موسم ١٩٣٠-١٩٣١
لم يكن هذا الموسم أفضل من سابقه، بسبب استمرار الأزمة الاقتصادية وتفاقُمِها بشكل
كبير. ورغم ذلك استمرَّت الحركة المسرحية ولكن بصورة مُضْطربة، وبالتالي اضطربت الحالة
النقديَّة، وقلَّت الإعلانات المسرحيَّة المنشورة في الصحف. وتبعًا لما بين أيدينا من
معلومات، لُوحِظ أن الكسَّار — كعادته — كان أسبق الفرق المسرحية الكوميدية في افتتاح
هذا
الموسم، حيث افتتحه بمسرحية «وردشاه» يوم ٦ / ١١ / ١٩٣٠، تأليف وأزجال بديع خيري وألحان
إبراهيم فوزي، وبطولة الكسَّار وحامد مرسي وعقيلة راتب. وقد نجحت هذه المسرحية نجاحًا
جماهيريًّا ونقديًّا كبيرًا، رغم اشتداد الأزمة الاقتصاديَّة.١
أما الريحان، فقد افتتح موسمه بمسرحية «أموت في كده» في نوفمبر ١٩٣٠ أيضًا، في حين
أنَّ
المعلومات عن الكسَّار أصبحت شحيحة، حيث تعرَّض إلى ظروف طارئة، منها مرض بَطَلة فرقته
عقيلة
راتب، بالإضافة إلى الأزمة الاقتصادية. وبسبب ذلك تأخَّرت مسرحيته الجديدة الثانية إلى
يناير ١٩٣١. ففي هذا الشهر عرض الكسَّار مسرحية «المدينة المسحورة»، اقتباس أحمد زكي
السيد، وبطولة: الكسَّار وحامد مرسي وعبد العزيز أحمد وصوفي جوزيف ولطيفة نظمي وزكية
إبراهيم ومحمد سعيد ومحمد شفيق.٢
وفي يناير ١٩٣١ أيضًا قدَّم الريحاني مسرحيته الثانية «عباسية»، التي قدَّمها يوسف
وهبي
عام ١٩٢٦ باسْمِ «مستشفى المجاذيب». ورغم هذا فقد نجحت مسرحيَّة الريحاني بعض الشيء.
ولكن
الأزمة الاقتصادية أخذت تشتد بصورة كبيرة، ممَّا أثَّر على نشاط الفرق المسرحية؛ فنجد
الكسَّار طوال شهرين يتنقل بعروضه القديمة بين المنيا وأسيوط وبور سعيد والزقازيق
والمنصور، أملًا في إنقاذ فرقته من التوقُّف بسبب الأزمة. أما الريحاني فأعلن في فبراير
عن تمثيل مسرحية «الأرنبة»، ثم عدل عنها واستعدَّ لإخراج مسرحية «حاجة حلوة»، التي عرضها
في الشهر التالي.٣ وفي ١٣ / ٣ / ١٩٣١ استطاع الكسَّار أن يُخرِج مسرحيته الثالثة «البطة العجيبة»
تأليف حامد السيد، التي قال عنها ناقد مجلة المصور:
أخرجت فرقة الماجستيك هذه الرواية بعد فترة كانت تُعِيد فيها رواياتها القديمة.
ويظهر أن التسرُّع كان له شأنٌ كبير في عدم التوفيق الذي صادفته هذه الرواية.
ولولا خفَّة روح مُمثِّلها الكبير الأستاذ علي الكسَّار، لتقوَّضت أركانها وانهدَم
بنيانها. فهي في كثير من مواقفها مُرتبِكة غير مفهومة؛ لذلك نقف عند هذا الحدِّ،
ونقدِّم الأستاذ علي الكسَّار للجمهور كأساسٍ متين وقف يسند هذا البناء المتداعي.٤
وفي مارس أيضًا استطاع الريحاني إخراج مسرحيته الجديدة «ليلة غرام»، بينما أخرج
الكسَّار مسرحيته الجديدة الرابعة «الغجرية» في أبريل ١٩٣١، من تأليف أمين صدقي وبطولة
الكسَّار وعقيلة راتب ولطيفة نظمي، وقد لاقت هذه المسرحية استحسان النقَّاد في ذلك الوقت.
ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية، قامت الحكومة بصرف إعانات ماليَّة لأصحاب الفرق، فأعطت
كلًّا من الكسَّار والريحاني ثلاثمائة وخمسين جنيهًا. وبناء على هذه الإعانة أخرج الريحاني
مسرحيته الأخيرة هذا الموسم «كذبة أبريل»، المُقتبَسة من مسرحية «بسلامته بيصطاد»، التي
أخرجتها فرقة فاطمة رشدي سابقًا. أما الكسَّار فقد أخرج مسرحيته الجديدة الخامسة «حماتك
تحبك» في مايو ١٩٣١، من تأليف أمين صدقي، وهي المسرحية التي قدَّمها الريحاني عام ١٩١٧.٥
لم يقدِّم الريحاني أيَّة عروض أخرى في هذا الموسم، ونقلت الصحف عنه بعض الأخبار،
منها:
عَزْمه على الانتقال من مسرحه إلى كازينو الفانتازيو بالجيزة بعد إصلاحه وتغيير اسمه
إلى
سمر فوليز. ولكنه عدل عن هذا المشروع، واستأجر قطعة أرض بشارع الملكة نازلي مملوكة
لجمعيَّة الهلال الأحمر — كان يشغلها سيرك ابن عمار — لِيُشيِّد عليها مسرحًا شتويًّا.
