دور الإعلام في تعاطي الكحوليات والمخدرات والتبغ
(١) انتشار تعاطي السجائر والكحوليات والمخدرات عبر مراحل النشأة المختلفة
وفقًا لإحصائيات حديثة، يبدأ ٦١٪ من مدخني السجائر التدخين قبل سن الثمانية عشر عامًا، و٨٩٪ ممن بدءوا في تعاطي الكحوليات مؤخرًا كانوا دون السن القانونية لتناول الكحوليات وهو ٢١ عامًا، و٥٨٪ من المستخدمين الجدد للمخدرات المحظورة قانونًا كانوا دون السن القانونية التي تمنحهم الحق في التصويت. وفي كل يوم، يُدخن ما يقرب من ٣٨٠٠ مراهق أول سيجارة حشيش، ويتناول نحو ١١ ألف مراهق أول مشروب كحولي، ويبدأ ١٣٠٠ شاب بين سن الثانية عشرة والسابعة عشرة التدخين (إدارة خدمات الصحة العقلية والمواد المسببة للإدمان، ٢٠٠٦).
ثمة عدد من الملاحظات التحذيرية لا بد أن تُؤخذ في الاعتبار عند تفسير البيانات سابقة الذكر؛ أولًا: تقوم جميع النتائج على أساس ما يذكره المراهقون أنفسهم وليس على أساس مراقبة السلوك. وبناءً عليه، قد لا تعكس بيانات تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر الاستخدام الفعلي لها (سواء نتيجة للزيادة أو النقصان عن المعدلات الفعلية). وثانيًا: بالرغم من أن الاستبيانات المذكورة أعلاه أُجريت على نحو ٥٠ ألف شاب، لم تُجمع البيانات إلا من طلاب مسجلين حاليًّا بالمدارس؛ فلم يؤخذ في الاعتبار الطلاب المتسربون من التعليم. ومع ذلك، يبدو أن هذه المجموعة الفرعية تواجه خطرًا أكبر فيما يتعلق بإدمان المواد المسببة للإدمان، واحتمالات تعاطيهم أو استخدامهم الحالي للعقاقير المحظورة قانونًا أعلى بمعدل يتراوح من ١٫٢ مرة إلى ٦ مرات من النشء الذين يبقون في المدرسة. (سويم وبوفيه وتشافيز وأوتينج، ١٩٩٧). ونظرًا لأن نحو ١٠٪ من المراهقين يتسربون من المدرسة الثانوية، قد تكون بيانات الاستبيان التي جمعها المعهد الوطني لتعاطي المخدرات (٢٠٠٧) أقل بكثير من الأرقام الفعلية الخاصة بتعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر بين المراهقين. لكن وفقًا للتقديرات التي تشير إلى أن عدد النشء في الولايات المتحدة الذين تتراوح أعمارهم بين ١٠ و١٤ عامًا يبلغ ٢١ مليونًا وأن عدد المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين ١٥ و١٩ عامًا يبلغ ٢١ مليونًا أيضًا (مكتب تعداد الولايات المتحدة، ٢٠٠٨)، فإنه حتى أكثر التقديرات تبين الانتشار الكبير لاستخدام السجائر والكحوليات والمخدرات خلال مراحل النمو المختلفة. وينخرط عشرات الملايين من المراهقين في استخدام المواد المسببة للهلاوس، وبالتأكيد يكون لهذا الاستخدام تبعاته.
(٢) النتائج المترتبة على استخدام المراهقين للسجائر والكحوليات والمخدرات
(٢-١) المخاطر الصحية
(أ) الكحوليات
تتراوح النتائج المترتبة على تعاطي الكحوليات بين صداع الكحول النسبي والوفاة نتيجة التسمم الكحولي. وبصرف النظر عن المرحلة العمرية، يُعتقد أن تعاطي الكحول يسبب نحو ٨٥ ألف حالة وفاة سنويًّا. وكلما زاد تعاطي المراهقين للكحول، زادت احتمالات التعرض للمخاطر الصحية طويلة الأمد مثل تليف الكبد والتهاب البنكرياس والسكتات الدماغية النزفية. كذلك يؤثر التسمم الكحولي سلبًا على عمليات اتخاذ القرار والتنسيق، ومن ثم فإن الأشخاص الثملين يكونون عرضة للحوادث. ويؤدي تعاطي المشروبات الكحولية بين الأشخاص دون سن ﻟ ٢١ عامًا، إلى خمسة آلاف حالة وفاة مرتبطة بإصابات كل عام. إضافة إلى ذلك، يرتبط تعاطي المراهقين للكحوليات بممارسات جنسية خطيرة مثل ممارسة الجنس بطرق غير آمنة وزيادة التعرض لنشاط جنسي قسري من جانب الآخرين. ويمكن أن يؤدي التعاطي المفرط للكحوليات إلى مشكلات تتعلق بالذاكرة على المدى القصير وتراجع القدرة على التعلم على المدى الطويل. وتحدث هذه الآثار اللاحقة جزئيًّا؛ لأن الكحول يسبب تغييرات عضوية في المخ الذي لا يزال في مرحلة النمو. (مقداد وماركس وستروب وجيربيدرينج، ٢٠٠٤؛ وزارة الصحة الأمريكية، ٢٠٠٧).
(ب) التبغ
تزداد مخاطر تعرض المدخنين للوفاة نتيجة داء الشريان التاجي ومرض الانسداد الرئوي المزمن والسرطان. في الواقع، يموت كل عام نحو ٤٤٠ ألف أمريكي بسبب الأمراض المرتبطة بالتدخين. وبعبارة أخرى، تُعزى حالة وفاة واحدة من أصل كل ست حالات في الولايات المتحدة إلى التدخين. يزيد هذا عن العدد الإجمالي للوفيات الناجمة عن الكحول والعقاقير المحظورة قانونًا والانتحار والقتل وحوادث السيارات والإيدز. ووفق التقديرات، سيموت قبل الأوان نحو ٥٣٥ مراهقًا من بين كل ١٠٧٠ مراهقًا يدمنون تدخين التبغ كل يوم. وعلى عكس العواقب السلبية المرتبطة بتعاطي الكحوليات والعقاقير المحظورة قانونًا، غالبًا ما تستغرق معظم النتائج المرتبطة بالتدخين سنوات لتظهر (جلانتز، ٢٠٠٣).
(ﺟ) العقاقير المحظورة قانونًا
تعاطي العقاقير المحظورة قانونًا يؤدي إلى ١٧ ألف حالة وفاة كل عام. والجرعات الزائدة العرضية والمتعمدة إضافة إلى غياب أو عدم صرامة اللوائح الداخلية التي تحظر الانخراط في سلوكيات غير آمنة (مثل القيادة تحت تأثير المخدر) يُفسران هذه النتيجة (مقداد وآخرون، ٢٠٠٤). والتعاطي المبكر للمخدرات يرتبط بمستويات أعلى من العدوانية وسوء التحصيل الدراسي والسلوكيات المنحرفة والإجرامية خلال مرحلة المراهقة واستمرار تعاطي المخدرات عند البلوغ. والمخاطر الصحية العضوية والعقلية المترتبة على تعاطي العقاقير المحظورة قانونًا كثيرة، معظمها يتنوع وفق نوع العقار المستخدم. تأمل المثال التالي باعتباره مجرد عينة من المخاطر الصحية الهائلة المترتبة على تعاطي العقاقير المحظورة قانونًا: تدخين الماريجوانا يمكن أن يسبب تلفًا للذاكرة ومضاعفات في الجهاز التنفسي والسرطان، والمستنشقات يمكن أن تؤدي إلى تلف الكبد والكلية ونخاع العظام، وتعاطي الكوكاكيين يمكن أن يؤدي إلى النوبات المرضية والسكتات الدماغية واضطرابات في النظم القلبي وجنون الاضطهاد (البارانويا). والمراهقون الذين يتعاطون العقاقير المحظورة قانونًا أكثر عرضة أيضًا من غيرهم من النشء لأن يعانوا من الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات القلق والاكتئاب. لكن من الأهمية بمكان أن نتذكر أن الأشخاص المضطربين نفسيًّا قد يلجئون إلى العقاقير المحظورة قانونًا في محاولة للتغلب على مشكلاتهم النفسية (المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، ٢٠٠٧).
