إلى لندن
لا شك في أنكم تتطلعون إلى ما ستسمعونه عن رحلتي المعلومة، وأنتم محقون في ذلك وعليه أقول: اعلموا أن هذه الرحلة كانت لصالحكم وأنها والحمد لله فيها كل ما هو مطابق لمصالحكم ورغائبكم، خصوصًا أمر استقلال منطقتكم، فإنه الجزء المهم من سلسلة التشبثات التي ستطلعون على تفاصيلها إن شاء الله تعالى، بعد قدوم دولة رئيس المستشارين المتخلف لإنهاء هذه الأغراض.
وعلاوة على هذا أقول لكم إنني رجعت وكلي رجاء في الوصول بمشيئة الله إلى النتيجة الحسنة فيما رمت إليه النهضة العربية المستندة إلى الآمال القومية، وإنني كما قلت للجموع في موقفي هذا عند قدومي إلى هذه المنطقة كما تتذكرون، من أنه لو كانت لي سبعون نفسًا فقدتها كلها في سبيل القومية والوطن لما رأيتني قمت بالواجب.
ولكنَّ لخدمة الوطن وجوهًا ولكل وجه سبب، وأفضل تلك الوجوه الآن وفي كل آن، أسلمها عاقبة وأقلها ضررًا. ومع أنني عالم بثقل لوازم الوطن ومقتضياته ومتاعب الوصول إلى غاياته، أقول إن كل هذه الصعاب ستذلل إن شاء الله بالحكمة القومية والتعقل العبقري اللذين ورثتموهما عن آبائكم مع الاتكال على الله تعالى في كل الأحوال.
ويحسن بي القول هنا أيضًا إنني قد عدت من هذه الرحلة وأنا مشاهد آثار المودة البريطانية التي سنجني باستمرارها حقائق المنافع المرموقة، كما وإنني عظيم الرجاء في أن الحكومة الجمهورية الفرنسية الفخيمة الموجودة الآن على الوجه المعلوم بالقسم الشمالي من وطننا المحبوب، لا تحمل حقدًا على قوميتنا وقضيتنا، وإننا بمشيئة الله سنصل قريبًا إلى إسعاد الوطن كله بتعضيد دولتي التحالف الكبيرتين وانكشاف الآمال الشريفة القومية على الوجه المطلوب.
هذا وقبل أن أختم قولي أريد أن أثني على رجال حكومتنا الذين قاموا في غيابنا بما أودع إليهم من الأمور حق القيام، كما وإنني أشكر للأهلين جميعًا حميتهم الوطنية وائتمارهم بأوامر الحكومة وانصرافهم إلى أعمالهم التي تعود عليهم وعلى وطنهم بالخير والسلام.
وهنا أعلن بلسان الصرامة تأكيد عزمي السابق من جعل هذه البلاد بلاد دعة وأمان، ترتاح لحسن إدارتها أقطار محبيها، خالية من وجود شكاوى قاطنيها ومجاوريها. وأتعشم أنني أصبت بهذه الصورة ما يرتئيه محبو الوطن وطالبو الخير له. والله الموفق لما فيه النجاح والمصوب لما فيه السداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.