من النص إلى الواقع١
(١) من التقليد إلى التجديد
وبهذه المناسبة، مرور ربع قرن على اختفاء الإمام، ليس المطلوب تقريظه ومدحه وتعظيمه وإجلاله وتقديسه، بل استئناف رسالته وتحقيق أهدافه، بل وتطوير أساليبه وطرقه؛ فالزمان يتغير وربع قرن زمنٌ طويل، أطول من زمن الرسالة، من البداية إلى النهاية.
المدح ليس سنة المسلمين، والتقريظ ليس منهجهم، والدفاع أقل قدرًا من البرهان، قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ. وعيبنا هو المدح والتعظيم الذي يصل إلى حد التقديس والتأليه. ولو عظَّم أرسطو أفلاطون لمات كلاهما. ولو مدح ماركس هيجل لطوى كلَيهما النسيان. ولو قدَّس فلاسفة الوجود هوسرل مؤسس المنهج الظاهرياتي، لتوقَّف أثر هوسرل في التاريخ، ولما ظهرت فلسفات الوجود بعده التي تتبنى منهجه.
وكلنا علماء الأمة نحمل أمانة فكرها. لا فرق بين شيعي وسني، بين مرجعٍ ومجتهد، بين آيةٍ وفقيه، بل إن التراتُب في العلم وتحوُّله إلى مراتبَ في السلطة، قد يضر بالعلم فيتحول إلى حُجةِ سلطة، بعد أن كان حُجة عقل. صحيحٌ أن الاحترام واجبٌ بين العلماء، ولكن دون أن يصل إلى درجة التقليد. والتقليد ليس مصدرًا من مصادر العلم، وإيمان المقلد لا يجوز. ولا عصمة لأحد، الكل رادٌّ والكل مردود عليه.
وحق الاختلاف يكفُله الشرع، والتعدُّدية في الرأي أساس الاجتهاد. ولا يُوجد رأيٌ صائب والآخر خاطئ، الكل صائب بفعل الاجتهاد، صدق النية ورعاية المصالح العامة.
ويصعب جمع منهج التفسير عند الإمام في قواعدَ محددة أسوةً بالمناهج الفلسفية؛ لأنه لم يترك مؤلفًا نظريًّا في الموضوع. يمكن فقط تلمُّس اتجاهات أو «طرق التفسير»، من مجموعة التفسيرات لبعض السور خاصة القصار منها، كما يبدو ذلك في «معالم التربية القرآنية» بجزأَيه؛ «دراسات للحياة» و«أحاديث السحر». أما «أبجدية الحوار» فهو أقرب إلى الثقافة السياسية وشروط النهضة منه إلى علم التفسير.
(٢) النص تجربة حية
وبالرغم من أن البداية بالسور القصار أو ببعضٍ من الطوال أو الآيات، إلا أن التفسير يخرج من النص عن طريق قواعد النحو ومبادئ اللغة، كما هو الحال في بعض التفسيرات القديمة والحديثة، المعنى ليس موجودًا في النص ومستنبطًا منه، بل هو مباطنٌ للتجربة البشرية حالٌّ فيها وصاعدٌ منها. وصحة النص في مدى تطابُقه مع التجربة البشرية وليس صحة في ذاتها، خارجة عن النص. التجربة البشرية جزءٌ من الواقع الإنساني. والنص ما هو إلا مجرد صياغة له؛ فالأولوية للواقع على النص، وللتجربة على اللغة. النص موجودٌ في مرحلةِ ما قبل الصياغة في النفس وفي الواقع، في التجربة الفردية والجماعية، وفي خبرات الشعوب مثل الأمثال العامية والحكايات الشعبية.
