القصيدة والعنقاء
جنازتي في الغرفة الجديدهْ
تهتفُ بي أن أكتب القصيدهْ،
فأكتبُ
ما في دمي وأشطبُ
حتى تلينَ الفكرة العنيدهْ.
وغرفتي الجديدهْ
واسعة، أوسعُ لي من قبري
إذا اعتراني تَعَبُ
من يقظةٍ فالنوم منها أعذبُ،
ينبع حتى من عيون الصخرِ،
حتى من المدفأة الوحيدهْ
تقوم في الزاوية البعيدهْ.
•••
وترفع الجنازةُ اليابسة المهدَّمهْ
من رأسها، ترنو إلى الجدرانِ
والسقف والمرآة والقناني،
ما للزوايا مظلمهْ
كأنهن الأرضُ للإنسانِ،
تريد أن تحطِّمه
بالمال والخمور والغواني،
والكذْب في القلب وفي اللسان!
تريد أن تعيدهْ
للغابة البليدهْ!
وصفحةُ المرآة ما لها تُطل خاويهْ
ما أثمرت بغانيه،
بالشفة المرجان
تُنيرها، كالشفق، العينان،
وبالنهود العاريهْ؟
كهذه المرآةِ
ستُصبح الأرضُ بلا حياةِ
وفي الليالي الداجيهْ،
في ذلك السكون ليس فيه
إلا الرياحُ العاويهْ،
سيفزع اللهُ من الأموات
ويسحبُ الموتَ ويغفو فيه
مثل دثارٍ في الليالي الشاتيهْ.
•••
وهكذا الشاعرُ حينَ يكتب القصيدهْ
فلا يراها بالخلود تنبضُ،
سيهدمُ الذي بنى، يقوِّضُ
أحجارَها ثم يملُّ الصمتَ والسكونا
وحين تأتي فكرةٌ جديدهْ،
يسحبها مثل دثارٍ يحجب العيونا،
فلا ترى، إن شاء أن يكونا
فليهدم الماضي، فالأشياء ليس تنهضُ
إلا على رمادها المحترقِ
منتثرًا في الأفقِ،
وتولد القصيدهْ.
درم، ١٠ / ١ / ١٩٦٣