الشعر سردًا: دراسة في نص المفضليات
»لم يكن لدى الجاهليين جنسٌ أدبي يمثِّل سرْدَهم. لديهم بعض الأخبار، لكنها لم تأخذ طابع الفن؛ ليس لديهم قِصة أو رواية أو كتابة تاريخية أو سيرة شعبية، ومن ثَم أتى سردُهم كله أو جُلُّه في شعرهم، وكان الشعر عندهم نوع الأنواع.»
الشعر في الثقافة العربية القديمة نوعُ الأنواع؛ أيْ أنه النوع الجامع لبُذور الأنواع الأخرى التي نشأت، أو كان يمكِن لها أن تنشأ، وأضحى مرادفًا ضِمنيًّا للأدب، مُنطويًا في هذا على قِيمٍ سردية وغنائية ودرامية ورسائلية وحِجاجية، ومنفتحًا على التهديد والمواعظ والمنافرات والمفاخرات والمدح والرثاء والغَزَل والتأمُّل والكثير غيرها، ليبقى في النهاية أكبر من أن تستبدَّ بتصنيفه مَقولةٌ نوعية واحدة. ومن هنا يُعيد هذا الكتاب قراءةَ الشعر الجاهلي مُمثَّلًا في المُفضَّليَّات، من خلال بعض ما تطرحه النظريات السردية الحديثة لإعادة التعرُّف على السِّمة النوعية للشعر العربي القديم — الجاهلي تحديدًا — ولإعادة التعرُّف على مُقوِّمات القصيدة العربية عبر مباشَرة بِنيتها في ذاتها، لإعادة بناء تاريخ الأدب؛ حيث يؤمن المؤلِّف بأن التأريخ الحقيقي للأدب هو التأريخ لأسلوبيَّته.