقط من أمتي، وهوَّ أبوي اللي تملِّي مشضب جتتي.
توكل
(من الخارج)
:
أيوه في الأول نزل الكرنب قلت لك.
قرنفل
:
خبر إسود، أبوي! رعيتي يا معيتي.
الجميع
:
مولاي.
قرنفل
:
ورايا على عفشة المية.
توكل
(يدخل مع بدوي بالخضار)
:
يعني كدة كويس، الخضار ينشال في منديل يا لوح؟! أقول لك هات المقطف، تجيني
إيد ورا وإيد قدام!
بدوي
:
وأنا يعني كنت عايز أتلخم اللخمة دي يا عم توكل، أنا يا دوب لسه حاتلفت
أجيب المقطف، والدولة كبست.
توكل
:
طب يالَّه فوت قدامي عالمطبخ ياله، أنا ابتليت يا خواتي بقرنفل الكلب ده
(يخرجان).
فيظ الله
(داخلًا مع سكر)
:
إيفت سكر، أدخل خانم.
سكر
:
أيوه أهه، اتفضل يا بابا.
فيظ الله
:
خانجي توكل هامكي أما انت، هامكي نظافت، هامكي معرفة صاحبي سوا سوا من
زمان.
سكر
:
عال، ما دام كدة كويس.
فيظ
:
خدمت ذوانلي، مأكولات لذَتلِي، ناموس مناوشات مافيش أكلان مهارشق مافيش،
بربري عثمان رذالته مضايقت مافيش.
سكر
:
يا بابا هو عثمان عمل فينا إيه بس؟ إنت بينك وبينه تار؟
فيظ
:
من شان إيه بربري زربون، جري ليل ونهار ورا حظرتنا، إلزق معنا سلقط ملقط
زي واحد كابوس؟
سكر
:
سبحان الله! هو احنا شاريين السكة على حسابنا يابابا، موش جايز راخر يكون
طريقه في طريقنا!
فيظ
:
هاهاها، أفتكر فيض الله خان واحد جاموس! فيظ الله خان أصفهاني، أمير لوا
حربي، حائزي مداليات عجم، نفسيت صنم، عقيلة بجم! إنت من شان إيه بربري
عثمان ده مرافعت مدافعت؟
سكر
:
أنا لا بادافع ولا بارافع، غاية ما هناك باشهد بالحق، وحتى كمان على فرض
إنه متبعنا مخصوص، يمكن له غرض شريف!
فيظ
:
شريف! معناه إيه شريف؟
سكر
:
الله بقى، أنا عارفه، ما هو عازب يا بابا.
فيظ
:
سوس، ألفاظ قباحت، بذاءت وقاحت، كلم إيه سكر مجنون، إحسب كلتو أنا أفيون،
من شان أترك ابن عمك ميرزا خاتون، وجوز اننتي واحد بربري تنتون؟!
سكر
:
هي المسألة بالشكل يا بابا، ميرزا خاتون ابن عمي داير بطال لدلوقت، لا شغله ولا مشغله،
حايعيشني منين ده؟
فيظ
:
حالًا أوجد له توسطات، أبعت أنا رجوات، أحصل مع المتصرف مقابلات، عيِّن
ميرزا خاتون قاضي محكمت.
سكر
:
قاضي! ابن عمي الخيبة العبيط اللي ما يعرفشي يتكلم كلمتين على بعض يرضوا
يعينوه قاضي؟!
فيظ
:
ابتعتماد مكي خواطر موجود، حمار ممكن أركب فوق الأسود.
سكر
:
ويعني لازم اللي يتجوزني ده يكون قاضي؟
فيظ
:
إيفت، أبحث أنا، مين قاضي معظم مدينة خيوه، فلان علان ترتان عجوز صبي،
إسود أبيض أزرق، ماذا مكي قاضي مدينة خيوه، إنت لازم جوِّز هو، من شان تعظيم،
من شان شرف، من شان مقام.
سكر
:
على كدة لو البخت ساعد عثمان في حكاية زي دي، يعني حتوافق عليه ديك
الساعة ولاتقولش حاجة؟
فيظ
(يضحك)
:
هاهاها، مسكين سكر، هبالت عباطت، عثمان هيئته فحم حجري، عثمان بياع نعجات
بياع معزات، أصبح قاضي محكمت؟! هاهاها.
سكر
:
لا يعني بنمثل فقط.
فيظ
:
أنا فيظ الله خان، شرف كلام محفوظ، عثمان عمران جعران، ماذا مكي قاضي
مدينة خيوه، سكر لازم جوِّز هو.
توكل
(داخلًا)
:
ملايات الفرش يتلفعوا بهم، قال إيه حفلة رسمية عند سي قرنفل، البطاطين
يعملوهم هدوم تشريفة (يرى فيظ الله)
دهده مين، عم فيظ الله خان، حمد الله عالسلامة.
فيظ
:
كثير تشكُّرات حاجي توكُّل.
توكل
:
اللهم صلِّ على كامل النور، بنت حضرتك دي؟
فيظ
:
إيفت، وحيدت أنا في الدنيا، سكر هانم.
توكل
:
على كدة أمَّال يلزم أودة متطوحة شوية بعيد عن قرنفل، والعزم إن شاء الله
تقعدوا كتير عندنا؟
فيظ
:
فقط ليلة واحدة.
توكل
:
يا سلام، بس ليلة واحدة!
فيظ
:
نعم، من شان اقتضا حضور عاجل، من سبب مقابلت جناب مولاي كابش، متصرف أعظم
مدينة سمرقند.
توكل
:
آه، بقى كدة بس، يعني مسافة ما تتقابل انت والمتصرف وتنك راجع
تاني.
فيظ
:
نعم نعم، اختصار كلام، فين إحنا محلات خصوصي؟
توكل
:
اتفضلوا.
فيظ
:
تعالى سكر، لازم مناظرة غرفات، بلكي مناسب، بلكي موش مناسب (يخرجون).
عثمان
(من الخارج)
:
إخص عليك وعلى شرفك (يدخل) راجل ما
عندكش ذمة.
بيَّاع كبدة
(يدخل)
:
الله الله! باقول لك ماتقبحش.
عثمان
:
إزاي ما أقبحش يا حرامي يا مزاوغ يابن الرفضي، تبقى مغالطني في تلات
كحكات وحتتين كبدة، ولانعلش أجداد اللي زرعوا بزرة أبوك.
بيَّاع
:
لا، باقول لك أنا شراني، حاسب على ملافظك، آه، طافحهم ١٢ كحكة قدام
عيني.
عثمان
:
تسعة مافيش غيرهم، تسعة بالسمسم يا أونطجي.
بياع
:
بس ماتقاوحنيش، أنا عاددهم.
عثمان
:
وأنا اللي واكلهم يبقي مين الأصدق؟ مين اللي عارف ميزانية معدته
يا بارد؟!
قرنفل
(من الخارج)
:
مين اللي بيزعق ده؟
بياع
:
خبر إسود، حس الواد المجنون ابن عم توكل صاحب الخان، أزوغ من وشه.
قرنفل
(يدخل)
:
أيوه، مين الحمار، مين التور، مين اللي بيعكر صفو الأمن العام في حدود
ولايتي؟
عثمان
:
ولايته! آه، ده لازم مولانا الحاكم بتاع البلد.
قرنفل
(للبياع)
:
إنت اللي بتزعق؟
البياع
:
أبدًا يا صاحب السعادة، ولا فتحت بوقي يا مولاي المتصرف.
عثمان
(على حدة)
:
إيه! المتصرف حتة واحدة!
البياع
:
طيِّب، أنا واقف لك على الباب يا ابو وش مبعجر انت (يخرج).
قرنفل
:
هيه، حضرتك شرفت جديد هنا في الخان؟
عثمان
:
أيوه يا مولاي، دلوقت أهه بس.
قرنفل
:
حمد الله عالسلامة.
عثمان
:
الله يسلم لي على سعادتك (على حدة)
شوفوا الناس الأكابر شوفوا الذوقيات، شوفوا الأدب والتربية العالية متصرف
البلد على سن ورمح! يا سلام على التربية العالية يا سلام.
قرنفل
:
لنا حظ نشوف حضرتك ونتشرف بمعرفتك.
عثمان
:
ممنون يا فندم العفو. ياهوه علإنسانية. ياهوه عاللطافة اللي بتفرفط من
حبابي عنيه (له) دانا اللي حصل لي
النهارده مزيد الشرف، محسوبك عثمان عبد الباسط من أهالي خيوه، تاجر غنم،
وجاي سمرقند هنا عشان أزور عمتي، ومن جهة تانية أشوف أحوال السوق والتجارة
والأخد والعطا.
قرنفل
:
آه، شيء جميل، وحيث كدة يصح أعرفك بنفسي، أنا …
عثمان
:
فاهم يا مولاي، يا سلام! هو سيادتك عايز تعريف، موش مولاي المتصرف؟
قرنفل
:
يا سلام، مين اللي قال لك؟
عثمان
:
هو لازم حد يقول لي! هو أنا ماعنديش نظر لاسمح الله! هو القمر يستخبَّى يا
مولاي.
قرنفل
:
حيث كدة يهمني أؤكد لحضرتك ما دام جيت هنا في ولايتي لازم ألْحظك بعنايتي،
وأرعاك برعايتي، وإن جعت أوكلك من جرايتي، وإن عطشت أسقيك بكبايتي، وإن سقعت
أدفيك تحت عبايتي، فهمت؟
عثمان
:
إنما ده كرم أخلاق فوق الحدود يا مولاي، دي شيء يخلي الواحد يتلخم من لطف
الأدب وحسن الرباية، إلهي ما يخرب لك ولاية، ولا يفضِّ لك جراية، ولا يكسر
لك كباية، ولا يدوب لك عباية، بركة دعايا وربنا يقبل دعا الولايا يا
مولاي.
قرنفل
:
ودلوقت إذا كان لازمك أي خدمة أي شغلة أي توصية، أؤمر.
عثمان
:
متشكر قوي يا مولاي، بالطبع إذا كان حيلزمني إي خدمة حطلبها من مين غير
سيادتك، أنا أصبحت محسوب سيادتك.
قرنفل
:
أمَّال بقى عن إذن حضرتك، أحسن عندي أشغال ضرورية جوه.
عثمان
:
اتفضل.
قرنفل
:
حاكم الجماعة الموظفين اللي تحت رياستي، من حاشيتي لمعيتي، إن ماكنتش
باستمرار آخذ بالي منهم وأراقبهم بنفسي، أجارك الله، يهملوا في واجباتهم،
يقلقوا راحة الرعية، يلخبطوا نظام الدولة خالص، عن إذنك (يخرج).
عثمان
:
سبحان العاطي الوهاب، أما عليه حتة قفا، أهه أنا تأكدت دلوقت إن بختي زي
النيلة أول ما أطب البلد موش أتصاحب ويَّا غفير والَّا ويَّا عسكري، ويَّا المتصرف
نفسه، شوف الحظ، شوف التعاديل، هو لازم كان بيزور حد من الكبارات اللي
نازلين هنا في الخان، أيوه يوجب عالواحد ما دام بقينا أصحاب مايقطعش رجله عن
زيارته، في القصر في الديوان في الدكان مطرح ما بلاقيه والسلام، لكن احنا
في سكر بنت الراجل الرذل فيظ الله خان، يا ترى نزلوا في أنهي دور؟ في أنهي
أودة؟ آه، أهه جاي.
فيظ الله
(من الخارج)
:
إيفت سكر، واحد ساعة زيادات مافيش.
عثمان
:
آه، هو بعينه، أما نستعد بقى للخناق وترقيع الأصداغ.
فيظ
(يدخل ويرى عثمان)
:
مين! بربري ولد نمرود؟
عثمان
:
أنا في جاه الحسن والحسين ياهوه.
فيظ
:
فين جانم اتخلص إحنا من لزقات رسراس دي.
عثمان
(على حدة)
:
الراجل مدخن مني قوي كل ما يشوفني يتلبس.
فيظ
:
كلم أنا حظرة تاجر خروف، اقتضا إيه، لزوم إيه، إحنا إنزل في واحد خان،
كان حظرتك مخصوص معاندت لازم إنزل.
عثمان
:
أنا بس أفهم إنت قارش ملحتي ليه؟! إنت شايلني على أكتافك، أنا ماشي على
دماغك يا أخي؟ ومن رأيي بدال ما نتخانق ونزعل سوا، نقعد لنا قعدة مع بعضنا،
بشرط ما نقومش منها إلَّا وانت حماي، دانا جوز بنتك.
فيظ
:
اخرس، بربري بهيم خنزءور.
عثمان
:
هيه، آدي عيبك.
فيظ
:
والله بالله …
عثمان
:
ماهو ماتحلفش، ألف يمين على يمينك، لما تنطبق السما على الأرض مافيش فراق
إلَّا بالخناق.
