رواية عمرو بن العاص فاتح مصر
تأليف أحمد زكي السيد وزكي إبراهيم، العرض الأول بتاريخ
٢٤ / ١٢ / ١٩٣١
الفصل الأول
(المنظر قرية الفرما. بيوت من الطين يحفها نخيل وكروم وعلى اليمين باب دير صغير.
عند رفع الستار الجنود الرومانيون يغنون لحنًا.)
اللحن
املا الكاسات واطرب على نغم الألحان
في خد وهات بين الغواني والندمان
فرفش هيص ولا تحملش للدنيا هم
اشرب فرَّح ولا تسألش عنها وتهتم
كل يوم تقضيه في أنسك
وانت مبسوط يبقى عيد
اجتهد واخلق لنفسك
كل يوم تفريح جديد
ليه ما نفرحش ونبقى مبسوطين
واحنا تاج روس الممالك من زمان
فوق شعوب الأرض دايمًا مرفوعين
مين حكم والَّا ارتفع زي الرومان
تعبوا أجدادنا وفاتوا لنا
مجد خالد في الأنام
وفي وصيتهم قالوا لنا
ما تعيشوش إلَّا كرام
(بعد اللحن يخرج الجميع ويبقى بالمسرح أحد القواد وضابط.)
القائد
:
هيه، خلاص جمعتوا الضرائب كلها؟
الضابط
:
أيوه، خلاص، ماعدا كام واحد بيدِّعوا إن ما عندهمش فلوس، لكن يستحيل أنا
لازم أخليهم يجيبوا طلباتنا من تحت الأرض، أهو البيت دا مثلًا.
القائد
:
ماله؟
الضابط
:
بيت راجل عجوز من الجماعة اللي لسه ما دفعوش حاجة، وبيدِّعي إنه مُعدَم خالص
ولا عندو شيء، لكن أنا حاورِّي سيادتك دلوقت إزاي حاخليه يجيب الفلوس دي
حالًا.
القائد
:
طيب هاته هنا علشان أنظر في أمره بنفسي.
الضابط
:
أمر جناب القائد (ينادي) يا راجل يا
حنا، يا حنا.
حنا
(من الخارج)
:
نعم يا سيدي.
الضابط
:
أخرج هنا كلم جناب القائد.
حنا
:
حاضر يا سيدي (يدخل) نعم.
القائد
:
حضرة الضابط بيقول إنك ممتنع عن دفع الفلوس المطلوبة منك لحد دلوقت،
صحيح الكلام دا؟
حنا
:
لا يا سيدي أنا موش ممتنع، بس ما عنديش …
القائد
:
ما عندكش إزاي يا راجل انت؟!
حنا
:
ماعنديش يا سيدي؛ لأن محصول أرضي وبستاني خدتوه علشان تمونوا الجيش
بتاعكم، ولا خليتوليش حاجة أبيعها وأسدد منها المطلوب مني.
القائد
:
ما هو طبيعي إننا ناخد محصولك علشان ندِّيه للعساكر الرومانية اللي جاية
هنا علشان تحميك وتدافع عنك.
حنا
:
طيب وما دام خدتوا المحصول حادفع منين يا سيدي؟
القائد
:
موش شغلنا، المهم دلوقت إنك تدفع المفروض عليك.
حنا
:
طيب إمهلوني شوية، وانا اروح أستلف الفلوس دي بالفايظ وأجيبهم
لكم.
الضابط
:
أهو كده، دلوقت بقيت راجل طيب روح هات الفلوس وتعالى يا شاطر، ولا تنساش
تجيب ويَّاك جمدانة خمر قديمة لجناب القائد.
حنا
:
طيب حاضر (يخرج).
الضابط
:
إلا ماوصلتش جنابك أخبار جديدة عن العرب اللي محاصرينا هنا في
الفرَمة.
القائد
:
أيوه وصلنا أخبار بإن قوة رومانية كبيرة جاية النهارده تحت قيادة البطل
أوركاديوس وحاتنضم لحامية الحدود اللي هنا، علشان ندخل مع العرب في معركة
فاصلة، وأنا أؤكد لك إن النصر فيها حايكون حليف جيشنا الروماني.
الضابط
:
لكن أنا بلغني إن بعض القواد الرومان في الشام وفلسطين والعراق سلموهم
البلاد من غير حرب وانضموا لهم كمان.
القائد
:
أيوه، زي يوكنا حاكم حلب اللي سلم وسمَّى نفسه عبد الله.
الضابط
:
أيوه، وبلغنا إنه جاي على هنا مع العرب بجيش من رجاله، لكن يكونش يوكنا
عاملها حيلة علشان يتمكن من وصوله هنا وبعدين ينضم للرومان ثاني؟
القائد
:
أوه، إذا كان كده دي تبقى سياسة جميلة (ضجة في
الخارج).
جندي
(يدخل)
:
وصل المدد يا مولاي من حصن بابليون وعلى رأسه القائد أوركاديوس، وأهو جاي
على هنا مع بعض الضباط (يدخل أوركاديوس
والضباط).
لحن
الجميع
:
بالرمح والسيف المسنون
نحفظ كرامة دولتنا
ومهما عزت روحنا تهون
نموت وتحيا أمتنا
مجد الرومان مالوش حدود
شيء من زمان عاشم أسود
شرف مصان من الجدود
من غير هوان إلى الخلود
أوركاديوس
:
حب الغواني مظهر حياتك
من غير محبة مافيش حياة
إن كنت عايز تبان صفاتك
غير الشجاعة مالكش جاه
تحبك اللي تحبها
ووحدك انت تفوز بها
الجميع
:
كلنا نضحي حياتنا
في الهوى وحب البلاد
كلنا يحلا مماتنا
لما نطلع للجهاد
القائد
:
إلى البطل أوركاديوس أُسلِّم قيادة الحامية؛ اعترافًا مني بشجاعته وإقدامه
في ميدان القتال.
أوركاديوس
:
أشكرك جناب القائد، المسألة ماهياش مسألة مجاملة أو تفاخر بالألقاب، إنما
هي مسألة الشرف اللي يجب إننا نحافظ عليه بين الأمم، فيجب عليكم أيها
الشجعان الأبطال أنكم تحافظوا على كرامتكم وتحتفظوا بمكانتكم إلى آخر نفس
في حياتكم. ودلوقت ياللا معايا ننضم للحامية ونلتحم مع العرب في موقعة
فاصلة يكون فيها النصر أو القبر.
القائد
:
يعيش القائد أوركا.
أوركاديوس
:
لا، بل قولوا النصر للرومان.
الجميع
:
النصر للرومان.
القائد
:
اتفضل يا سيد أوركاديوس وكلنا نتبعك.
أوركاديوس
:
لا يا جناب القائد، خليك انت داخل البلد خوفًا من الفتن الداخلية، لأني
عرفت إن قبط مصر متذمرين من معاملة الرومان لهم فما يبعدش إنهم ينتهزوا
فرصة الحرب ويحدثوا ثورة يكون من شأنها انتصار العرب علينا، ياللا معايا يا
جنودي البواسل (يخرج مع الضباط).
الضابط
:
يا سلام! أد إيه أنا معجب يا جناب القائد بشهامة البطل أوركاديوس!
القائد
:
طبعًا شاب نشيط وجميل، متربِّي تربية حربية صرف، وأنا أؤكد لك إن الأخبار
حاتصلنا دلوقت حالًا بانهزام العرب شر هزيمة (يسمع أصوات ترتيل الرهبان من الدير) إيه دا؟
الضابط
:
دول الجماعة اليعقوبيين خارجين من الدير يرتلوا أهم.
القائد
:
دا أبو ميامين راهب مدينة الإسكندرية، وإيه اللي جابه هنا يا ترى؟
الضابط
:
لازم جاي يلم النذور اللي بيجمعها من الأهالي للدير.
القائد
:
لازم كده (يدخل أبو ميامين ومعه بعض
الرهبان).
أبو ميامين
:
نهاركو سعيد يا أولادي.
القائد
:
نهارك سعيد يا سيادة الراهب، إياك تكون لقيت في الدير دا إيراد
كويس؟
أبو ميامين
:
على كل حال موش أنا المختص بإيرادات النذور فيه، واحد مخصص لصندوق النذور،
ياخد الفلوس منه ويوزعها على الفقراء والمحتاجين أول بأول.
القائد
:
على كل حال الجيش الروماني له نصيب في فلوس الندر دي، وخصوصًا دلوقت لإنه
في حالة حرب مع العرب بسبب دفاعه عنكم وعن بلادكم.
أبو ميامين
:
لكن أنا باقولك إن الفلوس اللي بتيجي بتتوزع على الفقرا أول بأول.
القائد
:
كلام فارغ، إنتم يظهر إنكم نسيتوا إيه هما الرومان، وإيه اللي يقدروا
يعملوه معاكم.
أبو ميامين
:
ننسى؟! ننسى سنة ٢٨٤ لما اتولَّى دقلديانوس الحكم ورفضوا مسيحيين مصر
الاعتراف بألوهيته، وللسبب دا اضطهدهم وعذبهم، ودبح منهم عدد عظيم في جميع
أنحاء البلاد، حتى إننا سمينا عصره بعصر الشهداء. إحنا دلوقت في سنة ٦٤٠
يعنى مضى على تاريخ الشهداء لغاية دلوقت ٣٥٦ سنة، ٣٥٦ سنة قاسينا فيهم الذل
والعذاب، وبعد كده تظن جنابك إننا ننسى إيه هم الرومان؟!
القائد
:
النهاية، موش حاتجيب الفلوس؟ ياللا يا حضرة الضابط خش الدير وفتشه وهات
الفلوس اللي تلقيها فيه.
الضابط
:
حاضر يا جناب القائد (يهم بالخروج فيسمع ضجة
يدخل جندي).
الجندي
:
إلحق يا جناب القائد.
القائد
:
إيه فيه إيه؟
الجندي
:
عساكرنا انهزمت والعرب دخلوا الفرما خلاص.
قائد وضابط
:
إزاي دا؟!
الجندي
:
أهم جايين أهم.
أبو ميامين
:
المجد لله في العلا، وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرَّة (يدخل العرب رجال ونساء ويهرب القائد
والضباط).
لحن
العرب
:
مرحى مرحى جاء النصر
ولقد أضحى وله عمرو
وكفانا الدهر حوادثه
لله على هذا الشكر
نطلب النصر ولو أن العدا
في بروج شيَّدوها من حديد
في سبيل المجد نستحلى الردا
كلنا أُسد لنا بأس شديد
إيهِ ليلى إيهِ هند
إيهِ سلمى إيهِ زينب
تهنا عجبا ودلالا
كلنا زوج محبب
نساء
:
عشتوا يا حامين حمانا
مين لنا غير الأسود
إنتوا رِفْعتنا وعلانا
لما حققتوا الوعود
رجال
:
إننا نبغي علوًّا في الحياة
والذي يبغي ارتفاعًا لا يَهاب
أي عز أي مجد أي جاه
في نفوس دونها علو السحاب
(يدخل عمرو)
عمرو
:
نصر من الله وفتح قريب.
الجميع
:
نصر من الله وفتح قريب.
عمرو
:
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ
وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ
وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ.
الجميع
:
توكلنا على الله.
عمرو
:
عباد الله، لقد فتح الله علينا وهزمنا الرومان، وما النصر إلَّا من عند
الله، ودخلنا هذه القرية ونحن نجهل ما يُضمِره لنا قِبطُها فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ
السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا. وإن
بادءوكم بالعدوان فردوا عليهم ما يبدون وَقَاتِلُوا فِي
سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ
اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ.
أبو ميامين
(لمن معه)
:
هيه، سامعين؟
عمرو
:
أيها الناس، اغمدوا سيوفكم واجنحوا إلي السلم حتى لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا. عبد الله، أين
عبد الله؟
عبد الله
(من الخارج)
:
أيوه، آديني جاي أهه يا مولاي (يدخل).
عمرو
:
عبد الله.
عبد الله
:
مولاي.
عمرو
:
اذهب ونادِ الناس بالسَّلْم، وأن العرب تؤمنهم على أولادهم وأرواحهم
وأعراضهم، وأنهم لا يحملون لهم عداوة ولا يُضمِرون لهم شرًّا.
عبد الله
:
حاضر يا مولاي، يا اخواننا يا أهل البلد، إن كان راجل أو حرمه أو ولد،
الحاضر يعلم الغايب، العرب ناس يعرفوا الواجب، فما تخافوش على أرواحكم ولا
أموالكم ولا أولادكم، العرب ناس فنجريه ما يلعبوش أم مكيه ولا ياكلوش في
الزبديه وعينهم في الرزيه، ولا يعاملكوش معامله جهنميه، ولا يخطفوش منكم
العيش والغموس، زي المناجيس أولاد المنجوس.
عمرو
:
ما هذا يا عبد الله؟! ترفع عن السِّباب لَا يُحِبُّ
اللهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ
اللهُ سَمِيعًا عَلِيمًا.
عبد الله
:
حاضر يا مولاي، ما هو بس أنا حاكم مقروص من الجماعة الرومان دول وفي بطني
كل دودة منهم تبلع جمل.
عمرو
:
لا بأس.
عبد الله
:
ومع ذلك آديني خارج أهلِّل في كل حته من غير شتيمة ولا حاجة، يا أهل الفرما
إن جانا منكم فقير أعطيناه، أو جعان وكلناه، كده يا مولاي؟
عمرو
:
أجل، أجل.
عبد الله
:
أو عريان كسيناه، واللي حَرَتُوه الرومان بططناه، والخوف ممنوع والزعل مرفوع
والرزق على الله يا عدوي (يخرج).
عمرو
:
وأنتم أيها المجاهدون، اذهبوا فاضربوا خِيامكم في العراء، واستريحوا حتى
يعود الرسول الذي أرسلناه لِيَجوس خلال الديار فنجتمع للشورى فيما عسى أن
نفعل بعد هذا النصر المبين.
الجميع
:
السلام عليكم يا عمرو.
عمرو
:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته (يخرجون).