أمَّا
مسرحه القديم فقد يئول إلى الأختين رتيبة وأنصاف رشدي، فيتم تحويله إلى صالة رقص وغناء.
ومن أطرف ما نُشِر عن الريحاني في هذا الموسم، أنه أعطى تصريحًا لفوزي منيب بتمثيل
مسرحياته على مسارح روض الفرج، نظيرَ مبلغٍ من المال كلَّ شهر. وبعد أيَّام أعطى الريحاني
تصريحًا مماثِلًا ليوسف عز الدين. وكسب الريحاني من الاثنين مبلغًا من المال، وتركهما
يتنازعانِ أمام المحاكم.٦
أما الكسَّار فقد واصل نشاطه طوال هذا الموسم دون توقُّف — رغم الأزمة الاقتصادية
— فنجده
يعرض مسرحيته الجديدة السادسة «عريس الهنا» في مايو ١٩٣١ أيضًا، من تأليف أمين صدقي.
وفي شهر يونيو ١٩٣١ قدَّم الكسَّار مسرحيته الجديدة السابعة — والأخيرة هذا الموسم —
«حلال
عليك»، من تأليف أمين صدقي وتلحين إبراهيم فوزي، وتمثيل: الكسَّار وحامد مرسي وعقيلة
راتب
وعبد العزيز أحمد ولطيفة نظمي.٧ ومن طرائف هذه المسرحية، أنها كانت، وقتَ عرضها، المسرحية الوحيدة التي تُعرَض
على الجمهور المصري في العاصمة. ومجلة المصور كان بها بابٌ ثابت بعنوان «خلاصة الحركة
الأسبوعية»، وكاتب هذا الباب أشار إلى هذا الأمر بقوله: «وأيَّة خلاصة يتطلَّبها القارئ
العزيز في وقت أقفلت فيه المسارح ولم يبقَ منها إلَّا مسرح واحد قد يحذو حَذْوَها قبل
أن يُشرِف
الشهر القادم على نهايته. ذلك هو مسرح الماجستيك وقد أخرج يوم الخميس الماضي روايته
الجديدة والأخيرة وهي رواية «حلال عليك».»٨
وفي نهاية يوليو ١٩٣١، بدأ الكسَّار موسمه الصيفي بعرض مجموعة من مسرحياته السابقة
على
مسارح الأقاليم المختلفة. ودائمًا ما كان يختتم الكسَّار موسمه هذا بقضاء شهر في
الإسكندرية، حيث يمثِّل على مسرح زيزينيا مجموعةً كبيرة من مسرحياته. وهذه الرحلة أصبحت
عادة عند الفرقة، ينتظرها جمهور الإسكندرية كلَّ عام بفارغ الصبر. ولكن بسبب الأزمة
الاقتصادية الخانقة، لم تنجح الفرقة جماهيريًّا هذا الموسم، ولم تكسب ماديًّا كعادتها،
وما كان إيرادها يفي باحتياجاتها الضرورية في هذا الموسم.٩
وهذه الأزمة أثَّرت أيضًا على الفرق الكوميدية الصغرى، ومنها فرقة يوسف عز الدين
التي
كانت تعمل على تياترو سان أستفانو بروض الفرج، وفرقة فوزي منيب التي كانت تعمل على مسرح
كازينو ليلاس بروض الفرج أيضًا، وتحدَّثنا فيما سبق عن تنازُعهما حول حقِّ كلٍّ منهما
في تمثيل
مسرحيات الريحاني. أما فرقة فوزي الجزايرلي فقد استوطنت كازينو كامب شيزار بالإسكندرية
تَعْرِض عليه مسرحياتِها الكوميدية.١٠
١
يُنظَر: مجلة الدنيا المصورة ١٦ / ١١ / ١٩٣٠، نقلًا عن: ماجد الكسَّار، علي
الكسَّار في زمن عماد الدين، مكتبة الأسرة، الأعمال الخاصة، الهيئة المصرية
العامة للكتاب، ٢٠٠٣، ص١٩٢.
٢
يُنظَر: مجلة المصور ١٦ / ١ / ١٩٣١.
٣
يُنظَر: جريدة البلاغ ٦ / ٤ / ١٩٢٦، مجلة المصور ١٦ / ١ / ١٩٣١، ٦ / ٢ / ١٩٣١،
١٣ / ٢ / ١٩٣١.
٤
مجلة المصور ٢٧ / ٣ / ١٩٣١.
٥
يُنظَر: مجلة المصور ٢٧ / ٣ / ١٩٣١، ١٧ / ٤ / ١٩٣١، ٢٤ / ٤ / ١٩٣١،
١٥ / ٥ / ١٩٣١، جريدة المقطم ٩ / ١١ / ١٩١٧.
٦
يُنظَر: مجلة المصور ٢٩ / ٥ / ١٩٣١، ٥ / ٦ / ١٩٣١، ٢٦ / ٦ / ١٩٣١،
٣١ / ٧ / ١٩٣١، ٤ / ٩ / ١٩٣١، مجلة المسارح ٣١ / ٥ / ١٩٣١.
٧
يُنظَر: مجلة المصور ٥ / ٦ / ١٩٣١، ٢٦ / ٦ / ١٩٣١.
٨
السابق.
٩
يُنظَر: جريدة المقطم ١٩ / ٧ / ١٩٣١، مجلة المسارح ١٣ / ٨ / ١٩٣١، مجلة المصور
١٤ / ٨ / ١٩٣١.
١٠
يُنظَر: مجلة المصور ١٧ / ٤ / ١٩٣١، مجلة المسارح ١٠ / ٥ / ١٩٣١،
١٤ / ٦ / ١٩٣١.