غربة في الوطن
(أ) لم يبدأ كتابة الشعر في المهجر أو المنفى أو الموطن الجديد الذي راح يبحثُ فيه عن وطن؛ فقد عُرِفَ في وطنه السوري كشاعر واعد، وصحفي مناضل، وأصغر الأعضاء سنًّا في اتحاد الكتاب، الذي اتَّسم في أواخر الخمسينيات بالتوجه الاشتراكي والتقدُّمي.
رأت عيناه النور في دمشق في اليوم الرابع عشر من شهر أكتوبر، سنة ١٩٣٦م لأسرة كردية ميسورة الحال، تتألف من الأم والأب صاحب الضيعة — سليمان قره شولي — وسبعة إخوة وأخوات. كان في الخامسةَ عشرةَ من عمره، عندما بدأ كتابة الشعر، وكانت أول قصيدة بطبيعة الحال قصيدةَ حب. وتوالت بالفصحى والعامية السورية قصائدُه التي نلمس في بعض ما ترجمَه منها إلى الألمانية، في أول دواوينه بهذه اللغة، وهو «كحرير من دمشق» ١٩٦٨م، تأثرَه الشديد بالتراث الشعبي العربي، وارتباطه القوي بالطبيعة، وموهبته الفطريَّة في التفكير بالصورة الفنية الموحية، وتشخيص الجمادات والمعنويات:
(ب) تأكدت له فطرتُه الشعرية، وتملك الأدب حياته ووجدانه، وبدأ يزوغ من المدرسة ويتردد على المكتبات العامة. وفي كتيِّب بديع عن رامبو، ربما يكون هو الذي صدرَ في الخمسينيات في سلسلة «اقرأ»، التي كانت تنشرها دار المعارف عن هذا الصعلوك الفرنسي العَبْقري، لفتَ نظرَه عبارةٌ تقول: «من العبث أن نُبلي سراويلنا على مقاعد المدرسة.» وكان أن ترك بالفعل المدرسة الثانوية، وهو ما يزال في الصفِّ السابع، وباع كتبَ المدرسة؛ ليشتري بثمنها كتبًا من روائع الأدب العالمي. بل لقد أسَّس وهو في السادسة عشرةَ من عمره مع بعض زملائه التقدميِّين صحيفةً صُودرت على الفور بعد ظهور أول أعدادها؛ بسبب هجومها النَّاري على الحكومة، ثم أخذ يعمل من سنة ١٩٥٢م حتى سنة ١٩٥٨م، في صحف سورية مختلفة، ويشرف على برنامج الطلبة في إذاعة دِمَشق، ويتصل بعددٍ كبيرٍ من أدباء بلادِه ومثقفيها اليساريِّين، ويواصل كتابة قصائده التي نَشر بعضها في بيروت والقاهرة، مثل قصيدته عن المجاهدة الجزائرية «جميلة بوحريد»، التي ظهرت في كتاب ضمَّ قصائد أخرى لعددٍ من كبار الشعراء، مثل عبد الرحمن الشرقاوي، وصلاح عبد الصبور، وفؤاد حداد، وصلاح جاهين … حتى جاءت أزمة السويس، والعدوان الثلاثي على مصر (١٩٥٦م)، فانخرط بشعره في أتون العمل السياسي والوطني الملتهب بالثورة والغضب، والآمال العريضة التي راحت تحلِّق وسط الدُّخَان والنيران كالحمامات المحترقَة.
ولا بدَّ أن والدَه الذي كان له بمثابة الصديق الأكبر قد حذَّره في هذه الفترة من حياته من الأمرين معًا: من التوجه التقدُّمي والماركسي، ومن الشعر الذي يُحكم منذ الأزَل على من يكتُبونه بالحياة والموت جوعًا.
