حول فتنة العراق
ولمناسبة ذكر فتنة العراق سنة ١٩٤١، أود أن أثبت هنا البيان الذي كنت أذعته في شعبي الأردني العزيز، في ذلك الظرف العصيب.
لقد علمتم بما يجري في هذه الآونة في بلاد العراق الشقيقة من حوادث مؤسفة، نشأت عن أن فئة اغتصبت سلطة الحكم في هذا القطر العزيز قد رغبت في اتباع سياسة خاطئة ترمي إلى تعريض هذا البلد العربي الكريم إلى القلاقل والفتن وسلامته واطمئنانه إلى الفوضى والاضطراب.
ولقد كنت أول من انتابه الحزن والأسى لوقوع هذه الحوادث المؤسفة في قطر كانت الأمة العربية بأجمعها ولا تزال تعتبره المثل الحي للاستقلال الكامل الذي ما برح أمنية البلدان العربية الأخرى تسعى إليه بجهود قومية موفقة إن شاء الله.
ولكن الغموض الذي رافق هذه الحوادث في بدايتها وما تغذيها به الدعايات الخبيثة المغرضة من أفكار السوء والدس والفتنة، كل ذلك لم يساعد الرأي العام على الوقوف على حقيقة هذا الموقف الطارئ الذي أرادت تلك الدعايات السامة أن تروج به مقاصدها الهادمة لاستقلال العراق وحريته وتسميم الأفكار العربية جمعاء.
وإنني بالنسبة لما أشعر به نحو العراق الشقيق من عواطف الحب والولاء الشخصية فضلًا عن روابط الإخاء الصادق التي تربط هذه الإمارة به وفضلًا عن خدمة البيت المالك في البلادين، قد رأيت من واجبي أن أذيع على شعبي الكريم بياني هذا، لأعلن لهم فيه أن الحركة القائمة هناك أدت إلى نزوح حضرة صاحب السمو الملكي الوصي على عرش العراق، تبرؤًا مما جرته هذه الفتنة على العراق من ويلات ومصائب كما جاء في بيان سموه الذي أذيع على الشعب العراقي بعزمه الصادق على العودة إلى العراق إن شاء الله مرجعًا لتلك البلاد استقلالها وسيادتها وطمأنينتها إن شاء الله. وكما علمنا من تصريحات وزير خارجية بريطانيا العظمى المستر ايدن من أنه ليس في نية الحكومة البريطانية الانتقاص من حقوق العراق الاستقلالية وسيادته بأي صورة من الصور، وليس بينها وبين الشعب العراقي أي اختلاف أو عداء. هذا وإن العزم منصرف إلى إعادة الحالة الطبيعية والود الحقيقي بين الأمتين الحليفتين، وإني موقن بذلك كل الإيقان إن شاء الله تعالى. فلإيضاح الحال وتنوير الأذهان أعلن هذا لشعبي الكريم.
إلى سعادة الجنرال ولسون
- (١)
مساعي الألمان الإفسادية في بلاد العرب وكيف نستطيع إحباطها.
- (٢)
تجلى للعيان أن الألمان قد توقفوا في مساعيهم في العراق.
- (٣)
تبذل هذه المساعي بكل قوة في المدارس والكليات بسوريا ومصر وفلسطين وشرق الأردن.
- (٤)
تبذل هذه المساعي بين العمال في كل محل يوجدون به.
- (٥)
إن إذاعات الراديو في فلسطين ومصر تساعد على تلك المساعي بإذاعة ما يظنون أنه لهم وإذا به عليهم. مثال ذلك ذكر نزول الطائرات المعادية بسوريا والعراق، فهذا يجعل الناس يظنون أن الألمان يستطيعون عمل كل شيء.
- (٦)
يجب سرعة ضرب الأعداء في العراق بأسرع ما يمكن.
- (٧)
بقاء الجيش البريطاني بالصحراء بين الرطبة والفلوجة وبالبصرة دون تقدم، أمرٌ لا أرضاه، وأرى أنه يقوي الخصوم ودعايتهم.
- (٨)
الحالة في سوريا تأتي بالدرجة الثانية بعد العراق. وإنني أرى الحكمة في سياسة حكومة جلالته بالنسبة إلى حليفتها السابقة فرنسا، ولكن أعتقد جازمًا بأن العملية التي قامت بها ضد أسطول فرنسا في وهران يجب أن تطبق حالًا في سوريا. لذلك أرى أنه أولًا يجب طلب كل دبابة وكل سيارة مصفحة في سوريا وكل طائرة، وتسليمها لجيش جلالته أو حجزها تحت ضغط قوات بريطانية، أو نقلها إلى بلد محايد كتركيا مثلًا، على أن تبقى الإدارة في سوريا في أيديهم — أيدي الفرنسيين — وإذا لم يقبلوا فيجب الدخول إلى سوريا حالًا، حيث من المقرر إعلان وحدة العراق وسوريا بتعضيد من الألمان. وإنه من المقرر جلب جنود ألمان بالطائرات وتسليم كل الأسلحة الفرنسية من آليه وغيرها إليهم، وحينئذٍ ينبغي على حكومة جلالته أن تعاني متاعب إيجاد قوة عظيمة هنا وفي فلسطين مثل قواتها على حدود ليبيا.
