إحصاءات مصرية
إذا حاولنا الاسترشاد بحالة مصر تأسيسًا على إحصاءات دليل الكتاب المصري، يبين لنا الآتي:
الثبت الببليوجرافي في الأعمال المترجمة في مصر فيما بين ١٩٥٦–١٩٦٧م الصادر عن هيئة الكتاب، ويحوي كما تقول المقدمة: «الجديد لِمَا تُرجم في بلدنا خلال سنوات ١٩٥٦–١٩٦٧م»؛ أي على مدى إحدى عشرة سنةً نلحظ الآتي:
-
٢٧٤ عنوانًا (أي أقل من ٦٪، وحوالي ۳۷ عنوانًا في السنة)، رياضيات وعلوم بحتة.
-
۱۸٥ عنوانًا (أي أقل من ٥٪، وحوالي ۱۸ عنوانًا في السنة)، علوم تطبيقية، طب وزراعة وصناعة وتكنولوجيا.
-
۳۸۰۲ (أكثر من ٨٠٪، وحوالي ۳۸۰ عنوانًا في السنة)، إنسانيات غالبيتها أدب، وديانات، وتاريخ وتراجم.
دليل الكتاب المصري لعام ۱۹۷۹م
جملة الإصدارات في جميع التخصصات مؤلفةً ومترجمة ١٥٤٢٧ عنوانًا.
ومن بينها علوم بحتة وتطبيقية مؤلفةً ومترجمة ٦٤٩ عنوانًا (حوالي ٥٪).
إصدارات العلوم المترجمة ١٤٥.
مع ملاحظة أن الإحصاء هنا شامل الإصدارات الموجودة في السوق منذ الخمسينيات، بمعنى أن عدد الإصدارات ليس إصدارات ۱۹۷۹م، بل أكثر من عشرين عامًا، ولكنه لا يزال متاحًا.
ومن بين هذه القائمة ۳۳۹۳ ديانات؛ أي حوالي ۲٥٪.
ومن بينها ۲۰ عنوانًا مترجمًا.
و۳۲٦۷ في العلوم الاجتماعية منها ۲۸٦ مترجمًا.
دليل الكتاب المصري عام ۱۹۸۳م
(الحصر هنا متداخل مع الدليل السابق.)
٥٩٤ عنوانًا في العلوم البحتة، مؤلفًا ومترجمًا (بأقل من ٢٫٥٪).
من بينها ۷۹ عنوانًا مترجمًا.
۱۸۲٦ عنوانًا في العلوم التطبيقية، مؤلفًا ومترجمًا.
۱۹۰۰۰ عنوان في الإنسانيات مؤلفًا ومترجمًا.
ومن بينها ۳۸۰۷ ديانات (۲۸۰ مسيحيًّا – ۳٥۲۷ إسلاميًّا).
٨٦٤ فلسفة.
٦٦٤٢ في العلوم الاجتماعية.
٣٩٩٦ في الآداب.
٢٦٠٠ في التاريخ والتراجم … إلخ.
دليل الكتاب المصري عام ۱۹۹۰م
يضم أكثر من ٦٢٠٠ عنوان مؤلف ومترجم في جميع التخصصات (هي إصدارات سنوية سابقة).
٣٥٠ عنوانًا مؤلفًا ومترجمًا في العلوم البحتة والعلوم التطبيقية.
كمثال: الطب النبوي، إصلاح التليفزيون، العلاج بالأرواح، الطب الروحاني، الجبن الدمياطي وصناعته، الرضا لمن يرضى.
٢٤ عنوانًا كتب علمية مترجمة.
