فضائل الشك
خلال ذلك الأسبوع، كان على مالاليو أن يتعلمَ من خلال التجرِبة المحزنة أن التحصُّل على معلوماتٍ غير مباشرة أمرٌ بالغ السوء. فها هو يقبع سجينًا خاضعًا لحراسةٍ مشددة — حتى وإن كان سجينًا مدلَّلًا بشدة — لا يقدر على أن يُطِلَّ ولو بطرَفِ رأسه خارج الكوخ، ويعتمد كُليًّا على كريس بِيت للحصول على أيِّ وجميع أخبار العالم القريبِ جدًّا منه، والذي كان في ذلك الوقت مثيرًا لشغَفه وشديدَ الأهمية له. كان الوقت يُمثل له عبئًا ثقيلًا. كانت يوجد الكثير من الكتب على رفوف غرفة استقبال محبَسه، ولكن ذوق كايتلي الراحلِ كان ذا طبيعةٍ مِهنية بحتة، وفي ذلك الوقت لم يكن مالاليو يُفضل القراءة عن قضايا القتل والمحاكمات الجنائية وتلك الأمور البشعة. كان يطلب الصحفَ باستمرار، وكان طلبه يُقابَل بمماطلةٍ بارعة؛ إذ لم يكن ضِمن مخطَّط كريستوفر أن يسمح لمالاليو بالحصول على أيِّ معلومات دقيقة عمَّا يحدث بالفعل. كانت الآنسة بِيت تقول إنها لم تَستلِم أيَّ صحيفة؛ ويتحجَّج كريستوفر دائمًا بأنه قد نسيَ إحضار صحيفة عندما ذهب إلى البلدة؛ ولكنه أحضر صحيفة «التايمز» لليوم السابق مرتين، بعد أن ألحَّ عليه مالاليو أن يتذكَّر، وبالطبع فشل مالاليو في العثور على أي خبر يخصُّه فيها. وكان كلُّ ما يُهمه أن يعرف أي خبر يخصُّه، وكيفية سير الأمور، وكيف يتحدَّث الناسُ عنه، وما قالته الشرطة، وما يحدث عمومًا، ولكن مصدر معلوماته الوحيد كان كريس.
أولى السيد بِيت عناية جيدة بتقديم كل شيء بطريقته الخاصة. كان حريصًا على أن يؤكد لمالاليو أنه يعمل لمصلحته بأقصى ما في وُسعه من عزم وهِمَّة؛ وحرَص على التعبير عن نيته هو وعمَّته تهريبه إلى نوركاستر. ولكنه أيضًا لم يَتوقف مطلقًا عن التركيز على مدى خطورة تلك المغامرة، ولم يملَّ أبدًا من الشكوى من جَسامة المخاطرة التي كان هو والآنسة بِيت يُعرِّضان نفسَيهما لها؛ ولم يكفَّ أبدًا عن إظهار مدى سوداوية الأوضاع لمالاليو، وكم كانت ستُصبح أسوأَ بكثير لولا طيبةُ حارسَيه الحاليَّين. ولَمَّا عاد إلى الكوخ بعد التحقيق في قضية ستونر، كان وجهه متجهِّمًا للغاية وجادًّا على غير العادة وهو يستعدُّ لإبلاغ مالاليو بالأخبار.
قال همسًا عندما اختلى بمالاليو في الغرفة الصغيرة التي صار الأسير الآن يكرهها ويُبغضها بشدة: «الأوضاع تبدو سيئةً للغاية فيما يختصُّ بك، يا سيد مالاليو.» وتابع قائلًا: «تبدو سيئةً للغاية حقًّا، يا سيدي! لو أنكَ كنت بصحبة أيِّ أناس آخرين غيرنا يا سيد مالاليو، فلا أعلم ماذا كنت ستَفعل. نحن نُعرض نفسينا لمخاطرَ مُخيفة للغاية نيابةً عنك، حقًّا نفعل. إن الأوضاع … تبعث على الكآبة!»
لم يكن طبعُ مالاليو جيدًا جدًّا مطلقًا، وازداد سوءًا بسبب حبسِه القسري، فصار سريعِ الانفعال.