(٣) التجربة الحية في الزمان
لا يعني التطور أن الإنسان جزءٌ من التطوُّر الطبيعي فحسب؛ لأنه له إرادةٌ مستقلة حرة، كما هو الحال في نظرية التطوُّر في الغرب، فهو يتفاعل مع الكون، يؤثِّر فيه ويتأثَّر به، فهو تطورٌ حر خلاق كما هو الحال عند برجسون، هو تطورٌ حر من الداخل، وليس تطورًا مفروضًا من الخارج، تطورٌ ذاتي وليس تطورًا مستلبًا مفروضًا من الآخر. وهو تطورٌ يؤكد الذات ولا ينفيها، يثبتها ولا يُذوِّبها في مظاهر الطبيعة. هو تطورٌ من أجل البقاء وليس الفناء، تطور يُجذِّر الأصالة ولا ينزعها من جذورها باسم المعاصرة أو الحداثة، تطورٌ فعَّال يأخذ ويعطي، يقبل ويختار.
(٤) الإنسان مركز الكون
(٥) التفسير والعلوم الاجتماعية
(٦) الحوار الوطني والتحديث الفكري
(٧) هل يمكن تطوير منهج التفسير؟
لمَّا كان التطور سُنَّة الحياة وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا، وكانت روح الإمام ما زالت سارية في التاريخ، فإن منهج التفسير لديه هو البداية وليس النهاية. هو الإعلان عن الطريق وليس السير فيه، إلا خطوات بقَدْر الاسترشاد. إن مهمة جيلٍ قادم هو تطوير منهج الإمام في التفسير من داخله وليس من خارجه، بدفع روحه إلى الأمام، خطواتٍ أبعد حتى يزدهر العلم، ولا يتحول إلى تقليد، تقليد الخلف للسلف، بل إلى تجديد، تجديد الخلف للسلف، بل إن تلك أيضًا سُنَّة الأنبياء، أصحاب الرسالات. الجوهر واحد، التوحيد، وصياغاته وتجلياته مُتعدِّدة، وحدة القصد والهدف، وتعدُّد المراحل والتحقُّقات العينية.
- (١) معرفة الحقيقة مسبقًا دون البحث عنها. وهو الفرق بين المؤمن والفيلسوف، بين المتكلم والحكيم. المؤمن يعرف الحقيقة ويُعبِّر عنها ويُبلغها للناس. أما الفيلسوف فيبحث عنها بالفعل حتى يصل إلى ما وصل إليه النقل؛ لذلك كتب الفلاسفة «حي بن يقظان»، للدلالة على تطابُق العقل والوحي. ومن ذلك الدفاع عن الرسول في حادثة زيد وزينب،٩٩ ولا ضير في أن يشعر الرسول كإنسانٍ بما يشعر به سائر البشر. وأمور القلب لا سيطرة للإنسان عليها «سبحان الله مُغيِّر القلوب». وعقائد الشيعة جاهزة، حقائقُ مطلَقة لا خلاف حولها.
- (٢) يختلف أسلوب الداعية عن أسلوب الفيلسوف، ومنهج الداعية عن منهج الفيلسوف. الداعية يريد الإقناع، إقناع الآخرين بما يحمل من حق. والفيلسوف يريد البرهان، وإثبات أن ما وصل إليه يطابق العقل والواقع. وقد يرجع السبب في ذلك إلى نوعية الجمهور ونوعية المنبر؛ فالجمهور من العامة، لا يتحمل إلا تقوية الإيمان، والمنبر هو الإذاعة أو المنتدى الثقافي؛ أي المنبر العام وليس المنبر الخاص، الجامعة أو مراكز البحث. والداعية هو صاحب الرسالة، وحامل الأمانة، ومُبلِّغها للناس.١٠٠
- (٣)
- (٤) وبالرغم من الإحالة بين الحين والآخر إلى التحليل الاجتماعي، إلا أن التفسير الاجتماعي ليس حاضرًا حضورًا غامرًا. وتظهر الإيمانيات أكثر كما هو الحال عند الصوفية. صحيحٌ أن «أحاديث السحر» حديث الروح في رمضان، ولكن رمضان يعني البُعد الاجتماعي بالإضافة إلى البُعد الروحي. العلاقة الأفقية بين الإنسان والإنسان مثل العلاقة الروحية بين الإنسان والله؛ فالتصوف العملي أنفع للناس من التصوف النظري؛١٠٣ لذلك لم تظهر أيديولوجيةٌ إسلامية كاملة تتضمن برامجَ سياسية واجتماعية وثقافية شاملة، كي تتحاور مع باقي الأيديولوجيات السياسية، القومية والليبرالية والماركسية.
