معارك العرب
للأستاذ بطرس البستاني ولع بتاريخ العرب وآدابهم؛ فهو تارة يؤرخ منطق الشيخ يعرب، وأحيانًا سيف بنيه وأحفاده، وكل ذلك بلغة لا غبار عليها، وتفكير ملك صاحبه. ليس بطرس البستاني من جرذان المكاتب كبعض المصنفين الذين يخرجون المرقعات من الكتب ولمها من هنا وهناك، ثم يبتهرون بالتأليف والتصنيف … فصاحب «معارك العرب في الأندلس» يعمل بصمت ويجني بكد واجتهاد، وحسبه كتابه الفذ «أدباء العرب» الذي يكاد أن يكون الكتاب المنهجي الذي يصح أن يعتمد عليه في التفكير والتغيير. وها هو الأستاذ بطرس بعد أن نفحنا بكتاب «الشعراء الفرسان» ثم بكتاب «معارك العرب في الشرق والغرب» ينفحنا اليوم بكتابه الجديد هذا «معارك العرب في الأندلس»، فيحدثنا عن «أيام العرب» في الفردوس المفقود، مبتدئًا بيوم طليطلة، مختتمًا بفاجعة غرناطة، فكأنه أحاطنا علمًا بتاريخ العرب المغاربة في خلال ثمانية قرون.
إن لغة المؤلف نقية صافية بعيدة عن الرطانة والركاكة التي نراها في كتب زملاء الأستاذ بطرس، فله شكرنا وحمدنا. وكم يطيب لي أن أحمله اسم المعلم بطرس الثاني إحياءً لذكرى ذلك الجندي الأمين الذي ناضل في ميادين الفصحى ومات قي ساحة الطراد.
إن المعلم بطرس الجديد هو وارث مجد البستانيين الأدبي، ومجدد ذكرهم بمؤلفاته القيمة الرصينة.
أخذ الله بيده وأمد أجله ليطلع علينا دائمًا بالنفيس المغذي من كتبه، فقد مللنا قشور غيره … ولدار المكشوف الحمد على ما تتحف به المكتبة العربية من كتب كهذا الأثر الباقي.