(٢-٢) فرضية التصعيد في تعاطي المخدرات
أظهرت الأبحاث التي أُجريت على المراهقين أن تدخين التبغ وتعاطي الكحوليات يسبقان تدخين الماريجوانا الذي يحدث بدوره قبل تعاطي العقاقير المحظورة قانونًا مثل المواد المسببة للهلاوس والهيروين والكوكايين. وقد أوضح البعض أن التبغ والكحوليات والماريجوانا تُعد من «عقاقير التصعيد» (أي تلك التي يؤدي إدمانها إلى إدمان غيرها من المخدرات)؛ ومِن ثم فإنهم يشيرون ضمنيًّا إلى أن تجربة السجائر والكحوليات والمخدرات تَحدث على نحو متسلسل خلال مراحل النمو. ومن بين الأدلة على فرضية التصعيد في تعاطي المخدرات دراسات الارتباط التي تُجرى على المراهقين والتي تربط تعاطي الكحول والتبغ بتدخين الماريجوانا لاحقًا. كذلك فإن الارتباط بين تدخين الماريجوانا وتعاطي العقاقير المحظورة قانونًا أقوى من الارتباط بين تعاطي الكحوليات أو التبغ وتعاطي العقاقير المحظورة قانونًا. من الناحية البيولوجية، يؤثر التبغ والكحوليات والماريجوانا إضافة إلى العقاقير المحظورة قانونًا المشار إليها سابقًا على الناقل العصبي الدوبامين، ومن ثم فإنهما يوفران آلية فسيولوجية محتملة لفرضية التصعيد. بيْد أنه بدلًا من أن يؤدي التعاطي المبكر للمخدرات والكحوليات والسجائر إلى تعاطٍ لاحق لمخدرات أقوى تأثيرًا، فإنه قد يؤدي إلى أن يشترك من يتعاطون الكحوليات والتبغ والماريجوانا والعقاقير المحظورة قانونًا في الكثير من نفس الخصائص (مثل السمات الشخصية والسمات العاطفية والأمراض النفسية) التي تجعلهم على استعداد لتعاطي مخدرات متنوعة. وعلاوة على ذلك، خلال مرحلة المراهقة، يبدأ هؤلاء الذين يدخنون الماريجوانا في مصاحبة أقرانهم الذين يتعاطون المخدرات؛ ومِن ثَم، فإن هذه العلاقات، وثقافة تعاطي المخدرات التي تتمخض عنها، تؤديان إلى إتاحة فرص أكثر لتعاطي مخدرات أقوى تأثيرًا (جولاب وجونسون، ٢٠٠٢؛ هول ولينسكي، ٢٠٠٥).
(٢-٣) الإدمان
مما لا شك فيه أن تعاطي المواد المحظورة وغير المحظورة قانونًا يمكن أن يُشكِّل مشكلة جسيمة بالنسبة إلى المراهقين والبالغين على حد سواء. فبالإضافة إلى المتاعب الصحية والمشكلات النفسية المذكورة سابقًا، يمكن أن يؤدي تعاطي المخدرات والكحوليات والسجائر إلى الإدمان، الذي يتسم بالتعاطي القهري والخارج عن نطاق السيطرة لتلك المواد؛ وهو ما يؤدي إلى نتائج صحية واجتماعية سلبية؛ فعلى سبيل المثال، مشكلة تعاطي الكحوليات خلال مرحلة المراهقة مرتبطة بسوء التحصيل الدراسي والتسرب من التعليم. وتجدر الإشارة إلى أن الإدمان يتألف من شقين مرتبطين أحدهما بالآخر: فرط استعمال المواد المسببة للإدمان والاتكال أو الاعتماد. وفي حين أن فرط استعمال المواد المسببة للإدمان يشير إلى العواقب السلوكية والاجتماعية المترتبة على تعاطي المخدرات والكحوليات والسجائر (مثل فقدان الأصدقاء وسلوك البحث عن المخدرات)، يُشير الاتكال إلى الآثار الفسيولوجية الطويلة الأمد المصاحبة مثل تحمُّل جرعات عالية وأعراض الانسحاب. ولسوء الحظ، أظهرت النماذج الحيوانية أن المراهقين أكثر عرضة على وجه الخصوص للإدمان. فاحتمالات إدمان الماريجوانا من جانب المراهقين ثلاثة أضعاف احتمالات إدمان الكبار لها، واحتمالات أن يصبح المراهقون الذين يبدءون في تعاطي الكحوليات قبل سن اﻟ ١٥ عامًا مدمنين للكحوليات أربعة أضعاف احتمالات أن يصبح أولئك الذين ينتظرون حتى سن اﻟ ٢١ عامًا مدمنين لها. وقابلية التعرض للإدمان استنادًا إلى مراحل النمو ظاهرة أيضًا، حيث إن احتمالات الإدمان خلال مراحل الحياة تصبح في أعلى درجاتها بالنسبة إلى المراهقين الذين يبدءون تعاطي المخدرات والكحوليات والسجائر خلال مرحلة المراهقة المبكرة (المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، ٢٠٠٧).
(٣) مدى إدراك المراهقين لخطر تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر
(٤) شيوع تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في وسائل الإعلام
(٤-١) الإعلانات
في كل عام تُنفق مليارات من الدولارات الأمريكية على ترويج منتجات الكحول والتبغ بين المستهلكين. تهدف هذه الدعاية إلى الوصول لأكبر عدد ممكن من المستهلكين حتى أولئك الذين لا يستطيعون شراء السلعة المعلن عنها بسبب حظرها قانونًا على فئتهم العمرية. وباستثناء بضع مجلات تستهدف متعاطي الحشيش، مثل مجلة «هاي تايمز»، لا يوجد سوى بضع مطبوعات وطنية — إن وُجدت من الأساس — متاحة للنشء تروج أو تُعلن عن المخدرات المحظورة قانونًا. ولا تتوافر حاليًّا بيانات عن القراء النشء لمثل هذه المجلات الوقحة. لكن يوجد كم وفير من البيانات المتعلقة بالإعلان عن الكحوليات والتبغ في مجلات يقرؤها النشء. تصور الإعلانات المؤيدة للتبغ في المجلات التدخين بأنه سلوك إيجابي وطبيعي بالنسبة إلى النشء من الجنسين الجذابين والمستقلين والمرحين. وفي تقييم أُجري مؤخرًا للنفقات المتعلقة بالإعلان عن السجائر، توصل كروجمان وزملاؤه (كروجمان وموريسون وسانج، ٢٠٠٦) إلى أنه على مدار عشر سنوات (١٩٩٣–٢٠٠٢) أُنفق على الإعلان عن العلامات التجارية الثلاث للسجائر الأكثر شيوعًا وتفضيلًا بين المراهقين (مارلبورو وكاميل ونيوبورت) قرابة ٨٠٠ مليون دولار أمريكي وذلك في مجلات يقرؤها المراهقون كثيرًا. شمل هذا التقييم مجلات إما تُعد مجلات موجهة للكبار أو مطبوعات شبابية. ويُقصد بالمطبوعة النشئية المجلات التي يقرؤها على الأقل مليونان من المراهقين أو يشكل القراء الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢ و١٧ عامًا نحو ١٥٪ أو أكثر من قرائها. إن المجلات التي تفي بهذا الشرط تركز على موضوعات مختلفة بما يشمل الموضة (مثل «إل» و«فوج») والرياضة وصيد الأسماك (مثل «إي إس بي إن» و«سبورتس إلاستراتيد») والسيارات مثل («موتور تريند»، و«كار آند دريفر») والترفيه (مثل «بيبول» و«تي في جايد»). والبيانات المستقاة من دراسة كروجمان وزملائه (٢٠٠٦) تشير إلى انخفاض كبير بين عامي ١٩٩٣ و٢٠٠٢ في العدد التقديري لإعلانات السجائر التي يراها المراهقون. ففي عام ١٩٩٣، نُشر ٦٢٪ من إعلانات السجائر في مطبوعات شبابية وبلغ نحو ٩٣٪ من القراء المراهقين حد مرات التعرض (المشاهدة) الثلاثة كل عام (وهو العدد المطلوب كي تُعد الحملة فعالة). أما في عام ٢٠٠٢، فلم يتجاوز حد مرات التعرض الثلاثة ٩٪.
ومع فقدان شركات التبغ للآلاف من عملائها (المدمنين) الموالين لها عبر الوفاة، تعتمد أرباح تلك الشركات على اجتذاب مدخنين جدد. لكن نتيجة لمقاضاة تلك الشركات من جانب المدعين العموميين في ٤٦ ولاية ضد شركات التبغ الأمريكية الكبرى، واتفاقية التسوية الرئيسية التي أعقبت ذلك عام ١٩٩٨، من غير القانوني حاليًّا أن تُعلن تلك الشركات عن منتجها إعلانًا مباشرًا للنشء و/أو بطريقة جاذبة لهم. وعلاوة على ذلك، فإنه نتيجة اتفاقية التسوية الرئيسية، لم تعد شركات التبغ تستطيع الإعلان عن منتجها بطريقة قانونية في المطبوعات النشئية. كما لا تستطيع أن تستخدم الشخصيات الكرتونية مثل الجمل جو من أجل الترويج لمنتجات التبغ. ويمكن أن يؤدي عدم الالتزام باتفاقية التسوية الرئيسية إلى غرامات تقدر بملايين الدولارات، وقد أدى بالفعل. في هذه المرحلة، ومع سريان اتفاقية التسوية الرئيسية، وإدراك شركات التبغ لخطر التعرض للغرامات، سيكون احتمال مطالعة الطفل أو المراهق العادي لإعلانات السجائر ضئيلًا — إن حدث ذلك من الأساس — في المطبوعات النشئية. ولكن ٤٤٪ من المراهقين الذين يقرءون المجلات الموجهة للكبار مثل «تايم» و«ماكسيم» «ريدبوك» و«بوبيولر ميكانكس» يطالعون في الغالب إعلانات السجائر أكثر من ثلاث مرات سنويًّا، بإجمالي نحو ٩ مرات تعرُّض كل عام (كروجمان وآخرون، ٢٠٠٦).