- (٥) ما زال يغلب على فكر الإمام بعض البراهين الخارجية مثل المعجزة على صدق الرسول. الإعجاز الأدبي والتشريعي نعم، جماليات الصورة وموسيقى الخطاب والتشريع الفطري والشريعة الطبيعية، تُبرهِن على صدق الرسالة؛ أي تطابقها مع الواقع، والرسول مجرد مُبلغٍ لها ومعلنٍ عنها. لا يهم إذا كان فرعون قد غرق أم أن جسده لم يغرق؛ إذ لا يمكن التحقق من ذلك إلا ببحثٍ تاريخي صارم، لا يمكن القيام به لصعوبة الرواية عن الواقعة أو التجريب عليها، يكفي دلالته نجاة المؤمنين وهلاك الكافرين.١٠٤ وكذلك موضوع الإسراء والمعراج الذي اختلف فيه القدماء، بالجسد أم بالروح،١٠٥ دلالتها التأمل فيما وراء الحس للعودة إلى العالم؛ ففي ليلة الإسراء فُرضَت الصلاة، وتم تكييفها طبقًا للقدرة الإنسانية، طبقًا لمبدأ عدم جواز تكليف ما لا يُطاق. وكذلك قصة خلق الإنسان لا يمكن معرفتها من النص الديني، الذي لا يهدف إلى الكشف عن حقائقَ علمية، بل يُصوِّر الكون طبقًا لرسالة الإنسان فيه، خلافة الإنسان في الأرض وتعميره لها وإصلاحه فيها، وتحمُّله المسئولية وأدائه الأمانة وممارسة اختياراته.١٠٦
- (٦) ما زال يغلب على فكر الإمام بعض الجوانب الغيبية مثل أمور المعاد؛ فهي من السمعيات التي يعتمد يقينها على مجرد الخبر، وليست من العقليات التي يعتمد يقينها على البرهان. مثال ذلك تفسير الجن في مقابل الإنس، والحديث عن الجن وإبليس والملائكة رواية، وليس مشاهدة بالحس أو برهانًا بالعقل،١٠٧ وكذلك أمور السحر لتفسير الوسواس الخنَّاس، والنفَّاثات في العُقَد.١٠٨ والكوثر في الجنة لا سبيل إلى معرفته إلا بالسماع،١٠٩ وكل أمور المعاد تقوم على قياس الغائب على الشاهد. وظيفة المعاد مد آفاق النفس إلى المستقبل، وذلك مثل تفسير سورة الفيل.١١٠ وكذلك قصة الخلق موضوعها العلم الطبيعي وطبقات الأرض ونشأة الكون وليس النص.١١١بل إن الإيمان بالغيب يصبح أحد مُوجِّهات التفسير ومقاصده، والإيمان بمقاصد الشريعة أولى. الإيمان بالغيب ليس إيمانًا بشيءٍ، بل هو مد آفاقٍ في الشعور الإنساني للبحث عن المجهول، وعدم التوقُّف على المعلوم والوقوع في القطعية، بالانتهاء إلى الحقيقة دون التجاوز المستمر.١١٢ والصلاة لا تهدف إلى الإيمان بالغيب، بل إلى الحفاظ على الوقت، وأداء كل فعلٍ في وقته، وتربية الجسد بالحركات الجسدية والروح بالتأمل الباطني، وتقوية روح الجماعة، وعرض أحوال المسلمين في خطب الجمعة والعيدَين.١١٣
- (٧) ما زال يغلب على فكر الإمام بعض الجوانب الإلهية. صحيحٌ أن الإلهيات تنعكس في الإنسانيات، ولكنها أحيانًا تبدو مستقلة، عالمًا بذاته، حقائقه في ذاتها وليست صورًا تعكس واقعًا إنسانيًّا، وتجاربَ بشرية مُعاشة، فردية واجتماعية. يبدو فكر الإمام أقرب إلى علم أصول الدين منه إلى علم أصول الفقه، ومن العقيدة أكثر منه إلى الشريعة. والقدسية لا تأتي من المكان ولا من الزمان، إنما هما حاملان للوحي وميدانان لتحقُّقه. كل الأماكن متساوية في القيمة؛ أي في القدسية، لا فرق بين المسجد وخارجه، فقد جُعلَت الأرض كلها مسجدًا. ولا فرق بين شهرٍ وشهر أو عامٍ وعام؛ فكل الأزمنة أوقات للفعل؛١١٤ فمكة والمدينة مكانان للبعثة وليس لهما قدسيةٌ خاصة. والشعر هو الجامع بين الألوهية والأرض.