فيظ
:
اخرس حيوان، سكر هانم، كريمة حظرتنا أميرلوا فيظ الله خان، جوِّز واحد
بربري صدامات ندامات، بيعوا معزات؟!
عثمان
:
وعشان إيه بس جرح الإحساسات، والكلام العفش اللي زي الزبالات؟! هو انت موش
يلزمك فلوسات؟
فيظ
:
مطلقًا مافيش أهميت، تصميم نهائي، عزيمت أنا، جوز سكر فقط واحد إنسان،
ابحث مافيش جمال، وحاشت، فقير غني، عجوز صبي، ماذا مكي موجود واحد شروطات
ضروريات.
عثمان
:
عظيم، امْلِي علي الشروطات، وأنا عليَّ التنفيذات ودفع الفلوسات وأخد
العروسات وتنِّي مروحات.
فيظ
:
عريس مطلوب مرغوب، لازم أولًا وظيفة قاضي.
عثمان
:
وظيفة إيه، قاضي؟! يخرب بيتك، يعني دورت في الوظايف كلها مالقيتش إلَّا دي،
أيوه قول تاجر موبيليا، نقلي، طرشجي، إنما قاضي قاضي!
فيظ
:
نعم، قاضي محكمة خيوه.
عثمان
(على حدة)
:
الله ينكد عليك.
فيظ
:
أفندم، حظرتكم تاجر خروف، لله الحمد اقطع رجا، اقطع أمل والآن الزم أذهب
من شان مقابلة جناب متصرفي أعظم (يخرج).
عثمان
:
إيه، هو يعرف المتصرف؟! دهدي من حق ما هي فكرة برضه سيادة المتصرف لما
كان هنا دلوقت، قال لي إذا لازمك أي خدمة أو شغله، وليه ماروحلوش واترجاه،
لكن أنا لما عرفته بنفسي هنا فهمته إني تاجر غنم، وأروح له دلوقت بأنهي وش
عشان أترجاه يعيني قاضي، لكن قاضي حتة واحدة، يعني من غنم ومعيز لأهالي
ورعايا! من زريبة لمحكمة ياهوه! أنا حاحير نفسي ليه، هو أنا حاتعب لما أوصل
لحد عنده، موش غايته حيهزَّأني، حيطردني حيتف له تفتين في وشي زي بعضه
(يخرج).
توكل
(يدخل)
:
يقطع العيال وخلف العيال، أنا لسة عيني مارأتش ولد بالجنان ده أبدًا!
يه، أنا نسيت الوليد صابر من امبارح ما ادتيوش أكل، مسكين زمانه مات م
الجوع! صابر، يا صابر.
صابر
(من الخارج)
:
نعم.
توكل
:
تعالى يا ابني تعالى.
صابر
(يدخل)
:
إيه يا عم توكل، برضه كده يصح؟! تنساني من ليلة امبارح لدلوقت، ما تسألش
عني بلقمة عيش حتى.
توكل
:
حاعمل لك إيه بس، الرِّجْل زي ما انت شايف، رايحة جاية طول النهار والإنسان
حسب التفهيم اللي فمهته لي، موش قادر يقرب ناحيتك لاحد ياخد باله من وجودك
هنا، وتروح في داهية يا ابني.
صابر
:
ما هو كتر خيرك برضه، بس الجوع كافر يا عم توكل.
توكل
:
هي قلة عيش يا ابني، يالَّه خش مطرح ماكنت، أما أروح أجيب لك أكل.
صابر
:
لا خليني هنا شوية أشم نفسي، انكتمت يا عم توكل.
توكل
:
ما هو أنا خايف أحسن يالَّه السلامة حد يطب عليك تبقى مصيبة، الغرض، إذا
كان لا بد أبقى خد بالك م الباب (يخرج).
صابر
:
ربنا يستر. يا سلام، دي الحرية نعمة، صحيح يغور الحبس ولو كان في جنة،
لكن أعمل إيه، حبي هو اللي غاصبني على كدة، مافيش مفر من كوني أحتمل الصعاب
للنهاية، بغير التخفي والتنكر مايمكنيش أحافظ على حياتي، البحث جاري عني في
كل حتة، والجواسيس عندهم أوامر شديدة من خصمي اللدود الأمير مندور والي
بلاد التركستان، يجردوا البلد لحد ما يقبضوا علي. الذنب العظيم اللي جنيته،
ليه وليه بسيمة المغنية، بتحبني وانا باحبها وعازمين نتجوز بعض! إزاي أعرف
إن سيادته بيحبها ولا اتركها أنا وأتخلى عنها. ياخي لا، ده بعده. الكلام ده
يقدر يتصوره لما روحي تفارق جسدي، أما طول مانا عايش وباتنشق نسيم الحياة،
لازم يفهم الأمير مندور، إني في حبك يا بسيمة أضحي آخر نقطة من دمي.
لحن
يا مقضي ليلك نايم يا ابو عين مرتاحة
لم يحسدك غيري تعالى واسيني في حبي
واوصف لي شيء أنا باسمع به اسمه الراحة
ولا جربوش لحظة من يوم ما عشق قلبي
المغرمين غيري بكاهم
م البعد والهجر بحرقة
وأنا شكوتي خلاف شكواهم
ولا من جفا ولا من فرقة
لكن منين أنا مضني ضعيف
أحميها من ظالم عاتي
يا رب انت بحالي لطيف
الغدر لم يطوي حياتي
توكل
(يدخل)
:
الأكل أهه، خد وادخل بقى أحسن حد يلمحك، ويروح عمرك في الشيطان
الرجيم.
صابر
:
آه يا عم توكل، هو حد بيقول يا رب اتعسني.
توكل
:
أهه انت اللي في إيدك القلم وكاتب روحك شقي، عمرك يا صابر وشبابك الحلو
ده، تضيعه عشان واحدة ست!
صابر
:
معذور، لأنك ماجربتش الحب يا عم توكل.
توكل
:
حب، أعوذ بالله. إلهي يمن عليك بالشفا عن قريب انت وقرنفل ابني.
صابر
:
قرنفل ابنك؟
توكل
:
أيوه، ماهي بلوتكم واحدة، بس انت جات لك النغزة في قلبك، وهو جات له في
عقله.
صابر
:
للأسف، الكلام ده ماكنتش أنتظره منك أبدًا يا عم توكل، بقى واحدة زي
بسيمة، ترفض العز اللي كان معروض عليها من الأمير مندور، وتدوس المال تحت
رجليها علشان حبي أنا، والآخر تيجي انت يا اللي عارف ده كله، تستكتر عليها
تضحية شبابي، بس أنا موش فاهم إيه اللي أخَّرها لحد دلوقت، مع إني باعت لها
خبر في المرستان اللي حابسها فيه الأمير مندور.
توكل
:
إيه، بعت لها خبر؟!
صابر
:
أيوه، من مدة تمان تيام دلوقت.
توكل
:
وحاتيجي هنا؟! إنت عايز تخرب بيتي، موش كفاية انت ورعشتي بسببك حتجرجر لي
مصيبة تانية!
قرنفل
(من الخارج)
:
آبا، خد بالك يابا …
توكل
:
يا نهار إسود، يا ترى مين؟ يالَّه خش مطرحك، يالَّه (يخرج صابر).
قرنفل
(يدخل)
:
آبا آبا، حتة بنت يابا! جمال إيه، وحلاوة إيه، يا سلام ياسلملم! يا مين
يضمها لحاشيتي، أبيع عليها يا دهوتي، معيتي ودولتي ورعيتي.
توكل
:
مالها دي يا واد؟
قرنفل
:
سألتني عليك وعايزة تقابلك ضروري.
توكل
:
طيب روح انده لها، وخلي بالك من الباب.
قرنفل
:
حاضر، آبا، ياتررم، يابررم.
توكل
:
الواد حيلحسني ويَّاه، لكن تبقى مين دي يا ترى، اللي جننت الواد بالشكل
ده؟
بسيمة
(تدخل)
:
آه، عم توكل، إزيك.
توكل
:
مين؟ بسيمة! كيف الحال، وحشتينا يا بلبل الروضة، طمنيني عقلك إزايه
دلوقت، موش أحسن شوية؟
بسيمة
:
تف من بقك يا عم توكل، لهو عقلي ماله بعد الشر.
توكل
:
لا، بس كان بلغني إنه …
بسيمة
:
أيوه فاهمة، ودوني المرستان، والأمير مندور أكاده في ادعى بالكدب إني
مجنونة، جن يلخبط كيانة مطرح ما هو قاعد، راجل مؤذي خاين قاسي جبار، راجل
ما عندوش ضمير، عايز بالغصب والإرهاب يبيعني عفتي، لكن مين يا عم توكل،
الدرس اللي تعلمه مني، ورَّاه تمام إن لا الأموال ولا الجواهر تميِّل عقل الست
الأصيلة، أو تدنس عصمة الست الحرة.
توكل
:
ونعم يا بنتي، لكن قولي لي إزاي عرفتي تهربي من المرستان؟
بسيمة
:
هربت بطريقة لما أحكيها لك يا عم توكل، يطول شرحها، تنكتب في قصص، حابقى
أقولها لك بعدين. فهمني قبله، فين حبيبي صابر؟
توكل
:
أهه مستخبي هنا جوه.
بسيمة
:
طيب اندهه لي اعمل معروف، عايزة أمتع نظري برؤيته، مشتاقة له قوي يا عم
توكل.
توكل
:
أنا حاندهه لك، بس تبقوا تخلوا بالكم من الباب.
بسيمة
:
طيب حاضر.
توكل
(وهو خارج)
:
صابر يا صابر.
صابر
:
نعم.
توكل
:
كلم يا بني.
صابر
:
أكلم مين؟ (يدخل) آه، بسيمة!
بسيمة
:
صابر، الحمدلله، إتطمنت عليك، كان قلبي يا ستار، زي الشوك.
صابر
:
دانا اللي هنا قاعد على نار، احكي لي، قولي لي، جوابي وصلك؟
بسيمة
:
أمَّال إيه اللي جابني طوَّالي على هنا، وكنت حاعرف منين محل وجودك لولا
الجواب.
صابر
:
يا سلام، دي قدرة إلهية يا حبيبتي، ولكن انت إزاي عرفت تهربي؟
بسيمة
:
آه يا حياتي، الست منا لما تكون عايزة تنفذ شيء ما تعجزش أبدًا.
صابر
:
يعني إيه؟
بسيمة
:
يعني طبعًا باللين وبالحيلة، أمَّال بإيه! أعوذ بالله، إنت ليه كده ظنك
سيئ؟
صابر
:
آه، أنا باحسب.
بسيمة
:
خليه يشوف الأمير مندور، إن الحب الصحيح الحب الثابت هو اللي يتغلب على
كل شك، ولا فيش قوة أبدًا تعظم عليه في الوجود.
لحن
بسيمة
:
من إمتى كانت تخشى حبيبة
في غرام حبيبها النار والسيف
كل المطالب فيها عصيبة
إلَّا القلوب بالرضا والكيف
صابر
:
الحب جاسر ولا له كاسر
في الشدة أبدًا ولا كاسرة
وعده خاسر ولو إنه آسر
مضناه وغاصبه على الحسرة
بسيمة
:
إذا نام على الشوك واتقلب
أريح له وحبيبه قصاده
أريح له من فرش ناعم ويغلب
أجفانه من سهر بعاده
صابر
:
العشق لولا أساه وعذابه
ما كان عرف له العاشق قيمة
ولا حر يتمرغ في ترابه
ويذل نفس أبية كريمة
الاثنين
:
كل منهو لم ينول ما يشتهيه
إلا بالعزم اللي يضمن مبتغاه
والغرام احنا اتعاهدنا نشتريه
بالتمن وأهه التمن هو الحياة
صابر
:
ودلوقت يا حبيبتي، وجودنا هنا في الخان أصبح خطر علينا؛ لأن يظهر إن
الجواسيس اشتبهوا في أمري.
بسيمة
:
أنا من رأيي مافيش حل قدامنا غير الهرب حالًا.
صابر
:
هو ده بالظبط اللي أنا عايز أقوله، ودلوقت يالَّه بينا يا حبيبتي على جوه
نجهز حاجتنا وناخد بعضنا ونهرب.
بسيمة
:
أيوه يالَّه (يخرجان).
عثمان
(داخلًا)
:
إخص عليه راجل دون، قليل النفع، قال متصرف قال! باحسب معرفته بفايدة، بس
فالح يقول لي أي شغلة، أي خدمة، أي توصية. والبغل التاني راخر فيظ الله
خان، لازم يحبكها على وظيفة قاضي، مايجيش منه بقى، لا جواز ولا يحزنون.