ثار مُزمجرًا: «اللعنة! لماذا لا تتحدثُ بصراحة؟» وأضاف: «قل ماذا تعني بذلك وانتهِ من الأمر! ما هو الوضع الآن؟ لا أظن أن الأمور أسوأُ مما كانت.»
ببطءٍ خلع كريستوفر واحدًا من زوجَي القفازات الجلدية السوداء اللذَين يرتديهما، ونفَخ فيه قبل أن يضَعه على الطاولة.
قال مستنكرًا، وهو يَشرع بهدوء في خلع القفاز عن اليد الأخرى: «لا حاجة إلى الفظاظة، يا سيد مالاليو.» وتابع: «لا حاجة إلى ذلك على الإطلاق، يا سيدي؛ بصفتنا صديقَين وسيدين محترمَين، يا سيد مالاليو، دعني أخبرك أن الأمور أسوأُ بكثير. لقد أصدرَت هيئةُ محلَّفي محكمة تحقيق الوفيات حُكمًا بحقِّك بالقتل العمد!»
استحال وجه مالاليو الضخم إلى لونٍ رمادي غريب؛ فقد كان يمقت كلمة «القتل» مقتًا خاصًّا.
تمتم قائلًا: «بحقِّي! لماذا أنا على وجه الخصوص؟ لقد كان الاتهامُ موجهًا لشخصين. ماذا عن كوذرستون؟»
قال كريستوفر: «إنني أتحدَّث عن التحقيق.» وأردف: «إنهم لا يتَّهمون أي شخص في التحقيقات؛ إنهم فقط يُجْرون تحقيقًا عامًّا. الحكم بحقك أنت، وأنت وحدك. و… قد كانت شهادة كوذرستون هي التي أدَّت إلى ذلك!»
صاح مالاليو: «كوذرستون!» واستطرد: «شهد ضدي! إنه كاذبٌ إن كان …»
قاطعَه كريس قائلًا: «سأُخبرك بكل شيء … من البداية إلى النهاية.» وأضاف: «اهدأ، يا سيد مالاليو، واستمع … وتعقَّل!»
ولكن على الرغم من هذا النصح، اشتاط مالاليو غضبًا وسخطًا، وعندما أخبره كريستوفر بكل شيء، بدا أن الأمر لا يتطلَّب سوى القليل من الإصرار من جانبه ليجبرَ نفسه على التصرف.
زمجرَ قائلًا: «إنني عازمٌ على مغادرة هذا المكان والتوجه مباشرة إلى الشرطة!» وتابع: «أجل! إنني عازمٌ على تسليم نفسي وإثبات كل شيء.»
قال كريستوفر بحماسة: «افعل ذلك!» واستطرَد: «أتمنى أن تفعل ذلك، يا سيدي. فهذا سيُوفر عليَّ أنا وعمتي المسكينة تكبُّدَ متاعبَ لا تُعد ولا تُحصى. ولكن … من واجبي، بصفتي محاميًا معتمَدًا من المحكمة العليا، أن أُبلغك أن كل خطوة تخطوها خارج هذا الملاذ الآمن ستكون باتجاه … حبل المشنقة!»
انكمشَ مالاليو في كرسيِّه وحدَّق في ملامح السيد بِيت الحادة. وشحب وجهه مجددًا.
وسأله بصوتٍ أجش: «هل أنت متأكد من ذلك؟»
أجاب كريستوفر: «بل متيقِّن!» وأضاف: «لا شك في ذلك، يا سيدي. إنني أعرف!»
تساءل الأسير: «ما العمل إذن؟»
تقمَّص كريستوفر، بأفضلِ ما في وسعه، دور مقدِّم النصح والمشورة.