تُنفق صناعة الكحوليات كل عام قرابة ٣٣٠ مليون دولار على الإعلانات في المجلات. وعادةً ما تعرض تلك المجلات شبابًا بالغين جذابين يستمتعون بأوقاتهم وحياتهم. وفي أغلب الأحيان، تُعرض الكحوليات في سياق الاستمتاع بالحفلات، والترويج للكحوليات في سياق تناولها بمسئولية لا تتجاوز نسبته ٣٪. وما بين عامي ٢٠٠٠ و٢٠٠٣، قررت الاتحادات المهنية المختلفة فيما يتصل بصناعات الجعة والنبيذ والمشروبات الكحولية أن تجعل إعلانات المشروبات الكحولية قاصرة على مجلات الكبار، ومن ثم حظر نشر تلك الإعلانات في المطبوعات النشئية. ولكن هذه المعايير التي فرضتها تلك الاتحادات على نفسها أعطت تعريفًا للمطبوعة النشئية بأنها المطبوعة التي تبلغ نسبة قرائها الذين تتراوح أعمارهم بين ١٢ و٢٠ عامًا ٣٠٪؛ ومِن ثَم فإن المطبوعات التي تتراوح نسبة قرائها من النشء بين ١٥–٣٠٪ تُعتبر مطبوعات للكبار فيما يتعلق بالكحول ولكنها تعتبر مطبوعات شبابية فيما يتعلق بالتبغ (مركز تسويق الكحوليات والنشء، ٢٠٠٧أ، المعهد الوطني لتعاطي المخدرات، ٢٠٠٧)؛ ومِن ثَم، عند تصنيف إحدى المجلات بأنها «مطبوعة شبابية»، تُضطر شركات التبغ إلى استخدام معايير أكثر صرامة من شركات صناعة المشروبات الكحولية. في عامي ٢٠٠١ و٢٠٠٢، ظهر نحو ١٠٪ من إعلانات المشروبات الكحولية في مطبوعات شبابية. وتراجع هذا الرقم إلى ما دون ٤٪ بحلول عام ٢٠٠٦. في الواقع، طالع النشء إعلانات أقل عن المشروبات الكحولية بنحو ٥٠٪ في عام ٢٠٠٦ مقارنة بعام ٢٠٠١. ويبدو إذن أن صناعة المشروبات الكحولية تلتزم بمعاييرها الخاصة. لكن استراتيجية الإعلان عن المشروبات الكحولية أقل إيثارية عما تبدو عليه. فقرابة ٨٠٪ من إجمالي تعرض النشء لإعلانات المشروبات الكحولية يحدث في مجلات يُحظر على شركات التبغ قانونًا أن تنشر فيها إعلانات (أي المجلات التي يتراوح عدد قرائها من النشء بين ١٥–٣٠٪). في حقيقة الأمر، في عام ٢٠٠٦، طالع النشء دون السن القانونية نحو ٩٠ إعلانًا عن منتجات لها صلة بالكحول في مجلات (مركز تسويق الكحوليات والنشء، ٢٠٠٧أ).
منذ عام ١٩٧١، أصبح محظورًا ظهور إعلانات التبغ عبر أثير الإذاعة أو على شاشات التليفزيون. وبالرغم من أنه لا تُطبق قيود حكومية على إعلانات المشروبات الكحولية، فقد قصرت الاتحادات المهنية طواعية إعلانات الإذاعة والتليفزيون على البرامج المذاعة التي يبلغ ما لا يقل عن ٧٠٪ من جمهورها السن القانونية لمعاقرة الكحوليات. وفي كل عام، يُنفق المعلنون قرابة ٩٠ مليون دولار أمريكي في الإعلان عن المنتجات المرتبطة بالكحول أو الفعاليات التي تُنظَّم برعاية المنتجين لها عبر أثير الإذاعة. وقد توصل تقييم أُجري مؤخرًا على ٢٨ سوقًا من أكبر أسواق الإذاعة في الولايات المتحدة إلى أنه، على مستوى القطاع بأكمله، أُذيع نحو ٢٨ ألف إعلان (٨٪) عن المشروبات الكحولية خلال البرامج التي يمثل النشء أكثر من ٣٠٪ من قاعدة مستمعيها. ولكن ٣٦٪ من الإعلانات الإذاعية عن المشروبات الكحولية أُذيعت خلال البرامج التي تتمتع بعدد ضخم على نحو غير متناسب من المستمعين من النشء، إلى حد أن احتمالات استماع الأشخاص — الذين لم يبلغوا السن القانونية التي يُسمح لهم عندها بتناول تلك المشروبات — إلى إعلانات عن المشروبات الكحولية كانت أعلى مقارنة بالكبار في سن اﻟ ٢١ عامًا أو يزيد. (مركز تسويق الكحوليات والنشء، ٢٠٠٧ب).
في عام ٢٠٠٦، أُنفق قرابة مليار دولار أمريكي على الإعلان عن الكحوليات على شاشات التليفزيون (بزيادة تُقدر ﺑ ٢٧٪ مقارنة بعام ٢٠٠١). وبالرغم من أن الإعلانات التجارية عن الكحوليات يُفترض بها استهداف المستهلكين الذين بلغوا السن القانونية لتناول الكحوليات أو تجاوزوها، يبدو أن هذه الإعلانات مصممة أيضًا لجذب أفراد الجمهور الذين لم يبلغوا السن القانونية بعد. فرغم كل شيء، تخطف الكلاب الجميلة والخيول الرشيقة التي تلعب كرة القدم في إعلانات المشروبات الكحولية أنظار النشء بسهولة. في الفترة من عام ٢٠٠٣ إلى عام ٢٠٠٦، تراجعت نسبة الإعلانات التي تُعرض خلال البرامج التليفزيونية التي يشاهدها أكثر من ٣٠٪ من النشء بمقدار النصف من ١٢٪ إلى ٦٪. ومع ذلك، في عام ٢٠٠٦، عُرضت إعلانات المشروبات الكحولية خلال ١٤ برنامجًا من ١٥ برنامجًا تليفزيونيًّا تُذاع في أوقات ذروة المشاهدة ويمثل المراهقون أغلبية مشاهديها (مثل «لوست» و«ديل أور نو ديل» و«سي إس آي») وتُبث بين الساعة ٨ و٩ مساءً. ومن ثم، بالرغم من أن إعلانات المشروبات الكحولية لم تُعرض على شاشة قناة ديزني أو نكلوديون، بُثت تلك الإعلانات خلال العروض التليفزيونية التي تحظى بشعبية بين النشء دون السن القانونية. ونتيجة لذلك، يشاهد الأطفال والمراهقون كل عام نحو ٢٨٥ إعلانًا تجاريًّا تليفزيونيًّا لمنتجات تحتوي على الكحول (مركز تسويق الكحوليات والنشء، ٢٠٠٧ب).
(٤-٢) دمج إعلانات الكحوليات والمخدرات والسجائر في حبكات الأعمال السينمائية والتليفزيونية
بالإضافة إلى أساليب الإعلان المذكورة سابقًا، تُسوَّق المخدرات والمشروبات الكحولية والسجائر للشباب متى جرى دمجها في عرض تليفزيوني أو فيلم سينمائي. أحيانًا يتضمن هذا التسويق دمج إعلان مدفوع الأجر لمنتج معين حيث يجري التعاقد على علامة تجارية معينة من المشروبات الكحولية أو السجائر كي تظهر على الشاشة. على سبيل المثال، في فيلم «سوبرمان-الجزء الثاني»، يُشاهد البطل الخارق القادم من كوكب كريبتون وهو يقفز من شاحنة مكتوب على أحد جوانبها بأحرف كبيرة مزركشة كلمة مارلبورو. وحاليًّا، لم تعد صناعتا الكحوليات والتبغ كلتاهما تستهدفان عن قصد الأفلام السينمائية والعروض التليفزيونية المصنفة باعتبارها موجهة للنشء كما كانتا تفعلان في السابق. ومع ذلك، تُعرض الشخصيات الرئيسية وهي تستخدم في سعادة منتجات الكحول والتبغ، ما يتيح أمام النشء فرصة رؤية مزايا تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر. وفي فيلم «فطيرة أمريكية» (أمريكان باي) مثلًا، تُصور العديد من المشاهد طلاب السنة النهائية من المرحلة الثانوية وهم ينغمسون مرارًا وتكرارًا في معاقرة الخمر في حفلاتهم الكثيرة. في الواقع، تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر على الشاشة يعدل إعلانًا مدفوع الأجر يظهر فيه أحد المشاهير داعمًا المنتج المعلن عنه.