- (٩)
يجب إعادة روح الصداقة في العراق وسوريا بين العرب والإنكليز حالًا، بالقضاء على المتمردين، وفق ما شرح أعلاه.
- (١٠)
إنني منزعج لعدم وقوفي على الحالة السياسية والحركات العسكرية في حينها، ومنزعج لإمكان تغلغل الدعاية المعادية إلى بلادي إذا طال المدى. إنني في وضع عادي، أي كأنَّه وليس في الدنيا شيء، عاطل غير عامل لخير بلادي وأصدقائي. وربما يلاحظ أن شيوع مساعداتي تغضب ملكًا من ملوك العرب، ولكن أرى أنه قد لا تكون هذه الملاحظة مفيدة في هذه الأوقات الحرجة. وإنني أطلب أن أكون سيد بلادي الأمين لحلفائي والقائم بوظيفتي قبل فوات الفرص.
- (١١)
ليس لي ما أقوله في مسألة التحكيمات المقامة من إربد إلى سال، والأخرى في ناحية المفرق، غير ملاحظتي بأن المسافة بينهما عظيمة جدًّا ومن الممكن للعدو المفروض اجتياز ما بينهما ليلًا.
- (١٢)
ألاحظ أن هذه التحكيمات لا تكون ضامنة النتيجة إلا إذا كان جبل الدروز في يد الجيش البريطاني؛ فإنه إذا كان هذا الجبل على حاله في أيديهم، ففي إمكان الأعداء دخول البلاد من شرقي المفرق فالزرقاء فوادي الأردن فضفاف الشريعة — إن شاء — أو من عمان أو من وادي الزرقاء ومنحدرات جبل عجلون.
•••
حضرة صاحب السمو الملكي سيدي الأمير عبد الله المعظم — عمان
بحمد الله ورعايتكم انتهينا هذا اليوم من حل مشاكلنا وقد تألفت الوزارة برئاسة فخامة جميل المدفعي، وما أخرنا عن إرسال برقية إلا انتظارًا لتصفية جميع الأمور لتكون البشرى التي أرفعها لسيدي كاملة، لأني أعلم كما يعلم غيري أن ما يعنينا يعنيكم أكثر من أي إنسان، وما ذلك إلا لحنوكم الأبوي وكونكم الأساس المتين الذي ترتكز عليه عائلتنا عند الشدائد والمحن، وليس من المستبعد أن نستنير بهدى من عركته الأيام وصقلته التجارب. وبالختام أتمنى لمولاي وللعرب جميعًا أيامًا كلها عز وسؤدد.
•••
مرحبًا بالقوة الموفقة، مرحبًا بالقوة الظافرة المطيعة، وشكرًا لها ولقائدها.
لقد عدتم من مهمة دقيقة مثلتم فيها الوفاء وواجب الطاعة والإخلاص للبيت الهاشمي.
لقد عدتم بعد أن قمتم مساهمين في إطفاء هذه الفتنة أحسن مساهمة، فبورك فيكم وفي عملكم.
لقد وصل الوصي إلى بلاده وعدتم أنتم إلى بلادكم وكلا البلادين بلاده وبلادكم. وعليَّ أن أنبئكم بأننا جميعًا في طريق وحدة كنا نرجوها وقد مزَّقها أولئك الذين طردتموهم من العراق.
استعدوا دائمًا للقيام بما يطلب إليكم كما استعد أجدادكم الذين كانوا مع أجدادنا، واحذروا الفتن ودعاتها واحذروا أهل الدس والنفاق.
لقد عدتم والوجوه باسمة مشرقة، لقد عدتم وأنا راضٍ عن عملكم كل الرضى، فأنتم فخرنا وعليكم بعد الله اعتمادنا.
فليحي الجيش العربي الباسل ولتحي قوة البادية الظافرة ولتصل الأمة العربية إلى أمانيها القومية بفضل اللهِ وكرامةِ رسوله ﷺ، وبحسن مؤازرة حليفتنا بريطانيا العظمى، ولنفِ لها كما وفت لنا ولنساعدها في مهمتها العالمية الشاقة بكل شهامة واهتمام.
والآن أوجِّه إلى قوة البادية الباسلة المحبوبة وسام النهضة العليِّ الشأن من الدرجة الثانية، مرفوعًا على هذا العلم الذي أسلمه إليكم لترفعوه عاليًا، ولتدافعوا تحت ظلاله عن مجدكم، كما أنني قد أصدرت إرادتي بصنع سيف ذهبي مرصع يُهدى إلى قائدكم تقديرًا لعمله وشجاعتكم.