أبو ميامين
(يتقدَّم)
:
نهارك سعيد يا أمير العرب.
عمرو
:
طاب يومُك، من أنت، ومن الذين معك، وماذا تريدون؟
أبو ميامين
:
أنا أبو ميامين راهب مدينة الإسكندرية، واللي معاي دول قسس الدير اللي
هنا في الفرما وجايين علشان نرحب بقدومكم، وأقول لك إنه لما بلغني إنكم
ناويين على غزو مصر فرحت خالص، ونشرت الدعوة بين المصريين على إنهم يساعدوكم
على قد مايقدروا علشان تخلصونا من ظلم الرومان واستبدادهم.
عمرو
:
لا بأس عليكم، فقد أوصانا بكم نبيُّنا ﷺ حيث قال: «إذا فتحتم
مصر فاستوصوا بالقبط خيرًا فإن لهم ذمَّة ورَحِمًا.» أمَّا الرحم فهو أن هاجر أم
إسماعيل النبي — عليه السلام — مصرية من بلدٍ اسمها أم العرب هنا أمام
الفرما.
أبو ميامين
:
صدقت ولا تنساش كمان إن مارية زوجة الرسول كانت قبطية.
عمرو
:
إي نعم، ورُزِق منها إبراهيم، فقال أوصيكم بأخوال إبراهيم خيرًا. واعلم أيها
الحبر الجليل أن ليست هذه أول مرة دخلتُ فيها مصر.
أبو ميامين
:
إيه سيادتك بتقول جيت مصر قبل كده؟
عمرو
:
أجل كان لي بها شأن أيام الجاهلية، فلما دخلتها وجدت قبطها أكرم الأعاجم
كلهم وأسمحهم يدًا، وأفضلهم عنصرًا، وأقربهم رَحِمًا، ولكن أين أنت من
الإسكندرية؟
أبو ميامين
:
لما اضطهدني القيصر هرقل هربت على هنا، ولما عجز عن القبض عليَّ، بَلَغَ من
ظلمه إنه يقبض على أخويا الوحيد مينا.
عمرو
:
أيوه أخذ أخاك بذنبك أنت، يا للظلم!
أبو ميامين
:
ومثَّلوا به أبشع تمثيل، وولعوا المشاعل وحرقوه من بعد ما عذبوه في حياته
أشد العذاب.
عمرو
:
يا للوحشية!
أبو ميامين
:
وبعدين أمرهم القيصر يحطوه في كيس كبير مليان رمل ويرموه في البحر، ومات
المسكين وهوه بيشكي لرب السموات من غدر القيصر الجبار (يبكي).
عمرو
:
كَفْكِف دموعك، وخفِّف عن نفسك، لقد زالت على أيدينا دولتهم في العراق والشام
وبيت المقدس، وهي لا محالة زائلة كذلك في مصر بإذن الله، وإذا تمَّ لنا ذلك
أيها الحبر الجليل، فسنردنَّك إلى مكانتك مُعزَّزًا موفور الكرامة.
أبو ميامين
:
نِعْم الشهامة يا أمير العرب، منين أقدر أوفيك بواجب الشكر، المُجازي في
الحقيقة هو الله.
عمرو
:
وكفى بالله شهيدًا، أما أنتم أيها الرهبان، فلتعودوا إلى معبدكم آمنين،
ونحن الكفيلون بالسَّهر على أرواحكم وإقامة شعائركم. ووالله لن يُمسَّ
أحدكم بسوءٍ طالما كان فينا — نحن العربَ — رَمَقٌ من الحياة.
الرهبان
:
حيَّا الله العرب، عاش أمير العرب.
أبو ميامين
:
الليلة يا نصير المروءة، يا مجير الضعاف، نقيم الصلوات في المعبد مُتضرِّعين
لله لكي ينصرك على الرومان (يخرجون).
عمرو
:
إن النصر بيد الله يؤتيه من يشاء (يرى حنا
داخلًا).
حنا
(داخلًا معه زجاجة خمر والنقود فيخاف)
:
اتفضل يا سيدي استلفتهم بالرِّبا، إيه إيه، الله، الله!
عمرو
:
ما بك أيها الرجل؟ تكلَّم.
حنا
:
اللهم اجعله خير، أنا لازم باحلم.
عمرو
:
بل إنك لست بحالم يا هذا.
حنا
:
ألا موش حلم، هوا أنا عنيه مش في وشي، طب لما أنا صاحي ما قدرش من غير
زعل أفهم حضرتكم تبقوا مين؟
عمرو
:
نحن العرب.
حنا
:
العرب! رحنا في داهية، خلصنا من بلوة طبِّينا في أزفت منها.
عمرو
:
لا تخف فما من بأس عليك، وما هذا الذي تحمله؟
حنا
:
دول الفلوس والخمرة للجماعة الرومان اللي كانوا بيلموا الضرايب هنا،
اتفضلوا خدوهم بس ما تِئذُونيش لا أنا ولا أولادي.
عمرو
:
خلِّ ما معك، فنحن لا نأخذ إلا الصدقات من الغني الميسور ونهبها للفقير
المسكين.
حنا
:
بس عدهم قبله، أنا والله مستلفهم بالفايظ، ودوق حضرتك الخمر، حاجة على
كيفك.
عمرو
:
نحن أيها الشيخ ما دخلنا بلادكم لاغتصاب أموالكم أو متاعكم، إنما لنشر
لواء العدل والإنصاف والمساواة بين الناس وبث روح الطمأنينة والسلام، فعد
إلى بيتك بما تحمل مطمئنًّا على نفسك وأولادك ومالك.
حنا
:
أنا موش مصدق والله.
عمرو
:
كيف؟ أتراه غريبًا إلى هذا الحد أن تقفَّ نفوسنا عن مالٍ هو ليس من
حقِّنا.
حنا
:
كل الناس اللي جم فتحوا مصر قبلكم كانوا بينهبوا اللي ورانا واللي قدامنا،
ويظلمونا ويسخرونا ويدوسوا على مزروعاتنا ويدبحوا مواشينا ويخربوا بيوتنا،
ويا ويل اللي كان يستجري يقول لهم بم.
عمرو
:
لهم دينهم ولنا ديننا.
حنا
:
يا سيدي أنا عاوز أشكرك قوي بس لساني ماعرفش يترجم لك.
عمرو
:
لسوف ننتقم لكم من دولة الرومان التي ساقتكم سوء العذاب.
عبد الله
:
الأمان يا خايفين، الأمان يا مرعوشين، العرب دخلوا منصورين والرومان
وقعتهم زي الطين والفاتحة ولا الضالين.
عمرو
:
وها أنت تسمع أننا ننادي بالأمان.
عبد الله
:
الأمان يا فقرا، الأمان يا غلابة، انتصرنا ع الجيوش النهابة.
جندي
:
لقد أعددنا لك الخيمة يا مولاي.
عمرو
:
حَسَن (يخرجان).
عبد الله
:
همَّا يا خويا اللي خايفين منا والَّا احنا اللي خايفين منهم، أيوه أهم كلهم
دلوقتي ناموا في الخيام وأنا اللي عليَّ الحراسة.
مرقص
:
(يدخل) سعيدة.
عبد الله
:
سعيدة مين، إنت أعمى بنواضرك مش عارف تميز بين عبد الله وبين سعيدة،
شايفني قدامك لابس طرحة؟!
مرقص
:
لع أنا باحييك، باسلم عليك.
عبد الله
:
آه باللسان بتاعكم يعني.
مرقص
:
أيوه.
عبد الله
:
طيب سعيدة ورحمة الله وبركاته، وحضرتك تبقى مين بالصلا ع النبي؟
مرقص
:
محسوبك مرقص عبد المسيح بن حنا بن مينا بن عبد السيد بن غبريال بن …
عبد الله
:
عندك عندك! استنَّى أما أروح أندهلك وردان الترجمان بتاعنا هو اللي يعرف
لغتكم.
مرقص
:
لا لا مافيش لزوم، الحكاية ماحاوداش جد كده، أنا بس باعرَّفك باسمي.
عبد الله
:
دا حدوتة مش اسم! النهاية، إزيك ياسي، ياسي إيه؟
مرقص
:
مرقص بن غبريال بن …
عبد الله
:
مرقص وبس ما تقولش الباقي.
مرقص
:
الأمر وما فيه عايز أقصدك في سعال صغير، حضرتك كنت ويَّا العرب لما فتحوا
الشام؟
عبد الله
:
طبعًا، وكنسنا لك الرومان دول حته كنسة لكن على ذوقك.
مرقص
:
الله يبشرك بالخير.
عبد الله
:
وحضرتك بقى من أهالي البلد الصغيرة دي اللي كلمه ورد غطاها؟
مرقص
:
أجول له إيه عاد؟ لع، أنا من عساكر يوكنا حاكم حلب.
عبد الله
:
يوكنا، دا مبقاش اسمه يوكنا، دا أسلم دلوقتي وبقى اسمه عبد الله على
اسمي (مرقص يضحك) بتضحك على إيه يا واد
انت؟
مرقص
:
باضحك على يوكنا اللي أسلم.
عبد الله
:
إزاي بقى؟
مرقص
:
أيوه لإن يوكنا دا جاي معاكم وأسلم مخصوص لاجل ياخد ستي أرمانوسه يوصلها
لخطيبها جسطنطين.
عبد الله
:
يي يي يي، شوف الراجل اللئيم، وعامل إنه جاي ويَّانا علشان يساعدنا؟
وحايوصلها له فين بقى ياسي مرقص وبس؟
مرقص
:
حايوصلها له دمياط؛ لأنه بعت خبر بأنه بينتظرها هناك لاجل ما يسافروا سوا
عن طريق بحر دمياط. ويوكنا دا جاي معاكم بجيشه علشان يأمن على نفسه، وتو ما
وصل لها سالم ياخد ستي يوصلها لخطيبها.
عبد الله
:
لكن خطيبها قسطنطين اللي بتقول عليه دا مات في الحرب يا ابني.
مرقص
:
مات؟
عبد الله
:
مات وبقى ديله سبع لفات.
مرقص
:
واه، الكلام اللي عاتجوله دا صح؟
عبد الله
:
آه، وأنا اللي مخلص عليه بإيدي.
مرقص
:
حقه دلوك لما يبلغ ستي أرمانوسه خبر موته حاتطير من الفرح.
عبد الله
:
ليه، هي بتكرهه؟
مرقص
:
أيوه بتكرهه، وبتحب القائد أوركاديوس بن البرلفكيتوس تيودور.
عبد الله
:
إنت يا واد انت، يا تتكلم زي الناس يا تروح لحالك.
مرقص
:
ليه بس؟ إيه اللي ما فَهْمُوش؟
عبد الله
:
أوركاديوس فِهمناها إنها اسم، والبرفكشيون دا يبقى إيه؟
مرقص
:
آه البرلفكيتوس يعني، دي كلمه لاتينية زي ما تقولوا عندكو أمير
الجيوش.
عبد الله
:
آه، يكونش اللي بنقول عليه احنا الأعيرج؟
مرقص
:
مظبوط، وسبب سميانه الأعيرج إنه كان انصاب في موقعة قبرص بسهم في رجله
خلاه يعرج شويه، ومن يومها العرب سموه الأعرج.
عبد الله
:
بقى الراجل يوكنا الملعون ده منافق للدرجة دي؟!
مرقص
:
بس خلاص اللي أنا جاي أستعلم عنه آديني عرفته، عشان ستي أرمانوسه لما
داخلتها الوسوسه من يمة الأمير يوكنا، بعتتني أسأل إذا كان الأمير جسطنطين
موجود في دمياط بصح والَّا سافر القسطنطينية.
عبد الله
:
روح قولها لا هنا ولا هنا، قل لها سافر الآخرة ومش راجع تاني.
مرقص
(ناظرًا للخارج)
:
طيب بس بس، أحسن الأمير يوكنا جاي على هنا أهه.
عبد الله
(ناظرًا)
:
آه، ولسه بملابسنا العربي ومعاه واحد روماني تاني بيتكلموا باهتمام،
تعالى يا واد يا مرقص اتدارى الناحية دي أحسن يشوفك يؤذيك.
مرقص
:
أيوه أيوه (يختفيان).
يوكنا
(داخلًا مع جندي روماني في ملابس عربية)
:
عظيم قوي، يعني وصَّلت الرسالة بنفسك للأمير كيروس؟
الجندي
:
أيوه، وأول ما قراها وشاف عليها إمضاء الأمير قسطنطين اللي حضرتك …
يوكنا
:
مزروها، هه؟
الجندي
:
أمر في الحال بسفر بنته أرمانوسه على بلبيس، وأهي هناك في انتظار حضرتك
علشان تيجي تستلمها زي ماهو في الجواب، ومن حسن الحظ إن خبر وفاة الأمير
قسطنطين ماحدش هناك يعرفه أبدًا.
يوكنا
:
كويس خالص، ياللا بقى ننتهز الفرصة دي ونسافر حالًا على بلبيس، بس الخوف
ليشيع خبر موت قسطنطين قبل ما أكون استوليت على أرمانوسه؛ لأن الأمير كيروس
يمكن يبعت رساله للعرب والَّا العرب يبعتوا له حد من طرفهم فيبلغهم خبر موت
قسطنطين ويعرفوا إني مزور، وتروح أرمانوسه من إيدي وقليل إن ما قطعوا خبري
بالمرة.
عبد الله
(من مخبئه)
:
إن شا الله.
الجندي
:
أمال إيه الرأي يا مولاي؟
يوكنا
:
الرأي إني أقتل كل رسول أقابله جاي على هنا، أو أشوفه رايح هناك.
عبد الله
(من مخبئه)
:
يخرب بيتك.
يوكنا
:
أيوه علشان أكون مطمن من عدم وصول خبر موت قسطنطين لأرمانوسه أو أبوها أو
حاكم بلبيس.
الجندي
:
رأيك في محله يا مولاي.
يوكنا
:
ودلوقت ياللا بنا بقى قبل ما يروح الوقت (يخرجان).