(ﺟ) وتمَّت الوحدة السيِّئة الحظ بين مصر وسوريا. وأمر عبد الناصر في سنة ١٩٥٩م بمصادرة ووقف جميع الأحزاب والتنظيمات الجماهيرية، ومنها اتحاد الكتاب الذي كان الشاعر قد انضمَّ إليه في سنة ١٩٥٨م. ولم تلبث موجة الاعتقالات أن اتَّسعت حلقاتها الجهنمية، لتشمل عددًا كبيرًا من الكتاب والشعراء والمثقفين. ولم يكَدِ الشاعر يسمع عن صدور الأمر باعتقاله، حتى اتخذ أول قرار مهم في حياته، وهو الهرب إلى المنفى:
بهذه النغمة القاتمة — التي تستحضرها القصيدة المكتوبة مع قصائدَ أخرى في الثمانينيات — ودَّع الشاعر وطنه. وربما تلفت قلبه، مذ بعُدت عنه طلول دمشق، وبدأ التَّرحال والتجوال من بيروت إلى ميونيخ إلى برلين الغربية لمدة عامين ثقيلَيْن، طاردَتْه فيهما خناجر الجوع والإهانة، ربما تلفت قلبه إلى شجرة الزيتون الشعرية التي كان قد غرَسها في تربة وطنه، وتحتم عليه أن يتركها وراءه.
(د) ابحث عن وطن في جنة العمال والفلاحين.
هكذا قال الشاعر الواعد لنفسه، وهو يجرب في بيروت حياة اللاجئ الشريد، ويعاني مَرارة القلق والشك والجري وراء لُقمةِ العيش، ويرضى بأي عمل مقابل وجبةِ الغداء أو العشاء. كان عليه أن يقضي سنتَيْن ما بين بيروت وميونيخ وبرلين الغربية، قبل أن يصل إلى ألمانيا الشرقية السابقة للدراسة والإقامة فيها. رفضَ الحزب الشيوعي اللبناني أن يُساندَه في منفاه؛ لأنه لم يكن عضوًا فيه (ولن يكون عضوًا في أي حزب سياسي علني أو سري)، وساعدته الصُّدفَة وحدَها على الحصول على تذكرة سفر مخفَّضة السعر؛ لحضور معرض الكتاب الشهير في مدينة ليبزيج سنة ١٩٥٩م، والاتصال بصديقٍ أُردني يعمل في إذاعة برلين الشرقية، ووضع قدمَه في النهاية على أرض أوروبية.
واستُقبل الشاعر استقبالًا طيبًا من اتحاد الكُتاب ببرلين، مما شجَّعه على طلب اللجوء، وحُوِّل إلى معسكر لتجميع اللاجئين في «فورستين فالد»؛ للإقامة به عدة أسابيع، ريثما يُبحث طلبه الذي لم يلبثْ أن فوجئ برفضِه بعد أن ثبت للسلطات، أنه لم يكن عضوًا في الحزبِ الشيوعي السوري، وبعد رفض ممثِّل هذا الحزب في برلين الموافقةَ على أن يضمنه لديها. وقرَّروا ترحيله إلى سوريا فأصرَّ على الرَّفض، وهدَّد بالانتحار، ثم وافقوا على لجوئِه إلى برلين الغربية التي يستطيعُ منها — قبل إقامة السور الشهير وإغلاق الحدود — أن يتصل بصديقه الوحيدِ الذي سبق ذكره.
