أعوذ بالله! …
على طريقي إلى الدار «حانوت» والعياذ بالله تعالى، نُضِّدَتْ فيه خشب الموتى ودِكَك الغسل تنضيدًا بديعًا، وسُجِّيَت على بعضها نماذج الأكفان الزاهية الألوان من «شاهي» للرجال، و(كريب جورجيت) لموتى العرائس، ولم يَعُدْ يَنْقُص هذا «الحانوت» الطريف إلا أن تقام على بابه «فترينة» تُزَيَّن بأسباب الموت وحوائجه.
ويجلس على بابه كل يوم من الصباح الباكر عماله الكرام، ومن «غاسلين وحمالين، ومنشدين»، وهم يتوسمون وجه كل غادٍ ورائح، لعل القدر يسعدهم بمرزوء في أحد بنيه، أو في أمه أو في أبيه.
وجُزْتُ بهم مُصَبِّح يوم وعيناي تنتضحان بالدمع من أَثَر رمد، فأتلعوا إلَيَّ أعناقهم، ورأيت البشر يَشِيع في وجوههم، وسرعان ما تحركوا جذلين للقائي، وهم يدعون الله في أنفسهم أن يجعل «استفتاحي لبن!» فصِحْتُ فيهم: استريحوا يا أولاد اﻟ … فما بي والله بكاء، ولكنه الرمد، وكلنا والحمد لله بخير وعافية، وقطع الله أرزاقكم ولا أدخل النعمة عليكم أبدًا …!