جدير بالذكر أن قدرًا كبيرًا من تعاطي المخدرات في الأفلام الكوميدية والدرامية يتضمن شخصيات مراهقة؛ فقد اكتشف ستيرن (٢٠٠٥) مؤخرًا أن ٣٥٪ من الشخصيات الرئيسية المراهقة في الأفلام المصنفة لمَن فوق سن ١٣، و٦١٪ من الشخصيات الرئيسية المراهقة في الأفلام المصنفة للكبار فقط، كانت تشرب الكحوليات. فبصرف النظر عن تصنيف الفيلم، يدخن ١٧٪ من المراهقين في الأدوار الرئيسية، و٣٠٪ من الشخصيات الرئيسية المراهقة في أفلام الكبار فقط يتعاطون مخدرات محظورة. تكون مثل هذه المستويات المرتفعة من تعاطي المراهقين للتبغ والكحوليات والمخدرات مزعجة على وجه الخصوص نظرًا لزيادة احتمال رؤية الأطفال والمراهقين للشخصيات المماثلين لهم في السن، مقارنة بالشخصيات الأكبر سنًّا، على أنهم نماذج جذابة يُحتذى بها.
• مناسب لجمهور عام (جي): مسموح به لجميع الأعمار، لا يتضمن محتوًى مسيئًا. |
• يُنصح بتوجيه الوالدين (بي جي): ربما تكون بعض المواد غير مناسبة للأطفال. |
• محتوى غير مناسب لأقل من ١٣ عامًا (بي جي-١٣): ربما تكون بعض المواد غير مناسبة للأطفال تحت سن الثالثة عشرة، وربما يحتوي بعض العنف، أو العري أو مشاهد حسية أو لغة فظة. |
• مقيد (آر): لابد من مرافقة أحد الوالدين أو أحد البالغين لمن هم دون سن ١٧ كي يُسمح لهم بالمشاهدة. مواد الفيلم لها طابع خاص بالبالغين وربما تحتوي على عنف وعري ولغة فظة ومشاهد جنسية. |
• للكبار فقط (إن سي-١٧): يُعتبر محتوى الفيلم غير مناسب على الإطلاق للأطفال. ربما يحتوي الفيلم على عنف بالغ، ومحتوى جنسي مكثف، وسلوك منحرف، وتعاطي مخدرات. |
• لجميع الأطفال (تي في واي): مناسب لجميع الأطفال، لكن عادةً يستهدف المحتوى الأطفال بين سن الثانية والسادسة. |
• الأطفال من سن السابعة فأكثر (تي في واي ٧): ربما تحتوي العناصر في البرامج على عنف خيالي أو عنف كوميدي معتدل، وقد يخيف المحتوى الأطفال تحت سن السابعة. |
• مناسب لجمهور عام (تي في جي): يحتوي على قليل من العنف، ولا توجد لغة فظة، وحوارات أو مواقف جنسية قليلة. |
• يُنصح بتوجيه الوالدين (تي في بي جي): يتضمن المحتوى المعروض، الذي قد يكون غير مناسب للأطفال الأصغر سنًّا، عنفًا معتدلًا، وبعض المواقف الجنسية، ولغة بذيئة عرضية، وبعض الحوار الموحي. |
• غير مناسب لأقل من ١٤ عامًا (تي في ١٤): المحتوى مناسب للمراهقين فوق سن ١٣ عامًا، فقد تحتوي البرامج على عنف شديد، ومواقف وحوارات جنسية مكثفة، ولغة بذيئة قوية. |
• للكبار فقط (تي في إم إيه): يُعتبر المحتوى غير مناسب للشباب تحت سن ١٧، إذ تحتوي البرامج على عنف مجسد تجسيدًا حيًّا، أو نشاط جنسي صريح، أو لغة غير مهذبة. |
(٤-٣) الموسيقى
ملصق التحذير
المادة | ||
---|---|---|
نوع الموسيقى | الكحول | المخدرات المحظورة |
الراب | ٪٥٦ | ٪٣١ |
الروك | ٪٢٧ | ٪٩ |
ريذوم آند بلوز | ٪٢٦ | ٪٤ |
البوب | ٪٢٧ | ٪٠ |
(٤-٤) ألعاب الفيديو
• الطفولة المبكرة (إي سي): محتوًى مناسب للأطفال من عمر ٣ سنوات فأكبر، لا يحتوي على مواد غير مناسبة. |
• لجميع الأعمار (إي): محتوًى مناسب للأطفال من عمر ٦ سنوات فأكبر؛ قد يحتوي على أقل قدر من العنف والأذى الهزلي و/أو الألفاظ غير اللائقة. |
• غير مناسب لأقل من ١٠ سنوات (إي +١٠): محتوًى مناسب للأطفال من عمر فأكبر؛ وربما يحتوي على المزيد من العنف الكرتوني أو الخيالي أو المعتدل، وألفاظ غير لائقة و/أو أقل قدر من الموضوعات الموحية بالجنس. |
• مناسب للمراهقين (تي): محتوًى مناسب للمراهقين من عمر ١٣ سنة فأكبر؛ ربما يحتوي على عناصر عنف، وألفاظ غير لائقة أو بذيئة، و/أو موضوعات ذات إيحاءات جنسية. |
• غير مناسب لأقل من ١٧ عامًا (إم): محتوًى مناسب للأفراد من عمر ١٧ فأكبر؛ يحتوي على موضوعات جنسية للبالغين، وعنف بالغ، و/أو لغة بذيئة. |
• البالغين فقط (إيه أوه): محتوًى مناسب للبالغين فقط؛ يحتوي على تصوير تفصيلي لمحتوى جنسي و/أو عنيف؛ لا يُسمح به للقُصَّر. |
(٤-٥) مواقع الويب
تكون مواقع الويب الخاصة بمنتجات البيرة والمشروبات الكحولية تفاعلية وذات تقنية عالية؛ فيمكن للزائرين تحميل وصفات لمشروبات مختلطة، وخلفيات لشاشة الكمبيوتر، وعناصر واجهة المستخدم، ومستلزمات الرسائل الفورية، ومقاطع موسيقية معدة حسب الطلب. كذلك تُتاح مقاطع الفيديو الدعائية للمشاهدة، ويمكن قراءة المدونات، والانضمام لغرف المحادثة، وممارسة ألعاب على الموقع، مثل لعبة «بيرفيكت بور تشالينج» التي تقدمها علامة بدويزر التجارية للبيرة. وبالإضافة إلى المواد التي يمكن تحميلها والمتعلقة بالمنتجات، تقدم كثير من مواقع الويب صورًا مثيرة جنسيًّا يمكن تحميلها. ومع ذلك، فإن الألعاب التي تشبه تلك الموجودة في مراكز ألعاب الفيديو (مثل «إير هوكي»، و«ديجيتال فوتبول»، و«بوتينج تشالينج»)، والتي ظهرت في ٦٧٪ من مواقع الويب للبيرة و٣٧٪ في مواقع الويب للمشروبات الكحولية المقطرة عام ٢٠٠٣ (مركز دراسة تسويق الكحوليات وتأثيره على النشء، ٢٠٠٤)، لم تعد متاحة في معظم مواقع الويب الرسمية الخاصة بالمشروبات الكحوليات. وعلاوة على ذلك، لم تعد الرسوم المتحركة والشخصيات التي تشبه الرسوم المتحركة توجد على مواقع ويب المنتجات الكحولية. يبدو أن منع صناعات المواد الكحولية من الترويج للنشء وصل إلى الإنترنت. وعلى الرغم من أن مواقع الويب الخاصة بالمنتجات الكحولية تنتهج إجراءً افتراضيًّا يهدف إلى التحقق من هوية الزائرين المحتملين، عن طريق إجبارهم على إدخال تاريخ ميلادهم، فإنها لا تتبنى أي أجراء للتأكد فعليًّا من بلوغ زائر الموقع السن القانونية التي تسمح له بشرب هذه المنتجات. هذا وقد أشارت البيانات المأخوذة من دراسة أجراها مركز دراسة تسويق الكحوليات وتأثيره على النشء (٢٠٠٤) إلى أن ما يقرب من ٧٠٠ ألف زيارة لمواقع المنتجات الكحولية كانت من أطفال ومراهقين دون السن القانونية.
