القطة المسحورة
يا قطةَ الأرقِ المراوغِ
والزهورِ القائلة،
تأتين بالنيران طائرةً؛
لتنطفئي بأعماقِ الشعورِ المستكينِ،
وتستبيني من دمائي القاحلة.
•••
عيناكِ ملهمتانِ بالجنَّاتِ تكسُوني،
وبالحرفِ المقدسِ
تفتحُ الأمصارَ،
تجتاحُ البحارَ،
ويبدأُ الغزوُ المحبَّبُ؛
فالجيوش تدكُّني،
والملحُ في أمواجِها يَغتالني،
وتظلُّ من أهدابها تترقرق الأنهارُ
حاملةً إلى قلبي الخصوبةَ،
والرياضَ الذابلة!
•••
كُرتان من ألقٍ ومن لهبٍ — هُلاميٍّ أثيرٍ —
تسبحان على ظلالِ الحُلْمِ،
تختفيان في لُجَجِ الضمير،
وفي خلايا اللاشعورِ،
وتحتويني باليَراعِ،
وتمطرُ القلبَ المُعَنَّى بالنجومِ،
وتنبشُ الشعرَ الذي
قد أقبرتْه نيوبُها يومًا.
•••
فهل
تحيي يدُ الجاني الرمادَ؟!
وتبعثُ الحبَّ الرميمَ؟!
تُلملم الأشلاءَ؟!
تدعوها لكي تأتي،
وتسعى من غيابات الجبال النائية؟!
وتحومُ في غيبوبتي جنِّيَّةً
تأتي مماتنة، إذا اختلطت بأشباح الضياءِ؟!
وتنجلي في عتمة المشكاة أكثر فتنةً،
وتراود الحلم المؤجَّج في دمي عن نفسِها؟!
•••
بيضاء تخرجُ،
ثم تدخلني؛ لكي تتلبس الروحَ
التي انصهرت،
وذابت في أثيرِ خطوطِها؛
فأُرَوِّضُ الحلمَ العصيَّ،
وألجم الحرف الأبيَّ،
تحيلني شبقًا شقيًّا عبقريًّا،
أو بقايا هيكل من سنبلة.
•••
وإذا رأيت مُواءَها وَسْط الدُّجُنَّةِ؛
فزَّعت فيَّ القوافي،
واستبدَّ حنينُها بين الحنايا
بلسمًا،
زهرًا، وأشواكًا،
وأشواقًا، وترياقًا.
•••
يخلخلني انعدامُ الوزنِ،
ألمسُ طيفها مذبذبًا،
وأربِّتُ الآهات في صدري،
ورعشة ظَهرِها؛
فتهدهد الأشواق
تحدو في سحائي القافلة!
•••
أين الصواعق والمدى والكهرباء؟
فيا لهولي، قطةٌ مسحورةٌ
ذابت،
وتاهت في ظلام الضوءِ!
أطيافًا، ونرجسةً، وشلَّالًا
يبعثرُنا، يباعدني؛
فتدنو من شراييني وتلدغني،
وتحفرُ بينها والقلبِ جُرحًا مستطيلًا
جامعًا فوق الدماءِ، وموغلًا في قنبلة.
•••
يا قطةَ الوجعِ المعربدِ والشظايا الخاتلة،
مثل النيازكِ تقفزين من الغياهبِ في دَمي!
كم ذا اشتهيتُك، إنما للنار ذائقة مدمِّرةٌ!
ومن إدمانِ أجيالِ السُّمومِ عصارتي
وتغلغلِ الحبِّ الكظيمِ.
مناعتي انهارت، وغاصت في عذاباتي؛
فلا تتجشَّمي!
قد صارَ سهلًا أن يُذابَ إلى حُميَّاكِ الحديدُ،
وأن يفرَّ الحُبُّ في ذيلِ الخيول المجفلة.
يا لَيْتهُ قد ظلَّ أطلالًا تعشش في الفلول الآفلة،
لكنه أجزاء أطيار توزَّعَهَا الخليلُ؛
فهل لديكِ المعجزاتُ في سعيرِ الأسئلة؟