سموم
مهداة إلى الداعية الديني المفكر: د. مصطفى محمود
تغلغلتَ في لبنِ المرضعاتِ،
وأحرقتَ ماءَ الحياةِ،
وزاحمتَ دمعَ الوليدِ البريءِ،
تحدَّرْت من سُرَّة المعجزاتِ،
وأشرقتَ في ثَرَّةِ الطينِ،
لوَّثتَ عند اختفائِك زهوَ الضياءِ،
ولما تجلَّيْتَ لوَّنتَ وجهَ السماءِ،
وشعشعتَ عبرَ العروقِ،
تسلَّلتَ في الجلدِ والرئتينِ،
وصمتِ الصخورِ،
وفي اللاشعورِ؛
فهلَّلت الكائناتُ لسحركَ،
وامتشقَ الناسُ فتنتهم
حين راوْدتَهُمْ عن هلامِ الحياة؛
فهل يعبدونكَ ثم يبيعونَ أصنامهم؟
يصنعونك ثم يذيبونَ فيك مصائرَهم،
يعبرونَ خطوطَ الزوالِ ببسمتِهم،
وجهالة علمٍ عنيد،
وفقر الثراءِ
وغول تشيَّأ؟!
•••
بَصْمتُهم تتلاشى رويدًا،
ضآلتك المستحيلةُ قد عربدتْ،
واستحالتْ بذرَّاتِنا أخطبوطًا
يضيق به الكونُ،
يسَّاقط الحبُّ
سؤرًا مريرًا،
وترياقَ بحرٍ حريق،
وغاباتِ وهمٍ عجاف،
«جيوشُ الثعابينِ قد خذلتنا.»
تقولُ العقاربُ،
ثم تنحَّتْ،
ومملكتانِ تلاشتْ سمومُهما
نقطةً في محيطٍ جديدٍ،
من الكيمياءِ المخلَّقةِ
المستبيحةِ معزوفة الكونِ،
تطعمُها للفناء.
•••
هل النفسُ تعشقُ قاتلَها،
أم بريقُ الظلامِ المراوغُ
يغشى انبهارَ العيون،
ومغنطةُ العقلِ
تجذبهُ للصعودِ السريعِ
على الضوءِ نحو
السقوطِ السريع؟!
•••
هل الحبُّ روحُ الحياةِ وحارسُها؟!
هل سيكسرُ دائرة الانتحارِ الخبيثةِ
حين تعاقرُ خمرَ الشياطينِ جذلى،
ويحكمُ قبضتهُ حولَ شمسِ البقاء؟