حياة القابسي
(١) اسمُه ولقبُه
في صدر الرسالة التي يتناولها هذا البحث أنَّ المؤلف هو: «أبو الحسن علي بن محمد بن خَلَف المعروف بالقابسي الفقيه القيرواني».
فجميع الذين ترجَموا له لا يختلفون في أن اسمه هو: «أبو الحسن علي بن محمد بن خلف»، ولكن الخلاف بينهم على وصفه المعروف به، أهو القابسي، أم ابن القابسي؟ وإذا كان قابسيًّا فلماذا سُمِّيَ المعافري، كما ذكرَه بعضهم، ولماذا يُنسَب إلى القيروان؟
قال القاضي عياض: «ولم يكن أبو الحسن قابسيًّا، وإنما كان له عَمٌّ يشدُّ عمامته شدَّ القابسيين فسُمِّيَ بذلك، وهو قيرواني الأصل.» وهذا موافق لما ذكرَه الصفدي أيضًا إذ يقول: «وسُمِّيَ القابسي؛ لأن عمَّه كان يشدُّ عِمَّته شَدَّة قابسية.»
ونقد صاحب مَعالم الإيمان هذا القول، فقال: «وهذا فيه نظر، وظاهر قولِهم «المعروف بابن القابسي.» يقتضي أن والِدَه كان من أهل قابس، فإمَّا أن يكون أتى القيروان وتزوَّج بها، وإما أن يكون أُتيَ به صغيرًا.» ثم أضاف: «ولمَّا وَلِيتُ قضاء قابس، وجدتُ بقُربها قريةً خالية تُسَمَّى «بالمعافريين» وفيها مسجد يقصد الناس الصلاة فيه تبرُّكًا به، يُقال له مسجد «سيدي علي» ولا يدرون من يكون عليًّا. فلمَّا خطبت خطبة العيد، انجرَّ في كلامي أنه ينبغي للإنسان أن يُكثر من زيارة قبور الصالحين، وأن يُوصي بالدفن في جوارِهم. ثم ذكرتُ الحكاية الآتية وهي: أنَّ الشيخ أبا الحسن القابسي لمَّا دُفِنَ بالقيروان، رأى رجلٌ في منامِه كأنَّ رجلًا خرج من قبره فقال: لي اليوم في العذاب أربعون سنة، فلمَّا دُفِن هذا الشيخ أبو الحسن عندنا غفر الله لي ولجميع من في المقبرة. فسألني بعضُهم من أي بلدةٍ هو؟ قلت: هو يُنسَب للمعافريين. فجزموا من مَحبتهم في ذلك المسجد، وفرحهم بالحكاية المذكورة أنه صاحِب ذلك المسجد. فزاد تبرُّكهم وصلاتهم به، وجدَّدوا ما اختلَّ من بنائه، وقالوا: لمَّا كان الشيخ اسمه علي، ويعرف بابن القابسي، وبلده المعافريين، وهذا المسجد بالمعافريين، وسُمِّيَ بالتواتُر سيدي علي، فهو المُراد لا غيره.»
ونقل صاحب مَعالم الإيمان عن القاضي عياض الرواية الآتية: «ذكر ابن سعدون أن أبا الحسن لمَّا جلس للناس، وعُزِم عليه في الفتوى، تأبَّى وسدَّ بابه دون الناس، فقال لهم: اكسروا عليه بابه؛ لأنه قد وجَب عليه فرض الفُتيا، هو أعلم مَنْ بقِيَ بالقيروان.»
وقال عياض: «كان أبو الحسن من صُلَحاء فقهاء القيروان.»
نخرُج من هذا العرْض بأنَّ نِسبته إلى القيروان نسبة ولادة وإقامة وعمل؛ لأنه وُلِد بها وأقام فيها، وأفتى. وأن أصل بلدته «المعافريين» وهي قرية بالقُرب من قابس، أو قُل إنها ضاحية من ضواحيها.
أما القابسي فهي النسبة التي اشتُهر بها في الكتب نسبةً إلى بلدة قابس بالقُرب من القيروان، كما جاء في بعض كتُب الناقِلين عنه.
