في دروب المغيب
لقد بكرت، يا فؤاد. أتبدأ حياتك الأدبية بمثل هذا العنوان الأسود «في دروب المغيب؟» جعل صنوك الشاعر العراقي هذين البيتين فاتحة لديوانه؛ وهما ثورة على من خلقه:
أما أنت فيدفعك اليأس حتى تقول في «صلاتك»:
لعلي كنت هنا أشبه بالأب يوحنا الخوري في رده على مرداد الأستاذ نعيمة: وإذا كان الله يحتاج إلى محامٍ؛ فأنا لا أُحسن الدفاع عن قضية أجهل سرها ولا أدركه. ولكن هذه الظاهرة غير العادية لا تستحق أكثر من التفاتة عابرة، فلندعها وشأنها منتقلين إلى نظرية ثانية عُني بها هذا الشاعر، قال عن نفسه:
ولعل تداعي الأفكار هو الذي أعادني ثلث قرن إلى الوراء فجرني إلى ديوان الشرتوني، فنقلت منه ما نقلت بهذه المناسبة.
وإذا مشينا قُدمًا في «دروب المغيب» وقعنا على قصيدة «ربيع وأشلاء»، فتذكرنا أفاعي فردوس أبو شبكة؛ قال في الأولى:
يظهر أن الشاعر، وهو الجاحد، يعتقد أن في جهنم جمرًا كما كان يصر المرحوم جدي على اعتقاده هذا، وإيمان الشاعر بالحب هو الذي حمله على جعل الحب فوق الله، فقال:
لقد اتفق في هذا مع اللاهوتيين من حيث لا يدري، فقد قالوا — نفعنا الله بعلمهم: الله محبة هو، والله جميل ويحب الجمال، ولكن الشرتوني شك بجمال الله حين رأى وجهه هو.
سوف لا أنظر في شيء من ضعف القوافي والتركيب، فقد كفانا مئونة ذلك الأستاذ نديم نعيمة الذي قدم هذا الديوان إلى القراء، فكانت حجته برقبته، ولم يبق لي إلا أن أقول: إن شاعرنا الحائر فؤاد رفقة يستحق لقب شاعر العتم؛ لكثرة ما وردت هذه الكلمة في ديوانه. ولعل هذا العتم هو الذي جعله يهيم في أودية كأودية الشنفرى وتأبط شرًّا، ومع ذلك إنه، كزميله يوسف ذياب، سيكون شاعرًا بعد المران المستمر الدائم، والدائم وجه الله الذي كان يرف على وجه المياه قبل التكوين، كما قالت التوراة في الفصل الأول.