فتاةُ بِرْنْ
كانت غرفة الطعام هادئة النور، لا تنبعث في فضائها أضواء هذه المصابيح الصغيرة ذات الألوان البهجة التي كانت تزدهر بها الموائد البيضاء كل أمسية، حتى لتبدو كأنها حديقة مثالية تضيء مجامر وردها في ليلة شرقية قمراء؛ ولم يكن غير خوان صغير في صدر المكان يجلس إليه ضابط شيخ، وهو يشرب قدحًا كبيرًا من النبيذ الأحمر على مهل وفي تأمل هادئ عميق، وكنت جالسًا إزاءه تحت الشرفة العريضة أرقب الكنيسة القوطية ذات البرج السامق الذي طالما أصغيت إلى رنَّات نواقيسه في أصباح يوليو المائجة بالنور، الناسمة بالعطر، وكان السكون يفيض على هذا المساء فليس إلا صوت المطر المنهمر في الخارج، وهذه الأصداء التي ترسلها إلينا من الميدان عجلات السيارات المخوِّضة في المياه الدافقة تحت الأفاريز، وأولئك العابرون بخطاهم القوية المتزنة على أحجار الطريق، واستغرقتني ذكريات الأيام الأولى التي قضيتها في هذه العاصمة الجميلة وأنا آخذ الطريق الصاعد إلى «الجورتن» في الضفة الثانية من النهر، أو أهبط المنحدر الفاتن إلى المتحف التاريخي، أتملَّى نفائسه وبينها تحف شرقية جميلة معروضة في بعض غرفه، فهذه الأواني الخزفية، المزدانة بالآيات والحكم العربية، وهذا الإيوان الخشبي من القرن العاشر الهجري بطنافسه وزخارفه المموهة بالذهب، وهذا المخطوط من القرآن الكريم بنقوشه الفارسية الدقيقة، وهذه المجموعة من أزياء الحريم في الشرق الإسلامي من الشنتيان إلى الحبرة إلى اليشمك، ثم هذه الروائع الأخرى التي تعجب الفنان، وتجذب الشاعر، وتفتن الأديب، وبينها نسخة من الطبعة الأولى لرواية «تليماك» بورقها الكتاني السميك الكبير الحجم، وطباعتها ذات اللونين الأسود والأحمر، بالحروف الجرمانية الشجراء، وإلى جانبها آلة الطباعة الأولى لجوتنبرج.
واستغرقتني هذه الصور لحظات ولحظات حتى انتبهت على صوت الضابط وهو يغادر المكان في بزته العسكرية الأنيقة ويلقي بتحيته إلي بادي العظمة، موفور المهابة!
وأقبلت الخادمة الشابة وهي تقول: يؤسفني أيها السيد أن تظل وحدك في هذا المكان ولكن ربما حضرت مس «كارين» هذه الليلة فهي قد علمت بحضورك الآن! قلت: شكرًا يا آنسة، ومن ترى ذلك السيد! ألا يبيت الليلة هنا؟ قالت: إنه قادم من «سانت جالن» في طريقه إلى الحدود وهو في انتظار فرقته التي تصل إلى «برن» بقطار نصف الليل.
قلت: وهل تقومين وحدك بشئون الفندق هذه الليلة؟
قالت: لقد ذهبت الفتيات ليدبرن أمورهن قبل رحيل الرجال، حتى مسز ڤايل أيضًا … فإن زوجها يغادر المدينة بعد ساعتين لينضم إلى فرقته في «بازل»، وأنت تعلم أن الشبان قد ذهبوا إلى صفوف الجيش بعد أن أُعْلِنَتِ التعبئة العامة هذا المساء.
قلت: أرجو أن يعودوا قريبًا إلى أهلهم وديارهم وأحبابهم، وأحب ألَّا تجهدي نفسك من أجلي، فكل ما أطمع فيه فراش أتوسده هذه الساعات الباقية من الليل.
