البرعم الأشقر
ديوان شعر صغير للدكتور عارف قياسة، وفيه وثبات تبشِّر أن ذكر الدكتور سينبه في عالم الشعر؛ ففي برعمه الأشقر مفتوق الصبح الأشقر الذي لاح لابن أبي ربيعة منذ قرون، وقد أدرك الدكتور الشاعر ما عنده فهتف:
الدكتور قياسة كلاسيكي في تفكيره وتعبيره، وديوانه نشيد حب صارخ وإن قال لنا:
ولكن لي اعتراضًا على قوله في القصيدة التي تلي هذه القصيدة:
فأين هذه من صرخة بشار بن برد حين سأل صاحبته عبدة أن تنفس عنه، وأنه من لحم ودم؟ ثم ألا يرى أنه كان أحرى به أن يقول: أنا المخلوق من ماء وطين؛ ليسلم بيته من العيب؟
وإذا جلنا في ديوانه جولة سريعة نرى شعره الراقص يماشينا أو يسيرنا على موسيقاه العجول، وقد أحسن حين خاطب نفسه في قصيدة «ولم تقنعي»:
وخير من هذا ما يوجهه إلى ذلك الحبيب المقطب المنكمش على ذاته فيقول له:
وقصيدة الحالمة جميلة لولا قوله:
فهذه الشفاهها أكثر مما يلزم، ومثله في القصيدة عينها تشبيه جفنها بالصفصافة، وخدها بالرابية.
وإذا ما بلغنا قصيدة «الإناء المكسور» لسيلي بريدوم، وجدنا أن الدكتور هبط إلى مستوى النثر، فذكرنا بقول الجاحظ: الشعر لا يترجم ولا يجوز عليه النقل. أما ختام قصيدة «الفراشة المرهقة» فلعل معناه مستلهم من مهنة الشاعر:
نعم الفيء للجريح خير من الهاجرة، ولكن استعارة الأنياب للنور ضخمة جدًّا. ويخاطب الدكتور الشاعر ميسه فيقول له: عروس أحلامك ها أقبلت، ترى أفما أحس مثلي أن ها نابية هنا؟
وفي قصيدة «قالت وقلت» نتذكر قصيدة ماترلنك، فهي لا تقل عنها حسن جواب، ولولا ضيق المقام لنقلتها لك، ولكني لا أستأثر بها، بل أنقل لك منها مقطعًا:
وكذلك قصيدة «الإنسان»، فهي من طراز قصيدة «أخي» لميخائيل نعيمة، ولكن مقاطعها لا تختتم كتلك بعبارة واحدة، وإن ابتدأت مثلها بكلمة «أخي».
وأخيرًا نقول بأن الدكتور قياسة شاعر لا تنقصه الثقافة، وإنما تنقصه الجرأة ليترك العادة، وهي كهف التقليد، ويعتصم بحصن الإرادة لينقاد له التجديد.