الكمال
تسألني يا أخي متى يصير الإنسان كاملًا.
فاسمع جوابي:
يسير الإنسان نحو الكمال عندما يشعر بأنه هو الفضاء ولا حد له، وهو هو البحر بدون شواطئ، وأنه النار المتأججة دائمًا، والنور الساطع أبدًا، والرياح إذا هبت أو إذا سكنت، والسحب إذا برقت وأرعدت وأمطرت، والجداول إذا ترنمت أو ناحت، والأشجار إذا أزهرت في الربيع أو تجردت في الخريف، والجبال إذا تعالت، والأودية إذا انخفضت، والحقول إذا أخصبت أو أجدبت.
إذا شعر الإنسان بكل هذه الأمور بلغ منتصف طريق الكمال، أما إذا شاء بلوغ محجة الكمال فعليه إن شعر بكيانه، أن يشعر بأنه الطفل المتكل على أمه، والشيخ المسؤول عن عياله، والشاب الضائع بين أمانيه وغرامه، والكهل الذي يصارع ماضيه ومستقبله، والعابد في صومعته، والمجرم في سجنه، والعالم بين كتبه وأوراقه، والجاهل بين ظلمة ليله وظلمة نهاره، والراهبة بين أزهار إيمانها وأشواك وحشتها، والمومس بين أنياب ضعفها ومخالب حاجتها، والفقير بين مرارته وامتثاله، والغني بين مطامعه وإذعانه، والشاغر بين ضباب أمسائه وشعاع أسحاره.
إذا استطاع الإنسان أن يختبر ويعلم جميع هذه الأمور يصل إلى الكمال ويصير ظلًّا من ظلال الله.