عبد الله
(يدخل ومعه الطبلة مع مرقص)
:
أما راجل لئيم صحيح، أوعى ياواد يا مرقص وبس يقابلك وانت راجع يخلص على
عمرك.
مرقص
:
طيب توعدني بشرفك توصلني للأمير عمرو علشان أحكي له الحكاية
بنفسي.
عبد الله
:
أعدك بشرفي إني أوصلك للأمير عمرو وتحكي له الحكاية بنفسك.
مرقص
:
طب عن إذنك عاد لما أروح اتدارى في بيت أخوي، ولما الأمير ياخد راحته
ويقوم أبقى جدمني له، نهارك سعيد (يخرج).
عبد الله
:
نهارك سعيد ورحمة الله وبركاته، أعوذ بالله، دول جماعة ملخبطين قوي، آه
من حق أما نجرب أصحابنا ليكونوا دخلوا الخيام وناموا، وابقى أنا اللي صاحي
لوحدي (يدق الطبل فيدخل بعض رجال
العرب).
١
:
ما بالك يا عبد الله؟
٢
:
ماذا جرى؟
عبد الله
:
لا أنا بس باجربكم.
١
:
يا لك من مِهزار!
٢
:
أجل (يخرجون).
عبد الله
:
عال، ما دام هم صاحيين أنام أنا بقى (يجلس) آه في عيونك يا بخيتة، يعني حايتم انتصارنا للنهاية
وتنكتب لي الحياة وأشوفك تاني يا روحي، آه يا بخيتة أظن أول ما تشوفيني
راجع كده منتصر، يا سلام، كانت على طول تروح واخداني بالحضن، وليلتها تدبح
لي الجدي اللي احنا مربِّيينه، أهه أنا ماليش شغلانه هنا في الجيش غير اهجم،
اضرب، عساكر الرومان أهم يا عمرو، ادبح اسلخ (ينام ويحلم) اضرب.
القائد
(داخلًا ومعه كيس نقود)
:
آه، فيه واحد نايم أهه، يظهر إنه من العرب (يقترب مع الضابط).
عبد الله
(يحلم)
:
الرومان، اضرب، اضرب (يهربان
بذعر).
الضابط
(عائدًا بحذر)
:
تعالى ما تخافش يا جناب القائد، دا بيحلم.
القائد
:
الأصوب إني أموته أحسن يروح ينبه العرب ييجوا يموتونا.
الضابط
:
لا، الأحسن قبل ما نموته ناخد منه معلومات عن جيش العرب، علشان نوديها
للقائد أوركاديوس.
القائد
:
في محله (يقتربان ويضعان سيفيهما على عنق عبد
الله).
عبد الله
(يحلم)
:
آه خلاص يا بخيتة، خلاص فتحنا مصر، تعالي في حضني تعالي (يحضن السيفين ويستيقظ) آه والله باين فتح
مصر قفل على عمري أنا!
القائد
:
عايز السيف دا ينشال من على رقبتك؟
عبد الله
:
زي بعضه.
القائد
:
زي بعضه إزاي؟ عايز تموت؟!
عبد الله
:
اللي تحسبوه، العمر واحد والرب واحد والرزق واحد واللي حايموت برضه
واحد.
الضابط
:
يعني إيه؟
عبد الله
:
يعني انتو وذوقكم بقى.
القائد
:
ذوقنا إننا نعفي عنك ونديك الفلوس دي.
عبد الله
:
فلوس، طيب يا خويا هات كتر خيرك (يهم
بالخروج).
الضابط
(يمسك به)
:
تعالى هنا رايح فين؟
عبد الله
:
رايح أدي الفلوس دي لمولاي الأمير عمرو.
القائد
:
لا، الفلوس دي لك انت.
عبد الله
:
ليَّ أنا؟ وعلشان إيه بقى؟
الضابط
:
علشان ماتقول لنا على الخطة اللي ناوي يتخذها جيش العرب في حربنا.
عبد الله
:
أنا! أنا لا أخون أهلي وعشيرتي بمال الدنيا كلها؟ خد فلوسك أهي.
الضابط
:
ماهو إن ماكنتش حاتاخدهم حاييجي غيرك ياخدهم ويقول لنا اللي احنا
عايزينه.
عبد الله
:
أبدًا، العرب مافيهمش راجل ندل يرتكب الخيانة دي.
القائد
:
حيث كده لازم نقتلك.
عبد الله
:
أظن موش من الشرف إنكو تقتلوني وأنا أعزل، إذا كان عندكو شهامة صحيح،
واحد لواحد، واحد منكم يديني سيفه والتاني يبارزني وإذا انتصر عليَّ وقتلني
أموت شهيد إلى رحمة الله.
الضابط
:
عندك حق، خد سيفي أهه (يناوله السيف فيتبارز مع
الثاني).
عبد الله
(بعد محاوره)
:
ومع ذلك إذا قتلتوني موش حاتستفيدوا في شيء (يرجع السيف).
الاثنين
:
إزاي؟
عبد الله
:
أيوه، لأني أنا في جيش العرب زي شرابة الخرج تمام.
الضابط
:
أمال إنت صنعتك إيه عندهم؟
عبد الله
:
أنا أقول لك على صنعتي، بقى مولانا الأمير عمرو عنده حصان، والحصان دا
تمللي بيحْرَن ما يرضاش ينزل الميدان إلَّا إذا كنت أنا أقف قدَّامه أترقص له
واعمل له كده (يدقُّ الطبلَ فيدخل الجميع شاهرين
السيوف).
الرسول
(هاجمًا)
:
عندك (ومعه كتاب).
عمرو
:
كُفَّ عنهما يا رسول أمير المؤمنين.
عبد الله
:
خليه يقتلهم يا مولاي، دول كانوا عايزين يدبحوني.
عمرو
:
كيف؟ أنتما أسيرانا، فسلِّما سيفيكما أو تُقْتَلا.
القائد
:
لا أبدًا، موتونا أحسن.
الضابط
:
لا أنا سيفي أهه، موتوه هو لوحده (يسلِّم
سيفه).
القائد
:
مستحيل، أنا أموت كريم، ولا أعيش جبان ذليل موتوني أحسن.
عمرو
:
في مقدورنا أن نفعل، فالساعة أنت ضعيف ونحن الأقوى كما ترى، ثم إنك كدت
تقتل أحد المجاهدين عُدوانًا منك، فأوجبْتَ علينا قتلك فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا
اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ
الْمُتَّقِينَ بَيْد أن قوتنا تأبى إلَّا أن تهب ضعْفَكَ الحيا،
على أن تسلِّم سيفك وتكون أسيرنا.
عبد الله
:
يا أخي سلم بلاش مقاوحة (يأخذ منه
السيف) هات دول روخرين (يأخذ كيس
النقود) عامل لي فركوكه ياخي، ياباي كلني، فصل لك مني لفة قمر
الدين، الفلوس دي جمعوها من الأهالي ظلمًا وعدوانًا يا مولاي (يعطيهم لعمرو).
عمرو
(لزياد)
:
سلْهُم يا زياد من أصحاب هذه الدنانير، وتوَلَّ إرجاعها إليهم بنفسك، ولا
تنسَ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا
الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ
أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ.
وردان
:
اتبعاني أيها الرجلان.
عبد الله
:
اتبعاه امشي معاه (يخرجان مع
زياد).
عمرو
:
ليتقدم رسول أمير المؤمنين ويُدلِ بكتابه إليَّ (يتقدم الرسول ويعطيه الكتاب) أيها الإخوان، آن لي أن أقول
لكم إن الخليفة عُمر بن الخطاب أرسل لي كتابًا مع هذا الرسول، فلحقني به في
العريش، ولأني خفت أن يكون فيه أمر بإرجاعنا عن فتح مصر، وهو أمر لا بدَّ منه
تشاغلت عن الرسول بالحرب وتوزيع القوات، حتى فتح الله علينا ودخلنا مصر،
والآن هاكم الكتاب، اقرأْه عليهم يا عبد الله ليكون الأمر شورى بيننا
(يعطيه الكتاب).
وردان
:
بسم الله الرحمن الرحيم، من عُمر بن الخطاب إلى العاصي بن العاصي.
جارحة
:
لهجة تنُمُّ عن سخط وعدم رضًى.
عمرو
:
أجل، فقد زينت لأمير المؤمنين غزو مصر فأذن لي، ولكني لم أخطره بقيامي
إليها. أتْمِم يا عبد الله.
وردان
:
أما بعدُ، فإنك قد غررت بمن معك، فإن أدركك كتابي ولم تدخل مصر فارجع، وإن
أدركك وقد دخلت مصر فامضِ واعلم أني مُمدُّك.
عمرو
:
أما وقد دخلنا مصر، فمن رأيي أن نمضي، فهل أنتم موافقون؟
الجميع
:
نعم موافقون.
عمرو
(ينظر)
:
من أرى؟ رجل يزحف في طريقه إلينا؟ لعل به علة أو لعله جريح (يدخل الجريح ويمثُل بين يدي عمرو) ما بك يا
رجل تكلم؟
الجريح
:
آه آه، قتلني يوكنا الخائن.
عبد الله
:
يه، هو عتر فيك انت يا مسكين؟
عمرو
:
ما معنى هذا؟
عبد الله
:
بعدين أقول لك يا مولاي، لأني وعدت مرقص وبس إنه هو اللي يقول لك الحكاية
بنفسه.
عمرو
:
لا بأس، يا نساء العرب، واسينَ الرجل وضمَّدْن جراحه (يحملنه ويخرجن وعبد الله يأخذ من الجريح كتابًا
يعطيه لعمرو).
عبد الله
:
دا معاه جواب دمه زفر.
عمرو
(يقرأ)
:
إن من المقوقس عظيم مصر يعرض علينا أنهم يدفعون لكل جندي من جنود العرب
دينارين ومائة دينار لي وألفًا للخليفة على شريطة أن نرجع من حيث
أتينا.
الجميع
:
كلا، نرفض نرفض.
عمرو
:
إذن فتهيَّئوا للمسير إلى بلبيس، كونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا
وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ
رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ولا
تخشوا قِلَّتكم ولا يغرَّنكم كثرة عددهم كَم مِّن فِئَةٍ
قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ
الصَّابِرِينَ.
أبو ميامين
:
سيروا يا أولادي، الله معكم.
الجميع
:
الله معنا.
عمرو
:
ثِق أيها القس الجليل، أننا معكم ما دمتم معنا، فما أنتم إلا أقرب الناس
إلينا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً
لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ
بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا
يَسْتَكْبِرُونَ.
أبو ميامين
:
صدقت، توجهوا في حراسة الأب والإبن والروح القدس، النصر للعرب.
الجميع
:
النصر للعرب.
عمرو
:
إلى مقاتلة العدو.
الجميع
:
إلى مقاتلة العدو.
لحن
يا كرام الحسب وعظام النسب
أيُّ كفء لكم يا رجال العرب
اطلبوا الأعداء من غير توان
أي شيء ترهبوه في الوجود
كل حي كائن لا شك فاني
ومصير النفس حتما للخلود
نساء
:
بالفطانة والسداد
والرزانة والرشاد
والأمانة والجهاد
كلنا ننول المراد
أقباط
:
عاهدونا بالأمانة
وَعَدونا بالصيانة
طول ما نبقى يد واحدة
ينضمن حتمًا هنانا
الجميع
:
آدي إيدينا في إيديكم
بإننا نفضل إخوان
عهد علينا وعليكم
ما تنقضوش بينا الأديان
والعنصرين لو يتحدم
اللي يفرق بينهم مين
مافيش لا قبطي ولا مسلم
الاتنين يعيشوا متحدين
(ستار)
الفصل الثاني
(في قصر حاكم بلبيس الأميرة أرمانوس جالسة مع وصيفتها.)
برباره
:
إنتي لسه قاعدة بتفكري يا مولاتي؟ إيه فايدة دا كله؟
أرمانوسه
:
آه يا برباره، قد إيه أنا مشغولة البال من غياب مرقص؟
برباره
:
مين عارف يا مولاتي غاب ليه؟ الغايب حجته معاه.
أرمانوسه
:
لكن أنا خايفة من الغيبة دي، خايفة لا يكون وقع في إيد العرب وموتوه؛ لإن
الأخبار وصلت إن العرب خدوا الفرما في اليوم اللي وصلها فيه.
برباره
:
موش جايز يا مولاتي إن يوكنا حاكم حلب اللي جاي علشان ياخدك يوصلك لخطيبك
حسوا العرب بخيانته لهم ومسكوه قتلوه والَّا أسروه، وبالطريقة دي مايجيلكيش
وتفضلي هنا جنب حبيبك أوركاديوس.
أرمانوسه
:
ياريت العرب يموِّتوا الراجل الخاين دا، خصوصًا وإن عندي شك كبير في مسألة
مجيه هنا علشان ياخدني بنفسه لخطيبي، ولكن أنا يستحيل أسافر والَّا انتقل من
مصر واترك فيها حبيبي أوركاديوس.
خادم
(يدخل)
:
مولاتي، حاكم مدينة بلبيس يستأذن بالدخول.
أرمانوسه
:
قول لجناب الحاكم يتفضل.
خادم
:
حاضر (يخرج).
أرمانوسه
:
يا ترى جاي ليه في الساعة دي؟
برباره
:
يمكن جاله خبر إن يوكنا جرى له حاجة وجاي يبشر مولاتي.
أرمانوسه
:
ربنا يحقق كلامك.
الحاكم
(يدخل)
:
أحيي الآنسة أرمانوسه بنت مولاي كيروس حاكم مصر، وأرجو منها أن تسمح لي
بأن أبشِّرها ببشرى عظيمة.
أرمانوسه
:
يتفضل جناب الحاكم يقول لي البشرى العظيمة دي.
الحاكم
:
سمو الأميرة عارفة إن الحرب اللي بيننا وبين العرب كانت سبب في تأخيرها
عن السفر لخطيبها مولاي البرنس قسطنطين بن مولاي.