وقال أخيرًا: «أفضلُ تصرف في رأيي هو أن ننتظر ونرى ما سيحدثُ عندما يَمثُل كوذرستون أمام القضاء يوم الثلاثاء القادم. إنك في أمانٍ كافٍ حتى ذلك الوقت، ما دمتَ ستفعل ما نقوله لك. فمع أن الريف كله يخضع للمراقبة والتفتيش، لا يوجد أدنى تصورٍ لوجودِك في هاي ماركت. لذا أرِحْ بالك قدرَ المستطاع، يا سيد مالاليو، وبمجرَّد أن نعرف ما سيحدث يوم الثلاثاء المقبل، سننظر في خطتنا تلك.»
تذمَّر مالاليو قائلًا: «أخبِرني ما هي.»
قال كريستوفر، وهو ينهض ويأخذ القبعة الحريرية وزوجَي القفازات الجلدية السوداء: «إنها لم تكتمل بعدُ يا سيدي.» وأردف: «ولكن عندما تكتمل، ستقول … إممم، ستقول إنها خطة ممتازة، وإنها الأفضل على الإطلاق!»
لذا كان على مالاليو أن ينتظر حتى يوم الثلاثاء القادم. انتظر بنفادِ صبر وقلق. أكَل وشرب ونام — نام كما لم ينَمْ قط في حياته — ولكنه كان يعلم أنه يفقدُ من وزنه جرَّاءَ التوتر. نظر بقلق حقيقي إلى كريستوفر عند عودته من الدعوى المؤجلة بعد ظُهر يوم الثلاثاء. ارتسمت خيبة الأمل على وجهه عندما رأى كريستوفر عابسًا أكثر من أي وقتٍ مضى.
همس كريستوفر بغموضٍ بعدما أغلق الباب: «ازدادت المسألة سوءًا يا سيد مالاليو!» وتابع قائلًا: «كل شيء ضدك، يا سيدي. كل الشهادات تتركَّز وتُثَبَّت عليك. ما الذي تظن أنه قد حدث؟ لقد أطلَقوا سراح كوذرستون!»
صاح مالاليو، وهو يثِبُ من مقعده: «ماذا؟!» وقال: «أُطلِق سراحُه! عجبًا، إذن، كانوا سيُطلقون سراحي!»
وضع كريستوفر إصبعه على جانب أنفه.
قال، بغمزةِ رجل عليمٍ ببواطن الأمور: «أكانوا سيفعلون ذلك؟» وأردف: «ما كانوا سيفعلون ذلك. لقد أطلقوا سراح كوذرستون، كي يشهدَ ضدك. عندما يقبضون عليك!»
بدأت عينا مالاليو الصغيرتان تجحظان، وظهر توردٌ باهت على خدَّيه. بدا كما لو كان سينفجر بكلامٍ عجز عن قوله، فسارعَ كريستوفر بِيت إلى تحسين الوضع.
وقال: «من رأيي أن كلَّ هذا تلفيق!» وأضاف: «إنها مؤامرة، إن صحَّ التعبير، بين كوذرستون والسلطات. كوذرستون لديه أذكى محامٍ في نوركاستر والمحامي الأبرعُ في هذه الدائرة؛ إنك تعرفهما يا سيد مالاليو، إنهما ستيلبي وجرادستون، ويبدو لي أنها مؤامرة مدبَّرة. هل تدرك ما يفعلونه؟ أولًا: يُقدم كوذرستون شهادةً في ذلك التحقيق؛ وبعدها بناءً على شهادته يصدر حكمٌ بالقتل بحقِّك! والآن أطلق قضاة التحقيق سراح كوذرستون، ولن تُقدَّم أي شهادات أخرى بحقه. لماذا؟ حتى يتمكَّن من أن يشهدَ أمام قضاة التحقيق وأمام محكمة الجنايات ضدك … أنت! أي عندما يُلقون القبض عليك.»
زمجر مالاليو: «عليهم أن يقبضوا عليَّ أولًا.» وتابع: «والآن، ماذا عن خُطتك هذه؟ لأنني لن أنتظرَ أكثر من ذلك. إما أن تُخبرني بما ستفعله من أجلي، أو سأخرج من هذا الباب بمجرد أن يحلَّ الظلام الليلةَ وأخاطر. هل تسمع ذلك؟»
نهض كريستوفر وفتح الباب، ونادى الآنسة بِيت بهدوء. أتت الآنسة بِيت وجلسَت، وعقدَت ذراعَيها النحيفتَين، ونظرَت باهتمامٍ إلى ابن أخيها الحذق.