ولما سكر دي اللي بدوب في قمع راسها حتطير من إيدي، حاعيش لمين في الدنيا،
ما انتحرش ليه واخلص، أيوه مافيش غير الانتحار، لكن أنتحر بإيه؟ سم، أقعد
أتلوى ساعتين تلاتة أضحك عليَّ الناس، أضرب نفسي سكينة، يتصفَّى دمي وأموت
ماعنديش دم، أضرب صوابعي في عينيَّ أموت أعمى لاجل ما يستغفلوني الأموات
اللي جنبي ويلطشوا بتاع الناس اللي وياي. أعمل إيه؟ مافيش غير الغرقان أيوه
أغمض عيني وتني ماشي كدة.
(بسيمة تدخل)
عثمان
:
وأبص ألائي روحي طلعت. من فضلك يا ست.
بسيمة
:
نعم.
عثمان
:
ألاقيش معاك حاجة؟
بسيمة
:
حاجة إيه؟ تاكلها؟
عثمان
:
أيوه، أكلها في عمري، أموت بها، حاجة تطلع الروح يعني.
بسيمة
:
يا خبر، تقتل نفسك! موش حرام عليك؟!
عثمان
:
حرام حلال، حاموت فطيس والسلام.
بسيمة
:
تموت فطيس إزاي؟
عثمان
:
عيشة مافيش فايده، اتضايقت من دنيتي خلاص، باحب ولانيش طايل.
بسيمة
:
طوِّل بالك، هو انت بس اللي متضايق، أمال أنا وحبيبي نقول إيه! ده احنا
كفرانين، ده احنا شاربين المر!
عثمان
:
إنتو كمان يي يي يي، ده يظهر إنه سعر داير في البلد اليومين دول،
ومستنيين إيه؟ مانموتش ليه جماعة، بدال ما نتوفَّى بالقطاعي واحد
واحد؟
بسيمة
:
نموت! أعوذ بالله.
عثمان
:
بس افهمي، دي طريقة بسيطة خالص، أنا في الأول أموتك إنت وحبيبك ده اللي
بتقولي عليه، وبعدين انتو تنداروا عليَّ تموتوني، وبالكيفية دي نموت كلنا
ونخلص.
بسيمة
:
لكن احنا موش عايزين نموت، إحنا عايزين نهرب من هنا وبس.
عثمان
:
مع الأسف، لو كان الهوى جه سوا، واتعينت في وظيفة القاضي اللي كنت
طالبها، كنت خدتكم معاي في العربية بتاعتي، وبمجرد ما وصلتم حدود البلد
تبقوا تهربوا مطرح مايعجبكم، إنما بقى المتصرف بتاع سمرقند الله يخرب بيته
خلَّى الوظيفة طارت من إيدي.
بسيمة
:
إزاي بقى؟
عثمان
:
مانا لسة جاي من ديوانه المهبب أهه، وبعد ما تلطعت ساعتين وزيادة، الحاجب
بتاعه جه وطَّى على ودني، وقال لي إذا كان لك خدمة عند سيادة المتصرف، روح
ابعت له الست بتاعتك تترجاه في السر؛ لأن سيادة المتصرف قلبه رقيق خالص،
ويشفق بحال الستات ولا يرفض لهمش طلب.
بسيمة
:
طيب خلاص، حيث كدة عال قوي.
عثمان
:
عال قوي إزاي؟
بسيمة
:
ابعت له الست تترجاه.
عثمان
:
واللي مادخلش دنيا، ولا يعرفش ستات؟
بسيمة
:
مسكين.
عثمان
:
مسكين وبس، دانا آخر مسكنة، حياتي بقت زي قلتها، عن إذنك.
بسيمة
:
على فين؟
عثمان
:
عالبحر، عالغرقان، عالموتان عالفطسان.
بسيمة
:
تغرَّق روحك؟
عثمان
:
ودي عايزة كلام.
بسيمة
:
يا شيخ ماتبقاش مجنون، حط عقلك في دماغك، قول لي انت اسمك إيه؟
عثمان
:
هو محضر، إنت حتحاسبيني قبل ما أموت، اسمي ولا جسمي إيه لزمته؟
بسيمة
:
بس قول.
عثمان
:
عثمان يا ستي، عثمان عبد الباسط اللي حيتوفى غرقًا، عن إذنك.
بسيمة
:
الله، اسمع بس.
عثمان
:
اسمع إيه، حتبعتي حاجة لأمواتك ويَّاي؟
بسيمة
:
طيب تتعهد لي يا عم عثمان، إذا اتعينت في الوظيفة دي تاخدنا معاك احنا
الاتنين، وتساعدنا في الهرب زي ما بتقول؟
عثمان
:
وما اتعهدلكيش ليه؟! دانا أحلف لك بشرف فرقة أجداد أبوي كمان.
بسيمة
:
كويس خالص، اتفقنا، روح انت اتمشَّى بره شوية، على بال ما أفكر شوية في
موضوعك ده، يمكن ألاقي له حل.
عثمان
:
طيب فكري، أهه إن لقيتِ كان بها، مالقيتيش البحر موجود موش حينشف، وعلى
فرض إنه حينشف، صفيحة أملاها ميَّه وانزل فيها ما اطلعش (يخرج).
بسيمة
:
دلوقت هروبنا من هنا متوقف على توظيف البربري ده، إنما بس حيتوظف إزاي؟
المتصرف عايز مراته هي اللي تترجى، آه فكرة، ولِيه ما اعملش إني مرات عثمان
وأروح أتراجاه؟ أيوه، ده أحسن حل، وبالطريقة دي يمكني أخلص أنا وحبيبي
(تخرج).
قرنفل
(داخلًا مع توكل)
:
آي، ودني يابا ودني.
توكل
:
تعالى هنا يابوز الإخص، أعمل فيك إيه بس يا وش الخراب انت؟! العَفْش من نهار
ماطلعت له في الدولة والمتصرفيه بتوعك، وهو عمال يتفصفص حته حته.
قرنفل
:
خلاص يابا حاحرم.
توكل
:
التربيزة بتاعة المطبخ روخرة تخلع رجليها وتعملها لي عرش!
قرنفل
:
تبت يابا خلاص، منطوق الأحكام من هنا ورايح، حابقى أصدره كده من غير
عرش.
توكل
:
أهي دي آخر مرة، لو أشوفك تقرب لحاجة أنا حاقطع خبرك.
قرنفل
:
حاضر يابا (يخرجان).
عثمان
:
إيه أبوه! أيوه فرصة عال، أما أكلمه علشان يتوسط لي عنده.
توكل
(يراه)
:
إيه، حضرتك مين يا سيدنا؟
عثمان
:
أنا محسوبكم عثمان عبد الباسط.
توكل
:
آه حضرتك؟ ابني قال لي إنه قابلك هنا دلوقت.
عثمان
:
أيوه صحيح، أنا تشرفت بمقابلته.
توكل
:
أهلًا وسهلًا، إنت نورت بلدنا.
عثمان
:
الله يحفظك، الله يطول عمرك، الله يخليه لك ويطرح لك البركة فيه، يا سلام
على أدابه العاليه يا سلام، ربنا يكمله بعقله كمان وكمان.
توكل
(على حدة)
:
ده بيهجص بيقول إيه ده؟! (له) الغاية
إذا كان يلزم جنابك أي خدمة، إحنا مستعدين لطلباتك.
عثمان
:
وأهه ده برضه عشمي في مكارم أخلاق حضرتكم، بس أنا ليَّ طلب عند بسلامته
المحروس ابنكم، وعايز جنابك تتنازل وتتوسط لي عنده علشان لي …
توكل
:
ابني أنا؟
عثمان
:
أيوه، يعني سعادتي وهناي، وحياتي كمان في إيديه.
توكل
(على حده)
:
حياته إيه وموته إيه يا خوي! (له) وإيه
اللي تطلبه جنابك من ابني؟
عثمان
:
قاضي مدينة خيوه.
توكل
:
قاضي مدينة خيوه؟
عثمان
:
أيوه، وأهه ده كل آمالي وكل رجاي وكل آمالي.
توكل
:
قاضي خيوه ده مانعرفوش يا ابني.
عثمان
(على حدة)
:
إيه ده اللي يعرفه ومايعرفوش! (له) على
كل حال، حضرتك لما تكلم المحروس ابنك هو فاهم كل حاجة، وأظن إكرامًا لجنابك
موش حيرفض طلبي.
توكل
(على حدة)
:
ده يظهر إنه ملحوس راخر زي ابني. لا لا لا، أنا مابقاليش قعاد هنا أبدًا
(يهم بالخروج)..
عثمان
:
إيه، خلاص بقى يا مولاي؟
توكل
:
اخرس مولاك في عينك، راجل مجنون، يا حفيظ يا حفيظ! (يخرج.)
عثمان
:
الله يخرب بيت المتصرف وبيت أبوه راخر، يعني حتروح من إيدي سكر آه يا
سكر.
سكر
(تدخل)
:
مين عثمان؟
عثمان
:
أيوه المرحوم عثمان.
سكر
:
المرحوم؟!
عثمان
:
أيوه، لأني خلاص عزمت عالانتحار.
سكر
:
انتحار! إيه الكلام اللي بتقوله ده يا حبيبي؟!
عثمان
:
ما دام أبوك محكِّم رأيه على وظيفة القاضي اللي بيقول عليه دي، وأنا يستحيل
أتحصَّل عليها، مافيش قدامي غير الموتان.
سكر
:
ما تقدرش تشوف لك واسطة من هنا والَّا من هنا للمتصرف؟
عثمان
:
واسطة مين، بيقولوا إن المتصرف مايقبلش رجا إلَّا من الستات؛ لأنه بيشفق
بحالهم ولا يرفض لهمش طلب أبدًا، وأنا زي ما انت عارفه لا ستات ولا سبعات
ولا تسعات.
سكر
:
آه فكرة، اسمع، أنا حاخد بعضي من هنا دلوقت حالًا قبل ما يجي بابا وأروح
على سراية المتصرف وأترجاه لك أنا بنفسي، وأنا متأكدة طيب إنه موش حيرفض
طلبي.
عثمان
:
ينصر دين أبوك، يالَّه مستنيه إيه قبل ما يجي اللهو الخفي أبوك.
سكر
:
أيوه عندك حق (تهمُّ بالخروج).
فيظ الله
(من الخارج)
:
إيفت أفندم.
سكر
:
يا خبر، أبوي!
عثمان
:
الله يخرب بيت أبوك.
فيظ
(يدخل)
:
لعنة الله، خيبة الله.
عثمان
:
خيبة الله عليك.
سكر
:
إيه فيه إيه يا بابا؟
فيظ
:
ملعون متصرف الزفت، متصرف وحلت، مقابلات سوا سوا موش أمكن في الديوان،
أتفوه عليه.
سكر
:
يعني ضروري الوظيفة دي يا بابا؟
فيظ
:
إيه؟!
عثمان
:
أيوه، يعني ضروري الوظيفة دي؟
فيظ
:
اخرس، بربري مقطوع اللسان، إنتو استنى سوا سوا اعمل مغازلات محاورات، فين
راح راجل دي عدمان صدمان صاحب خان، سيبو الرجالة على النسوان، يا شيخ توكل
يا توكل كلب.
عثمان
:
هدي دمك.
فيظ
:
اخرس، ديوث ممصوص لون الربوس.
سكر
:
بس روق دمك يا بابا.
فيظ
:
روق لوق موق مافيش.
صابر
(يدخل)
:
إيه الزيطة دي؟
بسيمة
(من الخارج)
:
أيوه من هنا، اتفضل يا حضرة السكرتير.
صابر
:
إيه! دي بسيمة.
السكرتير
(يدخل مع بسيمة)
:
هيه، هو فين جوزك المذكور عثمان بن عبد الباسط؟
صابر
:
إيه، جوزها؟!
بسيمة
:
اسكت دلوقت، هو ده اللي قدام حضرتك.
السكرتير
:
بأمر مولاي الأمير كابش متصرف سمرقند، وبصفتي كاتم أسرار ذاته العليه،
أسلم بك إحترام جواب التعيين الممضي بإمضاه الفخيمة عن إسناد وظيفة قاضي
مدينة خيوه، إلى حضرة السيد السند عثمان بن عبد الباسط وبس، وأستأذن مانيش
فاضي (يناوله الظرف ويخرج).
عثمان
:
لا لا لا، أنا لازم باحلم، بقى أنا خلاص بقيت قاضي؟ قاضي إيه يا
خوي؟!
بسيمة
:
قاضي الغرام.
صابر
(لبسيمة)
:
إيه الحكاية فهميني؟
بسيمة
:
تعالى جوه أنا أفهمك (يخرجان).
فيظ
:
أمان ربي أمان! ماذا أسمع؟ لازم حصل جنون، عثمان تاجر معزات، أصبح قاضي
محكمات؟!
عثمان
:
هيه، إيه اللي تشوفه يا راجل يا فيظ الله؟
فيظ
:
أفندم، محسوب جناب حضرة قاضي أفخم، موش بس سكر، سكر وأم سكر، أبو سكر،
عائلة سكر، كل خدام مقام عالي.