وبعض أصحاب التراجِم لا يعرفونه إلا أنه القابسي. انظُر إلى السيوطي كيف بدأ بهذا اللقب أوَّل كل شيء، ثم ترجَم له بعد ذلك.
وقد وردتْ قصة على لسان أبي الحسن نفسه في كتاب (نَكْت الهميان) للصَّفدي، تُثبت أولًا أنه «القابسي» لا «ابن القابسي». وتثبت ثانيًا أن هذه النسبة إلى قابس مكذوبة عليه. وتُثبت ثالثًا أنه قيرواني. وهذا نصُّ كلام الصفدي: «قال أبو بكر الصقلي: قال أبو الحسن القابسي: كُذِبَ عليَّ وعليك، فسَمَّوني القابسي، وما أنا قابِسيٌّ، وإلَّا فأنا قيرواني. وأنت دخل أبوك مُسافرًا إلى صقلية فنُسبَ إليها.»
قابس
وعن ابن خلكان: والقابسي بفتح القاف وبعد الألف باء موحدة مكسورة، ثم سين مُهملة، هذه النسبة إلى قابس، وهي مدينة بإفريقية، بالقُرب من المهدية، ولمَّا فتحها الأمير تميم بن المُعز بن باديس، قال ابن محمد خطيب سوسة قصيدة طويلة أولها:
وفي القاموس وشرحه: «وقابس كناصر: بلد المَغرب، بين طرابلس الغرب وصفاقُس، منه أبو الحسن علي بن محمد القابسي، صاحب المُلخَّص وغيره.»
(٢) مولده
ذكر ابن خِلكان مولده فقال: «وكانت ولادة أبي الحسن المذكورة في يوم الاثنين لستٍّ مَضَين من رجب سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.»
واختتم القاضي عياض ترجمته بذِكر مولده «في رجب لستِّ ليالٍ مَضَيْنَ منه سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.»
أما السيوطي، وابن العماد الحنبلي، وابن فضل الله العُمري، والصَّفدي، وعبد الرحمن، فلم يُعينوا يومَ مولده، ولكنهم اكتفَوا بذكر السنة التي وُلِد فيها. وهم جميعًا مُتفقون على أن العام الذي وُلِد فيه هو أربع وعشرون وثلاثمائة للهجرة.
ويُوافق مولده بالتاريخ الميلادي سنة ٩٣٥م، في الحادي والثلاثين من شهر مايو.
(٣) رحلته
ذكر ابن خلكان رحلته إلى المشرق، ثم عودته إلى القيروان، فقال: «وحجَّ سنة ثلاثٍ وخمسين. وسمِع كتاب البخاري بمكة من أبي زيد، ورجع إلى القيروان، فوصلَها غداة الأربعاء أول شعبان أو ثانِيَه، سنة سبع وخمسين. كذا قال أبو عبد الله بن وهب.»
وفي (معالم الإيمان) ما يتَّفق مع ما ورد في (الوفيات)، مع ذكر إقامته بمصر، قال: «ثم رحل إلى المشرق سنة اثنتَين وخمسين وثلاثمائة، وحجَّ سنة ثلاث وخمسين، ثم عاد إلى مصر، فأقام بها يسمع الحديث، فسمع بالإسكندرية من أبي الحسن جعفر الثابياني … ثم عاد إلى القيروان سنة سبع وخمسين.»
وظاهر هذا القول أنه رحل قبل الحجِّ بعام، وهو طبيعي على الأخصِّ في تلك الأيام. كما أن زيارته لمصر طبيعية؛ إذ كان لا بدَّ لطالب الحجِّ من المغرب إلى المشرق أن يمرَّ بها؛ لأنها في الطريق.
وذكر القاضي عياض ما يؤيد ذلك، قال: ورحل فحجَّ وسمع بمصر ومكة من حمزة بن محمد الكناني، وأبي الحسن الثابياني، وأبي الحسن بن هلال … وكانت رحلته إلى المشرق سنة اثنتَين وخمسين.
(٤) شيوخه وتلاميذه
قال القاضي عياض: «سمِع من رجال إفريقية: أبي العباس الإبياني، وأبي الحسن بن مسرور الدباغ، وأبي عبد الله بن مسرور العسال، وأبي محمد بن مسرور الحجاج، ودراس بن إسماعيل الفاسي والسدري.»