أرمانوسه
:
هرقل إمبراطور الرومان، عارفة، وأظن لو تكرمت جنابك وقلت لي البشرى دي
باختصار يكون أحسن.
الحاكم
:
حاضر يا مولاتي، بس توعديني سموك إنك تملكي نفسك.
أرمانوسه
:
أيوه، أعدك إني أملك نفسي على قد ما اقدر.
الحاكم
:
وهو كذلك، الخبر المهم دا يا مولاتي، هو إن الأمير يوكنا حاكم مدينة حلب
وصل بلبيس بالسلامة، وجاي هنا دلوقت علشان ياخد مولاتي.
أرمانوسه
:
آه يا ربي، آه آه (يُغمَى عليها).
الحاكم
:
الله الله! أهو دا اللي كنت حاسبه.
برباره
:
كده يا جناب الحاكم موش حرام عليك.
الحاكم
:
ما هو علشان كده ماكنتش عايز أخش في الموضوع على طول، لأني عارف إن وقع
الأخبار اللي تسر زي وقع الأخبار اللي تغم وزياده كمان، خصوصًا مع واحدة
عصبية زي مولاتي أرمانوسه.
الاثنين
:
فوقي يا مولاتي فوقي (تستفيق).
أرمانوسه
:
آه يا ربي، أنا فين؟
برباره
:
على صدري يا مولاتي.
أرمانوسه
:
آه تذكرت، بقى جنابك بتقول إن يوكنا جه علشان ياخدني لخطيبي قسطنطين، موش
كده؟
الحاكم
:
والله يا آنسة (على حدة) أنا خايف لا
من شدة الفرح تموت البنية المسكينة.
أرمانوسه
:
اتكلم ما تخافش، أنا فقت خلاص.
الحاكم
:
باقول إنك حاتسافري دلوقت حالًا يا مولاتي.
أرمانوسه
:
دلوقت حالًا، آه.
الحاكم
:
ومع ذلك تسمح لي الآنسة بحضور الحاكم يوكنا علشان تستعلمي منه
بنفسك؟
أرمانوسه
:
مافيش مانع، إبعته لي.
الحاكم
:
وهو كذلك، عن إذن مولاتي، يا حفيظ دا أتاري خبر الجواز بيفرح البنات قوي
(يخرج).
أرمانوسه
:
آه يا ربي، أنا أصبحت بين نارين دلوقت، أولهم أمر أبويا ليه بالسفر علشان
يزفني على واحد ما احبوش ودا أمر الواجب يحتم عليَّه تنفيذه؛ لأنه والدي ولا
يصحش أخالف له أمر، والتاني في عدم إمكاني ترك حبيبي أوركاديوس اللي ما
اقدرش أفارقه ولا لحظة واحدة، آه دبَّريني يا برباره.
برباره
:
والله يا مولاتي أنا محتارة موش عارفه أقول لك إيه، أحسن طريقة تسلمي أمرك
لله، واللي يعمله ربنا هو اللي يكون.
أرمانوسه
:
اسمعي أنا عرفت الطريقة اللي تنشلني من الموقف دا.
برباره
:
خير إن شا الله.
أرمانوسه
(تخرج خنجر)
:
أهه دا اللي حايخلصني من العيشه المره دي (تهم
بطعن نفسها برباره تخطف منها الخنجر).
برباره
:
إيه! تموتي نفسك؟! لا يستحيل، أنا حاروح أشوف طريقة وابعت لحبيبك
أوركاديوس، يمكن لما يجي تلاقولكم حل يخلصكم من الورطه دي (تخرج).
أرمانوسه
:
أيوه، حبيبي أوركاديوس يحميني، يدافع عني، هو اللي يقدر يمنع سفري دا
علشان ما أفارقوش، أنا حبيبته وأروح أَنْزَف لواحد تاني غيره؟!
الحاكم
(داخلًا)
:
اتفضل، مولاتي الأميرة في انتظارك. السيد يوكنا حضر يا مولاتي.
اتفضل.
يوكنا
(يدخل بملابس رومانية)
:
تحياتي لمولاتي الفاتنة أرمانوسه.
الحاكم
:
عن إذنكو بقى أما أروح أحضر الجنود اللي حايحرسوكم لغاية الحدود، وأنبه
على الأهالي يرفعوا الأعلام ويزينوا البلد علشان يشتركوا مع مولاتي في
سرورها العظيم دا، عن إذنكم (يخرج).
يوكنا
:
تتفضل مولاتي بقراءة جواب خطيبها مولاي الأمير قسطنطين بن مولانا
الإمبراطور العظيم اللي يخوِّل لي حق شرف حراستها، لغاية ما توصل لسموه،
اتفضلي (يركع ويعطيها الكتاب).
أرمانوسه
(تقرأ)
:
إلى عروستي الحبيبة أرمانوسه، لقد تفضل صديقي السيد يوكنا بقبول الذهاب
إلى مصر، متخطِّيًا جميع الأخطار في سبيل العودة بك وحراستك، وتجديني في شوق
عظيم إلى رؤياك معه بمراكبنا التي رست في بحر دمياط لانتظار قدومك بأسرع ما
يكون، وختامًا أتمنَّى لك سلامة الوصول، وأقبلك عن بعد. الإمضاء خطيبك قسطنطين
(ليوكنا) أشكرك يا جناب الحاكم،
وأهنيك على الثقة اللي وضعها فيك سمو البرنس قسطنطين، وأنا كنت أود إني
أسافر معاك دلوقت حالًا، ولكن للأسف ما اقدرش.
يوكنا
:
ما تقدريش ليه، فيه مانع؟
أرمانوسه
:
أيوه لأني مريضة ولا اقدرشي ع السفر، فمن فضلك انتظرني يومين ثلاثة لحد
ما أتمالك صحتي وأروح معاك.
يوكنا
:
للأسف ما اقدرش أتأخر ولا ساعة واحدة؛ لأن أوامر مولاي قسطنطين شديدة
وصريحة، وأمرني بأني أول ما اوصل هنا لازم أرجع له بك حالًا، ثم حضرتك
بتقولي إنك مريضة، مع إن شكلك مايدلش على كده؛ لأن العيون الجميله دي
(متغزِّلًا) والخدود الموردة والشفايف
الياقوتية دي والنهود البارزين دول واﻟ …
أرمانوسه
:
إيه دا ياراجل إنت؟! إنت جاي علشان توصلني لخطيبي والَّا تتمحك فيَّ
وتغازلني؟!
يوكنا
:
لا، بس أنا بدي أقول إن الأشياء دي كلها تدل على إن صاحبتهم سليمة
ومتعافية موش مريضة زي ما بتقولي سموك.
أرمانوسه
(على حدة)
:
آه لو كان الخنجر معاي دلوقت.
يوكنا
:
ياللا استعدي للسفر دلوقت حالًا، والَّا أضطر أخدك بالقوة تنفيذًا لإرادة
مولاي ابن الإمبراطور.
أرمانوسه
:
آه يا ربي.
برباره
(تدخل)
:
مولاتي مولاتي، مرقص جه.
أرمانوسه
:
مرقص؟ إياك يكون جاب لي خبر يسرني يا برباره.
برباره
(ليوكنا)
:
ومعاه واحد بيسأل عليك يا سيدي.
يوكنا
:
عليَّه أنا؟
برباره
:
أيوه أهم، اتفضلوا.
مرقص
(يدخل)
:
ستي ستي، أنا جبت لك الفرج العظيم (يدخل عبد
الله).
عبد الله
:
آه حضرتها ستك أرمانوسه، ما شاء الله، تشرفنا (يرى يوكنا) يه، شيخ عبد الله، إزيك يا شيخ عبد الله، إنت
رجعت تاني؟ عملت طيب، من فات قديمه تاه.
يوكنا
(على حدة)
:
اعمل معروف أسكت دلوقت وأنا أديك ميت دينار.
عبد الله
:
ميت دينار؟
يوكنا
:
أيوه.
عبد الله
:
إيدك.
يوكنا
:
أهم، وبعدين أديك ميت دينار تانيين.
عبد الله
(لأرمانوسه)
:
وحضرتك موش استعديتي علشان تسافري لخطيبك؟
أرمانوسه
:
أهه يوكنا بيقول إنه لازم ياخدني له ولو بالقوة، وللسبب دا مضطرة إني
أسافر.
عبد الله
:
يوكنا؟ إنت رجعت تاني يا يوكنا؟
يوكنا
:
ماقلنا أسكت دلوقت.
عبد الله
:
آه صحيح أنا نسيت، طيب حيث كده، خد يا مرقص الميت دينار دول، جهز لستك
الشيء اللي يلزمها (يعطيه
النقود).
يوكنا
(على حدة)
:
يقصد إيه بكده يا ترى؟
عبد الله
:
أوعى تقصر في حاجة، اصرف بسخاء، هات لها مقامها سبع أدراج حرير، ودرج
أطلس.
أرمانوسه
:
يعني إيه؟ أنا موش عايزه حاجة أبدًا.
يوكنا
:
لا لا مافيش لزوم، أنا حاخدها بهدومها كده زي ما هي.
عبد الله
:
لا، هي موش عايزة تندفن بالأفرنجي، لازم تجيب كفن كويس.
أرمانوسه
:
كفن إيه وسبع تدراج إيه؟! موش تفهموني إنتو بتقولوا إيه؟
عبد الله
:
أنا أفهمك، إنت دلوقت موش رايحة لخطيبك قسطنطين؟
أرمانوسه
:
أيوه.
عبد الله
:
طب بما أن قسطنطين مات، وانت عايزة تروحي له فلازم تموتي إنت
كمان.
برباره
:
مات، يا ألف نهار أبيض.
أرمانوسه
:
صحيح قسطنطين مات؟
عبد الله
:
مات وبقى ديله عشر لفات.
مرقص
:
أيوه يا ستي، وأنا بنفسي اتوكدت من الخبر دا.
يوكنا
:
لا أبدًا، دول كذابين منافقين، ولازم حد مسلطهم يقولوا كده علشان يخوِّفوا
المصريين من العرب، ودلوقت لما تروحي معايا وتقابلي خطيبك حاتتأكدي إن كلامي
في محله.
عبد الله
:
عبد الله، داحنا دافنينه سوا.
يوكنا
:
هو إيه ده يا راجل انت؟ أنا ما اعرفكش، إنت راجل كذاب.
عبد الله
:
أنا كذاب؟
يوكنا
:
أيوه كذاب.
عبد الله
(يأخذ الكيس من مرقص يعطيه لأرمانوسه)
:
طيب اتفضلي حضرتك إقري الاسم المكتوب على الكيس ده.
أرمانوسه
:
إيه! يوكنا.
عبد الله
:
دول اداهم لي دلوقت أجرة سكوتي موش أجرة الكلام اللي قلته، ومع ذلك خد
فلوسك أهي إنت أولى بها، لأنك إنت هنا تعتبر غريب أما أنا ما دمت مع إخواني
المصريين أصبحت هنا في بلدي.
يوكنا
:
لا، أبدًا، ده كلام فارغ.
عبد الله
:
فارغ، خد المليان أهه (ويعطيه الخطاب)
اقرأ بقى وسمعنا الكلام الطعم (يوكنا ينظر في
الخطاب ويضطرب) هيه؟ لقيته فارغ ولا مليان؟
الحاكم
(يدخل)
:
اتفضلوا، كل شيء جاهز للسفر، اتفضلي يا سمو الأميرة، أنا مزين البلد
كلها.
عبد الله
:
حضرتك مزين البلد؟
الحاكم
:
أيوه.
عبد الله
:
تعالى خدلي دقني تعالى.
الحاكم
:
هيه، بيقول إيه ده؟
أرمانوسه
:
لا لا، حضرته حاكم البلد.
عبد الله
:
آه.
أرمانوسه
:
مزين البلد، يعني عامل فيها زينة، لما عرف إني رايحة للأمير
قسطنطين.
عبد الله
:
لا، روح طَرْبق الزينة بتاعاتك، هي موش رايحة لخطيبها دلوقت.
الحاكم
:
أمَّال حاتروح إمتى؟
عبد الله
:
بعد عمر طويل طبعًا.
الحاكم
(ليوكنا)
:
يعني إيه؟ هي موش مسافرة معاك؟
يوكنا
:
لا، أنا مسافر وحدي.
الحاكم
:
ليه بقى؟
يوكنا
:
بعدين أفهمك (لعبد الله) وأنا حاجتهد
إني أرد عالجواب ده، وأتعشم إن الرد يعجب اللي بعتك به، اتفضل يا جناب
الحاكم (يخرجان).
عبد الله
:
أيوه، رد زي بتاع حلب يا سي يوكنا.
أرمانوسه
:
أما شيء غريب، رد إيه اللي بيقول عليه ده؟ وجواب إيه اللي اديته له ولخبط
كيانه وخلَّاه بالشكل ده؟ (تمر وسط) موش
تفهموني بس الحكاية إيه؟
عبد الله
:
أنا أفهمك، بقى الجواب اللي اديته له ده من مولاي الأمير عمرو، بيفهمه فيه
إنه عرف خيانته للعرب بعد ما أسلم وصافحهم وانضم لهم، وإنه عرف كمان إنه جه
هنا مخصوص علشان ياخدك لنفسه لأنه بيحبك، وإن الجواب اللي بعته لوالدك
والجواب اللي اداهلك الاتنين مزورين، ومولاي الأمير عمرو بيحذره في الجواب
اللي اديتهوله إنه مايمسِّكيش بسوء ولا يتعرضلكيش بأي شر.
أرمانوسه
:
طيب والرد اللي بيقول عليه ده يبقى إيه؟
عبد الله
:
الرد ده معناه إنه بيتوعدنا إنه حاينضم للرومان تاني ويحارب العرب ويَّاهم.
فهمتي بقى يقصد إيه الراجل الخاين ده؟
أرمانوسه
(تمر شمال)
:
آه يا ربي! أخلص من مصيبة أقع في أشر منها.
عبد الله
:
ليه بقى؟
أرمانوسه
:
أيوه لأن العرب اللي جايين دول موش ربما يتغلبوا على الحمله الرومانية
ويدخلوا بلبيس.