عثمان
:
عظيم، يالَّه بقى استعدوا للسفر.
فيظ
:
يالَّه سكر، اعمل استعداد من شان سفر (يخرجان).
قرنفل
(من الخارج)
:
يا رعيتي يا معيتي يا حاشيتي.
الجميع
:
مولاي.
عثمان
:
آه، مولانا المتصرف! ده لازم جاي يهنيني بنفسه.
قرنفل
(يدخل)
:
هيه، هم العساكر مشيوا؟
عثمان
:
لا يا مولاي، ما جاش غير السكرتير، جه لوحده من غير عساكر، أنا لساني عاجز
عن التعبير عن واجب الشكر يا مولاي.
قرنفل
(على حدة)
:
على إيه يا خوي. العفو العفو، ده شيء واجب، يا خدم يا أعوان.
الجميع
(يدخلوا)
:
مولاي.
قرنفل
:
هاتوا فهموه.
عثمان
:
أيوه هاتوا فهموه، واهتفوا له وادعوا له وقولوا له، يا رب خليه لأمه
سيدنا المتصرف.
لحن ختام الفصل
الجميع
:
يا رب خليه لأمه سيدي المتصرف
دي جنب خفة دمه الغزلان تقرف
يا سلام سلم سبحان من جلى وسوى
يا قمر ضلم وأوعى له ينور هو
عثمان
:
يا ستميت مولاي في بعضك
مافيش كلام يوفي بأغراضي
مبقششاتي وفي حدود أرضك
دخلت فاضي وخارج قاضي
قرنفل
:
وعزتي وجلالة شاني
وسطوتي وجاهي وسلطاني
لأكون مرقص لك أعواني
وحاشيتي العليا وديواني
في نظير إكرامك وعلو مقامك
الجميع
:
كلنا خدامك وسع قدامك
ترتي تي تي تي تي
عثمان
:
الأمير ده باينه علوْلا
والحشم هلسوا وازدادوا
هو أنا اتوظفت في دولة
والَّا يا خواتي أولدورادو
الجميع
:
ترتي تي تي
تي تي تي تي
عثمان
:
إيه يا خويا العبارة
ترتي تي تي تي
(رقص)
الفصل الثاني
(الجميع يهنئون عثمان بالوظيفة.)
لحن
رجال
:
هلت أنوارك
والوالي اختارك
يا جناب القاضي
تحكم وتصالح
وتشوف الصالح
بقانون وتراضي
بنات
:
وتريحنا ويَّا اجوازنا
إن ضاقت بالواحدة عيشتها
وتمشِّي الحق وتنقذنا
من هم الدنيا ودوشتها
وتحقق وتدقق
محكمتك هي الفاصلة
عندنا بين حق وزور
وبركتك طول ما هي حاصلة
خاطرنا يبات مجبور
رجال
:
تملك شدة وتملك رحمة
يا ابو مخ نضيف يا مهم
إنت السكين واحنا اللحمة
ولا حدش يستجري يقول بم
عثمان
:
أنا راجل ما اعتقش أبوي
قدام الحق
والذمم المدهونة ببوية
موش منهم لأ
ولا عندي خواطر ولا يعنيش
والمؤذي كمان غير هَرْيه مافيش
رجال
:
أهه ده للي نحبه ونعوزه
دغ الفسدان واكسر بوزه
والمظلوم عنه ما تسهاش
خليه يدعي لك ليل ونهار
وافضل فاكر ولا تنساش
قاضي في الجنة وقاضيين في النار
أحدهم
(بعد اللحن)
:
هنيئًا ياذا الجناب الأرفع، يا خير من يحكم بالطريق الأنفع، ويجعل الفيل
والعنتيل مثل النملة وأطوع، والنصاب والسفلأنجي يكع الحق ويدفع، وإلَّا نسفه
وخسفه وحدفه في وش المدفع.
عثمان
:
مدفع إيه وبندقية إيه، إحنا في محكمة ولا في طابية؟!
فيظ
:
أفندم هكذا أصول الخطابات، مستلزمي فصاحات.
عثمان
:
آه.
فيظ
:
شرفت ونورت وآنست، وبُورِكت وحفظت وحرست، ثم فوق منصة العدل أُجلِست، وتربعت
في الدست فكنت فخر الدست.
عثمان
:
دست! أشيا رضا، نقلنا من ٧ جي أورطة، بقينا في المسمط.
أحدهم
:
فبلسان الأهالي …
عثمان
:
أهالي مين، قول لسان العجالي.
أحدهم
:
فبلسان الأهالي والرعية أجمع، ننزل فيك تهنئة حتى نشبع، وندعو لك بالمخ
النير والذهن المشعشع.
عثمان
:
إلى آخره يا بتاع النعناع يا منعنع.
فيظ
:
أفندم، لازم بمقتضى الرسميات، كلم حظرتكم من شان تشكرات.
عثمان
:
خليها على الله، أنا أعرف حاجات زي دي.
فيظ
:
لكن أفندم ضروري إجابات.
عثمان
:
ما هو لما يبقى ضروري إجابات، لازم يحصل تلبيخات، ويا الله السلامة يتعزل
قاضي الغرام من الوظيفات.
فيظ
:
مكن بالنيابة أنا جاوب، فرظا سكرتير خصوصي.
عثمان
:
أهه كده يا عاقل، يا حضرة سكرتيرنا الحلمبوح، نظرًا لأن حسِّنا مغلق
ومدبوح، فاشرح انت بدلًا عنا وبوح، وقول اللي تقوله، إن شا الله تقول أبَّوح
يا أبَّوح كلب العرب مدبوح.
فيظ
:
يا ناس.
عثمان
:
يا ناس، هنا المزاد.
فيظ
:
يا ناس.
عثمان
:
يا ناس، المحكمة بتقدم دفاترها يا ناس.
فيظ
:
يا ناس من كل الأجناس، يا أهالي، من واطي من عالي، جناب قاضي مصون، كلم
حظرته ممنون، وعليكم السلام أوحشتمونا وطيبون.
عثمان
:
بس كدة، غور داهية تسم القفا.
أحدهم
:
يحيا القاضي.
الجميع
:
يحيا القاضي.
أحدهم
:
وسكرتير القاضي.
الجميع
:
وسكرتير القاضي.
أحدهم
:
وبيت القاضي.
الجميع
:
وبيت القاضي.
فيظ
:
شفتوا أفندم سحر البيان، حلاوة أوزان.
عثمان
:
ياخي اتوزنت على مشنقة، لهوَّ أنا ماكنتش أعرف أقولهم دول، وعلى كل حال أنا
حيلزمني سكرتير برضه.
فيظ
:
أفندم استعداد أنا في الحال، ساعد حظرتكم في أشغال، مؤقت أستلم جدول
أعمال.
عثمان
:
لا جدول ولا مدول، استلم الطرقة البرانيه دي، وبمجرد ما تسمعني دقيت
الجرس …
فيظ
:
دوغري أدخل، شوف جناب قاضي معظم أوامر إيه.
عثمان
:
تعجبني يا حدق، يالَّه انجلط بقى.
فيظ
:
ماشا الله، سكر جوازات ماشا الله (يخرج).
عثمان
:
سبحان المغير، أظن ولا في الأحلام كان الواحد ينتظر وظيفة دي، قاضي
محكمة! أنا قاضي محكمة! الله يكون في عون اللي حيخشوا قدامي بقى، نايبتهم
سوده، أيوه لأني موش حاعرف مين فيهم اللي غلطان، ولا مين اللي معاه الحق،
وملزوم عشان ما امْلَى مركزي أدبس في أحكام زي ما تيجي، وهم وبختهم بقى.
بذمتي صعبانين عليَّ مخلوقات الله، لكن ما باليد حيلة، إيه اللي
أعمله.
بائع الكبدة
(من الخارج)
:
هو نهب في البلد، هي الحكومة سايبة؟!
عثمان
:
آه، يظهر إن المحكمة حتستفتح، استعنا بقى على التلابيخ بالله، النبي يا رب
تسامحني إذا جات كده ولا كده، أنا معزور وانت عالم، أنا خالص من ذنب
مخاليقك.
حاجب
(يدخل)
:
يسمح جناب القاضي نعرض على أنظار قوانين، عدالة أنصاف أحكام شرع من هيئة
…
عثمان
:
إيه ده إيه ده؟! إنت حاجب ولا شاعر، إيه فيه إيه؟!
حاجب
:
بس قضية كده على ما قسم.
عثمان
:
على ما قسم؟!
حاجب
:
أظن …
عثمان
(على حدة)
:
وحنسلك فيها إزاي دي، اسمع.
حاجب
:
مولاي.
عثمان
:
أنا من رأيي تاخد الخصوم من بره بره وتصالحهم ويَّا بعض. العايب فيهم خليه
يبوس دماغ التاني. أيوه الصلح خير، المعروف سيد الأحكام يا شيخ، هي السجون
فاضية، دي مليانه بتوع كوكايين وهورايين وكلام فارغ.
حاجب
:
لكن دي المسألة وصلت يا صاحب السماحة، إلى ضرب وتخرشم والراجل الملعون
بتاع الكبدة …
عثمان
:
إيه! هي فيها بتاع كبدة؟
حاجب
:
أيوه.
عثمان
:
هاتهم هنا، أوعى تخليهم يسامحوا بعض، هاتهم قوام.
حاجب
:
تحت الأمر (يخرج).
عثمان
:
بتاع كبدة! ده نهار أبوه مطين، أنا أصبحت ضد الكبدجية على خط مستقيم،
أيوه من نهار الكبدجي الملعون اللي غالطني في الخان بتاع الراجل توكل وأنا
محروق منهم كلهم.
حاجب
(داخلًا مع الكبدجي وآخر)
:
خش يا راجل انت وهو قدام هيئة المحكمة.
عثمان
:
هو بعينه، نهارك إسود.
بياع
:
هو ده يصح يا عالم؟
الزبون
:
تغالطني في ١٢حتة يا حرامي، ١٢مرة واحدة؟!
عثمان
:
أكبر مادة في القانون تودي في داهية فين؟ المادة اللي منها عالإعدام
طوالي، إيه فيه إيه؟
بياع
:
بقى فيك من يصلي على النبي يا جناب القاضي.
عثمان
(على حدة)
:
إنت تعرفه يا ضلالي. اللهم صلِّ عليه.
بياع
:
كمان زيده صلاة.
عثمان
:
زدناه صلاة، إيه المسألة؟ اخلص المحكمة موش فاضية بلاش لكاعة.
بياع
:
بقى الراجل ده خلاني واقف كده على غفلة، وجِه م الباب للطاق …
عثمان
:
إيه ده إيد ده؟ واحدة واحدة، المحكمة عايزة تتنور في الدعوى، قول م الأول.
بياع
:
الراجل ده، خلَّاني …
عثمان
:
خلاني الجميل خلاني، … إلخ.
بياع
:
خلاني واقف كدة على غفلة، وإيد في الطبلية وإيد في بقه، وهات وهات
وهات.
عثمان
:
وهات يا إيه؟
بياع
:
وهات يا كبدة.
عثمان
:
وهات يا كبدة، ضاني والَّا عجالي؟
بياع
:
ضاني.
عثمان
:
ضاني يا كبدة.
بياع
:
لما بلع ١٨ حتة، ولما جينا للحساب …
عثمان
:
آه، أهه ده اللي وقعت فيه أنا.
بياع
:
عايز يغالطني ويحاسبني على ٦حتت، دي ذمة يا جناب القاضي؟
الزبون
:
أبدًا يا جناب القاضي، وشرفك ٦ حتت غيرهم مافيش.
عثمان
:
معذور أنا عارف. اسمع يا راجل يا كبدجي، اسمك؟
بياع
:
اسمي المعلم حسين الجحش.
عثمان
:
ولما انت جحش وبتعمل كده، أمَّال لما تبقى حمار تعمل إيه؟!
عثمان
:
سَكَنك؟
بياع
:
قنطرة الوالي.
عثمان
:
وليه ما يكونش قنطرة الذي كفر.
عثمان
:
عمرك؟
بياع
:
٢٢ سنة بياع كبدة، ذمتي معروفة عند كل الناس، عمري ما غالطت زبون.
عثمان
:
٢٢ سنة كبدجي وعمرك ٢٤ سنة! يعني كبدجي وانت عمرك سنتين؟!
بياع
:
أيوه.
عثمان
:
حصل تزييف في عمره، بقى ماغالطتش حد أبدًا؟
بياع
:
أبدًا وشرفك.
عثمان
:
دانت مغالط المحكمة نفسها يابن الصرم! ٢٢ سنة كبدجي ولا تتذكر من إنك
غالطت حد أبدًا.
بياع
:
أبدًا وشرفك.
عثمان
:
طيب اتغرس في المحكمة كده.
بياع
:
يا نهار إسود.