وقال: «وعليه تفقَّه أبو عمر الفاسي، وأبو القاسم اللبيدي وغيرهما. وروى عنه أبو بكر عتيق السوسي، وأبو القاسم بن الحساري، وابن أبي طالب العابد، وأبو عمرو ابن العتاب، وأبو حفص العطار، وأبو عبد الله الخواص، وأبو عبد الله المالكي، ومكي الفاسي. وروى عنه من الأندلسيين المُهلب بن أبي صفرة، وحاتم بن محمد الطرابلسي، وأبو عمرو المغربي.»
قال صاحب (معالم الإيمان): «وسمع منه خلق كثير» وعدَّد جماعة، منهم مَنْ ذكرهم القاضي عياض، ومنهم منْ لم يذكرهم.
والمشهور أنه أخذ عن الدباغ والكناني. جاء في (شذرات الذهب): «أخذ عن ابن مسرور الدباغ، وفي الرحلة عن حمزة الكناني وطائفة.»
وننقل إليك بعض ما وقع إلينا من كلام القابسي في شيوخه.
(٥) صفاته وعلمه
عن السيوطي في (طبقات الحفَّاظ) أنه «كان حافظًا للحديث والعِلل، بصيرًا بالرجال، عارفًا بالأصلَين، رأسًا في الفقه، ضريرًا، زاهدًا، ورعًا.»
وعن ابن خلكان: «كان إمامًا في علم الحديث ومُتونِه وأسانيده، وجميع ما يتعلق به، وكان للناس فيه اعتقاد كثير.»
وجاء في (شذرات الذهب): «وكان مع تقدُّمه في العلوم حافظًا، صالحًا، تقيًّا، ورعًا، حافظًا للحديث وعِلَله منقطع القرين.»
وذكره صاحب (معالم الإيمان) قال: «كان عالمًا عاملًا، جمع العِلم والعبادة، والورَع والزهد، والإشفاق والخشية، ورقَّة القلب، ونزاهة النفس، ومَحبة الفقراء. حافظًا لكتاب الله ومَعانيه وأحكامه، عالمًا بعلوم السنة والفِقه واختلاف الناس، سلَّم له أهل عصره ونظراؤه في العلم والدين والفضل، كثير الصيام والتهجُّد بالليل والناس نِيام مع كثرة التلاوة، وكانت فيه خصال لم تكمُل إلا فيه: منها القناعة، والرفق بأهل الذنوب، وكتمان المصائب والشدائد، والصبر على الأذى، وخدمة الإخوان، والتواضُع لهم، والإنفاق عليهم، وصِلتهم بما عنده.»
وأطال القاضي عياض في ذكر مَناقبه، وقد استهلَّ ذكره بما يأتي: «كان أبو الحسن من الخائفين الورِعين، المُشتهرين بإجابة الدعوة، سلك في كثيرٍ من أموره مسلك شيوخه من صُلَحاء فقهاء القيروان، المُتقلِّلين من الدنيا، البكَّائين المعروفين بإجابة الدعاء، وظهور البراهين.»
وقال ابن فضل الله العُمَري في (مسالك الأبصار): «رجل نُوِّرت بصيرته، وسرَّت سريرته، وظهرت بزيادة نور الباطن خِيرته، فلم يكن ضررًا عماه، ولا عادمًا فضل البصر ونُعماه؛ ولم تزل نكبات الأيام عنه ناكبة، ونوائب الحدثان على أعدائه مُتناوبة؛ اختلج بحرًا لا تسَع مثله الصدور، وأخرج دُرًّا لا تولد شبهَهُ البحور، فما تكلم إلا امتدَّت إليه يدُ الالتقاط، وضاق به فسيح الفضاء والبحر في سَمِّ الخِياط؛ ولم يزل على طرُق العلم راصدًا، ولسُبل الحلم قاصدًا، إلى أن قُطِّعت حِباله، وغاصت أبحُرُه الزواخر ودُكَّتْ جباله.»
ثم قال: «وكان حافظًا للحديث والعِلل، بصيرًا بالرجال، عارفًا بالأصلَين، رأسًا في الفقه. وكان ضريرًا، وكتُبُه في نهاية الصحة، كان يضبطها له ثِقات أصحابه. وكان زاهدًا ورِعًا يقظًا، لم أرَ بالقيروان أحدًا إلا مُعترفًا بفضله.»