عبد الله
:
ربنا يسمع منك، أمَّال احنا جايين هنا نتفسح!
برباره
:
ووقتها نبقى خلصنا من يوكنا ووقعنا في إيدين العرب، ودول ناس ما يعرفوش لا
شفقة ولا رحمة.
عبد الله
:
لا غلطانه يا … اسمها إيه دي؟
مرقص
:
اسمها برباره.
عبد الله
:
غلطانه يا بربوره.
مرقص
:
لع يا برباره، دول ناس مافيش أحسن منهم ولا من أخلاقهم، أنا شفتهم بعيني
في الفرما، موش أميرهم عمرو هو اللي بعت الجواب ليوكنا علشان ما يتعرضلكيش
بسوء.
عبد الله
:
أيوه وبعتني أنا كمان علشان أكشف لكم سرَّه، وده يبقى دليل على كرم الأخلاق
وحسن الصنيع فهمتي بقى يا بربورة؟
مرقص
:
لع، برباره يا عم عبد الله.
عبد الله
:
برباره بربوره خليها تتلطع هناك بلاش قرف يا أخي!
مرقص
:
وفي الحقيقة يا ستي، مسألتك دي الفضل فيها لعم عبد الله؛ لأنه هو اللي
قدمني للأمير عمرو، وهو اللي فهمه كل شيء وخلَّاه يعمل كده.
أرمانوسه
:
ودلوقت أتقدم لك يا عم عبد الله معترفة بفضلك وجميلك، لأنك كنت السبب في
إنقاذ حياتي.
عبد الله
:
أستغفر الله، الفضل كله له وحده.
برباره
:
مبروك يا مولاتي (وحده) أما أروح أدي
خبر لأوركاديوس باللي حصل وأطمنه، عن إذنكم عن إذن مولاتي، أنا رايحة
وراجعة تاني (تومئ برأسها).
أرمانوسه
:
رايحة؟
برباره
:
أيوه وراجعة تاني (تخرج).
أرمانوسه
:
مخلصه قوي برباره، تحبني زي أختي تمام.
عبد الله
:
إي، وهي لو ماكنتش تحبك زي أختك مكانتش تقولك رايحة وراجعة (يومئ برأسه).
أرمانوسه
:
يعني إيه يا عم عبد الله؟ غرضك تقول إيه موش فاهمة؟
عبد الله
:
إنتي موش فاهمة ولكن أنا فاهم، دانا عمك عبد الله والأجر على الله، ومع
ذلك تأكدي إن سرك في بير ومستحيل إن حد يطلع عليه.
الخادم
(يدخل)
:
مولاتي، بالباب راجل يستجير وعاوز يقابل مولاتي.
أرمانوسه
:
خليه ييجي.
الخادم
:
حاضر يا مولاتي (يخرج ويدخل
أسطفانو).
مرقص
:
إيه! عمي؟ مالك يا عمي فيه إيه؟
أسطفانو
:
إنت هنا يا مرقص ومارية خطيبتك خطفوها من البيت؟
مرقص
:
مين؟ مارية خطيبتي، ومين اللي خطفوها يا عمي؟
أسطفانو
:
خطفها الواد الملعون ابن عمدة بلدنا اللي حدا بلبيس؛ لأنه كان عاوز
يتجوزها واحنا ما رضيناش لأنها مخطوبة ليك انت يا ابن أخوي.
أرمانوسه
:
وابن العمدة ده روماني؟
أسطفانو
:
أيوه يا ستي روماني، بلبوس والا مينوس.
مرقص
:
وراحوا بها مناني يَمَّة يا عمي؟
أسطفانو
:
راحوا بها جهة مغرب، يظهر إنهم قاصدين عين شمس.
مرقص
:
لا، أبدًا، أنا لازم أحصلهم وأخلَّص منهم حبيبتي (يهم بالخروج).
عبد الله
(وحده)
:
يظهر إن عندهم شوطة خطف بنات اليومين دول.
أرمانوسه
:
استنَّى يا مرقص أما نتدبر في طريقه نخلص بيها حبيبتك مارية؛ لأنك لو رحت
لوحدك أظن موش كفاية.
الخادم
(يدخل)
:
جناب حاكم بلبيس يا مولاتي.
أرمانوسه
(منشرحة)
:
جه في وقته (للخادم) خليه
يتفضل.
الخادم
:
حاضر يا مولاتي (ويخرج فزعًا).
الحاكم
(داخلًا)
:
أنا بلغني خبر الراجل اللي جه هنا النهارده، وخفت ليكون مجيه يعكر مزاج
سموك، وجيت علشان أستطلع الخبر بنفسي.
أرمانوسه
:
أرجوك يا جناب الحاكم، تبعت فرقة من العساكر تبحث عن مينوس ابن عمدة بلد
الراجل ده، ويقبضوا عليه هوه واللي ويَّاه؛ لأنهم خطفوا مارية خطيبة مرقص من
بيت أبوها ده.
الحاكم
:
أمر سموك، تعال يا أسطفانوس علشان ترشدهم على البنت دي (يخرج).
أسطفانوس
:
كتر خيرك يا ست، ربنا يوتَّك حزامك يا ست (يخرج
مع مرقص).
عبد الله
:
وأنا عن إذنك أما أروح أطَّمن على جماعتنا كتر خيرك يا ست، ربنا يوتَّك
حزامك يا ست (يخرج).
أرمانوسه
:
يا ترى برباره وصَّلت الخبر لحبيبي أوركاديوس والَّا لأ آه يا ربي! إمتى أشوفه
وأمتع نظري برؤياه؟
برباره
(داخلة مسرعة)
:
بشرى يا مولاتي بشرى، حبيبك أوركاديوس جه أهه (يدخل أوركاديوس).
أرمانوسه
:
أوركاديوس حبيبي.
أوركاديوس
:
أرمانوسه حبيبتي (ويدخل مرقص مع
مارية).
أرمانوسه
(وقد رأت الاثنين متعانقين)
:
إيه! مين دي؟!
مرقص
:
دي مارية خطيبتي يا مولاتي.
أرمانوسه
:
إيه! خطيبتك! ومين اللي خلصها؟!
أوركاديوس
:
أنا.
أرمانوسه
:
إزاي ده يا حبيبي؟
أوركاديوس
:
وأنا جاي على هنا سمعت صوت بيستغيث، فرحت ناحيته قمت لقيت جماعه عايزين
يغتصبوها، فرحت مخلَّصها منهم، واللي زادني سرور إني عرفت إنها خطيبة مرقص
خدَّامك الأمين.
مرقص
:
موش عارف بأي لسان أشكرك يا مولاي؛ لأنك رديت لي حياتي رديت لي روحي،
رديت لي مارية حبيبتي.
مارية
:
مولاي أوركاديوس شجاع مافيش منه، دول عشرة كانوا خاطفيني، هجم عليهم بكل
بسالة وراح مخلصني منهم.
أرمانوسه
:
آه يا حبيبي.
أوركاديوس
:
آه يا حبيبتي! (يتعانقان، مرقص يعانق
مارية.)
برباره
:
آه (وتخرج).
مرقص
:
حياتي بعد النهارده أصبحت ملكَكْ، أتصرف فيها زي ما يعجبك، أنا من دلوقت
أصبحت عبدك.
مارية
:
وأنا جاريتك يا مولاي؛ لأنك صنت كرامتي.
أوركاديوس
:
أنا ماعملتش إلَّا الواجب ولا شكر على واجب.
أرمانوسه
:
آه، من حق يا مرقص، روح لاحظ عبد الله لحد ما يخرج من البلد أحسن يتوه
والَّا حد يتعرض له من الأهالي ويؤذوه ونكون احنا السبب.
مرقص
:
حاضر يا مولاتي.
أوركاديوس
(في استغراب)
:
عبد الله! عبد الله ده مين؟
أرمانوسه
:
ده رسول أمير العرب اللي أرسله ليوكنا لما كان جاي يا خدني.
أوركاديوس
:
آه أيوه صحيح، خدامتك برباره قالت لي عن كل شيء.
مرقص
:
يله يا مارية أوصلك لحد البيت، وأراقب عم عبد الله زي ما دالت مولاتي
(يخرجان).
أرمانوسه
(لأوركاديوس)
:
آه يا حبيبي، أنا كنت حا اموِّت نفسي لما جه يوكنا الملعون ده وقال لي
إنه عاوز يودِّيني لخطيبي.
أوركاديوس
:
آه! الخاين! لو كنت لحقته هنا كنت مزجت الأرض بدمه؛ لأن لا الإمبراطور
نفسه ولا أهل الأرض كلهم يقدروا يتحصلوا على شعرة واحدة منك، وأنا على قيد
الحياة.
أرمانوسه
:
شجاع شهم كريم جميل، كل الأوصاف اللي تحبِّب النساء في الرجال موجوده فيك
إنت يا … يا خطيبي المحبوب.
أوركاديوس
:
خطيبك! يا للسعادة! (يقبل يدها فيرى
الخاتم) إيه! إنتي لسه يا حياتي محتفظة بالخاتم ده في
صباعك؟!
أرمانوسه
:
دا أنا أحتفظ به في قلبي موش في أصابعي.
أوركاديوس
:
وأنا … موش تتكرمي عليَّ بشيء أحفظه معاي تذكار منك.
أرمانوسه
:
حياتي كلها لك، خد الصليب ده اللي كانت أهدته ليَّ والدتي قبل وفاتها
(تخلع السلسلة بالصليب).
أوركاديوس
:
أشكرك يا حبيبتي، وأنا متأكد إن الصليب ده حايدفع عني كل أذى ويبعد عني
كل شر (يهم بتقبيلها).
أرمانوسه
:
لا لا يا حبيبي، ارجع، إنت دلوقت خطيبي وبكره حتكون زوجي، وأنا أحب أنزف
لك وأنا طاهرة عفيفة.
أوركاديوس
:
وهوَّ انتي كنتي أهلًا لأوركاديوس إذا ماكنتش متأكد من شرفك وعفافك؟ ده
أنا معجب قوي يا حياتي بأخلاقك دي ودلوقت أستودعك الله (يهم بالخروج).
أرمانوسه
(تمنعه)
:
أوركاديوس، على فين يا حبيبي؟
أوركاديوس
:
إلَّا على فين! على الحصن لأن الحاله حرجه قوي، والواجب يدعوني للسرعة في
المِرواح.
أرمانوسه
(بدلال)
:
وأهون عليك تسيبني بالسرعة دي؟
أوركاديوس
:
وانتي يهون عليكي يقولوا عني جبان هربت وقت الشدة وتخليت عن الواجب؟ شرف
أمتي وبلادي يناديني بأعلا صوت، ويقوللي الواجب الواجب. فالواجب قبل كل
شيء.
أرمانوسه
:
أوركاديوس، أخاف عليه من النسيم فما بالك من السيوف والنبال؟!
أوركاديوس
:
يكون في معلومك إن السيوف والنبال أرق عندي من النسيم في سبيل خدمة أمتي
وبلادي، ثم إذا كُتِبت لي الحياة بعد كده تبقى تفتخري وتقولي: أنا أتجوزت
راجل صحيح عرف معنى الحياة والواجب.
أرمانوسه
(مُتعلِّقة بعنقه)
:
آه! حبيبي أوركاديوس!
أوركاديوس
:
آه! سبيني، اتركيني.
أرمانوسه
:
أبدًا، أبدًا.
لحن
أوركاديوس
:
يرضي مين الحكم ده
قلبي يصبح بين نارين
وأترك إزاي العدا
ووفايا لأهلي وين
أرمانوسه
:
أهون عليك تترك قلبي
مغرم مختار
وحياة وفاك انت في حبي
ماتسيبني في نار
أوركاديوس
:
الغرام بيقول يغادر
وفِّي واجبك في الوداد
والشرف بيقول يا غادر
تهرب إزاي من الجهاد
أرمانوسه
:
يستحيل أترك حياتي
فيك هنايَ وعلتي
أوركاديوس
:
أنا راضي بمماتي
في الدفاع عن أمتي
كل مجرم كل خاين
اللي يترك واجباته
مهما كان بالحب مغرم
بلاده هي أَوْلى بحياته
برباره
(داخلة)
:
مولاتي، الأخبار وصلت القصر إن العرب اتغلبوا على القوة الرومانية ودخلوا
بلبيس.
أوركاديوس
:
إيه! فتحوا الحصن وأنا هنا؟! آه! ضاع شرفي، ضاعت كرامتي، لكن لا،
أبدًا، أنا لازم أروح أدافع بروحي، بحياتي، بدمي.
أرمانوسه
:
تدافع بإيه يا حبيبي، وانت أعزل من غير سلاح؟!
أوركاديوس
:
زي بعضه! موش غايته الموت، أهو ده اللي أنا عاوزه علشان أخلص من العار،
من الجريمة اللي ارتكبتها (يخرج).
مرقص
(يدخل)
:
مولاتي، خلاص العرب دخلوا القصر وهم جايين على هنا أهم.
أصوات
(من الخارج ويدخل عمرو)
:
الله أكبر، لقد انتصرنا وما النصر إلا من عند الله!
الجميع
:
وما النصر إلا من عند الله.
عمرو
:
هذا أنت يا مرقص؟
مرقص
:
أيوه يا سيدي الأمير، الحمد لله على سلامتك.
عمرو
:
طاب يومك (وتقدَّم في الوسط) ومن هؤلاء
الحرائر؟
عبد الله
:
دي الأميرة أرمانوسه كريمة المقوقس، وحضرتها بربورة.
أرمانوسه
:
أيوه يا أمير العرب، ولا يساعنيش دلوقت قدام كرم أخلاقك وأدبك إلَّا إني
أتقدم إليك بواجب الشكر على المروءة والشهامة اللي ظهروا منك، خصوصًا وإنك
كنت السبب في خلاصي من الراجل السافل ده.
عبد الله
:
آه! من حق ياسي يوكنا، فين رد الجواب اللي قلت عليه؟
يوكنا
(همسًا لعبد الله)
:
عبد الله، أنا في عرضك!