عثمان
:
هيه، إزاي الحال، أقول لك ٩ تقول لي ١٢؟
بياع
:
أنا في عرضك.
عثمان
:
اخرس يا سوابق كبدة يا ملعون، مغالط هنا في ١٢ حتة وهنا في ٣ يبقوا ١٥
حتة، حكمنا عليك ﺑ ١٥ يوم سجن و١٥ جنيه غرامه، و١٥ عصايه تاخدهم على
اجنابك.
الزبون
:
ينصر دين مولانا.
عثمان
:
اسحبه ونفذ فيه الحكم.
بياع
:
بتاع الناس ياهو.
عثمان
:
بقى بتاع المحكمة من دلوقت.
بياع
:
حرام عليكم إدوني السرد.
عثمان
:
المحكمة مرة تسرح اللي هي عايزاه (ويخرج البائع
مع الحاجب).
الزبون
:
يحيا العدل، تعيش المحكمة.
عثمان
:
وانت يا راجل؟
الزبون
:
نعم.
عثمان
:
ودي وشك الناحية التانية، لما المحكمة تكتب حيثيَّات الحكم.
الزبون
:
حاضر (عثمان يأخذ أشياء من
الطبلية).
عثمان
:
خلي المحكمة تشوف شغلها، اسمع يا راجل الحكم فيما يختص بك …
الزبون
:
حكم! عليَّ أنا؟
عثمان
:
أيوه، حكمت المحكمة حضوريًّا تنفيذيًّا بالصينية تعلق المتهم، تاكلها مجانًا
باعتبارها تعويضًا مدنيًّا ورد شرف لحضرتك، شيل.
الزبون
:
يحيا العدل، يعيش قاضي الغرام.
عثمان
:
عشت، الله يحفظك. أهه إن قابلك أي واحد بتاع كبدة، لقح جتتك عليه وهاته
وتعالى مالكش دعوى.
الزبون
:
حاضر، ضاني يا كبدة (يخرج).
عثمان
:
عال أهي لو كانت القضايا كلها بالشكل ده، حناكل كلنا عيش وكبدة وننجلي
الأشيا معدن.
بسيمة
(تدخل)
:
إش إش، بسم الله ما شاء الله!
عثمان
:
مين بسيمة! تعالي اقعدي، إيه، حد اتخانق ويَّاك، حد طلع لك لسانه؟
بسيمة
:
لا أبدًا، بس أنا جاية أهنيك بالوظيفة العظيمة دي.
عثمان
:
وحياتك ولا أنا فاهم منها حاجة، أنا موش عارف لما أبرطش مصالح الناس،
ربنا حيعمل فيَّ إيه يوم القيامة، ده لازم حيعمل جهنم صغيرة على
قدي.
بسيمة
:
خليها بالنيات يا شيخ، ربنا رب قلوب.
عثمان
:
قلوب كبدة، أهي ماشيه والسلام.
بسيمة
:
دلوقت خلينا في المهم.
عثمان
:
مهم إيه؟!
بسيمة
:
آدِنت يا عم بقى لك أسبوع، مستلم وظيفتك ومتجوز حبيبتك في أمان
الله.
عثمان
:
طيب وماله.
بسيمة
:
وماله إزاي، إنت موش حتبر بوعدك، وتساعدني عالهرب أنا وحبيبي زي ما
اتفقنا؟
عثمان
:
طبعًا، بس طوِّلي بالك شويه على بال ما اتفض من العزومة اللي عاملها الليلة
علشان الأعيان بتوع البلد والمستوظفين، ورجال الظبط والربط والحاجات دي
كلها. خايفة من إيه؟
بسيمة
:
خايفة لأني أول امبارح وأنا باخدم على السفرة، لاحظت إن الولية العجوزة
اللي بتقول عليها عمتك دي …
عثمان
:
موش باقول عليها، دي عمتي صحيح، عمتي أسمهان.
بسيمة
:
أهه لاحظت إن عمتك أسمهان دي، بقت بتبحلق فيَّ وتزغر لي من فوق لتحت،
وبعدين خدتني على جنب وسألتني عن اسمي.
عثمان
:
طب وماله، ييه، ياما انت هايفه قوي.
بسيمة
:
قمت أقول لك الحق، بدال ما أقول لها على اسمي الحقيقي، كدبت عليها وسميت
روحي باسم مراتك سكر.
عثمان
:
زي بعضه، سكر بن صابون، هي حاتقيدك في دفتر المواليد؟ اللي أنا خايف منه
أكتر منك، إن جناب المتصرف يعرف حقيقتك وإنك انت موش مراتي سكر.
بسيمة
:
آه، بخاطرك بقى، ولكن هو إيه اللي حيجيبه من سمرقند لحد هنا؟
عثمان
:
ربنا يستر، وقادر عظيم نهار ما يعزم عالمجي، تنكسر رِجله والَّا يجرى له
حاجة في السكة. من حق مراتي فين؟
بسيمة
:
خرجت بقى لها يجي ساعة دلوقت.
عثمان
:
أظن راحت تعزم الستات بتوع المستوظفين.
بسيمة
:
جايز (ضجة).
عثمان
:
إيه الزيطة دي؟
بسيمة
:
أنا رايحة من هنا دلوقت، أحسن حد يعرفني.
عثمان
:
طيب زوغي انت (تخرج).
صابر
(يدخل)
:
الحق يا جناب القاضي.
عثمان
:
إيه فيه إيه؟
صابر
:
سيادة الأمير كابش متصرف سمرقند.
عثمان
:
يا نهار إسود!
صابر
:
جاي لك مخصوص علشان يهنيك باستلام الوظيفة.
عثمان
:
آه، إيه العمل بقى؟
صابر
:
أنا رايح من هنا أحسن حد يشوفني يعرفني.
عثمان
:
تعا يا واد خد، أنا يلزمني سنيد.
صابر
:
ماليش دعوى (يخرج).
عثمان
:
ضروري حيعرف الحقيقة ونروح أسفل سافلين، ولا الضالين آمين (أصوات من الخارج) يحيا المتصرف، يعيش
المتصرف.
كابش
(داخلًا)
:
كفاية كفاية، ممنون كتر خيركم، اتفضلوا انتم بقى وسيبوني شوية على انفراد
مع جناب القاضي.
عثمان
:
أهلًا وسهلًا، خطوة عزيزة (على حدة) خطوة
منيلة بنيلة. يادي الساعة اللي ماكانتش عالبال (على حدة) الساعة اللي حنروح فيها في حديد.
كابش
:
أظن جناب القاضي ماكانش منتظر مجيئي على غفلة كده لحد عنده؟
عثمان
:
طبعًا، وفي الحقيقة ده شيء كتير على واحد زيي أصله تاجر أغنام.
كابش
:
أغنام! إيه هو اللي أغنام؟
عثمان
:
إيه هو نسي؟! مانا قايل له في الخان لما عرَّفته بنفسي. الله الله ده موش
هو!
كابش
:
مالك يا جناب القاضي، شايفك يعني زي اللي ملخوم وموش على بعضك.
عثمان
:
طبعًا، من كتر الفرحة يا مولاي.
كابش
:
يا سلام! إنت راجل آدابك عاليه خالص.
عثمان
:
ده بس من ذوقك يا فندم (على حدة) يا
اخواتي أنا حتجنن، مافيش شبه من دكهه غير القفا بس، والَّا يجوز فيه متصرفين،
متصرف أول ومتصرف تاني؟
كابش
:
أنا أتعشم إنك تكون مبسوط.
عثمان
:
بأنفاسك يا مولاي.
كابش
:
والمحكمة، والقانون، والعدل؟
عثمان
:
ماشيين زي الوابور.
كابش
:
ومراتك؟
عثمان
:
آه، حنلبخ أهه، لكن مايلزمش عصلجة ليودينا في داهية. مراتي يا افندم
بتقبل الأيادي الكريمة.
كابش
:
والنبي تبوسها لي من هنا ومن هنا.
عثمان
:
يظهر إني موش حاعمر كتير في المحكمة دي.
كابش
:
وهي فين أمال؟ اندهها لي هنا، عايز أسلم عليها.
عثمان
:
هي بس خرجت في مشوار لحد بره.
كابش
:
معلهش نقدر نستناها، وادحنا قاعدين سوا.
عثمان
(على حدة)
:
قاعدين سوا، شيء بارد. لكن دي منظور إنها تتأخر كتير.
كابش
:
يعني ساعة، اتنين، تلاتة! موش مهم.
عثمان
(على حدة)
:
لا، دانا ما استحملش كده، دانا أطق، دانا أضرب صوابعي في عينيه، دانا
أرقع أصداغه.
كابش
:
على كل حال، لو فرضنا حتى ورسيت على بياتي هنا، موش مهم.
عثمان
(على حدة)
:
بياته هنا؟! الحقيقة يا مولاي مراتي راحت تزور واحدة ست عجوزة عيانه
خالص، وطبعًا موش حترجع إلَّا بعد ما تتطمن عليها وتموت، وتحضر الدفنة،
والخمسة والأربعين.
كابش
:
إيه! خمسة وأربعين! إيه الكلام ده يا حضرة القاضي؟!
عثمان
:
إي، ده شيء واجب يا مولاي، هي مراتي ماعندهاش ذوق لا سمح الله!
كابش
:
تعرف أنا قد إيه إتضايقت يا حضرة القاضي؟
عثمان
:
والله ومن سمعك.
صابر
(يدخل)
:
يا حضرة القاضي.
عثمان
:
إيه فيه إيه؟
صابر
:
الست مراتك رجعت من بره.
كابش
:
إيه رجعت! يا سلام، دانا مبخت صحيح، يا للحظ الوافر، قول لها
تتفضل.
عثمان
:
لا ما تصدقوش، لازم موش هي.
صابر
:
إيه موش هي!
عثمان
:
طبعًا، مراتي لسه عند الميتة، وإيش جابها دلوقت يا غبي؟!
كابش
:
يمكن العيَّانة خفت ما فيهاش حاجة.
عثمان
:
أبدًا، دي العيانة باعتة خبر إنها حتموت، هو لعب عيال.
صابر
:
إيه هو الكلام ده، طيب دي أول ما جات بتسألني عن العزومة بتاعة الليلة،
حتكون الساعة كام بالظبط.
كابش
:
عزومة! عندك عزومة الليلة ولا تدعينيش، لا لا ده ماكانش عشمي فيك يا حضرة
القاضي.
عثمان
:
لا يا مولاي، دي عزومة كده قرديحي، دابحين فيها عدس.
كابش
:
وماله يا سيدي، بصلة المحب خروف.
عثمان
:
مقامك عندنا أكبر من كدة يا مولاي.
صابر
:
هيه، أقول لها إيه بقى؟
عثمان
:
إنت لسه واقف قدامي، إمشي روح.
صابر
:
الله الله! ده بيعمل كده ليه؟ (يخرج.)
كابش
:
تعرف يا جناب القاضي، إن مجيئي هنا في مدينة خيوه، سببه إني مكلف من قبل
مولاي الأمير مندور، بالبحث عن واحدة مغنية اسمها بسيمة، هربت من المرستان،
وبلغنا إنها اختفت هنا في بيتك.
عثمان
(على حدة)
:
آه، آدي أول البشاير المهببة. هنا في بيتي يا مولاي؟!
كابش
:
أيوه في بيتك.
عثمان
:
ليه، هو أنا فاتحه ملجأ، إسبيتالية ألملم فيها المجانين روخرين؟! لا لا ده
إتهام فظيع يا مولاي.
كابش
:
طيب وإيه رأيك إذا قلت إن اللي بلَّغنا الخبر ده، عمتك نفسها.
عثمان
:
عمتي أسمهان؟!
كابش
:
أيوه.
عثمان
:
وسيادتك قابلتها فين؟
كابش
:
أنا ماقبلتهاش ولا شفتها من ١٢ سنة تقريبًا، يعني من أيام ما اتوفى
المرحوم جوزها، واللي بلَّغنا الخبر واحد من قبلها بعتته هي.
عثمان
(على حدة)
:
الله يخرب بيتها.
كابش
(يضحك)
:
ها ها ها.
عثمان
:
إيه، إنت بتهزر يا مولاي؟! دانا صدقت يا شيخ الله يجازيك، ها ها
ها.
كابش
:
تعرف إنك واحد ظريف يا حضرة القاضي.
عثمان
:
الله يظرفك يا مولاي.
كابش
:
إنت يظهر إن ذوقك سليم يا مولانا.
عثمان
:
ليه بقى يا مولانا؟
كابش
:
أيوه؛ لأن بسيمة دي على ما بلغني، جميلة صحيح وصوتها كمان أجمل، وطبعًا
جوهرة ثمينة بالشكل ده، خسارة الواحد يفرط فيها، ها ها آه يا مكار.
عثمان
:
جنابك ما شفتهاش؟
كابش
:
لا لا لا، أنا ما شفتهاش أبدًا، إنما أسمع عليها.