قالت: لا عليك أيها السيد فإن مس «كارين» قد حدثتني عنك وليطب خاطرك.
قلت: أخشى أن يكون وجودي الآن قد شغلك عن أداء واجب عزيز … فتورَّد وجهها وهي تميل إلى الباب دون أن تجيب، ورحتُ أسائل نفسي أليس لهذه الفتاة الوسيمة أليف تبتهج لمرآه أو يخفق قلبها بنجواه؟ أوليس من ينتظر قبلتها أو عناقها أمام عربة القطار في هذا الليل وتحت هذا المطر؟ … وانطلق الخيال يخلق من الوهم الطارئ قصة حب عاثر أو حبيب غادر، ولاح لي في هذه اللحظة خيال «كارين» هذه الشابة الحسناء التي تبذ العذارى رقة وخفرًا، إنها في الثانية والعشرين من عمرها، تؤمن بالسحر المصري القديم، وتكلف بحديث الحريم في الشرق، وتثق بطوالع النجوم، وتصدق قراءة الكف، وتسأل عن المستقبل وتبحث عن الحب والرجل المنتظر، إنها تثق بآرائي وتندفع في حماسة إلى حديث الفن بلهجة إنجليزية حلوة جذابة قلَّما سمعت مثل موسيقاها من أفواه الإنجليزيَّات أنفسهن، وكنت أعجب لهذه الشابة الذكيَّة القلب المشرقة الروح التي قضت شطرًا من عمرها الباكر في بيئات الإنجليز الخاصة وتحت سماء إنجلترا كيف تسلم عقليتُها بهذه الخرافات وتعلق بنفسها هذه المعتقدات المضحكة! وتمثلتها على مكتبها وهي تراجع حساب الفندق وكلما أجهدها الفكر مرَّت بالقلم على فمها القرمزي الصغير، وهي بشعرها الكستنائي المنفوش وعينيها الرماديتين ووجنتيها البارزتين كشاعرة نبيلة بهرتها رؤى علوية طافرة، أو سحرتها أنغام قدسية عاطرة! وذكرت اليوم الأول الذي التقينا فيه على الباخرة الصغيرة بين «أنترلاكن وتون» وهي متكئة على حاجز السفينة ترقب الرغو الفائر تحت قدميها، وقد امتد خطوطًا عريضة طويلة والهواء يرفع جانبي معطفها الحريري الأبيض الهفهاف إلى ما فوق ذراعيها فكأنها ملك السحاب يضرب بجناحيه الناصعين في الزرقة الصافية متقدمًا رعيلًا من الغمام الأبيض! وتَحَدَّثْنَا في براءة روحين متجردين من نوازع الدنيا ومنازعها عن ذلك الجو الشعري الفاتن، وكانت خيالية مفتونة بالصور والألوان والأنغام والأصداء، فوجدت في صاحبها الموافق ورفيقها المجاوب، وتكلمنا عن الثلوج في قمة چوفراو، وجبال الألب الداكنة السوداء، كما تبدو من هذه الغابة الصادحة عند منابع الرون بين حدود سويسرا وفرنسا، وأنشدتني مقطوعة للشاعر الأسباني «جوستانو بيلكور» عن فيلا «كارلوتا» على شاطئ بحيرة كومو، وعقدنا مقارنة بين البحيرات السويسرية والإيطالية ومساقط الماء في جبال إنسبروك ومنابع الرين، وتحدثنا عن الصحراء والبحيرات الأفريقية والنيل المقدس، ثم أسمعتني أبياتًا للشاعر الإنجليزي «جون كيتس» يخاطب فيها «النيل» بقوله: يا ابن جبال القمر الأفريقية العريقة في القدم! يا وادي الأهرامات والتماسيح!
وقالت إنها كانت تظن سكان ذلك النهر المقدس من العمالقة وأن لهم مثل أجسام التماسيح ضخامة ومثل فهود الأدغال قوَّة وضراوة.