(٥) تأثير استخدام المخدرات في الإعلام
(٥-١) الأبحاث حول فترة الطفولة المبكرة
نظرًا لوجود مهارات لغوية محدودة لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة، ولعدم قدرتهم على القراءة، وسهولة تأثرهم بأسلوب طرح الأسئلة (ديهارت وصروف وكوبر، ٢٠٠٤)، كان من الصعب تقييم مواقفهم من استخدام المخدرات وتوقعاتهم ومفهومهم عنها تقييمًا دقيقًا. مؤخرًا استخدمت دالتون وزملاؤها (٢٠٠٥) سيناريو مبتكرًا لتقمص الأدوار من أجل تقييم الارتباطات بين التعرض للأفلام ومواقف الأطفال بين سن الثانية والسادسة تجاه الكحوليات واستخدام التبغ؛ فقد طُلب من الأطفال التظاهر بأنهم بالغون وسيُقيمون حفلًا لأصدقائهم. ذهب الأطفال عندها «للتسوق» في متجر لمستلزمات دمى باربي يحوي ١٣٣ منتجًا مصغرًا، من بينها ٩ زجاجات بيرة ونبيذ، و٦ علب سجائر. وبعد انتهاء التسوق، أُتيحت الفرصة لشخصية الطفل (أي الدمية التي اختارها) لاستخدام «المشتريات» مع أصدقائها (دمية متحكم فيها القائم على التجربة). بوجه عام، اشترى ٦٢٪ من الأطفال مشروبات كحولية و٢٨٪ اشتروا سجائر. أصاب الأطفال الذين اشتروا «دخانًا» في التعرف على المنتج وقالوا إنها سجائر في ٦٨٪ من المرات، أما الكحول فقد أصابوا في التعرف عليه في ٥٨٪ من المرات. وعلى الرغم من أن مشاهدة الأفلام لا تتنبأ بشراء السجائر في أثناء لعب، فإن الأطفال في سن ما قبل المدرسة الذين لديهم تاريخ من مشاهدة الأفلام «غير المناسبة لأقل من ١٣ عامًا» والتي تحمل تصنيف «مقيد» زاد احتمال اختيارهم الكحوليات خمس مرات عن الأطفال الذين شاهدوا فقط أفلام مصنفة للجمهور العام. لكن بدلًا من الأفلام التي تسهم في رؤية استخدام الكحول كجزء طبيعي من التواصل الاجتماعي بين البالغين، ربما يكون الوالدان اللذان يسمحان لأطفالهما في سن ما قبل المدرسة بمشاهدة الأفلام التي تحمل التصنيفين السابقين ينشئان أطفالهما وفقًا لنمط حياة تحتل فيه الكحوليات مركزًا رئيسيًّا (مثلًا يُشار إلى المشروب الكحولي على أنه «عصير بابا»). لم تخضع مثل هذه الجوانب من التربية للتقييم في دراسة دالتون وزملائها.
كما ذكرنا آنفًا، تمنع اتفاقية التسوية الرئيسية شركات التبغ من استخدام شخصيات كرتونية في حملاتها الترويجية، وهو منع وراءه سبب وجيه. فمثل هذه الشخصيات كانت مؤثرة للغاية في تطوير الوعي بالعلامة التجارية لدى النشء منذ سن مبكرة للغاية؛ فعلى سبيل المثال، وجد ميزرسكي (١٩٩٥) أن ٢٥٪ من الأطفال في سن الثالثة، و٤١٪ من الأطفال في سن الرابعة، و٦٣٪ من الأطفال في سن الخامسة، و٧٢٪ من الأطفال في سن السادسة، يمكنهم بدقة التعرف على الجمل جو، الحيوان الذي يمثل شعار سجائر «كاميل». وظهرت معدلات تعرف مشابهة في حالة شخصية رونالد مكدونالد. ومع ذلك، لم ترتبط معدلات التعرف المرتفعة هذه مع مواقف إيجابية تجاه التدخين لدى الأطفال في سن ما قبل المدرسة. في الواقع، يرى جميع الأطفال الصغار التدخين «مضرًّا بالصحة» (هينكيه، ١٩٩٥؛ ميزرسكي، ١٩٩٥). ونظرًا لأعمار الأطفال الصغيرة، لا توجد دراسات عن تأثير الإعلام في سلوكيات شرب الكحوليات أو التدخين أو العزم على تعاطي المخدرات في الحياة في وقت لاحق.
(٥-٢) الأبحاث في فترة الطفولة المتوسطة
وفقًا لرأي كثير من الباحثين، يتأثر العزم على شرب الكحوليات و/أو التدخين في مرحلتَي المراهقة أو النشء بكل من الوعي بالعلامات التجارية، والمواقف الإيجابية تجاه تعاطي المواد المخدرة في مرحلة الطفولة المتوسطة. وثمة اعتقاد بأن تأثيرات الإعلام، مثل الإعلانات والتليفزيون والأفلام، تتسبب في كلا الأمرين عبر النشأة.
(أ) المواقف والسلوكيات المرتبطة بالتبغ
كما أظهرت نتائج الأبحاث على الأطفال في سنوات ما قبل المدرسة، أظهر النشء في مرحلة الطفولة المتوسطة درجة مرتفعة من التعرف على العلامات التجارية للسجائر قبل اتفاقية التسوية الرئيسية. على سبيل المثال، أثبتت هينكيه (١٩٩٥) أن ٨٦٪ من الأطفال بين السابعة والثامنة من عمرهم تعرفوا على الجمل جو، و٤٦٪ تعرفوا على شعار سطح المنزل الأحمر غير الكرتوني لسجائر مارلبورو. بالإضافة إلى هذا، عبر سنوات المدرسة الابتدائية، لم يرتبط التعرف على العلامات التجارية للسجائر بمواقف محببة تجاه استخدام السجائر. ولا توجد معلومات كثيرة عن التعرف على العلامات التجارية بعد اتفاقية التسوية الرئيسية، لكن لا يبدو أن التعرض في الجزء الأول من مرحلة الطفولة المتوسطة لإعلانات التبغ يطرح خطر تشكُّل مواقف محببة تجاه استخدامه.
لكن كيف تتأثر المواقف تجاه التدخين والعزم على التدخين عندما يتعرض الأطفال للعلامات التجارية للسجائر، بينما يحصلون في الوقت نفسه على فرصة للاستمتاع بتقليد سلوك التدخين؟ أنا أتحدث بالطبع عن سجائر الحلوى، التي جرت العادة على بيعها في عبوات تشبه تقريبًا العبوات الحقيقية. تحتوي عبوة سجائر الحلوى على ١٠ أصابع تقريبًا، كل منها له طرف أحمر، وإذا نفخت فيها فإن السكر البودرة يخرج من نهايتها، حتى إن بعضها يحمل أسماء تشبه أسماء العلامات التجارية للسجائر، مثل «لاكي لايتس» (مثل، «لاكي سترايك»). والأطفال بين سن الرابعة والثامنة هم المستهلكون الأساسيون لسجائر الحلوى هذه. هذا وقد اكتشفت دراسة حديثة أن احتمالات تدخين السجائر في مرحلة البلوغ ارتفعت مع زيادة الكم المذكور لاستهلاك سجائر الحلوى في مرحلة الطفولة. في الواقع، ضاعف تناول سجائر الحلوى تقريبًا من احتمالات تحول الفرد إلى مدخن (كلاين وتوماس وسوتر ٢٠٠٧). ومع ذلك، فإن هذه الدراسة اشتملت على تقييم للذاكرة بأثر رجعي (بمعنى أن يُطلب من المشاركين تذكر معلومات عن الماضي)، وهو نهج يشتهر بأنه لا يُعَوَّل عليه، ويتأثر بسهولة بالحالة المزاجية الحالية للفرد. فمن المحتمل، على سبيل المثال، أن يقلَّ احتمال تذكر غير المدخنين تناول سجائر الحلوى في مرحلة الطفولة بسبب آرائهم السلبية الحالية تجاه التدخين. وجدير بالذكر عدم وجود أبحاث عن آثار الحلوى بطعم الماريجوانا على النشء.