عبد الله
:
إنت خليت لي عرض بعد اللي عملته، مافهمته كل حاجة، دا عمرو والأجر على
الله!
عمرو
:
أجل، وقد نفَّذ ما توعَّد به، ألم يرتد عن الدين وينضم إلى عدونا
ويحاربنا؟
يوكنا
:
تُبْت يا أمير العرب، ارحمني، اعف عني، سامحني المره دي، وأنا أقسم لك إني
أكون تحت تصرفك ولا أخرجش عن طاعتك أبدًا.
عبد الله
:
يا خويا! بيقول لمين الكلام ده! وهو ياكل من دول أوعى يا مولاي، دا راجل
ده.
عمرو
:
إنَّا نأخذك الآن بتهمتَي ارتدادك عن الدين، وخيانتك لمن آمنوك على حياتك
ومالك وأهلك.
يوكنا
:
ولكني تُبْت ورجعت وندمت على ما فعلت وعزمت على أن لا أعود أبدًا، وأقسم لك
على ذلك.
عمرو
:
هيه، أَقسمتَ جَهْدَ إيمانك فهل أنت بارٌّ بقسمك بعد الذي كان
منك؟!
عبد الله
:
أبدًا، مستحيل، اللي فيهنشي ما يخليهنشي وهو فيه بعد ما كان مسمِّي نفسه
الشيخ عبد الله ورجع قَلَب يوكنا تاني؟!
عمرو
:
مع ذلك فقد عفوت عنك.
الجميع
:
كيف؟ كيف؟!
عمرو
:
نعم، كي لا يُقال إنا أخذناه بعد توبة: فَمَنْ تَابَ
مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ
اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ.
عبد الله
:
أهو إنت كده، موش مخسَّرك إلَّا طيبتك دي يا شيخ.
عمرو
:
أَمَّا قَتْلُكَ الرجلَ الذي جاءَ إِليْنَا في الفرما بكتاب عظيم القبطِ
فستؤدي عن قتلِه حسابًا لولِيِّ دمه!
عبد الله
:
آه! وآدي تهمه تانية.
عمرو
:
وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا
لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا.
يوكنا
:
لكن إنت موش خلاص عفيت عني يا أمير؟
عبد الله
:
لا، دي جنحة جديدة تبع قسم مصر عتيقة.
عمرو
:
عفوتُ عنك فيما نالنا منك، والآن أنا مرسلك إلى المقوقس لأنك قتلت رجله
وحاولت العبث بابنته، وله وحده الحق في أن يعفو عنك أو يعاقبك على هاتين
الجريمتين.
عبد الله
:
أهو كده العدل، يحيا العدل.
الجميع
:
يحيا العدل.
يوكنا
:
يعني ميت ميت.
عبد الله
:
من غير مقاطعة، بس بدال ما كنت حاتموت بالعربي حاتموت
بالهروغليفي.
عمرو
:
والآن، اعلمي يا ابنتي أنك في ذمتنا، فإن شئتِ البقاء هنا فعلى الرحب
والسعة، وإلَّا أرسلناك إلى أبيك عزيزة كريمة.
أرمانوسه
:
ألف شكر للعرب وأيد العرب، وأنا أفضِّل أني أروح لوالدي.
عمرو
:
إنت وما ترغبين. يا عبد الله.
عبد الله
:
مولاي.
عمرو
:
اذهب ومعك مرقص إلى قصر الشمع بمنف، وخذ معك الحرس الكافي لإيصال الأميرة
أرمانوسه إلى أبيها، وكذلك سلِّماه يوكنا وكونا شاهدين أمام المقوقس على ما
جَنَت يداه.
عبد الله
:
أمر مولاي.
عمرو
:
ولا تنسَ أن تسلِّم المقوقس كتابي الذي أعطيتك إياه ردًّا على كتابه إليَّ
بالفرما، هيَّا على بركة الله.
عبد الله
:
اتفضلي يا أميرة، وبربورة رايحة وراجعة (يخرجان).
جارجة
:
أي عمرو، ما كان أولانا بالاقتصاص من يوكنا لولا أنك عفوت عنه.
عمرو
:
لا تظن يا جارجة أني عفوت عنه لمجرد الإبقاء على حياته، وإنما أردت أن
أرسله للمقوقس كمقدمة لحسن التفاهُم بيننا وبينه. إن يوكنا قتل رسول المقوقس
وحاول العبث بابنته، فإذا ما تولَّى عقابه وشفى منه غلته هدأت بذلك ثائرة
حفيظته وعدَّه جميلًا منَّا، تتوطد به علائق الود الذي خطبه على يد رسله
إلينا.
الجميع
:
صدقت عمرو.
عمرو
:
والآن قد جاءني الرسول قائلًا إن حامية من جيش العدو عِدَّتها عشرون ألف
مقاتل، وعلى رأسهم الأعيرج قائد القوات الرومانية يرابطون في عين شمس، وإن
معظم الجيش في حصن بابليون الواقع على الضفة الشرقية من النيل، وإنهم قد
مَلئوا خندق الحصن بالمياه ليستعصي علينا، فهل لديكم من وسيلة تضمن لنا
اقتحام هذه العقبات.
جارجة
:
لا يسعنا بعد ما رأينا من حسن بلائك وسديد آرائك إلَّا أن نسلم إليك أمر
قيادتنا بلا معارضة ولا ممانعة.
وردان
:
أجل لك الأمر وعلينا الطاعة.
الجميع
:
نعم لك الأمر وعلينا الطاعة.
عمرو
:
إذن، يجب أن نهاجم القوة المرابطة في عين شمس حتى إذا تمَّ لنا النصر عليهم
بصدق همَّتكم ومضاء عزيمتكم — إن شاء الله — نحاصر الحصن حتى يأتينا المدد من
أمير المؤمنين، أما وسائل الهجوم على هذه القوة فسأدبِّرها معكم بحسب مقتضيات
الأحوال، هل لأحدكم رأي غير هذا؟
الجميع
:
كلا كلا.
عبد الله
(يدخل قابضًا على أوركاديوس)
:
أبي.
عمرو
:
ما بك؟
عبد الله
:
وجدنا هذا الرجل ينساب كالأفعى، فارتبنا به وخلناه جاسوسًا، وبتفتيشه
وجدنا معه هذه (ويعطيه السلسلة
بالصليب).
عمرو
(يتأمَّلها)
:
إن عليها رمزًا بلغة أعجمية، خذ يا وردان واستطلع لنا ما عليها.
أوركاديوس
:
ردوا لي السلسلة دي، إنتو تطلبوا حياتي وحياتي دلوقت بين إيديكم.
وردان
:
مكتوب عليها اسم أرمانوسه.
عمرو
:
بنت المقوقس، لقد فهمت.
أوركاديوس
:
تأكدوا أني لو كنت على جوادي ومعي سلاحي ما كانش حد منكم قدر يقبض عليَّ
أبدًا.
عمرو
:
ومن أي القوات أنت؟ أمن حامية الإسكندرية أم من فصائل منف أم من جنود
النجدات التي جاءت أخيرًا من القسطنطيين؟
أوركاديوس
:
إنت يظهر إنكم على علم بجميع قوات الرومان.
عبد الله
:
كيف لا؟ أترانا نقدم على مهاجمتكم ونحن على جهل بما لديكم من قوة؟!
أوركاديوس
:
أنا من حامية الإسكندرية.
عبد الله
:
لعلك من فرقة القائد أوركاديوس.
عمرو
:
بل هو أوركاديوس نفسه.
أوركاديوس
:
أنا؟ أبدًا، وهو القائد أوركاديوس يخرج من المعسكر إلَّا محاط بألوف من
الجند.
عمرو
:
ومع ذلك فقد خرج اليوم مُنفرِدًا يستره هذا الرداء ليتمكن من مقابلة حبيبته
أرمانوسه، وإلَّا فلِمَ أنت محتفظ بهذه السلسلة؟ وما معنى اهتمامك بها ولأي
مناسبة وُجِدتَ حول المكان الذي كانت فيه أرمانوسه؟
أوركاديوس
:
كنت خارج من الحصن في قضاء حاجة، وقبضوا عليَّ رجالك وأنا أعزل ودي ندالة
منهم.
عبد الله
(يجرِّد حُسامَه)
:
لا تقُل نداله.
عمرو
:
دعه لي يا بُني.
عبد الله
:
ولكنه تجاوز حدَّ اللياقة في خطابه يا أبي.
أوركاديوس
:
تهددوني، هو أنا من اللي يهابوا الموت؟!
عمرو
:
إنا سنبقي عليك، بشريط أن تخلص لنا.
أوركاديوس
:
مستحيل، أنا أخون دولتي وأكون معاكم ضد رجالهم؟! أبدًا، دي اسمها خيانة،
اسمه جبن.
عبد الله
:
كفى، كفى، ألا تدعني أقتله يا أبي.
عمرو
:
كلا، إنه بارٌّ بأهله، مخلص لعشيرته، متفانٍ في حب بني جنسه. إن ما تأخذه
أنت يا بُني على هذا الفتى، أكْبرَه في نظري وزادني إعجابًا به، إنه لذو فضل
على قومه، والأفضل ما شهدت به الأعداء.
أوركاديوس
:
وهل تظنوا أني أرضى بذل الأسر عندكم؟ أبدًا، اقتلوني أحسن لنا
ولكم.
عمرو
:
ليس من الشهامة أن نقتلك وأنت أعزل.
أوركاديوس
:
إذن إدوني سيف وواحد منكم يبارزني، فإن انتصر وقتلني أكون استريحت وإن
قتلته أكون انتصرت وتطلقوا سراحي.
عبد الله
:
إذن فأنا له.
الجميع
:
أنا له، أنا له.
عمرو
:
كلا، إنه أسيري وأمره الآن بيدي، فليس له من أحد سواي، خذ هذا ودافع عن
نفسك (يعطيه سيفًا. يتبارزان، فيتغلب عمرو على
أوركاديوس).
أوركاديوس
:
اقتلني، أنا دلوقت بين يديك.
عمرو
:
كلا، بل أهبك حياتك وأعفو عنك (ينهضه)
لقد طلبت منازلتنا ففعلنا، وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللهِ. والآن اذهب إلى قومك فأنت حرٌّ لوجه الله. خذ، إليك هذه (يعطيه السلسلة. يخرج أوركاديوس
مُتخاذِلًا).
عمرو
:
والآن هلموا إلى مقاتلة العدو.
(الجميع يقولون لحن ختام الفصل):
العرب
:
لما عفا الأمير وعفوه عن مقدرة
أنعم به تدبير ما كان للقياصرة
رأى العدو منا كفاءة في الحرب
وراح يروي عنا سلامة في القلب
نساء
:
رفعتوا رءوسنا فوق الأمم
من الشجاعه من الكرم
وبعد صيتكم ومجدكم
أشهر من النار فوق العلم
رجال
:
رأوا في الحرب أُسدًا يرهبوها
وفي السلم رأوا منا كرامًا
وفي الحالين أسرفنا وإنا
لفي الحالين أولينا احترامًا
نساء
:
إن شاء الله دايمًا تحموا شرفنا
واحنا في حجاكم نصون عفافنا
رجال
:
سوف ترونا إنا نقوم بالذي وجب
وعندها تقلن عاشت همة العرب
عاشت همة العرب
(ستار)
الفصل الثالث
(في قصر المقوقس حاكم مصر بمنف.)
المقوقس
(من الخارج)
:
كونوا مطمئنين لأن الحاله اتحسنت ولا فيش خوف علينا مطلقًا، ثم كونوا على
استعداد لأن النهارده يمكن يجينا ضيوف من أكابر العرب.
أرمانوسه
(تدخل)
:
إيه؟ ضيوف من أكابر العرب.
المقوقس
:
أيوه يا بنتي، لأنه بلغني إنهم عاوزين يصطلحوا معانا.
أرمانوسه
:
وأظن الدولة الروماية دلوقت يا والدي ما ترفضش الصلح مع العرب بعد اللي
شافوه منهم.
المقوقس
:
بالطبع، وخصوصًا بعد ما جاءنا الأخبار بموت الإمبراطور هرقل وحدوث
الاضطرابات الداخلية في البلاد؛ ولذلك بعتولي أمر يقولولي فيه إذا فتحت
العرب حصن بابليون اتفق معاهم على شروط صلح، وهاتها وتعال على القسطنطينية
للإقرار عليها.
أرمانوسه
:
بقى الضيوف العرب اللي بتقول عليهم دول جايين يتفاوضوا في مسألة
الصلح.
المقوقس
:
أيوه يا بنتي.
أرمانوسه
:
ولكن أنا شايفه يا والدي إنك ميَّال للعرب قوي.
المقوقس
:
طبعًا، هو أنا أنسى مروءة الأمير عمرو اللي عملها معاكي في بلبيس لما
بعتك من هناك مع خدامه الخصوصي اللي اسمه عبد الله.
أرمانوسه
:
أيوه يا والدي، مظبوط.
المقوقس
:
ودلوقت بقى يا بنتي رايح انتظرهم على الشرفة المطلة على باب القصر، أحسن
حد منهم ييجي والَّا يبعتوا رسول من طرفهم.
أرمانوسه
:
اتفضل يا والدي (يخرج
المقوقس).
برباره
(تدخل)
:
إنتي هنا يا مولاتي، مالك زعلانة ليه؟
أرمانوسه
:
آه يا برباره، عشر شهور من يوم ما كنا في بلبيس لحد دلوقت ما شفتش فيهم
حبيبي أوركاديوس، وتلاقيني خايفة عليه جدًّا، خصوصًا بعد ما جه المدد للعرب
من الخليفة بتاعهم.
برباره
:
ياريت يا مولاتي كان فيه طريقة تجيبه هنا وأنا ماكنتش أتأخر عنها أبدًا
لكن ما باليد حيلة، حانعمل إيه بقى؟
أرمانوسه
(تنظر)
:
الله! تعالي بصي، مين اللي نازل من القارب دا على سلم القصر؟
برباره
:
أما أروح أشوف مين (تخرج).
