دَرَمْ
دَرَم …
بنفسيَ مما عراني بَرَمْ
فمدي ذراعيك ولتحضنيني
إلى هوةٍ من ظلام العدم،
فما قيمة العمر أقضيه أمشي
بعكَّازة في دروب الهَرَم؟
أهذا شبابي؟ وأين الشباب؟
ألا حُبَّ، لا زهوَ، لا عنفوان؟
أهذا مشيبي؟ حصدتُ السراب
إذا كان معنى المشيب الهوان!
أعقبى المشيب الأسى والندم؟
أما من شبابي الذي مرَّ ذكرى؟
أما منه مالٌ وبُقيا شمم؟
أكان الذي منه خلَّفتُ شِعرا
وبيتًا وراء الرياح انهدم؟
دَرَم …
تمنَّيْتُ لو مِتُّ بين الثلوج
على جدول جمَّدته النَّسَم،
فروحي تجوب المروج
وتأوي إلى رمَّةٍ في الظُّلَم،
ومن أين للروح هذا البقاء؟
فناء، فناء
سوى قصَّةٍ قد تثير السَّأَم
يُردِّدها سامرٌ في الشتاء:
«لقد خطَّ شِعرًا له من هباء،
وكانت له زوجةٌ وابنُ عم
وطفلانِ، لا، لا، نسيتُ … ابنتان
وطفلٌ»، ويخبو لديه الضَّرَم،
فيغفو على المسندِ السامرُ
وتُفتحُ بوابةٌ من دُخَان،
عليها الدجى حائرُ
يُبعثر أنجمَهُ من خلال الضباب
أهذا هو الشاعرُ؟
حديثٌ يُنيم الصحاب
إذا مات، أو عاش فهو الألمْ
دَرَمْ،
بنفسيَ مما عراني بَرَمْ.
بيروت، ٥ / ١ / ١٩٦٣