ونُحِب أن نقف قليلًا عند مَناقبه العلمية، فقد أجمع الذين ترجَموا له على أنه كان مُحدِّثًا حافظًا فقيهًا. ويؤيد ذلك أن صاحب (مسالك الأبصار) ذكرَه في (طبقات المُحدِّثين). وذكره السيوطي في (طبقات الحفَّاظ)، وفي هذا دليل على بلوغه مَرتبة الحُفَّاظ من أئمة المُحدِّثين.
وما جاء في رسالته التي بين أيدينا من الأحاديث المُسنَدَة، يُبين أن القابسي كان حقًّا من علماء الحديث. وكتابهُ «المُلخَّص» دليل على رسوخ قدمِه في الحديث.
وفي ابن خلكان: «وصنَّف في الحديث كتاب «المُلخَّص» جمع فيه ما اتَّصَل إسناده من حديث مالك بن أنس رضي الله عنه في (كتاب المُوطأ)، رواية أبي عبد الرحمن بن القاسم المصري، وهو على صِغَر حجمه، جيد في بابه.»
(٦) مؤلفاته
من الذين أطالوا في ذكر مؤلفاته القاضي عياض، وابن فرحون، وعبد الرحمن. ذكر ابن فرحون خمسة عشر كتابًا، وعياض أربعة عشر، وعبد الرحمن عشرة.
واتَّفق المترجِمُون الثلاثة على تسعة كتُب نذكُرها كما جاءت في «ترتيب المدارك» للقاضي عياض، مُتجاوِزين عن ذكر الخلاف اليسير في نص العنوان. وهي: كتاب «المُمهِّد في الفقه وأحكام الديانة»، وكتاب «المُبعِد من شبه التأويل»، وكتاب «المُنبِّه للفطن من غوائل الفِتَن»، و«الرسالة المُفصلة لأحوال المُتعلمين والمُعلمين»، وكتاب «الاعتقادات»، وكتاب «مناسك الحج»، وكتاب «مُلخص الموطأ»، و«الرسالة الناصرية في الرد على البكرية»، وكتاب «الذكر والدعاء».
وذكر الصفدي ستة من هذه الكتب فقال: «ومن تصانيفه المُمهِّد في الفقه وأحكام الديانات، والمُبعد من شبه التأويل، والمنبه للفِطن من غوائل الفتن، ومُلخَّص الموطأ، والمناسك والاعتقادات.»
واتفق القاضي عياض وابن فرحون في خمسة كتب: «رسالة كشف المقالة في التوبة، وكتاب رُتَب العلم وأحوال أهله، وكتاب حُسن الظن بالله تعالى، رسالة تزكية الشهود وتجريحهم، رسالة في الورع.»
أما الكتاب العاشر الذي جاء في (معالم الإيمان) فهو كتاب «أحمية الحصون» ذكره ابن فرحون في (الديباج)، وأغفَلَه القاضي عياض في (ترتيب المدارك).
وبحَثْنا عن هذه المؤلَّفات في (كشف الظنون)، وفي بروكلمان لنهتدي إلى الموجود منها.
وذكر بروكلمان أيضًا كتاب «المُفصلة لأحكام المُعلمين» المخطوط الموجود في باريس، وهو موضوع بحثنا هذا.
وصف النسخة الخطية
هذه النسخة محفوظة في المكتبة الأهلية بباريس برقم ٤٥٩٥. وهي النسخة الوحيدة في العالم، على ما نعلم. وقد طلبتُ من دار الكتب المصرية في القاهرة أن تُحضِر صورةً شمسية لها، فأحضرَتْها. وهي محفوظة برقم ١٥٩٢ تعليم.
وتاريخ النسخ الموضوع على المخطوطة هو سنة ٧٠٦ هجرية.
اسم الكتاب
عنوان الكتاب كما جاء في فهرست المكتبة الأهلية بباريس هو: «أحوال المُتعلمين، وأحكام المُعلمين والمُتعلمين».