عثمان
(على حدة)
:
الحمد لله. لا أبدًا أنا ماعنديش حد هنا ومع ذلك إذا كنت جنابك موش مصدق
البيت أهه قدامك، اتفضل سيادتك فتش زي ما انت عايز.
كابش
:
وعلى إيه أتعب نفسي، أنا قبل ما أجيلك بعت خبر للست عمتك علشان تحصلني
على هنا، وطبعًا هي عارفاها، بمجرد ما تيجي نجمع كل الحريمات اللي في البيت
وهي تطلع بسيمة من وسطيهم وننتهي.
عثمان
(على حدة)
:
قفلنا المحكمة والحمد لله.
بسيمة
:
يا ترى هو جوه لوحده؟ (من
الخارج.)
عثمان
:
آه.
كابش
:
ده حس مراتك؟!
عثمان
:
أيوه مراتي مراتي.
بسيمة
(تدخل)
:
الله مين! سيادة المتصرف؟
كابش
:
أيوه أنا يا روحي، أنا يا كتاكيتي.
بسيمة
:
غريبة! إيه الصدفة الجميلة دي اللي ما كانتش عالبال.
كابش
:
يا رقة ألفاظها يا اخواتي، ده شيء ظريف، ده شيء لطيف.
عثمان
:
يا لطيف من دمك يا لطيف.
كابش
:
يا سلام، قد إيه أنا سعيد الليلة دي اللي شاهدت حسنك الفتان.
بسيمة
:
العفو يا مولاي.
كابش
:
وإن شاء الله يكون ربنا أخد بيدها وطابت شويه.
بسيمة
:
طابت شويه! هي مين دي؟
كابش
:
الست العجوزة!
بسيمة
:
الست العجوزة.
عثمان
:
آه، الست العجوزة آه آه.
بسيمة
:
آه آه. الست العجوزة، الحمد لله أحسن شوية. عجوزة مين فهمني؟
عثمان
:
أهي عجوزة والسلام أنا عارف.
كابش
:
إيه مالكم بتقولوا إيه؟
عثمان
:
لا، بس مراتي بدها تستأذن إكمنها جاية من عند العيانة، أحسن تكون
سيادتك بتتشاءم والَّا تشم منها.
كابش
:
لا لا أبدًا، أنا ما أخدش بالي م الحاجات دي، إديني عمر وارميني
البحر.
عثمان
(على حدة)
:
ياريت، دانا أرميك في بلاعة حتى …
كابش
:
إلا من حق، عفشة الميه بتاعتكم فين؟ عاوز آخد دماغي فم.
عثمان
:
بكل ممنونية (يدق الجرس).
فيظ
(يدخل)
:
أفندم.
كابش
:
يبقى مين ده؟
عثمان
:
السكرتاريه بتاعتنا ٦سلندر من غير فرامل.
فيظ
:
خصوصي كاتم أسرار أفندم.
عثمان
:
خد سيادته في إيدك لحد عفشة الميه، أشطفه ولمعه كويس وهاته.
فيظ
:
أشطفه تمام أفندم، اتفضل (يخرج).
كابش
:
عن إذنك يا روحي، أنا راجع لك حالًا.
بسيمة
:
اتفضل يا مولاي.
كابش
(وهو خارج)
:
آه يا جناب القاضي، حاجة مملكة مراتك دي، معذور اللي انت بتحبها وبتدوب
في هواها.
عثمان
:
إي طبعًا يا مولاي.
كابش
:
وانتِ لازم بتحبيه انت كمان وبتدوبي في هواه؟
بسيمة
:
أحبه من كل قلبي يا مولاي.
كابش
:
يا بختكم يا بختكم (يخرج).
سكر
(تدخل مع صابر)
:
نعم نعم، بقى بتحبها وتدوب في هواها يا سي عثمان؟!
عثمان
:
الله الله الله!
صابر
:
يا عيني يا عيني! هي المسألة كده يا حضرة قاضي الغنم؟!
بسيمة
:
طولوا بالكم خلينا نتكلم بعقل.
سكر
:
عقل مين وجنان مين.
عثمان
:
بس اقعدي وأنا أفهِّمك.
سكر
:
تفهِّمني إيه؟!
عثمان
:
تعالي ويَّاي جوه أنا أفهمك (يخرجان).
صابر
:
إيه الحكاية يا ستي بسيمة؟
بسيمة
:
أنا موش فاهمة إنت زعلان ليه؟ أنا موش قلت لك إني أنا اللي اتوسطت لعثمان
وعينته في الوظيفة دي، علشان يهربنا.
صابر
:
آه صحيح، يا حفيظ! دانا كنت حاولع من الغيرة، عقلي كان حيشت.
بسيمة
:
وده شيء يسرني يا حبيبي، وإن ماكنتش صحيح تحبني من قلبك، ماكنتش تغير
عليَّ بالشكل ده.
لحن
صابر
:
زي ما كاس الشراب
يحلو للمزة بالمزة
راخر الهوى بالعتاب
فيه منتهى اللذة
بسيمة
:
يكشف عن الود الخافي
ويطمن القلب العافي
صابر
:
والمورد الحلو الصافي
يجريه في مجراه من تاني
بسيمة
:
م الظن لا تخلى محبه
والشك للوجد يقوي
والنار إذا خمدت حبه
تحتاج لإيد فوقها تهوي
صابر
:
ياما العواطف شدتها
بتزيد في تأثير حرارتها
والحلوة من غير المزة
طبعًا تقل مزيتها
الاثنين
:
الدلال أهل الهوى يستحملوه
والعتاب لم يثبت العشق إلا بيه
والغزال من كتر حسنه بيوصفوه
إنه نافر والنفور أحسن ما فيه
كابش
(من الخارج)
:
إنتم إيه! بهايم؟
صابر
:
آه. سيادة المتصرف جاي على هنا أهه.
بسيمة
:
أيوه بس أوعى تظهر أي تأثير قدامه، أحسن يلحظ حاجة.
كابش
(داخلًا)
:
جاتك البلا، سكرتير عجر، وشي كله اجَّرح … آه، إنت هنا يا روحي، أما نستعد
بقى للمناورات والمغازلات. إيه، مين ده؟
بسيمة
:
ده، ده الخدام بتاعنا.
كابش
:
آه، تعرفي إني مبسوط قوي من الخدام بتاعكم ده!
صابر
:
الله يحفظك يا سيدي.
بسيمة
:
أيوه صحيح، وليِّد ابن حلال.
كابش
:
وعلشان خاطر عيونك أنا لازم أرقيه، واجعله خدامي الخصوصي. هيه
مبسوط.
صابر
:
يا سلام، مبسوط قوي يا مولاي.
كابش
:
ودلوقت يا عزيزتي، أهي الظروف لحسن الحظ جمعتنا سوا، ويصح بقى ننزل مغازلة
في بعض.
صابر
:
عال، إترقينا والحمد لله.
كابش
:
إنت بتكلم نفسك بتقول إيه؟
صابر
:
لا باقول، إني أنا، أنا …
كابش
:
أيه، إنت إيه؟
صابر
:
أنا … جوزها يا مولاي.
كابش
:
جوزها؟
بسيمة
:
هيه، أيوه يعني جوزي مكلفه ياخد باله مني.
كابش
:
آه. علشان كده. تعرف إنك خدام أمين.
صابر
:
ده واجب يا مولاي.
كابش
(لبسيمة)
:
تعرفي إنك واحدة طيبة القلب وسليمة النية جدًّا، ولو كنت تعرفي أعمال
جوزك اللي بيعملها من غير علمك، كنت يستحيل تسألي عنه، إخيه على راجل خاين،
إخيه على كل راجل خباص.
صابر
:
إخيه على كل راجل مبصبصاتي.
كابش
:
أيوه إخيه.
بسيمة
:
إيه بيعمل إيه يا مولاي؟
كابش
:
لا لا، مافيش لزوم، مايصحش أقول لك؛ لأن ده شيء لو سمعتيه حيكدرك ويمكن
يا الله السلامة، يجرى لك حاجة.
صابر
:
لا لا، قول يا مولاي، بيعمل إيه؟
كابش
:
بيخونها.
صابر
:
إيه، سيدي بيخون ستي! آه الخاين، آه الدون، السافل.
بسيمة
:
وبيخونني مع مين من فضلك؟
كابش
:
مع واحدة مغنية اسمها بسيمة، وبلغنا من مصدر ثقة، إنه مخبيها عنده هنا في
البيت.
صابر
:
آه يا ستي، مسكينة يا ستي.
بسيمة
:
آه، حاقع من طولي، اسندني يا خدامي.
كابش
:
مسكينة الغيرة حتموتها.
سكر
(داخلة)
:
ستي ستي.
كابش
:
إش، والله موش بطالة البنت دي روخرة. ودي تبقى مين دي؟
سكر
:
أنا … خدامتك نعيمة يا مولاي.
بسيمة
:
أيوه، دي مرات الخدام بتاعنا.
صابر
:
أيوه مراتي.
بسيمة
:
إيه فيه إيه يا نعيمة؟
سكر
:
جاية أقول لحضرتك إن الولية العجوزة اللي اسمها خالتي أسمهان بتسأل على
سيدي.
كابش
:
أسمهان!
بسيمة
:
عمته؟
سكر
:
أهي بتقول كده.
بسيمة
(على حدة)
:
إيه العمل؟ دي تعرفني.
سكر
(على حدة لها)
:
ابلعي ريقك ما تخافيش، الحكاية متوضبة عال.
صابر
:
وسيدك عثمان فين امَّال يا مراتي؟
سكر
:
موش عارفه راح فين.
كابش
:
آه، لازم بقى المغنية بسيمة موجودة هنا صحيح؟ وللسبب ده حضرته هرب علشان
ما يقابلش عمته، طيب، أنا بعدين حاعرف شغلي. يا بنت، روحي اندهي
أسمهان.
سكر
:
حاضر، اتفضلي يا خالتي أسمهان.
عثمان
(داخلًا بملابس امرأة)
:
دستور، يا ساتر، عواف عليكم يا جماعة. أنا عثمان ما تخافوش. إزاي حضرتك يا
سيادة المتصرف؟
كابش
:
الله يسلمك، اتفضلي يا ست أسمهان (يمسك
يده).
عثمان
:
يوه لا، ما تمسكش إيدي أنا متوضيه.
كابش
:
طيب اتفضلي أقعدي.
عثمان
(يجلس)
:
دانت يا دلعدي، تعالى هنا، جوزك ده إيه الندمان الصدمان اللي بيهرب مني،
هو أنا جاية أستعطي منه يا عمر؟! جاية أخطف اللي في إيده واجري؟
كابش
:
ما هو حاكم لها أصل يا ست أسمهان.
عثمان
:
أصل! بلا أصل بلا فصل، فشر، قطع لسانه من لغلوغه، ربنا ما يحوج اليمين
للشمال، الحمد لله خير الشابه للضبه.
كابش
:
إيه، شابه!
بسيمة
:
معلهش ما تزعليش يا عمتي.
عثمان
:
ما ازعلش يعني إيه يا ناس يا هم يا لم، يا صد يا رد يا مصبطه هه يا بوابه
سد، يا دون الدون، يا قشر ليمون يا عفش كون.
كابش
:
يا حفيظ دي شلق قوي.
بسيمة
:
برضه زي والدتي معلهش.
عثمان
:
والدتك! فشر، تفي من بقك يا دلعدي، لانا بنت ايمني، غيرش اللي شايلاني
رجلي. اجري يا بنت انت يا نعيمة، دوري على سيدك عثمان من تحت طقاطيق الأرض،
عارفه طقاطيق الأرض فين؟
سكر
:
لا.
عثمان
:
أهم عندك عالترابيزة اللي بره، أحلق شنبي إن لقيتيه.
كابش
:
معلهش، هدي خلقك يا ست أسمهان ما تعكريش دمك (يطبطب عليها).
عثمان
:
لا، ما تحطش إيدك عليَّ، أنا واحدة جتتي موش خالصة، صاحبة أرياح.
كابش
:
ودلوقت بقى يا ست سكر، حتتأكدي تمام إن بسيمة المغنية موجودة هنا في
بيتك.
صابر
:
ما أظنش يا جناب المتصرف.
عثمان
:
اخرس، ماتظنش في عينك خدام قليل الحيا، دانا شايفاها بعيني هنا أول
امبارح، وكانت واقفة تخدم، وسألتها عن اسمها، تقوم يا خوي المقروصة في نن
عينها، تستغفلني وتقول لي قال عن اسمها سكر. بقى اسود الوش المدرغم ده،
يبقى متجوز قمر ليلة أربعتاشر زي دي، ويدور يعشق ويتمعشق عليها، والنبي
لأكون فاضحاه الليلة دي.
بسيمة
:
آه يا خالتي أسمهان، قمستي كده أعمل إيه.