أرمانوسه
:
يا رب يكون هو حبيبي أوركاديوس. آه! حبيبي أوركاديوس.
أوركاديوس
(داخلًا)
:
أيوه حبيبك أوركاديوس، كنت منتظراني؟ أنا عارف، قولي لي إيه اللي أزعجك
وخلاكي بعتي لي الجواب المستعجل باللهجة الشديدة دي؟
أرمانوسه
:
جواب مستعجل! لهجة شديدة! إنت بتقول إيه يا حبيبي؟! أنا موش فاهمة.
برباره
:
يظهر إن السيد أوركاديوس لما طالت عليه المده من غير ما يشوفك ولا يشوف
مرقص ولا عبد الله علشان يسألهم عنك اتصور إنك في خطر فجا علشان يطمن
عليكي.
أوركاديوس
:
لا، أبدًا، ده عبد الله خدامك جاني النهارده الصبح واداني جواب وقل لي
إنه منك، وفهمني إنك في خطر شديد ولا يمنعش عنك الخطر ده إلَّا حضوري عندك،
وعلشان كده أنا تركت الحصن وجيت.
أرمانوسه
:
غريبه دي! لكن عبد الله اللي بتقول عليه ده موش خدامي أنا، ده من أتباع
عمرو أمير العرب.
أوركاديوس
:
إيه! يعني موش مصري؟
أرمانوسه
:
أبدًا، ده عربي من العرب.
أوركاديوس
:
أمَّال ليه باشوفه في الحصن بملابس مصرية؟
أرمانوسه
:
دول خدهم من مرقص يلبسهم علشان يروحولك الحصن سرًّا ويطمنوني عليك.
أوركاديوس
:
إذن المسألة فيها خيانة، خدعني الملعون وضحك عليَّ وخلَّاني تركت الحصن في
أحرج المواقف، لا وحضرته قال بيتكرم عليَّ بعبايته علشان ألبسها وأنا خارج من
الحصن علشان ماحدش ياخد باله مني.
برباره
:
طوِّل بالك ماتتسرعش كده، الراجل عبد الله ده راجل طيب قوي، ويمكن لما شاف
مولاتي أرمانوسه بالها مشغول عليك أخدته الرأفة وعمل الخدمة دي كده من نفسه،
لاجل ما يطمنها وتشوفوا بعض.
أرمانوسه
:
لازم كده، ودلوقت روحي إنت يا برباره أقفي بره، وإن لقيتي أبويا والَّا حد
جاي على هنا تعالي اديني خبر.
برباره
:
حاضر يا مولاتي (تخرج).
أوركاديوس
:
أنا لازم أروح الحصن حالًا، موش ممكن أنتظر ولا دقيقة واحدة.
أرمانوسه
(تمنعه)
:
أوركاديوس، خليك معايا يا حبيبي لأني خايفة عليك.
برباره
(تدخل)
:
مرقص جه يا مولاتي.
أرمانوسه
:
هو فين؟
مرقص
(يدخل)
:
واه سيدي أوركاديوس هنا والعرب دخلوا الحصن!
أوركاديوس
:
بتقول إيه؟! العرب دخلوا الحصن؟! آه ضاع شرفي، ضاعت كرامتي.
أرمانوسه
:
طول بالك يا حبيبي ماتعملش في روحك كده.
أوركاديوس
:
ودخلوا الحصن إزاي يا مرقص قول لي؟
مرقص
:
عبد الله انتهز فرصة شبكان جماعة من العرب مع الرومان في الجهة المغرَّبة
من الحصن وفتح الباب الشرجي، راحوا داخلين وفي مجدمتهم واحد اسمه الزبير بن
العوام.
أوركاديوس
:
عبد الله هو اللي فتح لهم باب الحصن، هه، جايلك كلامي، عرفتي إنه ضحك علي
وخلاني جيت على هنا علشان العرب مايلاقوش حد يقاومهم، آه أم أشوف وشك يا
عبد الله.
عبد الله
(يدخل)
:
نعم.
أوركاديوس
:
إنت جيت؟ (يهجم عليه فيمنعوه).
عبد الله
:
الله الله الله، ماله ده؟
أوركاديوس
:
أنا لازم أموتك، لازم أقرض زمارة رقبتك (ويهجم
عليه).
عبد الله
:
حوشي يا برباره. أيوه يا وله أيوه، اعمل لي فلوطة قدام الستات، أنا موش
فاهم إنت زعلان ليه؟ موش تحمد ربنا إني خلصتك من الموتة اللي كنت
حاتموتها.
أوركاديوس
:
كان أشرف لي من مجيي هنا يا ملعون.
عبد الله
:
ويعني حضرتك فاكر إن العرب ما كانوش يقدروا يخشوا الحصن وانت
موجود؟!
أوركاديوس
:
لا، أبدًا.
عبد الله
:
ده بيتهيَّألك، طيب دول جماعة الرومان أول ما شافوا العرب هاجمين حطوا ديلهم
في سنانهم وقالوا القيام، شايف شايف مراكبهم مبحرة أهي.
أرمانوسه
(تنظر)
:
أيوه، دول يظهر إنهم رايحين إسكندرية.
عبد الله
:
هو بقى فيه قدامهم غيرها.
أوركاديوس
:
أنا لازم أروح أحصلهم، وضروري إننا نسترد من العرب حصن بابليون.
عبد الله
:
ما تتعبش نفسك، العرب دخلوا الحصن واستوطنوا فيه خلاص، وأنا بنيت لي أوده
فراخ في السطوح.
أرمانوسه
:
حيث كده خليك معايا يا حبيبي ما تفوتنيش بقى.
عبد الله
:
وأنا عملت الحساب ده، وجبت لكم معايا واحد قسيس علشان يجوزكم لبعض.
برباره
:
إزاي ده؟ من غير مولاي أبو أرمانوسه ما ياخد خبر؟
عبد الله
:
ياخد خبر يودي خبر، أنا أبقى أكلمه لكم وإن عصلج أخلي مولاي عمرو هو اللي
يكلمه.
أرمانوسه
:
الله يخليك يا عم عبد الله، أما صحيح العرب دول مافيش أكرم ولا أسمح
منهم.
عبد الله
:
قولي له، ياللا اتفضلوا عالكنيسة وأهو القسيس مستنيكم هناك، وخدوا معاكم
مرقص وبرباره علشان يشهدوا.
أرمانوسه
:
أيوه ياللا يا حبيبي.
أوركاديوس
:
طيب معلهش، ولكن برضه لازم أروح إسكندرية (يخرجون).
عبد الله
:
عال، دلوقت ما دام صاحبنا أوركاديوس حايتلبخ في صاحبتنا أرمانوسه، حايخلا
لنا الجو ونروح هاجمين على حصن إسكندرية ونروح واخدينه حلالًا زلالًا بلالًا،
يا سلام على أفكارك يا واد يا عبد الله، أهو كله دا من أكل البلح
التمر.
المقوقس
(من الخارج)
:
اتفضل يا أمير اتفضل.
عمرو
(داخلًا مع المقوقس)
:
أنت هنا يا عبد الله؟
عبد الله
:
نعم يا مولاي.
عمرو
:
السلام عليكم.
عبد الله
:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عمرو
(للمقوقس)
:
إذن فقد رضيت بشروط الصلح التي عرَضَها عليك أصحابي قبل مجيئي.
المقوقس
:
أيوه، ولكن أنا عمري ماهِبْتْ حد أبدًا زي ما هِبت صاحبكم الأسود اللي
كان معاهم ده.
عمرو
:
تعني عُبادة بن الصامت، إنه أيها الأمير، وإن يكن أسود اللون كما رأيت إلَّا
أنه من أفضل العرب موضعًا وأحسنهم سابقة وأرجحهم عقلًا، وليس يُنكَر السواد
فينا.
عبد الله
:
إي، إحنا فينا أحسن من الصنف الإسود الأبنوس ده.
المقوقس
:
هو عرض عليَّ الإسلام أو الجزية أو الحرب.
عمرو
:
أجل، هذا ما أمرنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أن نفرضه عليكم.
المقوقس
:
وأنا قبلت الجزيه، بشرط أنكم تضمنوا لنا حرية الدين وتدافعوا عنا.
عمرو
:
لكم ذلك علينا، واعلم بأننا أشد مَن يتمسك بالعهد ويحترم الميثاق، ولقد
أُمِرنا بذلك حيث قال تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا
وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى
يُهَاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ
النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ
وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ.
المقوقس
:
أنعم وأكرم، وعلى كل حال أنا عرفت من معاملتكم إن العرب ناس عندهم مروءة
وأصحاب فضل.
عمرو
:
استغفر الله، إنما الفضل كلُّه لله.
المقوقس
:
وهو أنا أنسى يا أمير العرب المروءة اللي عملتها مع بنتي أرمانوسه. لما
بعتَّها لي من بلبيس ومعاها يوكنا مقبوض عليه علشان أعاقبه بنفسي على ما
صدر منه.
عمرو
:
لقد ذكَّرتني بهذا الشقي. ماذا تمَّ في أمره؟
المقوقس
:
لما جيت أعاقبه وأحكم عليه بالإعدام اتعرض لي القائد الروماني يتودور
وقال إننا في حاجة له ولرجاله دلوقت، وللسبب ده بعته لحامية إسكندريَّة علشان
يساعد فيها.
عمرو
:
إذن هو الآن ضمن حامية الإسكندرية؟
المقوقس
:
أي نعم.
عبد الله
:
آخ يا ناري! بس أما أعتر فيه هناك مافيش غير الخزنشة.
عمرو
:
وكيف حال ابنتك أرمانوسه؟
المقوقس
:
بخير تقبِّل يديك.
عبد الله
:
هي كانت هنا دلوقت وراحت الكنيسة علشان … الله الله. أنا حالبخ ليه
…
المقوقس
:
إيه. راحت الكنيسة تعمل إيه؟
عبد الله
:
راحت الكنيسة تدعي إن أبوها يطول باله.
المقوقس
:
آه. واديني حاخدها معايا أوصلها مريوط جنب إسكندرية، تفضل فيها مع الحرس
الكافي لغاية ما ارجع القسطنطينية بشروط الصلح.
عبد الله
(وحده)
:
إخص! على كده أوركاديوس حايسافر وراها ويبوَّظ ترتيبي.
عمرو
:
إذن فقد صمَّمت على الذهاب توًّا؟
المقوقس
:
نعم يا أمير العرب.
عمرو
:
ونحن كذلك مسافرون إلى الإسكندرية للقاء الحامية الرومانية قبل أن ترتدَّ
علينا وقد لمَّت شعثها، وستنتظر حتى ترجع إلينا من القسطنطينية ومعك الموافقة
على شروط الصلح. عبد الله.
عبد الله
:
مولاي …
عمرو
:
نَادِ في الجميع بالسفر إلى الإسكندرية. (يدق
الطبل فيدخل الجميع ويقولون لحن ختام الفصل):
لحن ختام الفصل
تم الصلح بين الأميرين واتفقوا على راحة البال
واتصافحوا هم الاتنين وانصلحت منا الأحوال
وأمير العرب لما أعطى الأمان
دين علينا وجب ننصره على الرومان
دين علينا أكيد ملزومين بوفاه
صلح لكن سعيد سخره لنا الإله
عبد الله
:
قد أمنتم وأمنا ووثقتم ووثقنا
وتآخينا جميعًا بعدما قد كان منَّا
كان حربًا ثم صلحًا فاذكروا الثاني عنَّا
إنما نحن وأنتم واحد، زَيْد وحنَّا
بنات
:
ألف فرحه يا حبايب يوم مبارك يوم سعيد
صلحكم ده فرض واجب والنهارده يبقى عيد
الجميع
:
اتصلحنا واتصافينا والعزول مالوش مجال
صرنا واحد وانتهينا والصليب ضم الهلال
(ستار)
الفصل الرابع
(منظر أمام أبواب الحصن الروماني في الإسكندرية. عند رفع الستار يدخل القائد
دومنيثان يتبعه أوركاديوس ويوكنا.)
دومنيثان
:
ما اوصيكمش باليقظة التامة وانكم تفتحوا عينيكم كويس لأننا دلوقت في
إسكندرية، وهي آخر ملجأ للرومان. فإذا دخلوها العرب يبقى مافيش غير كونهم
يموتونا عن آخرنا أو نهرب على بلادنا.
يوكنا
:
أيوه، ولاينساش القائد دومنيثان أن العرب دول ناس مالهمش أمان أبدًا.
يعني يمكن يساهونا كده ويروحوا داخلين الحصن ومدوَّرين فينا الدبح على
طول.
دومنيثان
:
واهو دا اللي أنا خايف منه. تعالوا بنا بقى أما نروح الناحية التانية لأن
معظم قوتهم من هناك. وانت يا أوركاديوس خليك هنا علشان تحرس باب الحصن ده.
اتفضل يا أمير يوكنا.
يوكنا
:
اتفضل (يخرجان).
أوركاديوس
(وحده)
:
آه يا ربي، أعمل إزاي دلوقت وأرمانوسه أصبحت زوجتي الشرعية وكان من
الواجب إني ما أفارقهاش ولا لحظة واحدة، ولكني مضطر. أيوه لأن جوازنا كان
سرًّا. ولا أقدرش أصرح به لأبوها. ولو عرف ضروري حايغضب نظرًا للعداوة اللي
بينه وبين والدي.
مرقص
(يدخل)
:
سيدي أوركاديوس.
أوركاديوس
:
آه. إنت هنا يا مرقص؟
مرقص
:
أيوه يا سيدي؛ لأن ستي أرمانوسه نبِّهت عليَّ إني أرجبك دايمًا وأبعت
أطمنها عليك أول بأول.
أوركاديوس
:
وهي لسه في مريوت يا مرقص؟
مرقص
:
أيوه يا سيدي لحد ما يرجع سمو والدها من الجسطنطينية بشروط الصلح.