ورد في وثيقة لفيليب موريس أن «معظم الصور القوية والإيجابية للسجائر والتدخين صنعتها السينما والتليفزيون» (موريس، ١٩٨٩). هذا وتشير الأبحاث الأخيرة إلى أن مثل هذه الصور، المؤيدة ضمنيًّا للتدخين، تؤثر في الواقع على بدء التدخين في مرحلة الطفولة المتوسطة. وبعد استبعاد تأثير العديد من العوامل المرتبطة ببدء التدخين (مثل وضع الوالدين والأقران من التدخين، واحترام الذات، والأداء المدرسي)، ارتبطت رؤية التدخين في الأفلام في عمر التاسعة (كما يتضح عبر حالات التدخين في الأفلام التي ذُكرت مشاهدتها) بزيادة احتمالية التدخين في غضون ثلاث سنوات. بالإضافة إلى هذا، كان التدخين في الأفلام السبب في ٣٥٪ من حالات بدء التدخين في سن الثانية عشرة (تيتوس-إرنستوف ودالتون وأداتشي-ميجيا ولونجاكر وبيتش، ٢٠٠٨). تتفق هذه النتائج مع دراسات أقدم، أثبتت أيضًا أن مشاهدة التدخين في المجلات والأفلام والإعلانات أسهم في بدء التدخين قبل سن المراهقة (على سبيل المثال، ألويز-يونج وسلاتر وكروكشانك، ٢٠٠٦؛ ويلز وآخرون، ٢٠٠٧). هذا وقد وجدت أبحاث إضافية أن الأطفال بين سن التاسعة والثانية عشرة الذين يمنعهم والداهم من مشاهدة الأفلام المصنفة «مقيد» قل احتمال وقوعهم في خطر التدخين بنسبة نحو ٤٠٪، مقارنةً بالنشء الذين لم يتعرضوا لمثل هذا المنع (دالتون وآخرون، ٢٠٠٦).
(ب) المواقف والسلوكيات المرتبطة بتناول الكحول
عند بلوغ الأطفال سن دخول الحضانة، يصبح في وسعهم التعرف بدقة بالغة على العلامات التجارية للمشروبات الكحولية المُعلن عنها بكثافة، وتتحسن هذه القدرة بمرور الوقت. وقد اكتشفت إحدى الدراسات أن ٨ من كل ١٠ أطفال في سن الحضانة يمكنهم التعرف على شعار بيرة بدويزر الأحمر، وهو عدد بالمناسبة أكبر من الذين يمكنهم التعرف على أرنب علامة إنرجايزر التجارية (٦١٪) أو شخصية القط ذي القبعة (٦١٪). ومع بلوغ الصف الثاني، يصبح جميع الأطفال فعليًّا قادرين على التعرف السليم على شعارات بدويزر (١٠٠٪)، وباد لايت (٩٦٪؛ هينكيه، ١٩٩٥). حتى إن دراسة أُجريت على الأطفال بين التاسعة والحادية عشرة اكتشفت أن الأطفال كانوا أكثر معرفة بضفادع بدويزر التي تظهر على شاشة التليفزيون (بد، ويز، إر)، أكثر من النمر توني التابع لعلامة حبوب الإفطار كلوجز، أو شخصية الدب سموكي التوعوية، أو شخصية مورفن العظيم من مسلسل «حراس القوة» (ليبر، ١٩٩٦). وعلى الرغم من المستويات المرتفعة هذه من الوعي بالعلامات التجارية، فإنه يرد عن معظم الأطفال مواقف سلبية تجاه تناول الكحول في سنوات المدرسة الابتدائية. في الواقع، وجدت إحدى الدراسات أن معظم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين السابعة والثانية عشرة لا يعتقدون أن شرب البيرة يجعل المرء «جذابًا» (٩٣٪) أو يضفي «مزيدًا من المرح على الحياة» (٩٠٪). وبالمثل ورد عن ٩١٪ من الأطفال أنهم لا يحبون الإعلانات التجارية عن المشروبات الكحولية. ومع ذلك، نصف عدد الأطفال تقريبًا الذين خضعوا للدراسة تذوقوا مشروبًا كحوليًّا مرة واحدة على الأقل. وربما تكون المواقف السلبية الواردة تجاه الكحول تعكس ببساطة ما اعتقد الأطفال أن البالغين الذين يجرون معهم المقابلة يريدون سماعه. وعلى أقل تقدير، تشير هذه البيانات إلى أن الأطفال على وعي برسائل الوقاية الموجهة إليهم في المدرسة (أوستن وناخ-فيرجسون، ١٩٩٥).
وجد الباحثون أن التعرض لاستخدام الكحول في الإعلانات والأفلام في مرحلة الطفولة المتوسطة ارتبط إيجابيًّا بكل من العزم على شرب الكحول وتناوله الفعلي، على الرغم من قلة عدد الدراسات التي تثبت ذلك (أوستن وناخ-فيرجسون، ١٩٩٥). على سبيل المثال، لدى الأطفال في الصفين الخامس والسادس حسني الاطلاع على شعارات العلامات التجارية للبيرة معتقدات إيجابية عن شرب الكحول، ويعتزمون تناوله أكثر في مرحلة البلوغ، مقارنة بالأطفال الآخرين (جروبه ووالاك، ١٩٩٤). ومؤخرًا وجد سارجنت وزملاؤه (٢٠٠٦) في مجموعة من الأطفال من الفئة العمرية نفسها أن التعرض للكحول في الأفلام ارتبط بزيادة احتمالية بدء الشراب مبكرًا. بالإضافة إلى هذا، كان التأثير سابق الذكر أقوى في حالة الأطفال قبل سن المراهقة وهم فئة يفترض أن تقل احتمالية إقدامها على تجربة الكحول، مقارنة بالأطفال المعرضين للانحراف. وبالمثل، وجدت دالتون وزملاؤها (٢٠٠٦) أن الأطفال بين التاسعة والثانية عشرة الذين يمنعهم والداهم من مشاهدة الأفلام المصنفة «مقيد» قل احتمال تعرضهم لخطر استخدام الكحول بنحو ٤٠٪ (سواء شرب الكحول أو التخطيط لشربه في المستقبل القريب)، مقارنةً بالنشء الذين تمكنوا من مشاهدة الأفلام التي تحمل تصنيف «مقيد». وجدير بالذكر أن هذه الاكتشافات تتطابق تقريبًا مع آثار التعرض للأفلام على بدء التدخين المذكورة آنفًا.
(٥-٣) أبحاث في مرحلة المراهقة
(أ) المواقف والسلوكيات المتعلقة بالتبغ
عبر مرحلة المراهقة، أشار العديد من الدراسات التجريبية والارتباطية إلى أن الإعلانات والصور المعتمدة على الوسائط الإعلامية التي تجسد استخدام التبغ تخلق مواقف إيجابية نحو التدخين، وتزيد العزم على التدخين. إليك التجربة التالية كمثال على هذا: صنعت بيشمان وشيه (١٩٩٩) نسختان من فيلم «مواجهة الواقع المر»؛ في إحدى النسخ تركا مشاهد التدخين، لكنهما أزالا هذه المشاهد من النسخة الثانية. عبَّر الأطفال غير المدخنين في الصف التاسع، الذين شاهدوا النسخة التي تحوي مشاهد التدخين، عن عزم أكبر على التدخين، وزاد احتمال تعبيرهم عن مواقف إيجابية عن المدخنين، مقارنة بأقرانهم ممن شاهدوا النسخة الخالية من مشاهد التدخين. هذا وقد اكتشف ملخص لأكثر من ٥٠ مقالًا عن المراهقين أن التعرض الإعلامي للتدخين زاد احتمالات كل من وجود مواقف إيجابية نحو استخدام التبغ والتعبير عن العزم على التدخين بنسبة ٥٠٪ (ويلمان وشوجرمان وديفرانزا ووينيكوف، ٢٠٠٦). ومؤخرًا، أثبت شاديل وزملاؤه (شاديل وثارب تايلور وفراير، ٢٠٠٨) أن تأثير إعلانات السجائر على العزم على التدخين كان أقوى ما يكون في مرحلة المراهقة المبكرة، مقارنة بالمراهقين الأكبر سنًّا والمراهقين ذوي الهويات الراسخة؛ ومِن ثَم، فإن المراهقين في مرحلة المراهقة المبكرة (الذين لا يزالون بعد يكافحون لتأسيس هوية خاصة بهم)، ربما يكونون عرضة بوجه خاص لآثار التعرض لصور إيجابية عن التدخين في وسائل الإعلام.
الأكثر أهمية من آثار التدخين الظاهر في وسائل الإعلام على المواقف تجاه التدخين والعزم عليه، حقيقة أن رؤية صور للتدخين في الإعلانات والمجلات والأفلام وما إلى ذلك، يبدو أنها تضاعف احتمالات البداية الفعلية للتدخين بين المراهقين، وتزيد احتمالات تحول الفرد إلى مدخن منتظم (يدخن أكثر من ١٠٠ سيجارة) بنسبة ٤٢٪ (ويلمان وآخرون، ٢٠٠٦). في الواقع قدرت إحدى الدراسات أن ٣٤٪ من جميع حالات تجربة التدخين تكون بسبب صور التدخين في الإعلام (بيرس وتشوي وجيلبين وفاركاس وبيري، ١٩٩٨). تظل تلك الآثار موجودة، حتى بعد استبعاد تأثير العوامل الأخرى المعروفة بتأثيرها على استخدام التبغ، والمواقف تجاهه والعزم على الشروع فيه، مثل العرقية، والحالة الاجتماعية الاقتصادية، والوالدين، والأقران، والسمات الشخصية (مثل السعي وراء الإثارة الحسية؛ ويلمان وآخرون).