والواقع أن المكتوب في صدر المخطوطة عنوان في سطرَين: في السطر الأول كلمة «الفضيلة» أو «المُفصلة» كما سنُبَيِّن فيما بعد، وفي السطر الثاني «لأحوال المُتعلمين وأحكام المُعلمين والمتعلمين».
وقد قرأتُ الكلمة الأولى من العنوان على أنها «الفضيلة»، ولذلك حين أحضرَتْ دار الكتب المصرية بالقاهرة النسخة الشمسية — بناءً على طلبي — سجلتُ عنوان الكتاب في فهارسها «الفضيلة» كما ذكرتُ للدار.
وقراءة هذه اللفظة على النحو السابق أدخل في ذهن الناظر إليها من أول وهلة. والحقيقة غير ذلك لما سنُبيِّنُه من أسباب.
والواضح ألف، ثم لام ثم فاء منقوطة، ثم صاد، ثم لام، ثم هاء مربوطة ليست منقوطة.
وإذْ جرى الناسخ على إهمال النقط في أغلب الأحيان، وكانت السِّنَّة التي عقبت الصاد مُنحنية إلى أسفل، مما يُوحي بأنها ياء، فقد قرأت الكلمة «الفضيلة».
واتفق صاحب (ترتيب المدارك)، وصاحب (معالم الإيمان)، وهما يُترجِمان لحياة أبي الحسن، أن من ضِمن مؤلفاته كتابًا اسمه «الرسالة المُفصَّلة لأحوال المُتعلمين».
وبالرجوع إلى الأصل المخطوط، تَبيَّن لنا، أنه بالرغم من أن حرف الميم ساقط من اللفظة، فإن قراءتها على أنها «المُفصلة» أرجح؛ لأنه هو العنوان المعروف بين العلماء، المذكور في كتبهم، ولأن قراءة الكلمة «الفضيلة» يجعلنا ننقط الصاد ونُضيف ياء بعدَها ليست موجودة. وعلى ذلك يكون عنوان الكتاب:
«المُفصلة لأحوال المُتعلمين وأحكام المُعلمين والمتعلمين»
وفيما ذكره ابن فرحون في الديباج عن عنوان هذا الكتاب تصحيفٌ ظاهر لا يحتاج منَّا إلى إقامة دليل، فقد جاء في سياق مؤلفاته: «والرسالة المُفصَّلة لأحوال المُتقين وكتاب المُعلِّمين والمُتعلمين.» ولا شك أن لفظة المُتقين مُصحَّفة عن المُتعلمين، وأن الرسالة والكتاب ليسا إلا كتابًا واحدًا، هو الذي نُجري عليه هذا البحث.
ونُشير إلى ترجمة العنوان التي وردت في فهرست المكتبة الأهلية بباريس؛ إذ فيها تحريف كثير. فالترجمة تقول: «قواعد السلوك للمُعلِّمين والمتعلمين».
وليست هذه القراءة صحيحة، ولا تنطبِق على ما جاء في الأصل.
(٧) وفاته
لا خلاف بين أصحاب الكتب السابقة التي أخذْنا عنها في الترجمة للقابسي أن عام وفاته هو ٤٠٣ هجرية.
ولم يذكُر القاضي عياض الشهر الذي تُوفي فيه، وكذلك ابن العماد الحنبلي.
وذكر السيوطي الشهر دون اليوم.
وحدَّد ابن خِلكان ليلة وفاته قال: «وتُوفِّيَ ليلة الأربعاء ثالث شهر ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وأربعمائة.»
وعن (معالم الإيمان): «وتُوفِّيَ رحمه الله ليلة الأربعاء، ودُفن يوم الخميس صلاة الظهر لثلاثٍ خلَوْن من ربيع الآخر سنة ثلاثٍ وأربعمائة.»
وقال ابن خِلكان: إنه دُفن يوم الأربعاء لا الخميس. قال: «ودفن يوم الأربعاء وقت العصر بالقيروان، وبات عند قبره من الناس خلق كثير، وضُرِبت الأخبية، وأقبلت الشعراء بالمراثي، رحمه الله تعالى.»
وبذلك يكون القابسي قد عَمَّرَ ثمانين عامًا.
وتاريخ وفاته الهجري يوافق ١٠١٢ بالتاريخ الميلادي في زمن الحاكم بأمر الله الفاطمي.