كانت أيامُه في المنفى مُرَّة وقاسيةً، وضاعف من مرارتها وقسوتها أنه يجهلُ اللغة التي يتكلم بها الناس، وإذا نطق ببعض كلماتها المبتورة عرَّض نفسه للسخرية، فضلًا عن رفضِه للقيم والأهداف التي يتصارَع عليها الناس في غابةِ المجتمع الرأسمالي الذي وجد نفسه فيه. وانتقل إلى ميونيخ للعمل على «السَّيْر» تسعَ ساعات كلَّ يوم مقابل أجر لا يُقيم الأوَد. وعانى فظاعة الاغتراب والوَحْشَة والبرد في الغُرف والأنفاق غير المكيَّفة، والبرودة والمهانة التي يتجرَّعها العمال الغرباء كل يوم، لكنه لم يتوقف عن كتابة قصائده التي سجَّل فيها تجاربَه ونشَرَ بعضها، بعد أن أعاد إبداعها وصياغتَها الشعرية بعضُ أصدقائه كما سنرى بعد قليل، في أول ديوان نشره بالألمانية وهو: «مثل حرير من دمشق». ويكفي أن نطالع هذه السطور من قصيدة جدران، التي لم أتوصل أيضًا إلى أصلها العربي:
وجد نفسه يُعامَل ممن حوله كعامل أجنبي معوَّق أو طفل متخلِّف العقل. لم تشفع له قراءاتُه لرامبو وبودلير، وتولستوي، وماياكوفسكي، وناظم حكمت، ونيرودا، وجوته، وهيْني، ولم يمكِّنه الفتات الذي حصله من اللغة الغريبة من تخطِّي الحواجز والأسلاك الشائكة إلى «الآخر» الذي لم يضنَّ عليه بالتهكُّم، ولم يرحمه من الشراسة والصلف والغرور. وحاول في ميونيخ وبرلين أن يمدَّ جسرَ اللغة بينه وبين الآخرين، فخذَله الحصاد البائس الذي كان يلتقطه من الأعمال المهينة التي يزاولها، ولا يساعده على تحمُّل نفقات التعلم. كانت قوة الصدمة أكبر من قوة الاحتمال والصبر. وكاد المغتربُ — المُفعَم بحكم طبيعته بالإصرار والثقة والأمل — أن يفقد كل أمل أو ثقة في نفسه وفيمن حوله.
لقد كان أقسى ما يلقاه كشاعر أن يفقد اللغة والمخاطَب الذي اعتاد أن يتوجه إليه، وهو ما يساوي فقدان الظل والهوية. فهل ستساعده المنحة، التي حصَل عليها بمحض الصُّدفة أو المعجزة للدراسة في بلَد الاشتراكية والديمقراطية والأخوة والتضامن الإنساني، على أن يجِدَ في اللغة الجديدة وطنه الجديد؟ وهل سيستطيع الشعر الذي سينظِّمه بها أن يجذِب إليه أذنَ المخاطب الجديد وعينه ووجدانه؟
ولازمه الشعور في تلك الأيام والشهور الأولى، بل حتى اليوم الحاضر، بالامتنان نحو البلد الذي آواه، وما يزال يُؤويه إلى الآن، حتى نسِيَ أو كاد ينسى أن سلطاته البيروقراطية قد رحَّلته قبل ذلك بسنتَين إلى برلين الغربية، ليشقى فيها وفي غيرها من المدن المتوحشة، ولكنَّه الإحساس بالوفاء والعرفان الذي لم تَخمد جذوتُه أبدًا في صدره، وإن كانت نارها قد ضعفت خلال عقد الثمانينيات الذي تعرَّض فيه للضغوط النفسية الثقيلة، والذي سبق انهيار التطبيق الاشتراكي وتوحيد الشطرين:
وساعدته موهبته اللغوية الفائقة، مع الظروف النفسية والاجتماعية والسياسية الطيِّبة التي أحاطت به، إلى الحدِّ الذي جعله يقدم أول قراءة لقصائده بالعربية، مع ترجمتها الألمانية، أثناء الفترة التي قضاها في معهد «هيردر»، الذي التحق به لتعلم اللغة.
(و) وأشرق في أفق حياته ربيعٌ آخر عندما تمَّت الموافقة في سنة ١٩٦٣م على التحاقه ﺑ «معهد الأدب في ليبزيج»، وهو المعهد الذي كان يحمل اسم الشاعر التعبيري والثوري المعروف، وأول وزير للثقافة في «ذلك البلد الأفضل» وهو يوهانيس ي. بيشَرْ. كان قرشولي هو الشاعر الأجنبي الوحيد في هذا المعهد بين زُملائه من الشعراء والكتاب الشبان. وتفرُّد المعهد يرجع إلى اقتصاره على قَبول شباب الشعراء والكتاب الذين سبق أن أثبتوا مواهبَهم الإبداعية في الكتابة الأدبية، شعرية كانت أو قَصصية أو مسرحية أو نقدية … إلخ، بحيث يتولى أساتذة المعهد من كبار الشعراء أو النقاد صَقْل هذه المواهب، وتفجير الطاقات الإبداعية، ومدَّها بالوقود المعرفي والجمالي والحرفي والفني المتجدد.