- (٨) ويمكن تجاوز الطائفية من أجل وحدة الرؤية للأمة؛ فلا تُوجد عقائد للتشيُّع وأخرى لأهل السنة؛ فالاجتهاد ليس مقصورًا على التشيع، بل عُرف عنهم عصمة الإمام، وقول الإمام المعصوم مصدرًا من مصادر التشريع. والمرجعيات قد تتحول إلى طبقاتٍ علمية متتالية يُقلِّد بعضها بعضًا. والحج ليس خاصًّا بالشيعة ولا مكة والكعبة. ويمكن تصحيح مواقف المستشرقين في دراساتهم عن الشيعة، وليس شبهاتهم كلها حول الإسلام.١١٥
- (٩)
وربط التفسير بالعلم يبدو في الظاهر أنه يجعل التفسير عصريًّا، فهم الآيات الأخرى طبقًا لآخر مكتشفات العلم الحديث. وفي الحقيقة أنه يربط الحقائق الأبدية بالتغيرات في فهم الطبيعة. حقائق العصر ثابتة في حين أن حقائق العلم متغيرة، فكيف يتم تفسير الثابت بالمتحول؟ لا يهم الدين إن كان يتنافى مع العلم الحديث أم لا؛ فالعلم متغير والدين ثابت. إن كل الأدبيات التي تسمي التفسير العلمي للقرآن، تبدو في الظاهر تحديثًا ولكنها في الحقيقة تأخير؛ لأنها أولًا تُوحي للمسلمين بأن القرآن حوى كل العلم؛ ومن ثَمَّ فلا داعي للتعلُّم، ما دام القرآن قد قدَّم العلم قبل جهود العلماء المحدثَين. وتعني ثانيًا أن الغرب هو مكتشفُ الحقائق، وأن مهمة المسلمين فقط تبرير العلم الغربي بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية. الغرب يبدع العلم، وعلماء الغرب يجتهدون في اكتشاف قوانين الطبيعة، ونحن ننقل العلم الغربي دون جهد. يقتصر عملنا على التوفيق، وننال الحسنيَين، ونُسجِّل هدفَين؛ الدنيا والآخرة، العلم من الغرب، والإيمان من لدُنَّا. في حين أن الغرب كسب جولةً واحدة، العلم والدنيا ولكنه أضاع الشق الثاني، الإيمان؛ فنحن أفضل من الغرب جمعنا الدين والدنيا، والغرب عكَف على الدنيا وحدها وترك الدين، وكانت النتيجة أنه خسر الدين والدنيا معًا.