تابع كريستوفر المحادَثة، قائلًا: «أجل يا سيدي، لقد سمعت ذلك، ونحن الآن جاهزون لشرح الخُطة ومناقشة الشروط. بالطبع ستُكافئنا يا سيد مالاليو، أليس كذلك؟»
أجاب مالاليو بسرعة: «لقد قلت طَوال الوقت إنكما لن تخسَرا معي أبدًا.» وتابع: «سأدفع أيَّ شيء في حدود المعقول. ولكن … ماذا عن خُطتك هذه؟ قبل أن نتطرَّق إلى أي مسألة تتعلق بالمال، لا بد أن أعرفَها. لذا أفصح!»
أجاب كريستوفر: «حسنًا، إنها خُطة ممتازة.» وتابع: «تقول إنك ستكون في أمانٍ إن وصلتَ إلى منطقة معينة من نوركاستر، بالقرب من الميناء. سيتماشى هذا مع خُطتنا بالضبط. تعرف، بالطبع، يا سيد مالاليو أن عمَّتي على وشك نقل أثاثها وممتلكاتها، التي ورثتها عن السيد كايتلي الراحل، من هذا المنزل؟ حسنًا، ستَجري عملية النقل غدًا. لقد رتَّبت بالفعل مع السيد ستروسون، ناقل الأثاث، أن يُرسل شاحنتَين صباح الغد، مبكرًا جدًّا. سيوضع الأثاث في هاتين الشاحنتين، وستنقله الشاحنتان إلى نوركاستر حيث سيُنقَل بعد ذلك إلى لندن عن طريق البحر. ستُغادر من هنا، يا سيد مالاليو في إحدى هاتين الشاحنتَين!»
أنصتَ مالاليو، وفكَّر، وبدأ يرى الاحتمالات.
قال، بنظرةٍ ماكرة: «أجل!» وتابع: «أجل! ليسَت فكرةً سيئة. أستطيع أن أرى غايتي تتحقَّق بهذه الطريقة. ولكن، كيف سأركبُ شاحنةً من هنا، وأغادرها هناك، دون أن يعرف عمَّال الشاحنة؟»
أجاب كريستوفر: «لقد فكَّرتُ في كل شيء.» وأردف: «يجبُ أن تبقى مرتاحًا في هذه الغرفة حتى بعد الظهر. ستُغادر الشاحنة الأولى في الصباح، لنقل بحلول الظهيرة. سأتدبَّر أمر ألَّا تكون الشاحنة الثانية جاهزة للمُغادرة إلا بعد حلول الظلام. عندما تُصبِح جاهزة، سيذهب الرجال لإحضار خيولهم؛ سأُعطيهم بعض المال كي يحتسُوا شرابًا قبل أن يعودوا، وذلك سيُؤخِّرهم مدةً أطولَ قليلًا. وأثناء غيابهم، سنُهرِّبك خِلسةً إلى الشاحنة، وسأذهب مع تلك الشاحنة إلى نوركاستر. وعندما نَصل إلى الحظيرة في نوركاستر، حيث تُترَك الشاحنات، سيُغادر الرجلان مع خيولهما، وسأُخرِجك من الشاحنة. إنها خُطة جيدة، يا سيِّد مالاليو.»
وافق مالاليو، الذي شعر بارتياح شديد، قائلًا: «ستفي بالغرض، على أي حال.» وتابع قائلًا: «سنُجربها. ولكن لا بد أن تتوخى كلَّ عناية مُمكنة حتى أكون داخلَ الشاحنة ونُغادر. أي هفوة ولو صغيرة …»
علَّق السيد بِيت بغِلظة قائلًا إنه إن حدثَت أي هفوات، فلن تكون من صنيعه، وبعد ذلك سعَل هو وعمَّته عدة مرات، ونظرا إلى ضيفهما الأسير بطريقةٍ بدا منها أنهما يدعُوانه إلى الكلام.