رغم ذلك، يبدو أن التدخين الظاهر في وسائل الإعلام يفرض بالفعل تأثيرًا مختلفًا بناءً على طبيعة الخصائص سالفة الذكر. على سبيل المثال، اكتشف سارجنت وزملاؤه (٢٠٠٧) أن آثار التدخين في الأفلام على المدخنين الحاليين بالفعل كانت أكثر بنحو ١٢ مرة على النشء الأقل سعيًا وراء الإثارة الحسية، مقارنةً بتأثيرها على النشء الذين يتمتعون بنسبة مرتفعة من تلك السمة. فالذين يبحثون عن الإثارة الحسية بنسبة مرتفعة على الأرجح بدءوا التدخين بالفعل مقارنةً بالباحثين عنها بنسبة منخفضة، ومن ثم يزيد هذا من تأثير مشاهدة التدخين في الأفلام على المجموعة الأخيرة. بالإضافة إلى هذا، اكتشفت بيشمان ونايت (٢٠٠٢) أن الجمع بين عوامل الأقران والتعرض للإعلانات أثَّر في عزم المراهقين على التدخين؛ فزاد احتمال رؤية المراهقين لأقرانهم المدخنين على نحو إيجابي أكثر (مثل كونهم رائعين) إذا تعرضوا إلى إعلانات السجائر مقارنةً بما يحدث إن لم يتعرضوا لها. بالإضافة إلى هذا، اكتشفت ألويز-يونج وزملاؤها (٢٠٠٦) أن إعلانات المجلات زادت من تأثير ضغط الأقران السلبي (عدد الأقران المدخنين) على وضع المرء كمدخن للسجائر. ومع ذلك، يظل علينا رؤية إذا كان تأثير التدخين المعتمد على الإعلام يتفاوت عبر مرحلة المراهقة أم لا؛ إذ فشلت معظم الدراسات في تقييم مراحل المراهقة المبكرة، والمتوسطة، والمتأخرة على نحو منفصل في تحليلاتها.
من المثير للاهتمام التفكير في سبب زيادة تأثير التعرض للتدخين في وسائل الإعلام على بدء التدخين لدى المراهقين عن تأثيره على تطورهم ليصبحوا مدخنين منتظمين. ربما تكون الإجابة ببساطة أن أعراض الإدمان هي التي تدفع المراهقين إلى الانتقال من التجربة إلى الاستخدام بكثافة أكثر (ويلمان وآخرون، ٢٠٠٦). ومن ثم، من منظور صناعة التبغ، يصبح أي شيء يدفع المراهقين إلى بدء التدخين أمرًا بالغ الأهمية (بداية من الإعلانات وحتى صور التدخين الذي يُعرض على الشاشة). ففي النهاية، بمجرد بداية التدخين، يكون الجزء الصعب قد انتهى، إذ ستتولى الطبيعة الإدمانية للسجائر بيعها.
(ب) المواقف والسلوكيات المرتبطة بالكحول
بوجه عام، السمات التي تجذب البالغين في الإعلانات التجارية للكحول، مثل الموسيقى والشخصيات الحيوانية والفكاهة، جذابة أيضًا للمراهقين. بالإضافة إلى هذا، عندما يحب المراهقون إعلانًا، ترد عنهم رغبة أكبر في شراء المشروب الكحولي المعلن عنه ويتوقعون قضاء وقت ممتع عند تناوله (تشين وجروبي وبيرسامين وويترز وكيفه، ٢٠٠٥). وقد ينجذب المراهقون، على وجه الخصوص، لإعلانات المشروبات الكحولية لأن شربها سلوك يرتبط بمتعة وإثارة فورية ومنزلة اجتماعية مرتفعة، وكلها أشياء مهمة للمراهقين (بيشمان وليفين ولوفلين وليزلي، ٢٠٠٥).
أثبت العديد من الدراسات أنه مع زيادة استخدام وسائل الإعلام بوجه عام، يزيد استخدام الكحول المعلن عنه. على سبيل المثال، وجد فان دين بولك وزملاؤه (فان دين بولك وبولينز ومولدر، ٢٠٠٦) أنه مع كل ساعة من مشاهدة التليفزيون في اليوم يزيد احتمال شرب المراهقين للمشروبات الكحولية في المنزل بنسبة ١٧٪، وبالنسبة للمراهقين الذين يشاهدون الفيديوهات الموسيقية لعدة ساعات في الأسبوع، زادت احتمالات شرب الكحول (عند الخروج) بنسبة ٢٣٩٪. وبالمثل، ذكرت وينجود وزملاؤها (٢٠٠٣) أن الاستماع لموسيقى الراب زاد احتمالات شرب الكحول ١٫٥ مرة لدى المراهقات. ومع الأسف، تكون فائدة هذه الدراسات محدودة؛ لأن جميعها فشل في تقييم مقدار استخدام الكحول وإعلانات الكحول المعروضة على الشاشة التي يشاهدها المراهقون. ومن غير الواضح ما إذا كان النشء الذين يتعرضون لمزيد من وسائل الإعلام يشاهدون فعليًّا المزيد من صور الكحول على نحو ملحوظ أكثر من النشء الأقل استخدامًا لوسائل الإعلام.
مع ذلك، قيمت أبحاث إضافية التعرض الفعلي للكحول في وسائل الإعلام وعلاقته بسلوك شرب الكحوليات، ووجدت أن العلاقة المشار إليها سابقًا موجودة بالفعل. على سبيل المثال، ارتبط التعرض المرتفع لإعلانات الكحول بمستويات مرتفعة من استهلاك الكحول لدى شاربي الخمور تحت السن القانونية بين سن ١٥ و٢٠ سنة. ومع كل إعلان إضافي يُشاهد فوق المتوسط الشهري الذي يبلغ ٢٣ إعلانًا، يستهلك شارب الخمر النموذجي تحت السن القانونية كحولًا أكثر بنسبة ١٪ (سنايدر وميليتشي وسلاتر وصن وستريتزهكوفا، ٢٠٠٦). وبالمثل، وجدت دراسة أُجريت على الأطفال في الصف السابع أن مشاهدة برامج التليفزيون التي تحتوي على إعلانات تجارية عن الكحول ارتبطت بارتفاع خطر شرب البيرة (زيادة بنسبة ٤٤٪) أو النبيذ والخمر (زيادة بنسبة ٣٤٪). واكتشفت هذه الدراسة أيضًا أن احتمال تناول هؤلاء المشاهدين ثلاثة مشروبات في المرة الواحدة في العام التالي زاد بنسبة ٢٦٪ (ستايسي وتسوج وأونجر ودينت، ٢٠٠٤). ظهرت نتائج مماثلة في حالة إعلانات المجلات والأفلام؛ فقد ارتبطت مشاهدة إعلانات الكحوليات في المجلات في الصف السابع بمستويات أكثر ارتفاعًا من سلوكيات شرب الكحول في الصف التاسع (إليكسون وكولينز وهامبارسوميانز ومكافري، ٢٠٠٥)، كذلك ارتبطت المستويات الأكثر ارتفاعًا من التعرض للكحول في الأفلام بتزايد احتمال البداية المبكرة للشرب في الصفين السابع والثامن. وكانت هذه الآثار شديدة على وجه الخصوص في حالة النشء الذين لا يُعتبرون معرضين لخطر كبير لتعاطي الكحول.
