الفصل السادس
عَوْدَة الملَّاح
لشاعر العرش البريطاني «چون ماسفيلد»
يا فرحتي! للبحر أرجعُ ثانيًا
متفرِّدًا بعبابه وسمائه
أقْصَى مُنَاي سفينةٌ ممشوقةٌ
وبزوغُ نجم أهتدي بضيائه
وصريرُ دقَّتها، وعَزْفُ رياحهِ
وخفوقُ قلعٍ أبيضٍ في مائه
وأَرى الضبابَ يرفُّ فوق جبينه
في شاهبٍ من لونه وروائه
يجلوه ألَّاق رمادي السَّنى
متطلعٌ بالفجر خلفَ فضائه
يا فرحتي! للبحر أرجعُ ثانيًا
كيما ألبِّي المدَّ في طفَرَاته
هذا المزمجرُ، لست أَنكرُ صوتَه،
إنَّ الوضوحَ يشيعُ في نبراته
أَقْصَى مُنَاي لديه يومٌ عاصفٌ
يهفو رقيقُ الغيم في سُبُحاته
ورشاشُ موج مستطارٌ تحته
زَبَدٌ يفور الرَّغْوُ مِلءَ كراته
وضجيج زُمَّجِ مائه متخبطًا
بالموج وهو يثير من صرخاته
يا فرحتي! للبحر أَرجع ثانيًا
جَوَّابَ آفاق، غريبَ مسالكِ
أَطوي مسارحَ طيره ومسابحًا
للحوت عَبْرَ طريقي المتشابكِ
حيث الرياحُ كأَنما وخزاتها
حَدُّ المُدَى، وشبا الحسام الفاتكِ
أَقصى مُنَاي روايةٌ محبوكةٌ
من نسجِ قرصانٍ طروب ضاحكِ
ولذيذُ أحلامٍ وقد طابَ الكرى
وتزايلت صُوَرٌ هناك تواركي!!