زوايا
عنوان أقاصيص وحكايات كتبتها السيدة سلمى الحفار الكزبري، وللسيدة سلمى مجموعة قبل هذه قدم لها الأستاذ شفيق جبري كما أذكر.
كتبت سلمى أول ما كتبت «يوميات هالة» فقوبلت بالترحيب، وها هي اليوم تطلع علينا بمجموعة أقاصيصها التي سمتها «زوايا»؛ فأصابت لأنها تحدثنا فيها عن الكثير من عادات وتقاليد نجهلها، فصحت فيها وفينا الكلمة المأثورة: في الزوايا خبايا.
إن حكايات الجدة التي جعلتها سلمى كالحارث بن همام من المقامات يجد فيها القارئ متعة قلما يجدها في أية حكايات وأقاصيص غيرها، وهذا ما نحتاج إليه لنطلع على ما عندنا من أخبار محلية لا يعرفها إلا الذين نشئوا تلك النشأة، وعاشوا في المحيط الذي تصفه السيدة سلمى.
أما أقصوصة خيط العنكبوت التي أحدثت تلك الضجة، فبطلتها وبطلها اختلفا على تقبيل الرجل؛ أبت الخطيبة أن تطبع تلك القبلة المزعجة وفسخت الخطبة، ولكنها عادت بعدئذ عن غيها، وعذرها الحب، الحب غفار الذنوب، أما قال الشاعر عبد الحميد الرافعي في قصيدته المشهورة: لقبلت حتى نعالها.
عبارة سلمى طلقة، ولها في الحياة آراء مبعثرة في حكاياتها وأقاصيصها، فأبعدتها عن أن تكون وعظًا وإرشادًا، وخير ما فيها تصوير المكان الذي تقع فيه قصتها، فلم تعد تصلح لكل زمان ومكان ولكل شخص.
أما الأخطاء النحوية فلا أدري ماذا أقول فيها؛ ففي الصفحة الأولى؛ أي الإهداء، تطالعنا هذه الهفوة: لن تر، وفي الصفحة التاسعة تطل كلمة كسيت وهي كسوت، وفي الصفحة ١٢ تقول: أربعين رجل، وهي رجلًا.
ثم تأتي كلمات عامية غير فصيحة مثل: وليف، ومثل: طلت؛ أي أطلت، ومعشعشة، وهي معششة، وأننا روحًا واحدة، وهي روح، ويتميز الناس «ذوي» الأبدان الممتلئة بالطيبة والمرح، وهي ذوو، ثم بعد الغذاء، وهي الغداء، ومع شريكة «أخ ماجدة»، وهي أخي ماجدة، ثم وقعت عينيه على التقويم، وهي عيناه، ولا يذكر يوم زفافه إلى صفية، والأنثى تزف لا الذكر، ويلقب الشاب بأب فلان، وهي بأبي، إلخ.
أنا من الذين يقيمون وزنًا كبيرًا للأخطاء، ولا أظن أنه يحق لنا أن نستخف بها إذا أردنا أن يكون لنا شأن في عالم البلاغة، قد يقول غيري: ما له ولهذا؟ أما أنا فأقول: هذا واجبي، ومن أهدى إلي كتابًا فكأنه يسألني أن أكون له مشيرًا، وها قد كنت، فكاتبة لمع اسمها في دنيا الأدب كالسيدة سلمى لا يليق أن تصدر عنها مثل هذه الأخطاء. والغريب أنها كتبت تصويبًا للكتاب، وهي لو لم تفعل لكنَّا جعلنا ذلك الخطأ في رقبة المطبعة، فاستراحت وأراحت.