وانتهى بنا المطاف إلى هذا الفندق الذي تديره خالتها مسز ڤايل، هذه المرأة المتشككة ذات الوجه الجامد الذي لا ينم عن عاطفة ولا يختلج بإثارة ما، وكانت ترى في علاقتي بابنة أخيها ما لا يروقها، وكانت تقابل بالامتعاض ابتهاج الفتاة بلقائي وبالتحدث إلي، ولا أنسى هذه الليلة منذ أربعين يومًا وكنت منكبًّا على خرائط لبعض ممالك أوروبا أقرأ أسماء البلدان والعواصم وأرسم بالحبر الأزرق خطًّا طويلًا متعرجًا أبين به طريق صاعدًا من مارسيليا إلى كوبنهاجن وهابطًا إلى برلين ففارسوفيا فڤينا إلى نابُلي ثم صاعدًا ثانيًا إلى ميلانو فمنحرفًا إلى نيس فمارسيليا.
وكانت كارين إلى جانبي تساعدني في قراءة الخطوط الدقيقة ساعة طرقت هذه المرأة الباب بعنف واقتحمت علينا الغرفة بغتة، وعلى صوتها الأجش الجاف انتفضنا ذعرًا وسقطت نقطة كبيرة من الحبر لم تلبث أن غطت ثلاث مدن كبيرة وسوَّدت الفضاء بين براغ وفرسوڤيا وڤينا، ولشد ما تشاءمت من ذلك الحادث وتطيرت له وهمًا حتى ذلك المساء وأنا أعبر نهر إلبي من ضاحية ڤيزر هرش إلى درسدن فإذا بركان من الحديد ينصبها بعض الجند على جوانب الجسر وقد برزت فوهات المدافع من جوانبها، والناس يتجمعون إزاءها من بعد، وهم في ذهول وذعر ووجوم، وفي الساعة الثالثة غادرت فراشي لأستقل آخر قطار يغادر المدينة على نذير الحرب! وكانت أوروبا كلها ترقص في هذه الليلة على فوهة البركان الثائر.
وظلت هذه المشاهد والحوادث تتوالى على خاطري كأنني أستعرض شريطًا سينمائيًّا وعيناي غائصتان في لجة الليل القائم وأنا في يقظة كالحالم، حتى أفقت على ضوضاء وأصوات تتجاوب بها أرجاء الميدان، وأسرعت إلى ردهة الفندق هابطًا درج المدخل فإذا بالخادمة وقد وقفت ترقب المشهد من حانوت بائعة التبغ المجاور وفجأة نظرت إلي وهي تهتف: مس «كارين»! مس «كارين»! فوثب الدم في عروقي وتطلعت أمامي فإذا بها في ذات الثوب الأزرق الذي رأيتها فيه أول مرة، وكان وجهها ينم عن فرح بلقائي رغم الحوادث التي توالت ف هذا اليوم على العالم.
ومدت يدها إلي فاحتوت كفي راحتها الصغيرة وهي تنبئني بسرورها لعودتي، وأسفها على انقطاع رحلتي، وسألتني إن كنت سأبقى غدًا في برن فقلت: غدًا يا عزيزتي أخبرك فليس لي أن أقول شيئًا هذه الليلة فربما جدت حوادث أخر، قالت: لقد أعلن المذياع نبأ إغلاق الموانئ الإيطالية وانقطاع المواصلات بين فرنسا وإيطاليا، ولا أحب أن أزعجك عن راحتك بمثل هذه الأنباء التي تعتبر عادية بالنسبة للمتوقع! قلت: حسنًا «يا كارين» وارتفع الضجيج في تلك اللحظة واختلطت الأصوات من صدحات أبواق ودقات طبول وخطوات جند وخيول وعربات وسيارات موسوقة بالمدافع والذخائر ولفائف الأسلاك الشائكة وغيرها من أدوات الميدان.
