«جون باري» والمغناطيس!
كانت هناك غواصة متوسطة الحجم، تنساب تحت الماء في هدوء. نظر الشياطين إلى بعضهم … إن ظهور مثل هذه الغواصة يعني أنهم أمام خصوم أقوياء. ويعني أنهم سوف يبدءون الصراع مبكرًا …
قال «أحمد»: إننا أمام مجموعة من الرجال مستعدة جيدًا. إن هذه الغواصة يمكن أن تنزل إلى الأعماق حتى مكان الكنز، ويمكن أن تتعامل معه، وتكون هي الأقدر على الاستيلاء عليه!
ابتسم «فهد» وقال: لا تنسَ أن اللنش الذي ننطلق به مجهَّزٌ لكل الاحتمالات، ونحن نستطيع الآن أن نتخلص من هذه الغواصة وببساطة!
نظر له الشياطين في دهشة، بينما أكمل «فهد» حديثه قائلًا: قرأتُ كلَّ التعليمات الخاصة بتجهيزات اللنش، وهي موجودة في كتيب صغير يمكن أن تُلقوا نظرة عليه!
ثم وضع أمامهم كتيبًا أزرق الغلاف، كتب عليه: دليل إمكانات السلاح. ثم أضاف «فهد»: إنهم يعتبرون اللنش أحد الأسلحة في الصراع؛ لأنه يقوم بأعمال متعددة، ويمكن أن يحسم أية معركة!
أمسك «أحمد» بالكتيب الأزرق، وبدأ يقرؤه بسرعة. كانت ابتسامة قد بدأَت تظهر على وجهه ثم أخذَت تتَّسع حتى ملأَت وجهه. في حين كان الشياطين يرقبونه ومن خلال ابتسامته العريضة فَهِموا أن إمكانات اللنش بلا حدود.
قال «باسم»: لقد فهمنا، لكننا نريد التفاصيل!
نظر له «أحمد» ثم قال: سوف تعرف ذلك عمليًّا!
وجَّه اللنش في اتجاه الغواصة.
فقال «بو عمير»: أفهم من ذلك أننا سوف ندخل الصراع مبكرًا.
قال «أحمد» وهو يبتسم: سوف ندخله، وسوف لا ندخله في الوقت نفسه!
كانت الإجابة لغزًا يحتاج إلى حلٍّ، ولم يكن الحلُّ يعرفه سوى اثنين فقط، «أحمد» و«فهد» اللذان قالَا: إن ما سوف يحدث الآن شيء مدهش حقيقة!
اقترب اللنش من الغواصة، في نفس اللحظة التي وضع «أحمد» أصبعَه فوق أحد الأزرار وانتظر. مرَّت دقيقتان، ثم ضغط الزر. في حين كان الشياطين يراقبون الغواصة من خلال الجدران الزجاجية المصفحة. ملأَت وجوهَهم الدهشةُ عندما شاهدوا الغواصة المندفعة في اتجاههم تتوقف فجأة …
قال «خالد»: هل تعطَّلَت؟!
ضحك «أحمد»، وهو يقول: بالتأكيد، وهذه هي التجربة العملية!
صمت لحظة ثم أضاف: أما التفاصيل التي تريدون معرفتها فقد ضغط على زرٍّ آخر، فانطلقَت أشعةٌ في اتجاه الغواصة، وأوقفَت محركاتها، قال «أحمد»: إنهم أيضًا لن يستطيعوا الخروج منها إلى الأبد. ما لم أَقُم بإرسال أشعة أخرى تُدير محركاتها!
سأل «باسم»: هل يعني هذا أنها لن تستطيع الطفو على السطح؟
ردَّ «أحمد»: نعم، فهي لا تستطيع أن تغوصَ أو تطفوَ إلا عن طريق المحركات، وما دامت المحركات قد توقَّفَت فإنها لن تتمكن من الحركة!
تجاوز اللنش الغواصة في طريقه إلى مكان الكنز. سجَّلَت الشاشة الإلكترونية هيكلًا ضخمًا كاد يغطي الشاشة.
فقال «فهد»: إنها السفينة «جون باري»!
أخذ يتحقق من التفاصيل، ثم قال: إنها ترقد على جانبها، وتبدو ألواح الصلب فيها وقد تآكلَت؛ فالهيكل يبدو منه جزء واضح تمامًا!
تساءل «بو عمير»: ما هي خطةُ تحرُّكِنا الآن؟
أجاب «أحمد»: علينا أن نغادر اللنش إلى «جون باري»، وأعتقد أن هناك مفاجآت سوف تظهر!
صمت لحظة ثم أضاف: ينبغي أن نحرص على الكرات الحمراء، فالمؤكد أن أسماك القرش سوف تكون حولنا وأيضًا قذائف الأعماق. إنها مغامرة مثيرة وجديدة وعلينا أن نفوز فيها!
قال «فهد»: إنني أقترح اقتراحًا أعتقد أنه سوف يُنهي الصراع سريعًا!
سأل «خالد»: ماذا تعني؟!
قال «فهد»: إننا نملك جهاز المغنطة، ونستطيع به أن نسيطرَ على الجميع. وأن نجعلهم مشدودين إلى «جون باري» دون حركة!
ابتسم «أحمد»، وقال: إنها فكرة جيدة؛ فجهاز المغنطة عندما يتم توصيله بهيكل السفينة، سوف يجعل الصلب ممغنطًا، وهذه المغناطيسية سوف تجذب إليها أيَّ نوع من المعادن، وبذلك سوف يلتصق مَن يقترب منها بهيكلها، فيبدو وكأنه مربوط بحبال فيها.