راح المعلم والشاعر الاشتراكي الكبير يبحثُ مع تلاميذه عن أصواتهم الخاصة، ويهديهم في الوقت نفسه إليها، يكشف لهم عن الطاقات الكامنة فيهم من جهة، وفي الواقع من جهةٍ أخرى. وكان منهجه في التعليم يتلخَّص في هذه العبارة الذهبية: «ليس هناك بلسم شافٍ وحيد، فلكل كائن طريقتُه الخاصة في الوصول للهدَف، ولكل شاعر قصيدته الخاصة به دون سواه، ولكل قصيدة روحُها وعالمها الإيقاعي والشعوري والفكري المستقل بها». وكان المعلم واقعيًّا بالمعنى الشعري الشامل لهذه الكلمة، ولذلك أخذ بأيديهم ليبحثوا ويتحرَّكوا في اتجاه «مشتل الواقع» وانطلاقًا منه، ويكتشفوا بأنفسهم الطاقات الكامنة في «واقعهم» الباطن، وفي الواقع التاريخي الراهن والماضي والمستقبل بكل ما يختزنه قلبه الجيَّاش بالتجربة البشَرية الشاملة من صور وصراعات وأساطير ورموز عند كل الشعوب، وفي كل الحضارات. وباختصار: علَّمهم من خلال دروسه المُفعَمة بالحب، ومن خلال أشعاره الغنيَّة بالتعاطف والشجاعة والأمل، علمهم الرؤية الكلية للواقع الحسِّي والتواصُل الودي بين البشر كافةً.
والقارئ الذي يطَّلع على كتاب عادل قرشولي عن هذا الشاعر والمعلم الكبير، ويعايشُ القصائد البديعة التي ترجمها إلى العربية، سيدرك، في تقديري، مدى تأثيره المباشر وغير المباشر عليه في كثيرٍ من الدوائر التي يتحرك فيها شعرُه، والإشكاليات الفكرية والفلسفية والإنسانية التي تشغل عقلَه وقلبَه: علاقة الأنا مع الآخر، وحدة الذات مع الكون، تواصُل الإنسان مع الإنسان والطبيعة، وتراث الأجيال البشرية كلها بغير تفرقةٍ بينها. وسوف يرى القارئ أيضًا أن التلميذ السابق قد تأثَّر بأستاذه تأثرًا ملحوظًا في نظرته المتفائلة، بل الطوباوية، إلى الواقع والمستقبل، والثقة العميقة بالأدَب والفن، وقدرتهما على تغيير العالم والعلاقات الإنسانية، من خلال التواصل الحيِّ الفعَّال بين الذَّات والآخر (الذي يمكن أن يكون هو الإنسان أو الطبيعة، أو الحضارة البشرية، أو الماضي أو المستقبل …) ومن خلال التوحُّد مع الآخرين، مع الأرض ومع الكون كله.