قال مالاليو: «حسنًا إذن.» وتابع يسأل: «تقول غدًا، أليس كذلك؟ حسنًا، حسنًا!»
سعلَت الآنسة بِيت مجددًا وبدأت تَصنع ثنَياتٍ في مِئزرها.
قالت، مُخاطبةً ابنَ أخيها كما لو لم يكن يوجد شخص آخر: «بالطبع يا كريستوفر، بالطبع لم يَذكر السيد مالاليو شروطه بعد.»
أجاب كريستوفر، بعد أن أفاقَ من الاستغراق في تفكير حالم: «أوه! أجل! صحيح!» واستطرد: «أجل، بالتأكيد. ما قولُك يا سيد مالاليو؟ كم ما أنت مُستعدٌّ أن تَدفعه، يا سيدي؟»
نقل مالاليو نظرَه بثباتٍ بين الآنسة بِيت وكريستوفر. ثم أصبح وجهُه قاسيًا وجامدًا.
وقال: «خمسون جنيهًا للفرد!» وأضاف: «هذا هو ما أنا مُستعدٌّ لدفعه. لن تحصلا على عرضٍ كهذا كلَّ يوم، أعرف ذلك. خمسون جنيهًا للفرد!»
أمالت الآنسة بِيت رأسها المعمَّمة باتجاه كتفها الأيمن وتنهَّدَت بشدة، بينما طوى السيد بِيت يدَيه ونظر إلى السقف وأطلق صفيرًا.
وغمغم قائلًا: «لا نَحصُل على عرضٍ كهذا كل يوم!» وتابع: «أجل! لا أظن أننا حصلنا على عرضٍ كهذا! خمسون جنيهًا للفرد! — أي مائة جنيه إجمالًا — لإنقاذ إنسانٍ من المشنَقة! أوه، بربك يا سيد مالاليو!»
زمجر مالاليو غاضبًا: «اللعنة! كم مِن المال تظنُّ أنه يُمكن أن أحملَ معي؟ أنا! في وضعي المؤسفِ هذا!» وأضاف: «أتظن …»
أشارت الآنسة بِيت، وهي تَنهض وتتَّجه نحو الباب: «كريستوفر، أقترح أن نترك السيد مالاليو ليتدبَّر الأمور. لعله عندما يُفكر قليلًا …»
خرجَت هي وابن أخيها، وتركا مالاليو غاضبًا ومُتذمرًا. وبمجرَّد دخولهما غرفة المعيشة، التفتَت إلى كريستوفر وهي تهزُّ رأسها.
وقالت: «ألم أقل لك؟» واستطردت: «إنه حقيرٌ بخيل! خُطتي أفضلُ بكثير. سنَفعلها بنفسينا، وبعد ذلك يمكننا أن نسحقَه. سأعطيه جرعة إضافية من الشراب المنوم الليلة، ثم …»
ولكن قبل انقضاء تلك الأمسية، تغيَّرت أفكار مالاليو. قد أمضى وقتَ ما بعد الظهر في التفكير. كان يعلم أنه كان في قبضة شخصَين قد يسلخانه إن استطاعا. وكلما فكَّر أكثر، ازداد تشكَّكًا، وفجأةً تساءل عن سبب نومه العميق في الليل، وفجأةً أدرك السبب. كان مخدَّرًا! تلك الشيطانة العجوز كانت تضع مخدرًا في شرابه. كان هذا هو السبب، بالطبع، ولكن هذه كانت آخرَ مرة، ولن تفعلَها مرةً أخرى.
في تلك الليلة عندما أحضرَت الآنسة بِيت الشراب الكحولي الساخن الممزوج وفقًا لوصفة كايتلي الراحل، أخذه مالاليو منها عند باب غرفته، قائلًا إنه كان يستعدُّ للنوم، وإنه سيشربه وهو في السرير. وبعد ذلك سكبه بعنايةٍ في إناءٍ للزهور كان يُزين غرفته، وعندما خلد إلى فراشه كان مستيقظًا تمامًا ورقد يُراقب ويُنصِت لما حوله ومسدسُه جاهز في متناول يده اليمنى.