يوم ويوم! …
جازَتْ بي أصيلَ اليوم زَفَّةٌ لجهاز عروس، تَتَقَدَّمها الموسيقى العادية، فالمؤنس (موسيقى القرب)، يليهما عنق من الشبان والفتيان: هذا باسط على راحتيه ديباجة مزركشة، وهذا حامل غطاء مرقشًا، وثالث «صينية» نحاس مكتفة بالفضة، ورابع آنية زجاج مموهة بالذهب، وخامس علبة من الجلد انتظمت ثلاثة أكواب مفضضة الكعوب، وسادس شاهر حذاءً حريريًّا … وتاسع طاسَ حمام صِيغَ من الفضة الخالصة … إلخ … إلخ.
ثم يلي هؤلاء قطار من عربات «الكارو» لا يكاد يدرك الطرف آخره: هذه تحمل حشية (مَرْتَبة) وغطاء سرير، وهذه تحمل طنفسةً وكرسي خيزران، وثالثة بُسط عليها لحاف مزخرف وثلاث وسائد مدبجة الأطراف، ورابعة عليها «دولاب» يتوجه بثلاثة أبواب من البللور، وخامسة تظهرها «كنبة» و«فوتيان» منجدةً ثلاثتها بحرير أرجواني، وسادسة تحمل سائر «الطقم» من كراسي و«كنصول» ومناضد، وهكذا حتى يأذن الله ويجيء دور آنية النحاس من أباريق، وطسوت غسل الثياب، وطسوت الحمام، ومن حلل ومغارف ومصافٍ … إلخ … إلخ …!
•••
وهذا ما يكون من أمر يوم الجهاز عند هذا الضرب من الناس، أما ما يكون من أمر يوم «العزال» فلا أكثر من عربة واحدة لحمل هذا كله، مزيدًا عليه ما لا يدخل في جهاز العروس من «الماجور» و«الشالية» والزير وحمالته، وطاحونة البن، وأقفاص الفراريج والحمام وغير ذلك، يُرْكَم ذلك كله بعضه فوق بعض، حتى لَيُخَيَّل إليك مِنْ عِظَم ارتفاعه، أن سراته تَحُكُّ قَرْنَ الشمس!