العلم موضوعٌ محايدٌ لا يدعو إلى الإيمان ولا يُنفِّر منه، والأكسجين والجبال كلها موضوعاتٌ علمية، وإن استعملها القرآن استعمالًا شعريًّا لتقريب الإنسان من الطبيعة والطبيعة من الإنسان.١١٦الدين والعلم ليسا نسقَين معرفيَّين متمايزَين، الدين للأخلاق والسيطرة على انفعالات النفس، والعلم للمنفعة والسيطرة على قوانين الطبيعة.١١٧ قد ينشأ الدين من فوارقَ اجتماعية عسيرة، فيكون تعويضًا عن أوضاع القهر والحرمان. كما ينشأ في ظروف عجز المعرفة البشرية على السيطرة على قوانين الطبيعة، كقيم اللجوء إلى الآلهة واستدعاء الأرواح. العلم والدين ليسا توءَمَين منذ خُلق الإنسان، بل هما على التبادل، يقوم الدين بدور العلم ثم يرث العلم الدين،١١٨ ثم يصبح العلم هو الوسيلة لدراسة الدين في جوانبه النظرية والتشريعية. لقد تطوَّر الدين نفسه من الدين إلى الميتافيزيقا إلى العلم، ومن دور الطفولة إلى دور الصبا إلى دور الرجولة، حتى استقلَّت الإنسانية وأصبح العقل قادرًا على فهم قوانين الطبيعة والسيطرة عليها وتسخيرها لصالحه. يُبدِّد العلم الأوهام القديمة، ولا يُوجد تقسيم عمل بين الدين والعلم وتوزيع الصلاحيات، حتى لا يعيش الإنسان في ازدواجيةٍ معرفية، الدين للنفس والعلم للطبيعة؛ فالعلم قادرٌ على معرفة خبايا النفس وأسرار الطبيعة. الدين طريقٌ سهل ومباشر للعامة، كي تعيش حياةً فاضلة، أما الخاصة فيحتاجون إلى برهان العلم قَالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي. يستطيع العلم أيضًا سَبْر المجهول، في حين أن العلم هو الانتقال من المجهول إلى المعلوم وإعطاء البرهان عليه، ولا يكفي فيه قياس الغائب على الشاهد، كما يفعل الدين في قياس الشبه. ثنائية العلم والدين تقتضي التوفيق بينهما في حالة التعارُض، توفيق الدين على العلم، وإلحاق الثابت بالمتحول، فيقضي على الدين ويصبح تابعًا للعلم، كما يفعل أنصار الاتجاه العلمي المادي المعاصرين،١١٩ أو توفيق العلم على الدين، وإلحاق المتحول بالثابت، مما يقضي على العلم ويجعل برهانه خارجه في القطع والإيمان، وليس في البحث والبرهان، كما يفعل أنصار التفسير العلمي للقرآن. - (١٠) ويمكن تجاوُز تقليد القدماء من المفسرين والفقهاء والأئمة الأطهار إلى تجديد المحدَثين؛١٢٠ فلا يُوجد شيء تم إلا ويمكن أن يتم ما هو أكمل منه، ولا يتحقق شيء إلا ويمكن أن يتحقق أفضل منه؛ فالسعي نحو مزيدٍ من الكمال سنةٌ كونية. التفسير لا حدود له طالما أن تطوُّر الزمان لا نهاية له؛ لذلك كان يمكن إعادة بناء التراث كله، وليس فقط إعادة تأويل مصدر الأول؛ فقد تحجَّر التراث وتكلَّس وتقدَّس، وفي حاجة أيضًا إلى إعادة بنائه على وجهٍ آخر، بحيث يكون دافعًا على التقدم وليس معوقًا للتخلف. صحيحٌ أن التفسير يذكر جلال الدين الرومي وابن سينا، ولكنه لا يُعيد بناء الأنساق الموروثة في الكلام أو الفلسفة أو التصوف أو الأصول.١٢١ صحيح أنه يُشار إلى التراث العلمي نظرًا لحاجة الأمة إلى العلم، ولكن التراث أعم وأشمل؛ يضم التراث الكلامي والفلسفي والأصولي والصوفي والأدبي.١٢٢
إن اختفاء الإمام كشخصٍ لا يعني اختفاءه كفكر. وقد يعود الإمام إن لم يكن بشخصه بل بمنهجه ورؤيته وأثره على أجيالٍ قادمة.
- (١)
«أبجدية الحوار»، محاضرات وأبحاث، بيروت، ١٩٩٧م.
- (٢)
«دراسات للحياة» (معالم التربية القرآنية ١)، بيروت، ١٩٩٩م.
- (٣)
«أحاديث السحر» (معالم التربية القرآنية ٢)، بيروت، ١٩٩٩م. «دراسات للحياة»، ص٦–٩.