عثمان
:
ولا تزعلي، إخص عليه الخاين.
صابر
:
أيوه، إخص عليه الخاين، الدون المغفل البارد.
عثمان
:
خف شويه.
صابر
:
ويقول لي خلي بالك من مراتي قال، إخص، أتفوه (يبصق عليه).
عثمان
:
حاسب، جات عالنني يا عاجز.
كابش
:
ودلوقت بقى يا ست أسمهان، عايزينك تورينا بسيمة دي فين.
عثمان
:
مانا جايه علشان كده مخصوص، لكن بقى هربها المسخم على عينه.
كابش
:
إزاي ده؟
عثمان
:
أهي جارتنا خالتك أم زنفل حلفت لي واتقطعت، إنها شافتها بتخبط على بيت
الحاجة سماسم الداية.
كابش
:
آه الملعون، وانتِ ماتعرفيش فين بيت سماسم دي؟
عثمان
:
أمال، أهه تو ما بقيت في قنطرة فرفور، تقول فين بيت الحاجة سماسم ألف من
يدلك.
سكر
(تدخل)
:
ستي ستي، دورت لما قلت بس، موش باين له ريحة أبدًا.
كابش
:
لازم حصَّلها على هناك.
عثمان
:
هو يقدر على بعدها، دايب فيها دوبان.
كابش
:
طيب معلهش، يبقى ده على مره، إن ما كُنت حالًا أجيبهم في حديد أتباعي كلهم
تحت (وهو خارج) يا خدم يا حشم يا جنود
(يخرج).
(الجميع يضحكون)
عثمان
:
إزايكم بقى في الملعوب ده؟
سكر
:
يا حفيظ! أنا روحي بقت في قعور رجلي.
بسيمة
:
أما لو كان فقسك.
صابر
:
كنا روحنا في داهية.
عثمان
:
فشر، يفقسني! لكن بذمتكم موش مسبوك؟
صابر
:
مسبوك؟! دانت زي اللي تكون اتولدت مرة، موش القاضي عثمان.
فيظ الله
(يدخل)
:
أمان ربي أمان، جوز بنتي حظرة قاضي عثمان، إلبس ملابس نسوان!
عثمان
:
حنقول له إيه ده، لا يا حماي، ده أنا أصلي كان فيه عندي قضية ولازم ألبس
لها مرة.
صابر
:
أيوه، القانون يحتم عليه يفحصها وهو متخفي.
فيظ
:
عفارم عفارم، قاضي محكمت، وبوليس سري لفحص قضايات، عفارم عفارم.
كابش
(من الخارج)
:
لا أبدًا، ده غش، ده احتيال، لازم أنا أظبطه بنفسي.
سكر
:
يا خبر الراجل رجع (يدخل
كابش).
صابر
:
إيه فيه إيه يا سيادة المتصرف؟
كابش
:
فيه إيه يا غشاشين يا نور؟! أنا لسه ماحصَّلتش الباب، قابلتني أسمهان
الحقيقية، وقالت لي إن البنت اللي عامله نفسها خدامه دي هي ذاتها بسيمة
المغنية.
فيظ
:
إيه، إنت كلم إيه حظرة متصرف! دي بنتي سكر.
كابش
:
اخرس، سكر في عينك منك له له لها لها.
عثمان
:
أيوه، يا جناب المتصرف.
كابش
:
تعالى هنا، إنت لسه بتتعوج لي وانت نصك عثمان ونصك أسمهان، يا خدم يا
حراس، يا كل الناس.
الجميع
(يدخلون)
:
مولاي.
كابش
:
أقبضوا عليهم كلهم، وخدوهم على سراية مولاي الأمير مندور ينظر في
شأنهم.
لحن ختام الفصل
الجنود
:
جرجروهم الاجرمه الأربعة
مقبوضًا عليهم
نصابين وملوعين والجريمة
باينه من عنيهم
والدليل عالشيطنة والأبلسة
رجالتهم يلبسوا هدوم النسا
الليلة دي فوق دماغهم
ليلة عكرة محروسة
عثمان
:
أنا أستاهل اللي جالي
اللي ما رضتشي بقديمي
قاضي متوظف رجالي
واتقفش قفشه حريمي
الجنود
:
أبو خلقة مطينة
ينجعص في محكمة
والقوادم زينا
يعملوهم ملطمة
صابر
:
هو كان يعني ضروري
حضرتك تعمل لي فالح
عثمان
:
طب وأنا مثلت دوري
لأجل مين يا ابو وش كالح
بسيمة
:
لأجلنا والحيلة خابت
والنهاية عين وصابت
سكر
:
هي واقعة مزلقة
واحنا والقسمة بقى
جنود
:
يالَّه دور صولا طبره
عالحكومة يا حشلمنتي
عثمان
:
غرقة يا محكمتي غبرة
يا اللي ما لحقتي تشتغلي
جنود
:
لما أبوك وأمك برابرة
ليه بتلبس لبس مالطي
عثمان
:
اللي ما فيه خرق إبرة
أسمهان والله اتوحلتي
جنود
:
شكله مقرف شكله عبرة
واللي متجوزها بلطي
عثمان
:
المهارة والمكابرة
ضيعتني سالطي جالطي
جنود
:
يالَّه دور صولا طبره
عالحكومة يا حشملنتي
طبره صولا
صولا طبره
طبره صولا
صولا طبره
الفصل الثالث
لحن
الآلاتية
:
آلاتية وبحابيح على ذوق السميعة
في ليالي التفريح نتقمع تقميع
لكن الألسطة وهات يا أوسطه
من دوكه لدركه لبياتي
لحجاز لعجم لعراق
وقانونجي يقسم بياتي
يتشخلع ويَّا الرقاق
بنات
:
ونرقص احنا بخفيه
على النغم أشكال والوان
وعنها ودور مهاتيه
كمان كمان والله كمان
والمبسوط يرمي نقوط
بالكبشة والحفنة
على ضحكة ما غيرهاشي
والحظ بيتحفنا
وأهه كده والا بلاش
الاثنين
:
الله يا سيدي بعد التصليح
ما نخش مع بعض في توشيح
توشيح
غضي جفونك يا عيون الخنفس
منك استحيت أقزقز ترمس
بالذي أبدع من حلو النشا
كل صحن من بلوظه مدندشه
والذي مصمص شفتيك بما
سجد الحاتي لديه واخشتى
والذي أجرى الريالة عندما
جابو الكنافة مقرمشة
ضع على بقي كفتاك فما
أجدر اللهط لطلاب العشا
عثمان
(من الخارج)
:
يا جماعة يا اللي هنا (يدخل) أمَّال يعني
سامع طبل وزمر وهيصه، ولافيش حتى صريخ ابن يومين، هم حبسونا هنا ونسيونا؟
أنا موش فاهم المسألة دي حتنتهي على إيه. آخ يا ناري، ما إيدي تتلايم عليه
كابش الكلب ده، كنت أكبش في مصارينه لما أخليه يتلوَّى. الله ينكد عليك يا
صابر يا بن حوا وآدم، زي ما ترمينا الرمية دي بسببك انت وبسيمة الزفت
بتاعتك، وموش صعبان عليَّ إلَّا مراتي المسكينة، يا ترى حابسينها فين روخرة؟ يا
ترى إنت فين دلوقت يا سكر؟
سكر
(تدخل)
:
إيه! مين ده اللي بيقول سكر؟ عثمان؟
عثمان
:
سكر.
سكر
:
آه، إنت هنا لوحدك يا حبيبي؟
عثمان
:
أمَّال يعني حايجيبوا لي إلألاتيه، أهم لقحوني هنا من ساعة ما جابوني، ولما
قرص عليَّ الجوع طلعت أهاتي أهه.
سكر
:
وأنا كمان قربت أعيط م الجوع.
عثمان
:
تعيطي تصوتي، إيه اللي حنعمله، أمرنا لله. هم لازم حكموا علينا بالموت
جوعًا موش شنقًا، لاجل ما يعجب بسلامته سي فيظ الله خان أبوك، قال لازم سكر
جوز قاضي محكمات، يجي يخلصنا بقى من دي المصيبات الوحلات، اللي وقعنا
فيهات.
سكر
:
أنا موش غايظني بالأكتر غير كونهم موش راضيين يصدقوا كلامنا أبدًا،
وفاكريني بسيمة لحد دلوقت.
عثمان
:
أهه كل ده لاجل قسمتي السوده.
سكر
:
ولكن برضه لما يحققوا ويَّانا، حنثبت لهم إني أنا موش بسيمة ونتبرأ وتنتهي
المسألة.
عثمان
:
إيه تنتهي، ياخي دي حتلبخ زيادة وزيادة. إسأليني أنا، هو أنا موش كنت
قاضي وعارف القانون، دانا لسه سالت إيدي من محاكمة بتاع الكبدة امبارح
بس.
سكر
:
يعني فكرك يعملوا فينا إيه؟! يحكموا علينا؟
عثمان
:
هي دي عايزة كلام، خصوصًا وإن صاحبنا صابر ما صدق إنهم قفشونا، وحط كتف
هو وبسيمة بتاعته، وادحنا سرينا فيها بدماغنا أهه.
سكر
:
طيب اسمع، ليه ماتجيش ناخد بعضنا ونهرب احنا روخرين؟
عثمان
:
نهرب! دانتِ يظهر إنك بقيت نبيهة زي أبوك؟ إنت فاكرانا لسه في الخان بتاع
عمك توكل، إحنا هنا في سراية الوالي، ماشفتيش الحراس عالابواب وانت داخله،
اللي بحربه واللي بمزراق، واللي بجزمه قد كده.
سكر
:
بقى يعني خلاص مافيش طريقة أبدًا؟
عثمان
:
والله ما أظنش، هيه، مين اللي جاي يتلوَّى ده؟
سكر
:
ده المتصرف الزفت كابش.
عثمان
:
طيب اركني على جنب.
كابش
(يدخل)
:
أيوه، أهي دي فرصة عال، دلوقت يمكني أقابلها ولا حد ولا محتد.
عثمان
:
ده يظهر إنه رايح على أودتك. إحم إحم.
كابش
:
إيه مين؟ هو انت يا إسود الوش! ومعاك بسيمة برضه، إنت لسه ما حرمتش، حتى
هنا كمان محلق عليها يا لئيم يا مزور يا غشاش.
عثمان
:
طوِّل بالك يا مولاي أنا أفهمك الموضوع.
كابش
:
موضوع إيه اللي تفهمه لي يا كذاب يا نصاب، موش كفاية استغفلتني هناك
وعملت روحك ست. أنا أتهزأ، أنا ينضحك عليَّ من واحد زيك، معلهش أنا
أوريك.
عثمان
:
ما هو بس …
كابش
:
ما بسش.
عثمان
:
بس.
كابش
:
ما بسش.
عثمان
:
إن شاء الله ما بس.
كابش
:
وانت يا بسيمة، يكون في معلومك، إن مولانا الأمير مندور، أصدر أمره
بمناسبة الاحتفال بالمولود الجديد اللي اتولد النهارده، إنك تطربي المعازيم
بصوتك الجميل، ياذات الحسن والجمال.
سكر
:
أنا يا مولاي؟
كابش
:
أيوه ده شرف عظيم علشانك، ويمكن بالسبب ده مولانا الأمير يصفح عنك
ويسامحك.
عثمان
:
لكن دي ما تعرفش تغني يا مولاي.
كابش
:
نعم! أمَّال انت اللي تعرف تغني؟!
عثمان
:
أنا أصوَّت بس.
كابش
:
عايز تشتغل عليَّ نمرة جديدة أظن، إنت فاكرني إيه، حمار؟!
عثمان
:
العفو، إنت أكبر من كده يا مولاي، ثم دي ما تبقاش بسيمة زي ما انت فاكر
جنابك.
كابش
:
أمَّال تبقى مين يا سيدي؟
عثمان
:
دي مراتي سكر.
كابش
:
إيه مراتك سكر؟
سكر
:
أيوه يا مولاي.
كابش
:
ها ها ها، أنا في حياتي ماشفتش راجل ملوع زيك أبدًا!
عثمان
(على حدة)
:
وأنا في حياتي ما شفتش راجل مغفل زيك أبدًا.
كابش
:
يالَّه استعدي يا حضرة المغنية على بال ما نبعت لك خبر، ماتطاوعيش الراجل
ده لا تروحي في داهية ويَّاه، واديني ها ادي خبر لمولاي الأمير. هيه عايزين
نسمع بقى هيه، ها ها ها (يخرج).
سكر
:
إيه العمل؟ وانا حاعرف أغني إزاي؟
عثمان
:
يعني لو كنت فأعتيه كام ليل في وشه بصوتك الحيَّاني ده موش كان صدق إنك موش
بسيمة وانتهينا.
صوت
(من الخارج)
:
أيوه اتفضلوا من هنا.
