الفصل الثاني

المشهد الأول

المسرح مُظلِم تمامًا وخالٍ.

يسقط ضوء خفيف على مُنتصف خشبة المسرح ويظهر طفل صغير جالس وحدَه في الظلام، يدُه ممدودة فارغة.

يبدأ الضوء يغمر المسرح تدريجيًّا، ويبدأ الناس المارَّة يملئون خشبة المسرح. الكل يجري بسرعة إلى عمله وحاله، لا أحد يرى الطفل الجالس بيدِه المَمدودة الفارغة. أحد المارة يُلقي في اليد الصغيرة الممدودة الفارغة قرشًا دون أن ينظر إلى الطفل ويُسرع في طريقه. الضوء يخفُت تدريجيًّا على المسرح، والناس تقلُّ تدريجيًّا حتى يُظلِم المسرح تمامًا ويخلو من المارَّة. لا يبقى إلَّا الطفل الصغير جالسًا مكانه ويدُه مَمدودة أمامه في الظلام.

المشهد الثاني

(الضوء القوي في حُجرة نومٍ فاخرة جدًّا، هي حجرة نوم د. فهيم وزوجته تفيدة.)

(د. فهيم بملابس البيت جالس إلى كرسي «فوتيل» يُدخِّن بكثرةٍ ويبدو عليه التفكير العميق والضِّيق. تفيدة جالسة على السرير بشعرِها الصناعي وملامحها المصنوعة وحركتها المصنوعة.)

(فهيم وحده يُمسك رأسه بيده يكلِّم نفسه.)

(يمسك رأسه.)

(ظلام.)

المشهد الثالث

(د. شرف الدين راقد على السرير بحُجرته بالمصنع يلفِظ أنفاسه الأخيرة وإلى جواره التمورجي.)

(شُهدِي يُحاول أن يُسعفه.)

(يُعطيه حقنة.)

(شُهدِي يجري كالملسوع ويأتي بالحُقنة، توفيق يغرزها في ذراع شرف الدين.)

(شُهدِي يجري ويأتي بحُقنة أخرى.)

(توفيق يلقي الحُقنة على الأرض فتنكسِر ويبكي.)

(شُهدِي يُغطِّي جسم شرف الدين الميِّت وهو ينظر إليه في ذهول وحزن شديدين.)

(شُهدِي يواسيه.)

المشهد الرابع

(شهدي راقد على الأرض في زنزانته. السجان يضربه السوط.)

(يستريح السجَّان قليلًا من الضرب، يُجفِّف عرقه يُمسك ذراعه الذي آلَمه من رفع السَّوط والضرب مدَّة طويلة.)

(السجان يبدأ بضربه مرة أخرى.)

(يستريح السجان قليلًا، يجفف عرقه، يُدلِّك ذراعه من التعب.)

(السجان يضربه بالسوط.)

(السجان يستريح ويبصق عليه ويتركه قليلًا.)

(السجان يلسعه بالسوط.)

(السجان يضربه بشدة.)

(ظلام.)

(يُسمع فقط صوت السوط وهو يضرب وصوت شُهدِي يئن بضَعف ويقول مُردِّدًا بصوتٍ خافت جدًّا: «فيه، فيه، فيه.» صوته يخفُت تدريجيًّا دون أن ينقطع.)

المشهد الخامس

(شُهدِي راقد في حالة سيئة على الأرض في الزنزانة السابقة، يفتح فمه بصعوبة ويقول بصوتٍ خافِت ضعيف جدًّا.)

(دكتورة نادرة واقفة إلى جواره تنظُر إليه في ألمٍ وذهول.)

(د. نادرة واقفة جامدة كالتمثال تنظُر حولها في ذهولٍ وألم وحُزن وغضب.)

المشهد السادس

(في مكتب د. فهيم الفاخر.)

(د. نادرة واقفة أمام د. فهيم. فهيم جالس يبدو عليه التَّعب والانكسار.)

المشهد السابع

(نفس المنظر السابق.)

(د. فهيم جالس، يقف أمامه د. توفيق.)

(د. توفيق يُمسك رأسه ويبكي بصوتٍ مكتوم.)

المشهد الأخير

(المسرح مُضاء جيِّدًا وخالٍ.)

(تدخُل من ناحية اليمين نادرة ومن خلفها يسير شُهدِي ثم شرف الدين ثم فهيم ثم توفيق ثم تفيدة ثم السجان ثم الوالي. يجتازون خشبته بهذا الترتيب؛ نادرة في المُقدِّمة والوالي في المؤخِّرة، حين تصِل تفيدة إلى مُنتصف المسرح يتقدَّم السجَّان خطوةً ويُمسك ذراعها ويسيران معًا. حين يصِل الوالي إلى منتصف خشبة المسرح يقِف ويستدير مُواجهًا الجمهور.)