وجذبتني «كارين» إلى منحنًى قريب يشتد فيه الضوء، ونكاد نلمس منه بأيدينا الجنود وهم يمرون بخوذاتهم اللامعة تحت الأضواء ورذاذ المطر، وجباههم متألقة بالعرق وقطرات الماء، وعيونهم اليقظة الصافية تومض بالقوة والفتوة والأمل؛ كانوا يسيرون صفوفًا بخطواتهم ذات الإيقاع الموسيقي الرتيب، يغمرهم الجلال وتفيض عنهم الروعة، وينطق موكبهم بأنبل المعاني، وكانت «كارين» الحسناء تلوح بمنديلها الأبيض وتنثر على شبابهم ابتساماتها وهم يومئون بنظراتهم المقدرة المعبرة عن ابتهاجهم بهذه التحية الصادقة، وأثَّر في هذا المشهد الرائع وهزَّ أعصابي هزًّا عنيفًا، فقد ذكرت وطني وذكرت ما نحن مقبلون عليه في غدنا من جد الحياة وجلادها، وقلت لنفسي هل يتاح لي أن أرى لمصر مثل هذا الشباب المستقتل المتفاني وهو يسير في موكب الحياة مفتول السواعد مشبوح العظام؟ وهل يقدر الله لي أن أشهد فتياتنا وقد وقفن مثل هذه الحسناء، وفي مثل هذا المنحنى، تحت الظلام والمطر والريح القارس لينثرن ابتسامتهن على جباه شبابنا البواسل وهم في طريقهم إلى الميدان.
واختفى خيال الموكب الكبير، وتلاشت أصداؤه على رنين ساعة الميدان وهي تدق مؤذنة بانتصاف الليل.
وأمسكت يدي بيدها وسارت بي إلى الفندق، وأنا مفعم القلب بأحاسيس مهمة، ونوازع غامضة أكاد أترنَّح منها لذة ونشوة.
ووقفنا في الردهة وهي تقول: إن سفر عشرين ساعة في القطار وفي مثل هذه الظروف السيئة يتقاضاك الراحة الآن وأنت متعب ولا شك، قلت: إن لقاءَك يا عزيزتي راحة المتعب وشفاء العاني، قالت: أراك ذلِق اللسان لبق العبارة فتعالَ بنا نشرب القهوة معًا وتحدثني بأنباء رحلتك منذ فارقتنا.
وتكلمت مع الخادمة ودخلنا غرفة الموسيقى بعد أن أغلقت بابها ثم تهافتت على مقعد صغير وهي تقول: الآن يطيب الحديث.
قلت: حبَّذا حديثك أنت «يا كارين» فإني في حاجة إلى ما يبهجني.
قالت: أسفًا يا صديقي فإن هذه الحرب كما سدَّت طريقك فقد سدت طريقي أيضًا.
قلت: هذه مفاجأة ولا شك فبالله حدثيني.
قالت: كنت على وشك السفر إلى باريس صباح أمس، وكادت تكون هذه الليلة أولى ليالي في الأوبرا ولشد ما كنت سأحلم بالسعادة والمجد وأنا أرتل النشيد على موسيقى بلليني في أوبرا «نورما» في موسم هذا العام.
قلت: لا علم بذلك يا صديقتي.
قالت: أنت تعرف أنني قضيت عامين في ميلانو أتلقى فن الغناء وأني اشتركت في أغاني أوبرا «كوستانتينو» التي وضع ألحانها «فرنسسكو جاسبارين» كما اشتركت في غنائيات كثيرة في روكال وسكالا وكانت تؤثرني بإعجابها المغنية الراقصة «جاپرييلا بيزانسوني» بطلة «كارمن».
قلت: أنت لا زلت في مطلع شبابك، ومستهل حياتك، ولا تزال أمامك الأيام طويلة بعيدة الآماد، المستقبل لك فلا تأسَي على شيء فربما انتهت الحرب قريبًا جدًّا.
