بعد الأصيل١
عنوان ديوان صدر حديثًا للدكتور الشاعر نقولا فياض، والدكتور قال شعرًا جيدًا جدًّا وهو مهرول للحاق بالتسعين بعدما دعس رقبة الثمانين، فأين زهير الذي سئم تكاليف الحياة؟ وأين الشاعر الآخر الذي نفض طوقه من الشعر والشعراء لأنه جاوز حد الأربعين؟ حقًّا إن العبقرية شمس لا أصيل لها ولا ضحى.
إن القلب الذي قلت فيه وأنت شاب: حير الناس فقالوا عصبي؛ ليحيرنا حقًّا، فما أفضى بالك! إن من يقرأ قصيدتك في الممرضة التي افتتحتَ بها معرضك الفني الصغير لا ينكر عليك فيها القول:
نعذرك إذا استجديت قبلة من ذلك الذي قلت فيه:
فلعلك نسيت قول زميلك: ولكن تؤخذ الدنيا غلابًا.
آه يا دكتوري، إن هذه القصيدة تغني عن عشرة دواوين. حقًّا إن نفسك ما زالت خضراء وإن ذبل الرمح الرديني. اقصد قامتك لا غير. أأنت في «بعد الأصيل» وتقول هذا الشعر الذي ينضح فنًّا وماوية وحبًّا؟ وهل من هو في الأصيل يقول شعرًا كهذا وهو مشقوق البطن في المصحِّ، والعملية في ذلك الموضع؟ ما أفضى بالك!
إني أهنئك بهذا الديوان الصغير الكبير، فلا بطء فيه إلا في المدحيات، والعذر واضح. قال شاعر قبلك في الأُصُل وكأنه يعنيك:
ففي أصيلك ذهب وألماس حبوتَ بهما الناس، كما أنك لم تحرم اللواتي يغرهن الثناء من النحاس.
أما هاتيك التي قلت لها:
فعسى أن تكون فهمتْ ولم تخرج بالصمتْ عن لا ونعم كصاحبة بشار.
إن بين الأصيل والغروب لفسحة لا بأس بها، وأنت قلت للمرضة قبل أن تستأذن وتستميح:
فهات يدك وأرنا البقية الباقية في الزاوية.
عافاك الله، يا أمير المنابر، ودامت لك هذه الهمة.