التربية في الإسلام: التعليم في رأي القابسي
«نحن في حاجةٍ إلى القديمِ والجديدِ معًا؛ لأننا لا نستطيع قَطْع الصِّلة بالماضي الذي لا نزال نعيش في دِينه ولغته، لا يزال دِيننا الإسلام، وكِتابنا القرآن، ولُغتنا العربية. ونحن في حاجةٍ اليومَ إلى تعليم أبنائنا اللغة العربية والقرآن الكريم، ويجدُر بنا أن نعرف كيف كان أجدادُنا منذ ألف عام يُعلِّمونهما؛ فقد يُفيدنا ذلك في موقعنا الحاضر، ويُعيننا على حل مشكلة تعليم الأطفال اليوم الكتابةَ والقراءة والدِّين، وهي مشكلة معروضة على بساط البحث، وهي موضع تفكير علماء التربية.»
في القرون الإسلامية الأولى بلغت الحضارة العربية أوْج عظمتها، وانتشرت لأقاصي الشرق والغرب، حيث انتقلت إلى أوروبا التي كانت تموج في بحرٍ مُظلم جرَّاء التدهور والانحلال. وهذه الحضارة العظيمة تأسَّست على العِلم، ولا عِلم بغير تعليمٍ وتربية. ولأجل التعرُّف على أحوال التعليم في تلك العصور الزاهية، يأتينا هذا الكتاب ﻟ «أحمد فؤاد الأهواني»، حيث يُقدِّم فيه دراسةً وافية عن حياة «أبو الحسن القابسي» الذي عاش في القرن الرابع الهجري، وكِتابه البالغ الأهمية؛ إذ قام «القابسي» فيه بمُعالجةٍ تفصيلية ودقيقة لكل ما تعلَّق بشئون التعليم في عصره، وخصوصًا تعليم الصبيان، وكذلك حل مشكلات التعليم. وقد أُلحِق بهذا الكتاب رسالة «ابن سحنون» المُعنونة ﺑ «آداب المُعلمين»، والتي يعود تاريخها إلى القرن الثالث الهجري ولا يعرفها سوى القليل، وتُعَد من الرسائل النادرة عن التربية.