عثمان
:
إيه ناس جايين، يالَّه بنا على جوه، بلاش الأودة اللي عرف طريقها
دي.
سكر
:
أيوه أحسن (يخرجان).
بسيمة
(داخلة مع صابر)
:
تعالى بس ماتخافش.
صابر
:
يا حفيظ! حق سبحان من وصلنا لحد هنا، أهي لو ما كانتش الهدوم دي اللي أنعم
علينا بها الأمير غازي صهر الأمير مندور، ما كناش قدرنا ندخل هنا
أبدًا.
بسيمة
:
ولا تنساش إن الفضل بالاكتر، لكونه يعرفني وسمعني كتير، وكمان الورقة
اللي كتبها لنا دي هي اللي نفعتنا.
صابر
:
أيوه صحيح، بمجرد ما اطلع عليها رئيس الحجاب، جري ووسع السكة قدامنا، زي
المعازيم الأكابر بحق وحقيق.
بسيمة
:
المهم دلوقت إننا نبحث عن عثمان وسكر، ونبشرهم البشرى الجميلة دي علشان
يتطمنوا المساكين.
صابر
:
بس أنا خايف لا الأمير مندور، ما يقبلش رجا من صهره الأمير غازي، ويبقى
ذنبهم في رقبتنا.
بسيمة
:
لا يستحيل يرفض طلبه أبدًا؛ لأنه أبو الست بتاعته. آه، من حق اسمع
استناني هنا أما أخش جوه، يمكن أعتر في عثمان وسكر.
صابر
:
طيب بس ما تغيبيش علشان أتطمن.
بسيمة
:
لا موش حاغيب (تخرج).
صابر
:
آه يا ربي، إمتى بقى حننتهي من المتعاب دي كلها، ده لو كان جبل كان
اتزعزع، مين قاسى واحتمل في حبه أكتر مني؟ مين اتلوع في هواه زيي؟!
بسيمة
(من الخارج)
:
المسألة حصل فيها سوء تفاهم يا مولاي.
صابر
:
آه، بسيمة جاية هي والأمير مندور، ربنا يستر.
مندور
(يدخل مع بسيمة)
:
أمَّال إزاي اللي اسمه عثمان ده، فهِّم المتصرف كابش إنك انت موش
بسيمة؟
بسيمة
:
أيوه، لأن اللي قبضوا عليها تبقى مراته هو.
مندور
:
يا سلام، ده لازم يكون جميل خالص، حتى إنك بتحبيه للدرجة دي؟
بسيمة
:
هو إيه اللي جميل وباحبه؟!
صابر
:
دانت حسك يتنبح على ما تفهميه.
بسيمة
:
ما هو أطرش ما بيسمعش، أعمل له إيه؟!
مندور
:
هيه، وده مين ده؟
صابر
:
أنا صابر يا صاحب السمو.
مندور
:
آه، حبيبك الأولاني، موش كده؟
بسيمة
:
ده بقى جوزي يا مولاي.
مندور
:
إنت لازم تفهم إن بسيمة غالية عندي جدًّا، وللسبب ده أنا اهتميت بالبحث
عنها، لأني أحب إنها تكون دايمًا قدام عيني، أمتع نظري بجمالها الفتان،
واسمع … (على حدة) موش قادر أقول أسمع صوتها
لأني ما باسمعش، أيوه، وعلشان خاطرها هي وبس، أنا حاعفي عنك واسامحك في
التزوير اللي عملته وسميت نفسك عثمان يا حضرة القاضي.
صابر
:
ده بيهجص بيقول إيه ده؟ يعني خلصنا من كابش هناك، نيجي نقع فيك انت يا
أطرش.
مندور
:
عال عال، أهه ده كلام كويس، أنا دلوقت أنبسط منك، تقدر بقى تتفضل من غير
مطرود، وتسيب بسيمة هنا، والَّا تحب تحضر الحفلة لآخرها؟ على كيفك، اتفضل
جوه، خد حريتك.
صابر
:
الله يفرسك يا بعيد.
مندور
:
لا لا ماتشكرنيش ولا حاجة، ده واجب يا ابني.
حاجب
(يدخل مع البنات)
:
أيوه اتفضلوا الحفلة حتبتدي دلوقت، هاتوا المطربات.
لحن
بسيمة
:
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
بنات
:
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
بسيمة
:
ده حسنك القمر منه مكسوف
ووسطك كحك إيه ده اللي ملفوف
اللحظ فتان والجسم ريان
لك بدع كله جنان في جنان مين زيك
بنات
:
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
ده حبك لأجل خاطره تروح أرواح
يا قلبك تشبك الخالي والمرتاح
ما تخافش يا فرار لا الدفة تندار
وتحب وتوحوح من النار ومين زيك
بسيمة
:
تِلذَّك فرقتي من الباب للطاق
وأعزك شفت كده والنبي أخلاق
أبدًا ما أظنيش تقلك ده ما يجيش
فداك أنا بس انت تعيش ومين زيك
عمايلك شيء كتير ولا لوش تعداد
واحايلك وانت يوم عن يوم تزداد
ندرت لو جيت في يوم ورقيت
لأودي شمعة لأهل البيت ومين زيك
بنات
:
مين زيك خده فوقيه وردة
اتبخر عيني عليك باردة
حاجب
(بعد اللحن)
:
اتفضلوا للعشا (يخرج البنات وصابر. يبقى
مندور).
ظابط
(يدخل)
:
مولاي.
مندور
:
إيه فيه إيه؟
ظابط
:
قاضي بنارس إداني العريضة دي، علشان أقدمها لسموك.
مندور
:
وريني (يقرأ) ده بيتظلم لكونه بقى
له مده كبيره في بنارس، وبيطالب بنقله لمحكمة أكبر؛ لأن له حق في
الترقية.
ظابط
:
أيوه يا مولاي.
مندور
:
طيب خد العريضة خليها معاك دلوقت، وروح ابعت لي عثمان هنا حالًا.
ظابط
:
أمر مولاي (يخرج).
مندور
:
عال خالص، أهه أنا دلوقت اطمأنيت من جهة بسيمة؛ لأن حبيبها عثمان تعهد إنه
يرحل من البلد.
عثمان
:
ده كلام فارغ، يا يموتونا يا يسيبونا.
مندور
:
مين اللي جاي ده؟ آه، ده لازم القاضي اللي مقدم العريضة، أما ننظر في
أمره على بال ما يجي صاحبنا عثمان.
عثمان
(يدخل)
:
آه، مولانا الوالي أهه سلام عليكم يا مولاي.
مندور
:
اسمع يا حضرة القاضي.
عثمان
:
إيه، قاضي؟! بقى أنا لسه ما اتعزلتش من وظيفتي. الله يبشرك بالخير يا مولاي.
مندور
:
أنا فهمت مسألتك من طقطق لسلام عليكم.
عثمان
:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
مندور
:
وفي الوقت نفسه لازم تفهم إني مضطر أخليك تستنَّى سنتين في مركزك ده، يعني
تفضل زي ما انت ماتتنقلش.
عثمان
:
إزاي ده؟! أفضل محبوس هنا سنتين، ده عدل يا مولاي؟
مندور
:
وأهه في بحر السنتين دول، لازم أوجدلك حاجة أكبر.
عثمان
:
حاجة أكبر! يعني اللومان بقى؟!
مندور
:
استحمل يا ابني علشان خاطري، معلهش.
عثمان
:
خاطرك إيه يا مولاي، أنا عملت حاجة لده كله يا مولاي، أنا مظلوم يا مولاي.
مندور
:
اعمل معروف يا حضرة القاضي ما تكترش.
عثمان
:
قاضي مين! أبقى رايح اللومان ويقول لي قاضي برضه.
مندور
:
أيوه، لأن الزيطة بتاعة الليلة أثَّرت على وداني خالص.
عثمان
:
يي يي يي، إخص على مغفليتي، دانا ناسي إنه أطرش وعمال أدردش ويَّاه من
الصبح، لما ودَّاني اللومان من غير مناسبة.
مندور
:
عن إذنك بقى أمَّا أشوف الظابط اللي راح يجيب عثمان إتأخر ليه.
عثمان
:
ما هو أنا عثمان يا مولاي.
مندور
:
أوه، من فضلك ما تبقاش لَحُوح، أنا أمرت، خلاص.
عثمان
:
يا مولاي أنا عثمان.
مندور
:
أنا عارف إنك زعلان (يخرجان).
فيظ الله
(داخلًا مع كابش)
:
هل حقيقة كلام حظرة متصرف؟
كابش
:
إي، ودي عايزة كلام، ده شيء ثابت، ولكن إزاي يضحك عليك الملعون ده ويتجوز
بنتك، ويفهمك إنه هو عثمان عبد الباسط وهو في الحقيقة اسمه صابر الولد
الخباص الفلاتي اللي مهرب بسيمة؟!
فيظ الله
:
أمان يا ربي! بربري زربون إعمل تزويرات ملفات من شان إمسك بنتي سكر، آه
كابش غشاش.
كابش
:
وهو غشك إنت بس، ده غشني أنا كمان لحد ما عينته قاضي مدينة خيوه، وأخيرًا
يتضح إنه راجل كداب وملوع، ولا عرفتش حقيقته إلَّا لما ظبطه بنفسي من شوية هو
وبسيمة هنا أهه.
فيظ الله
:
الله وبالله، إذا كان أنا شوفوا، لازم نزل مصارينه، أسلخ جلده أخرم
عينه.
كابش
:
أقل منها، ده يستاهل الحرق.
فيظ الله
:
حرق شنق، لازم حالًا أحصل طلاقات سكر هانم من ملعون بربري صابر.
كابش
:
طبعًا، وحتنتظر إيه بعد كده؟ ودلوقت عن إذنك رايح أقابل مولاي الوالي
علشان مسألة مهمة.
فيظ الله
:
اتفضل.
كابش
:
لا حول الله، كان الله في عونك.
فيظ الله
:
موش ممكن أخرج من هنا، لازم احصل طلاقات كريمة حظرتنا سكر هانم ماذا
وإلا، والله بالله أنا أذبح هو.
عثمان
:
يا عالم يا هوه، مافيش عدل، مافيش إنصاف!
فيظ الله
:
آه، هو يجي.
عثمان
(يدخل)
:
آه، إنت هنا يا نسيبي.
فيظ الله
:
اخرس، نسيبك في عينك. بربري ديوث ممصوص لون الربسوس.
عثمان
:
الله الله، هم كلهم اتنفسوا!
فيظ الله
:
إنت من شان إيه امسك واحد حرم تاني، من شان إيه كلم الناس إنت عثمان
حقيقة إنت موش عثمان.
عثمان
:
أمَّال أنا مين، بعجر؟!
عثمان
:
يا ناس، يا ناس، يا أهالي.
(أصوات: يحيا الأمير.)
سكر
:
آه ده مولاي غازي، والد حرم جناب أفخم مولاي مندور.
غازي
(داخلًا مع مندور والجميع)
:
انتهى كل شيء، ما يكونش عندكم فكر، الأمير جُوز بنتي مندور، ما كانش فاهم
اللخبطة اللي قال له عليها الأمير كابش.
مندور
:
ولولا سيادتك شرحت لي المسألة كانوا المساكين دول راحوا ضحية غباوة
الملعون ده.
عثمان
:
إخص عليك وعليه وعلى نسيبي راخر ويَّاكم.
صابر
:
ودلوقت يا مولاي، موش الحمد لله تترد لنا حريتنا بقى، أنا وبسيمة وعثمان
وسكر.
غازي
:
طبعًا، وموش بس كده، راخر عثمان نظرًا للمتاعب دي كلها اللي قاساها من
غير ذنب، أعلنه بلسان الأمير جُوز بنتي إنه يُعيَّن متصرف على مدينة سمرقند،
بدلًا من كابش اللي يُرفَت من وظيفته حالًا.
كابش
:
الله! طيب وأنا ذنبي إيه يا مولاي؟!
عثمان
:
اخرس يا فلاتي يا خبَّاص يا بتاع النسوان.
فيظ الله
:
يالَّه امشي اطلع بره (يخرج
معه).
عثمان
:
قولوا كلكم يحيا العدل.
الجميع
:
يحيا العدل.
عثمان
:
يحيا الأمير.
الجميع
:
يحيا الأمير.
عثمان
:
ونسيب الأمير.
الجميع
:
ونسيب الأمير.
(يقولون لحن ختام الرواية):
نال المرام قاضي الغرام
وربنا علَّاه وجاد عليه
وفك قيد زملاه على يديه
الطيب من عمل الطيب
ورماه في البحر يا عثمان
ولا يمكن تحسن ويخيب
بنا أملك في الإحسان
١
تم الترخيص بهذه المسرحية في نوفمبر عام ١٩٢٩، وذلك بناءً على أختام الرقابة
الموجودة على صفحات أصل المسرحية المكتوبة بالآلة الكاتبة.