من صديق١ إلى الدكتور نجيب بك (باشا) محفوظ
لقد عِشْتَ عمرك عظيمًا جليلًا، ويأبى الدهر إلا أن يكون مُصَابُك عظيمًا جليلًا.
وإذا كان القَدَرُ إنما يَمْتَحِن الناسَ على قَدْر ما رُزِقُوا من فَضْل وصِدْق وعَزْم، وقوة صبر ووثاقة حُلْم؛ فما أرْوَعَ رأيَ القَدَر فيك حتى امتحنك بهذا كله! وكيف الحيلة في ذلك؟ وذلك تقدير العزيز العليم!
يا صديقي
لقد أجرى مُصابُك في كل مَحجِر دمعة، وأذكى في كل صدر لوعة، وكان له على كل حشًا غمزة، وفي كل قَلْب وَخْزة، وأقام في كل دار مَناحة، وبَسَطَ في كل مكان مأتمًا، وشُدِهَ الناس من هَوْل المصاب، وزاغت أبصارُهم حتى كأنما دُعُوا لساعة الحساب، فاللهم رحمة ولُطْفًا، واللهم رأفة وعطفًا.
لقد شاعت هذه الفاجعة حتى أصاب كلٌّ سَهْمَه، واحْتَمَلَ كلٌّ قَسْمَه، فالله تعالى أكرم من أن يَخْتَصَّك بهذا كله، فبعض هذا مما لا يَقْوَى على حمْلِه إنسان!
ألهمك الله من التصبر ما يكافئ مُصابَك، ومن التعزي ما يؤاسي كُلُومَك وأوْصَابَك. اللهم آمين.