(ﺟ) المواقف والسلوكيات المرتبطة بتعاطي المخدرات المحظورة
حاليًّا لا يوجد إلا عدد قليل من الدراسات التي قيمت آثار مشاهدة تعاطي المخدرات في وسائل الإعلام على مواقف النشء وسلوكياتهم. وفيما يتعلق بالمواقف، وجد مايتون وزملاؤه (مايتون وناجل وباركر، ١٩٩٠) أن تصوير استخدام المخدرات المحظورة، في الأفلام والموسيقى والفيديوهات الموسيقية، يفهمه المراهقون على أنه تشجيع على مثل هذا السلوك في أقل من ١٠٪ من المرات. وبشأن استخدام المخدرات المحظورة، وجدت وينجود وزملاؤها (٢٠٠٣) أن مشاهدة كميات وفيرة من فيديوهات موسيقى الراب ارتبطت بزيادة كميات استخدام المخدرات المحظور لدى المراهقات الأمريكيات من أصل أفريقي. وظلت هذه النتائج كما هي حتى بعد أخذ عوامل إضافية في الاعتبار، مثل مراقبة الوالدين، والتزام الفرد بمعتقده الديني. ومع ذلك، نظرًا لعدم تقييم الاستخدام الفعلي للمخدرات على الشاشة، من المستحيل معرفة إذا ما كان الارتباط السابق يتأثر بمحتوى الفيديوهات الموسيقية أم لا. وقد وجدت دراسات أخرى حاولت ربط التفضيلات الموسيقية (مثل الراب والكانتري والبوب) باستخدام المخدرات المحظورة، نتائج متفاوتة. على سبيل المثال، وجد دينت وزملاؤه (١٩٩٢) أن تفضيلات الموسيقى تُعتبر مؤشرًا ضعيفًا على استخدام المخدرات المحظورة. وفي المقابل، ربطت دراستان بين الاستماع إلى موسيقى «الرايف» واستخدام المخدرات (مثل، عقار إيستاسي)، في خلال فترة المراهقة (فورسيث وبرنارد، ١٩٩٨؛ فورسيث وبرنارد ومكيجاني، ١٩٩٧). وعلى الرغم من هذا، فقد فشلت هذه الدراسات في تقييم محتوى كلمات هذه الأغنيات. وعليه، ربما يكون حب نوع معين من الموسيقى مؤشرًا محتملًا على استخدام المخدرات، لكن لا يمكن بأي حال من الأحوال قول إن الموسيقى هي السبب فيه.
على الأرجح يأتي التهديد الأكبر فيما يتعلق باستخدام المراهقين للمخدرات المحظورة من الإنترنت؛ فقد أظهرت الأبحاث التي أُجريت على مَن هم في مرحلة المراهقة المتأخرة والنشء الصغير، أن موسوعات المخدرات الموجودة على الإنترنت يمكنها جعل استخدام المخدرات المحظورة يبدو طبيعيًّا، وتخلق مواقف أكثر تقبلًا لدى غير المستخدمين لها (بروير، ٢٠٠٣). أما بالنسبة للمراهقين المستخدمين بالفعل للمخدرات، أصبح الإنترنت أداة مفيدة في البحث عن معلومات تتعلق بتعديل استخدام المخدرات و/أو تحسينه. بالإضافة إلى هذا، يَرِد عن المراهقين أن البحث عن المخدرات على شبكة الإنترنت يُعَرِّض النشء إلى مخدرات لم يسمعوا عنها من قبل. وعلى الرغم من اكتشاف إحدى الدراسات أن ٧٥٪ من متعاطي المخدرات يستخدمون الإنترنت في محاولة لجعل تعاطيهم للمخدرات أكثر أمانًا، فلا توجد أدلة تجريبية تشير إلى أن النصيحة التي أُعطيت كانت دقيقة (بوير وشانون وهيبرد، ٢٠٠٥). ومن الواضح أن ثمة حاجة إلى مزيد من الأبحاث من أجل تقييم تأثير الإنترنت على تعاطي المخدرات، وحجم تأثيره عبر النشأة، على كل من المتعاطين الجدد والقدامى.
(٦) نقاط مهمة من منظور النمو
كما يشير الاستعراض السابق، توجد فرصة سانحة أمام الأطفال والمراهقين للتعرض لتعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في وسائل الإعلام، ومع تقدم النشء في العمر يزيد ما يتعرضون له. ومع ذلك، يوازي أهمية عدد مرات ظهور تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في الإعلام، طبيعة السياق الذي تُقدم فيه؛ فعادةً يصور تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر على نحو إيجابي للغاية. فيحدث تعاطي المخدرات في التليفزيون والأفلام من شخصيات رئيسية جذابة ومرتفعة المكانة، مما يزيد من أهمية استهلاكها. يظهر معظم تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر كنشاط في الخلفية (على سبيل المثال، في أثناء الحديث أو تناول الطعام)، دون الترويج مباشرةً إلى رسالة (إما مع أو ضد) استخدامها. بالإضافة إلى هذا، ثمة توجه إلى رؤية استخدام التبغ والكحول والمخدرات المحظورة في الإعلام، الذي يُصور عادةً كنشاط طبيعي وسعيد، بتقبل من الشخصيات الموجودة على الشاشة، بدلًا من رفضه (ريان وهورنر، ٢٠٠٤).
مثل معظم السلوكيات، يتأثر البدء في تعاطي المخدرات والاستمرار فيه بالعديد من عوامل الخطر البيئية، مثل الأقران، والإخوة، والوالدين. وبخلاف هذه التأثيرات، هل يزيد التعرض لوسائل الإعلام من خطر تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في أثناء مرحلتَي الطفولة والمراهقة؟ الإجابة نعم، دون أدنى شك. فيبدو أن التعرض الإعلامي لكل من المواد المخدرة المصرح بها قانونيًّا والمحظورة، يزيد من احتمالات بدء استخدام كل من الكحول والتبغ عبر الجزء الأخير من مرحلة الطفولة المتوسطة وطوال مرحلة المراهقة. لا تقتصر هذه الآثار على المعرضين بالفعل لخطر تعاطي المخدرات؛ ففي الواقع، في حالة استخدام كل من التبغ والكحول، يتأثر النشء الذين ينخفض خطر تعرضهم لتعاطي المخدرات، أكثر بالتصوير الإعلامي لتعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر من المعرضين لخطر مرتفع. ومع ذلك، فإن ما يثير القلق أكثر الأبحاث التي تشير إلى أن الإعلام ربما يكون عاملًا في انتقال المراهقين إلى أبعد من التجربة، والدخول إلى عالم تعاطي المخدرات الدائم وحالة الاعتماد المصاحبة لذلك.
مع ذلك، ثمة بعض الفوارق الواضحة ترجع لمراحل النمو. فبينما تبدو مواقف الأطفال في مرحلتَي الطفولة المبكرة والمتوسطة تجاه التدخين وشرب الكحول غير متأثرة بصور التبغ في الإعلام (فتكون سلبية بوجه عام)، يبدو أن التعرض لها في الإعلام في مرحلة المراهقة يخلق وجهة نظر إيجابية تجاه تعاطي المخدرات. إذن كيف يتسنى لنا تفسير هذا التناقض المرتبط بالسن؟ أحد الاحتمالات تنبع من مراحل النمو، حيث يؤثر المحتوى الإعلامي إيجابيًّا على المواقف تجاه التدخين والكحول مع اقتراب الأطفال من مرحلة المراهقة؛ فقد يكون المراهقون عرضة لخطر أكبر جراء التأثيرات الإعلامية، مع كفاحهم من أجل تقبل التغيرات الاجتماعية والنفسية والجسدية التي يتعرضون لها في هذه الفترة (شاديل وآخرون، ٢٠٠٨). أما الاحتمال الثاني فقد يكون ببساطة أن الأطفال الأصغر سنًّا يزيد احتمال إظهارهم ردود فعل اجتماعية مستحبة أكثر من الأطفال الأكبر سنًّا والمراهقين، وهو ما يؤدي إلى استبعاد الآثار المرتبطة بالإعلام التي تكون موجودة في الواقع في السن الصغيرة. ونظرًا لشعور الأطفال قبل مرحلة المراهقة والمراهقين برغبة في التمرد على السلطة، يبدو أن المرغوبية الاجتماعية تلعب دورًا أقل أهمية مع اقتراب الأطفال من مرحلة المراهقة والدخول فيها.
وكما أوضح الاستعراض السابق، توجد العديد من الثغرات في المؤلفات بحاجة إلى أن تُملأ؛ فلا توجد معلومات كثيرة عن تأثير مشاهدة تعاطي المخدرات في الإعلام في سنوات ما قبل المدرسة على تجربة تعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في مرحلة لاحقة من الحياة. بالإضافة إلى هذا، لم تُجرَ دراسات استباقية عن آثار استهلاك سجائر الحلوى أو الحلوى بطعم الماريجوانا في مرحلة الطفولة. وكذلك لا توجد أية أبحاث عن تأثير مشاهدة تعاطي المخدرات المحظورة في وسائل الإعلام على النشء في مرحلة الطفولة المبكرة أو المتوسطة. توجد حاجة أيضًا لأبحاث إضافية من أجل تحديد إذا ما كانت أشكال معينة من وسائل الإعلام (مثل الإذاعة والتليفزيون والمجلات) تؤثر في تعاطي المخدرات أكثر من غيرها. أخيرًا، ما زال علينا استكشاف الخطر النسبي لتعاطي الكحوليات والمخدرات والسجائر في وسائل الإعلام على النشء استكشافًا كاملًا عبر مراحل النشأة.