أوركاديوس
:
طيب روح إنت يا مرقص اتدارى في الحصن أحسن يشوفونا مع بعض يظنوا
حاجة.
مرقص
:
طيب يا سيدي عن إذنك (يخرج).
أوركاديوس
:
موش قادر أبعد عن مخيلتي ذكرى أرمانوسه، ولانيش قادر أروح لها. كل شيء في
الدنيا بيعاكسني كأن القدر ملاقاش حد يعاكسه غيري أنا. آه يا أرمانوسه يا
مُنى الروح.
لحن
أنا اللي زادت أشجاني
ما بين غرامي والواجب
وطيف حبيبي في وجداني
والقلب فيه مغرم دايب
دُقت المرار ده الحب نار
لا نوم يجيني ولا اصطبار
ومين حايسمع شكواي
والا يواسيني في هواي
ورايح أعيش في الدنيا إزاي
وروحي ماهيش ويايا
الليل يطول عاللي الحب ضناه
وأبات أقول لوحدي آه
أقول آه أقول آه
(يخرج ويغلق الأبواب.)
عبد الله
(من الخارج)
:
من هنا يا مولاي … (يدخل مع عمرو وبعض
العرب).
أحدهم
:
إن باب الحصن مغلق.
عمرو
:
فلْنحطِّمْه.
عبد الله
:
ليس من الحكمة؛ لأننا لو كسرناه حايسمعونا اللي جوه. الأصوب إني أنا أطلع
من فوق السور ده وأنزل من الناحية التانية وافتح لكم الباب، وبعدها نفتح
بقيت الأبواب يدخلوا اخواننا اللي بره وننزل في الرومان حتتك بتتك.
عمرو
:
حسنًا حسنًا. أسرع يا عبد الله (يخرج عبد الله
ويفتح الأبواب ويدخل الجميع الحصن وبعد برهة تحصل ضجة ويتغير
المنظر).
المنظر الثاني
(في داخل الحصن يظهر عمرو ومن معه، ثم يدخل دومنيثان وبعض الرومان.)
دومنيثان
:
أنتم أسرانا. آه والله وقعتم يا رعاة الإبل.
عمرو
:
كلا، نحن لسنا رعاة الإبل بل رعاة الأمم أتينا ندعوكم بدعاية الإسلام
فيكون لكم مالنا وعليكم وما علينا. أو أن تدفعوا الجزية عن يدٍ وأنتم
صاغرون.
عبد الله
:
ورقبتكم زي السمسمة. موش تفتكروا اكمننا عندكم حانخاف منكم.
دومنيثان
:
وإذا رفضنا الاتنين؟
عمرو
:
لا يكون بيننا إلا السيف حتى يَقْضِيَ اللهُ أَمْرًا كَانَ
مَفْعُولًا.
دومنيثان
:
وإذا انتصرنا عليكم؟
عمرو
:
قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرًّا وَلَا
نَفْعًا إِلَّا مَا شَاءَ اللهُ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ إِذَا
جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا
يَسْتَقْدِمُونَ.
دومنيثان
(سرًّا لمن حوله)
:
يظهر إن الراجل ده أميرهم ولا بدَّ من موته.
عبد الله
(لعمرو سرًّا)
:
بيتهامسوا عليك. انكر نفسك (عاليًا
له) إنت مالك غلباوي كده ليه؟ مالك ومال الكلام ده؟! خلِّي
غيرك أكبر منك يكَّلم.
دومنيثان
:
ليه، موش حضرته ده أمير العرب؟
عبد الله
:
إيه! ده أمير العرب. واحنا نقبل إن واحد زي ده يبقى أمير علينا؟ طيب
ده أمير العرب أد ده يجي اتناشر مرة. طويل وتخين أد الفيل. هي الإمارة
عندنا لعبة يا حضرة. الإمارة عندنا بالميزان.
دومنيثان
:
على كل حال القائد أوركاديوس يعرف أمير العرب؛ لأنه شافه في
بلبيس.
عبد الله
(على حدة)
:
إخص!
أوركاديوس
(داخلًا)
:
آه! الأمير عمرو.
دومنيثان
:
أوركاديوس. إنت طبعًا تعرف الأمير عمرو أمير العرب.
أوركاديوس
:
أيوه أعرفه وبارزته في بلبيس.
عبد الله
:
أيوه، بأمارة ماعفا عنك.
دومنيثان
:
طيب بص في الراجل ده كويس. موش هو دا الأمير عمرو؟
عبد الله
:
هو دا اللي عفا عنك؟
أوركاديوس
(ينظر)
:
لا، أبدًا. موش هو دا أمير العرب.
دومنيثان
:
إنت متأكد؟
أوركاديوس
:
متأكد قوي. آه لو وقع في إيدي أمير العرب اللي بتقولوا عليه دا
يا جناب القائد …
عمرو
:
وماذا تريد أن تصنع بأمير العرب إذا وقع في يدك يا هذا؟
أوركاديوس
:
كنت أعامله بنفس المعاملة اللي عاملها لي في بلبيس، وأهي تبقى واحدة
بواحدة.
عبد الله
:
أيوه واحدة بواحدة. ولا تنساش إنك إنت واصلك واحدة زيادة.
دومنيثان
:
على كلِّ حال إنتم أسرى عندنا دلوقت.
عمرو
:
ونحن لا نسلم لك بهذا ولا نقبله.
دومنيثان
:
عندكم أسرى من الرومان كتير واحنا نقبل إننا نفديهم بكم.
عمرو
:
ولا نسلم لك بهذا أيضًا دون قتال.
دومنيثان
:
وإيه هي طريقة القتال اللي بتقول عليها دي؟
عمرو
(يمرُّ شمالًا)
:
يبارز أحدنا أشجع رجل لديكم، فإذا ظفر به بطلُكم قتله. والآخران
يسلمانكم نفسهما، وإذا ظفر رجلنا أطلقتم سراحنا وأخليتم سبيلنا.
دوميثان
:
وهو كذلك، مين اللي يتبارز فيكم.
الجميع
:
أنا. أنا.
عبد الله
:
أنا. أنا.
عمرو
:
عبد الله.
عبد الله
(سرًّا)
:
أنا لو مُت في داهية.
أوركاديوس
:
يسمح لي جناب القائد إني أنوب عنه في المبارزة دي؛ لإن لي عند العرب
ثأر، ثم إذا كان النصر حليفهم زي ماهم فاكرين أكون أنا فداك؛ لأن حياتك
أنت بصفتك القائد العام ألزم للجيش أكثر مني.
دوميثان
:
لا بأس. بارز واحد منهم.
أوركاديوس
(لعمرو سرًّا)
:
أنا رايح أضحي نفسي وأخليك تتغلب علي علشان أرد لك جميلك كامل
(عاليًا) ياللا اتفضل إنت لأنه
يظهر من هيئتك وكلامك إنك أشجعهم.
عمرو
:
كلا أيها القائد، أنا لا أبارز فتًى صغيرًا كهذا وإنما أبارزك أنت،
فتقدَّمْ.
دوميثان
:
وهو كذلك (يتقدَّم).
أوركاديوس
:
وأنا مُصمِّم إن ماحدش يبارزك إلَّا أنا. علشان كمان أمحي الإهانة اللي
أهنتها لي دلوقت، وأفهمك إن الشجاعة موش بالسن.
عمرو
:
أنا لا أقبل.
الزبير
:
ولا أنا.
عبد الله
:
أنا أقبل.
عمرو
:
كيف؟
عبد الله
:
علشان لمَّا يموت تاني مرة يبطل الغلبة دي (يجرِّد حسامه).
أوركاديوس
:
لا، أنا أحتج عليك يا راجل إنت.
عبد الله
:
ليه؟
أوركاديوس
:
لأن سيفك أطول من سيفي.
عبد الله
:
آه! طيب خد (يعطيه سيفه ويخرِج آخر
ويتبارزان) أوعى تعملها يا واد (يتبارزان) ماتقع بقى يا بارد (يهجم عليه ويلقيه).
عمرو
:
لا تبطش به.
عبد الله
:
عفونا عنك (ينهض
أوركاديوس).
عمرو
:
والآن نطالبكم بالوفاء.
أوركاديوس
:
أيوه وله حق، خصوصًا إن الراجل ده انتصر عليَّ ولا قتلنيش!
عبد الله
:
إشحال أمال لو كنت بارزت واحد من دول، كنت زمانك بقيت فتافيت.
دوميثان
:
إذن بمقتضى الإتفاق اللي اتفقناه معاكم أنا حاخْلِي سبيلكم، واتعشم إنكم
تبلَّغوا إخوانكم العرب إننا زيهم: إذا وعدنا وعد ما نخلفوش. افتحوا
لهم الأبواب.
عبد الله
(لأوركاديوس)
:
الجميل لا يُنسَى. إنت شهم. إنت غلباوي يا واد إنت (يخرجون).
أروكاديوس
:
أنا خجلان منك قوي يا جناب القائد، إنما الظروف جت كده حاعمل
إيه.
دوميثان
:
ظروف إيه يا شيخ اتلهي كسفتنا (يمرُّ
يمينًا).
يوكنا
(داخلًا)
:
فين جناب القائد؟ إزاي تطلقوا سراح جماعة الأسرى العرب اللي كانوا
هنا دول؟ إنت موش عارف إن الأمير عمرو كان معاهم؟!
دوميثان
:
أين؟ عمرو بن العاص أمير العرب؟
يوكنا
:
أيوه، وأنا باصص من أعلا السور شفته بعيني وهو خارج مع عبد الله
والزبير بن العوام. ولو كنت جنابك قتلته أو أسرته كان دب الرعب في قلوب
العرب وانهزموا شر هزيمة.
أوركاديوس
:
إنت متأكد من الكلام اللي بتقوله ده؟
يوكنا
:
إلَّا متأكد. طيب دانا أعرفه أكتر ماعرفك، موش كنت معاهم وعاشرتهم مدة
طويلة.
دوميثان
:
إزاي؟ إذن أوركاديوس غشنا.
يوكنا
:
أوركاديوس؟
دوميثان
:
أيوه، هو اللي قال لي إن دا موش أمير العرب.
يوكنا
(على حدة)
:
أيوه دي فرصة أودِّيه فيها في داهية علشان أحرمه من أرمانوسه. لكن دي
خيانة غش. بيتواطأ علينا مع الأعداء؟!
أوركاديوس
:
بس بقى من فضلك. دي إهانة … دافع عن نفسك.
يوكنا
:
عظيم. عوز تموِّتني؟ تموِّت واحد شريف زيي بيخدم بلاده بذمة وأمانة
وإخلاص، وتفضل إنت عايش يا خاين يا غشاش؟!
دوميثان
(لأوركاديوس الذي يهجم على يوكنا)
:
أوركاديوس … إنت موقوف. وإذا ثبت الكلام اللي بيقوله دا، مالكش عقوبة
غير الإعدام. سلِّم سيفك.
أوركاديوس
(يسلِّم)
:
اتفضل يا جناب القائد. الظروف كلها ضدي وأنا موش قادر أدافع عن
نفسي.
دوميثان
:
ودلوقت بصفتي نائب القائد العام حأمر حالًا بتشكيل مجلس عسكري عالي
لمحاكمة القائد أوركاديوس بتهمة الخيانة العظمى (يخرج … ضجة من الخارج ويدخل بعض الرومان يقاتلون
العرب … يدخل المقوقس مع عمرو والجميع).
المقوقس
:
كفى كفى.
عمرو
:
كُفُّوا عن القتال يا رجال العرب، فقد فُتِحَت الإسكندرية صلحًا.
العرب
:
كيف؟
المقوقس
:
أيوه، لأني بمجرد ما وصلت إسكندرية توجَّهت للأمير عمرو في معسكر العرب
وعرضت عليه شروط الصلح اللي أنا جايبها من القسطنطينية فقبلها.
الجميع
:
وإيه هي الشروط دي؟
عمرو
:
هي أن يدفع وادي النيل جزيةً اتُّفق عليها مع أصحابي عند التوقيع على
شروط الصلح على أن لا نتدخل في شئون الكنائس، وأن يبقى العرب بعيدين عن
الإسكندرية أحد عشر شهرًا إلى أن يتمَّ جلاء الرومان عنها. فهل أنتم
موافقون؟
الجميع
:
أجل موافقون.
أبو ميامين
:
والآن أهنِّئ الأمير كيروس بزواج ابنته من البطل القائد
أوركاديوس.
عمرو
:
وأنا أشترك معه في هذه التهنئة.
المقوقس
:
أشكرك يا أمير العرب. وأنا لا يسعني إلَّا القبول والرضا ما دمت انت
راضي عن كده.
عمرو
:
نعم أنا راضٍ.
أبو ميامين
:
لتدخل الأميرة أرمانوسه ومن معها (تدخل
أرمانوسه وبرباره ومرقص).
عمرو
:
أهنِّئك يا ابنتي بزواجك من القائد البطل أوركاديوس.
أرمانوسه
:
أشكرك يا مولاي.
أوركاديوس
:
ألف شكر لأمير العرب.
عبد الله
:
وأين رأيك بقى يا مولاي في صاحبنا ده؟
عمرو
:
من؟ يوكنا الخائن؟ سلِّمه إلى الأمير فهو أولى بعقابه منَّا.
المقوقس
:
وهو كذلك. خدوه (يخرج يوكنا مع
جنديَّيْنِ).
عمرو
:
والآن هلمُّوا لإتمام شروط الصلح وإقامة الأفراح.
أوركاديوس
:
يعيش أمير العرب.
الجميع
:
يعيش أمير العرب.
أبو ميامين
:
بل قولوا عاشت همَّة العرب.
الجميع
:
عاشت همَّة العرب.
(يقولون لحن ختام الرواية):
يوم سعيد يوم ما اتفقنا
مصر فرحانة بوفاقنا
قبطي مسلم كله واحد
يستحيل نرضى بفراقنا
أرض الفراعنة والنيل بتاعنا
والأهرامات شاهدين علينا
بأن أحمد يحب حنَّا
إلى الأبد بعد ما اتصافينا
(ستار)