غني يا …!١
وحيا الله …، وحيا صوتها العذْب الرخيم.
أفغناء هذا أم سجع هزار، وإنشاد هو أم ترجيع كَنَار، ويتردد في حلق غانية أم في قصبة من مزامير داوود، نَفَخَتْ فيه القدرة لتشعر أهل الأرض نعيم أهل الخلود؟
غني يا … فهذي قلوب سامعيك طوْعَ ترديدك وترنيمك، وهذي أحلامهم رَهْن ترجيعك وتنغيمك، فقد طالما عبث صوتك بالألباب، وهتك عن أخفى العواطف كل حجاب!
خبريني بِعَيْشِك، كيف تصنعين يا … بالناس؟
أفتوة هذه وَمَراح، أم دعة هذه وارتياح؟ وسرور وبهجة، أم هَمٌّ يصْدَع الكبد ويعصر المهجة؟ وغضب هذا أم رِضًى، ونعيم ذاك أم تلك نار الغضبى؟ وآنة تيك من تبريح الجوى، أم آهة تنفست بها ذِكْرَى الصبابة والهوى؟ وسُكْرٌ ما فيه الناس أم صَحْو، وفرح ما يجدون أم شجو؟ وسكون ما ترى وفتور، أم فورة تريك جبل النار كيف يثور؟ كل هذا من عبثك بالألباب يا فتنة.
غني يا … غني، فلو تَمَثَّلَ صوتك إنسانًا، لاستوى على عرش القلوب سلطانًا!
أليس عنده الرفع والخفض، والبسط والقبض، والسعد والنحس، والوفر والبؤس، واللذة والألم، والصحة والسقم، والأنس والنعيم، والهم المقعد المقيم؟
•••
غني يا … واسجعي، واشدي يا حمامة هذا الوادي ورَجِّعي، وإذا لم يكن في طوقك أن تُسْعَدِي هذه الحال، فحسبك أن تُسْعِدي الذكرى وتُنَعِّمِي الخيال!