يقول شاعرنا في قصيدة طويلة وجميلة أهداها إلى ذكرى معلِّمه وراعيه، وجعل عنوانَها: «خضرة النعناعة» (من ديوانه: لو لم تكن دمشق، ١٩٩٩م، الطبعة الثالثة، ص١٣-١٤)، وذلك بعدَ أن يعرف ببِلاد الخرافات والحكايات التي جاء منها «بلاد الألف شمس وشمس، والألف بؤس وبؤس» إلى المدن الكبرى المزدهرة التي دارت فيها عجلة التقدُّم وسبقت بلادنا التعيسة بمائة عام في أقلِّ تقدير، وانتشرت عليها ظلالُ اللامبالاة والعقلانية الباردة التي لا قلبَ لها، بحيث تجمَّدت الفراشات الذهبية — التي كانت ترفرف في صدر الشاعر قبل مجيئِه إليها — فوق غاباتها الثلجيَّة، ونثرت الرياح الجليدية الشكَّ في أغانيه، وبعثرت الألوان من ريشتِه، ومزَّقت أوراق عقد الياسمين الذي كان يطوِّق رقبته … حتى جاء المعلم الحنون «فألقى بالأصداف النبوية على الثلج، ودلَّ الشاعر الشاب على الطريق إلى قاع النَّبع، وإلى الكنز الكامن في الغابات الثلجية الأخرى»، أعطاه الكلمة «الخاصة بنا» (إشارة إلى القصيدة المطولة التي ترجمها الشاعر إلى العربية، وجعلها عنوانًا لكتابه السابق الذِّكرِ عنه)؛ لكي نتحكم في السحاب، ونحتفل بعرس الطَّبيعة، ونخزن الماء وراء السد، ونواجه خط الموت الفاصل بلا خوف؛ لأن الأولى بالخوف هو قناعُ الأحياء الجامد. وتستمر القصيدة، في القسم الرابع منها بوجهٍ خاص، في تضمين سطور دالَّة من قصائد ماورر، هذا الشاعر الذي رصد حركات التقدم في الواقع الاشتراكي الذي عاصره على مِهاد رَحْب من معرفته الواسعة بنضال الإنسان وتضحيات الأجيال، عَبْر ألوف السنين من تاريخ البشرية.
(ح) والتحق الشاعر الشاب في سنة ١٩٦٦م بالمعهد التابع لجامعةِ ليبزيج لدراسة المسرح واللغة والأدب الألماني، حيثُ تفرَّغ بعد ذلك بسنوات لإعدادِ أطروحته للدكتوراه عن «التلقِّي العرَبي لمسرحية بريشت التعليمية «الاستثناء والقاعدة»»، ومناقشة ما شاب هذا التلقي — سواء في ترجماتها العربية المختلفة أو في التعليقات، والدراساتِ النقدية عنها وعن مسرح بريشت — من خلطٍ وسوء فهم لمنهجه في المسرح الملحمي (راجع ما سبقَ أن ذكرته في التمهيد عن هذا الموضوع).
(ط) كان الشاعر — كما سبق القولُ — قد فقَدَ المخاطبَ العربي وفقدَ معه، أو صوَّر له القلق أنه فقد معه، الظل والهوية.
بدأت محاولاته لمدِّ جذوره في اللغة الجديدة وفي الوطن الجديد. لكن محاولاته لكتابةِ الشعر بالألمانية بقيت متعثرةً طوال عقد الستينيات، إذ اقتصر شعره الذي يسجِّل تجارب هذه المرحلة (وقد جمعه في أول ديوانٍ صدَر له بالألمانية، وهو كحرير من دمشق، ١٩٦٨م) على بعض القصائد التي كتبها بالعربية، ثم تُرجمت، بفضل بعض أصدقائه الذين ذكرناهم، ترجمةً شعرية إلى الألمانية. وجاءت معجزة الحب ﻟ «النعناعة الشقراء» التي تعرَّف عليها في الجامعة، فشدَّت على يدِه وقلبه أثناء كفاحه لمدِّ الجذور في الأرض واللغة والأدب والثقافة والحضارة الغريبة عليه، واستطاعت أن تمسح العرَقَ عن جبينه، وتخلِّصه من تردده في تلك المرحلةِ عن البقاء في تلك الأرض.
حقًّا ما أعجب وما أطيب المعجزة التي أعانَتْه على مواجَهَة هذه المخاطرة الضرورية، دون أن يضطر في نفس الوقت للتخلِّي عن هويته أو التنكُّر لذاتيته الأصيلة.