قالت: إن التفاؤل يرضي الأحلام ويقنع الأوهام بعض الأحيان فلنحلم ولنتوهم!
قلت: إذا شئت فإني سأجعل لك من هذا الحلم حقيقة محسوسة ومن هذا الوهم واقعًا ملموسًا.
قالت: أسرع إذن فإني واثقة بك.
قلت: فكري يا سيدتي قليلًا في باريس، ولنجعل من برن باريس، وليكن هذا الفندق هو دار الأوبرا، ولتكن غرفة الموسيقى هذه هي المسرح، أما هذه الموائد والأرائك فهم النظارة، فانهضي الآن أيتها الفنانة الشابة، ومُرِّي بأناملك الفاتنة على هذا البيان، ووقعي اللحن وأرسلي صوتك القوي الحنون بأغاني نورما، ولتفض روحك بأرخم النغم وأرقِّه وأبدعه! ولتملكي قلب هذا الأثير، وليكن لك فيه ملك الغناء الخالد … وفُتِحَ الباب ودلفت منه الخادمة بإناء القهوة، قلت: قفي يا آنسة وضعي هذا الإناء بعيدًا ثم خذي مجلسك على يسار هذه المملكة الموعودة … فارتبكت الفتاة وفتحت فمها دهشة، وضحكت «كارين» وهي تشير إلى المقعد الصغير على يسارها وكأنها تدعو الفتاة إلى تلبية هذه الدعوة … وأقبلت الفتاة وقد زايلها ارتباكها وخجلها وانفرجت شفتاها عن ابتسامة جميلة فهتفت «كارين» بها قائلة: اسمعي يا «إرنا» إن هذا الساحر يتكلم الآن بروح أجداده، هؤلاء السحرة يعاقبون الذين لا يطيعونهم ولا يأتمرون بسلطانهم، وهأنذا أقدم فروض طاعتي … واعتدلت في جلستها وقد اتخذت هيئة الملكة الشادية وبدأت إنشادها بصوت يتماوج مرحًا، ويتفجر شبابًا، ويترسل صفاء، وعذوبة، وسحرًا؛ وانفعلت بغنائها هي فاستحالت طيفًا نابضًا باهتزازات هذه الأنغام المنطلقة في سكون الليل تودِّع السلام، والحبَّ، والرحمة في قلب هذا العالم.
وصفقنا لها كثيرًا، وصفقت لنفسها ونهضت واقفة، وقد حارت دمعة صافية في عينها وهي تقول: بالله إني متأثرة أكاد لا أملك نفسي، هلمَّ إلى غرفتك الآن يا صديقي فإني سأنام في غرفة خالتي، فعِمْ مساء وإلى الصباح، قلت: تنامين الآن؟ قالت: وهل في ذلك غرابة، قلت: كلا، وصافحتها بحرارة كأنما كنت أودعها.
وفي الصباح راجت الشائعات بأن الأمم الصغيرة معرضة للغزو لأنها منافذ إلى فرنسا ولأن حدودها خالية من الحصون الفولاذية ونصحني من أثق به أن أغادر البلاد فورًا وإلا عرضت نفسي لمتاعب هائلة.
وتناولت طعام الغداء عجلًا.
ووقفت «كارين» بالحمال العجوز على باب غرفتي وأنا أجمع ثيابي وأطوي معطفي على يدي، وهبطنا الدرج حتى الباب الخارجي، وكان المطر شديدًا، والبرق يلمع في جوانب السماء، كأنه حراب القدر تصرع الزمن العاتي، وقبَّلت يدها وهي تضغط بها على فمي كأنها تقبلني هي الأخرى وأخذت طريقي إلى المحطة وأنا أقرع بقدمي أحجار الطريق والمطر ينهمر مدرارًا فوقي ويكاد ينفذ من ثوبي والمعطف لا يزال مطويًّا على يدي وأنا مستغرق في شرودي مستعيدًا حلم الأمس الجميل!