دليل الكتاب المصري عام ۱۹۹۳م
ضمَّ أكثر من ٣٥٠٠ عنوان مؤلف ومترجم (لعدة سنوات) من بينها ۲۰۰ عنوان و٢٥ عنوانًا في مجال العلوم الرياضية البحتة والتطبيقية. ونلاحظ على ما سبق:
ضآلة عدد العناوين المترجمة إجمالًا، وهو ما سوف يتضح لنا من خلال الدراسة المقارنة، وهو ما أكَّدته لنا عملية المسح الميداني لنشاط الترجمة في البلدان العربية. والترجمة العلمية هزيلة جدًّا، بل هي خارج الإطار الحضاري، وبعيدة عن ترجمة أساسيات الفكر العلمي الذي يضعنا على عتبة العصر، ويدفع حركة التقدم، ويصوغ نظرةً شاملة إلى الحياة؛ الإنسان والمجتمع والكون، ويرسِّخ أُسس العقل النقدي والتفكير العلمي كتكوين ذاتي قادر على مواجهة واقع متغير في استجابة ملائمة للتحديات. وأكثر من هذا أن الإنسانيات التي يتغذى عليها العقل العربي ليست تطبيقًا للمنهج العلمي في التفكير والتحليل، لتسهم في صوغ إنسان قادر على تحقيق ذاته والتلاؤم الحضاري؛ أي قادر على النمو والتقدم على مستوى حضارة العصر. وإذا ما استعرضنا الإصدارات المؤلفة والمترجمة منذ الأربعينيات، ومشروع الألف كتاب الأول حتى اليوم، نجد انحسارًا واضحًا في نوع وكم الكتب ذات التوجه العلمي الحضاري، من حيث النسبة العامة. وتكفي هنا الإشارة إلى تحقيقٍ نشرته صحيفة الأهرام (ملحق ١٩ / ٥ / ١٩٩٥م) يعلن أن آخر إحصائية أصدرتها دار الكتب تشير إلى أنه قد صدر خلال العام الماضي وحده أكثر من ثلاثة آلاف كتاب تحمل عناوين الدجل والشعوذة، يتم تداولها الآن مع الباعة وفي المكتبات، وتتناول ما يسمونه العلاج الروحي. هذا في الوقت الذي لم يصدر فيه كتاب واحد يواجه هذا السيل من كتب الدجل والشعوذة التي تُخرِّب عقل القارئ المصري. وإذا كنت قد اكتفيت الآن بعرض حال المنتج المصري عددًا ونوعًا؛ فذلك لأن العينة المصرية هي الغالبة، قياسًا إلى حجم المنتج العربي بعامة؛ إذ تكاد تكون مصر قبل ثلاثة عقود هي البلد الوحيد — مع لبنان — المنتج للترجمة.
والملاحظ عمومًا أن الترجمة في عالمنا العربي أضحت نوعًا من الترف الذهني في الغالب الأعم للاستهلاك، أو أنها مجرَّد جهد من أجل نقل معلومات فحسب، وتخضع لمبدأ الربح التجاري. إنها تفتقر إلى البرامج على المستويَين القُطري والقومي، ومن ثم لا علاقة لها بمحاولة منهجية لدراسة الواقع بلغة التطور، أو التطوير الاقتصادي الاجتماعي الثقافي. إنها لا تخضع للتخطيط، بل هي نشاط اجتماعي في صلب حراك مجتمعي هادف يساهم في الانتقال بالمجتمع من حال إلى حال أخرى؛ أي من طور التخلف إلى طور النهوض حسب رؤية مستقبلية مدروسة مسبقًا، وتصوغ الوعي الاجتماعي. ولكي يكون للترجمة دورها لا بد وأن تكون نشاطًا اجتماعيًّا مؤسسيًّا يُمثِّل عنصرًا متكاملًا في استراتيجية ثقافية هي بدورها وجه لاستراتيجيات تنموية شاملة، وبهذا الشكل تشكل تيارًا سائدًا، وجناحًا آخر للإبداع الداخلي، بحيث يعبران معًا عن التوجه الفكري والتنموي للمجتمع في حركته المستقبلية، ومن ثم تكون الكتب المترجمة دالةً وشاهدًا على المضمون الفكري للتطور الاجتماعي والبناء الحضاري للذاتية القومية في اتصالها التاريخي وتواصلها الحضاري الإنساني.