الأدب القصصي عند العرب
بعد أن أصدرت دار العلم للملايين كتاب «الحب العذري» للأستاذ الأديب موسى سليمان، أصدرت له أيضًا كتاب «يحكى عن العرب»، وقد قال المؤلف فيه: «والذي نستطيع أن نقرره دون أقل شك هو أن التراث القصصي الذي وصلنا عن العرب هو تراث ضخم يحمل الكثير من الخير والكثير من الجمال، فحرام أن يمر الطالب العربي مرورًا سطحيًّا فلا يعيره اهتمامًا، ولا يدير إليه بالًا.»
وكأني بالأستاذ سليمان — ومن أولى من سليمان بفتح الكنوز المرصودة — قد أراد أن يشبع موضوعه هذا بحثًا، فجعل أطروحته «الأدب القصصي عند العرب»؛ فنال بها رتبة ماجستير في الأدب.
إننا نهنئه برتبته العلمية الجديدة التي استحقتها كفاءته وجدارته، ولو كانت لنا سلطة منح الرتب، ولو الفخرية منها، لما بخلنا على الأستاذ موسى بخيرها وأبقاها.
إن لقب ماجستير وغيره من الألقاب لا تحيا طويلًا إذا لم ينفخ فيها كتاب مثل هذا روحًا محييًا. لقد عالج الأستاذ الماجستير في الآداب قضية بحثها وسيبحثها الأدباء في عصر كادت القصة أن تسيطر فيه على منتوجات الآداب وأسواقها.
طريفة هي مقدمة هذا البحث، وقد استوفى مطلعها الوجيز كل ما يقتضي لتعريفنا بالكتاب وصاحبه.
«كان ما كان» صوت عميق قديم من أصوات المعابد العتيقة يحمل بين طياته ألف لون ولون من ألوان الحياة النابضة، الزاخرة بالألغاز والأسرار!
«كان ما كان» صوت رهيب حبيب إلى النفوس المتعطشة لجمال الحياة، بل هو صوت الأغوار العميقة والأزمنة السحيقة، بما فيها من آفاق فسيحة تعج بالخير والبركة، والدين والمعرفة، والعلم والفلسفة.
هو صوت الآلهة، يوم كانت الآلهة أبناء السماء ترش على الدنيا حكاياتها أساطير أساطير.
هذه بضعة أسطر من المقدمة، لا تنتظر أن تأخذ على الهينة خلاصة الكتاب أو رأي مؤلفه في القصة عند العرب، فهذا أدَعُه لك، ولكنني أقول: إن في الكتاب أبحاثًا جدية، وهي تشبع الجياع إلى المعرفة وتروي ظمأ العطاش إلى الفن، فاقرأه أنت، وبعد ذلك نتناقش إن لم تخرج منه وأنت من شيعتي.