ثم نظر إلى «فهد»، وقال: هذه فكرة صائبة وجذابة، وسوف تقينا من طول الصراع. لكنه فجأة أضاف: إن هناك مهمة، فإذا اكتشفوا هذه المغناطيسية، فإنهم سوف يتعاملون معها خارج محيط المغناطيسية الذي يصنعه جهاز المغنطة، وهنا تكون خطتنا في جذبهم داخل المحيط، أقصد محيط المغنطة!
قال «خالد»: لهذا يجب ألَّا ينسى أحدٌ الجهاز المضاد، حتى لا نقع نحن الآخرين في الفخ، ونصبح أسرى للسفينة «جون باري».
توقَّف اللنش فجأة، فقال «فهد»: هذه هي نقطة النزول إلى الماء!
قال «أحمد»: إن «فهد» هو المسئول عن تثبيت جهاز المغنطة!
فجأة انفجر «باسم» في الضحك، مما أدهش الشياطين.
سأل «بو عمير»: ماذا هناك؟
قال «باسم» وهو يحاول أن يتماسك من شدة الضحك: إنني أتصورهم وقد جذبَتهم مغناطيسية «جون باري» فيندفعون إليها سعداء وهم يظنون أن الحظ يحالفهم، فإذا بهم يكتشفون أن الشياطين يسكنون السفينة، فيحاولون الفرار. لكن لا يستطيعون.
كان المنظر الذي تخيَّله «باسم» مثيرًا للضحك، حتى إن بقية الشياطين انفجروا هم الآخرون في الضحك، وعندما هدءوا، أخذوا طريقهم للخروج من اللنش لكن بطريقة خاصة.
خرج «أحمد» أولًا ثم تَبِعه «فهد»، ثم «خالد»، ثم «باسم» وأخيرًا «بو عمير». كانوا يسبحون في خط مستقيم بالترتيب نفسه حتى لا يتعرَّضوا لهجوم مفاجئ، أخذوا يسبحون في هدوء، بينما كانت الأسماك الصغيرة تدور حولهم، وكأنها تراقبهم، كان المنظر من الأعماق خلَّابًا تمامًا، حتى إن «فهد» أشار إشاراتٍ فَهِمها الشياطين، وكان معناها: إن الحياة هنا جميلة. اقتربوا من السفينة، التي كانت ترقد على جانبها، كما ظهر على الشاشة الإلكترونية في اللنش. وكان جزء كبير من ألواح الصلب قد تآكل بفعل الزمن الطويل والمياه المالحة. لم تكن تظهر أية أشياء منها. وأشار «باسم» أنهم أول مَن وصلوا.
لكن فجأة، ظهر قرشٌ ضخم من جوف السفينة، متجهًا إليهم، كانت مفاجأة لم يستطع «أحمد» أن يتصرف أمامها؛ فقد كان يقف في المقدمة، من نفس النقطة التي ظهرَت منها سمكة القرش، وعندما فتحَت السمكة فمَها لابتلاع «أحمد» كان «فهد» قد أسرع إليها. استلَّ خنجره وطعنها طعنة قوية في فكِّها الأسفل فسالَت دماؤها تُلوِّن المكان.
في نفس اللحظة التي أخرج فيها «باسم» كرة الدماء، وفجَّرها بعيدًا عنها، في حين كان «أحمد» قد غاص إلى مسافة كافية للبعد عنها، وكأن السمكة قد أصابها الجنون، فاندفعَت كالسهم في اتجاه كرة الدم، كان الشياطين يرقبونها مذهولين؛ فقد كانت اللحظة المفاجئة كفيلة بأن يضيع أحدهم على الأقل.
أشار «أحمد» ليقول: إن عليهم أن يكونوا أكثر حذرًا؛ فهم لم يكونوا يتصورون أن يفاجئهم هذا الوحش المائي. وما إن انتهى «أحمد» من إشاراته حتى لمح بطرف عينه مَن يتحرك في حذر. من جوف السفينة في الطريق إليه. أشار بيده إشاراتٍ فَهِمها الشياطين، وانتظر هو في حذر. في الوقت الذي ابتعد فيه الشياطين قليلًا. فجأة، ظهر رجلٌ يرفع يدَه بخنجر طويل يصوِّبه في اتجاه «أحمد». غاص «أحمد» في رشاقة متجهًا أسفل الرجل، الذي دار حول نفسه في رشاقة هو الآخر، وهو يطارد «أحمد» في نفس اللحظة، التي تحرَّك فيها «فهد» متجهًا ناحية أقدام الرجل ثم تعلَّق بها. إلا أن الرجل كان سريعَ الحركة، فتكوَّر حول نفسه وهو يصوِّب الخنجر إلى «فهد»، وكانت هذه فرصة «أحمد» ليُسرع بمدِّ سلك رفيع خاص. اشتبك بذراع الرجل وشلَّ حركته. وقبل أن يفكر في شيء، كان «أحمد» قد جذبه إليه بعنف، فاندفع في اتجاهه. في نفس اللحظة التي ضربه فيها «فهد» على يده، فأسقط الخنجر وتلقَّاه «أحمد» بضربة قوية، إلا أن الرجل استطاع أن يتفادى الضربة العنيفة. فَهِم «أحمد» بسرعة أنه محترفٌ يعرف كيف يدخل الصراع. انضم «فهد» بسرعة، وضرب الرجل بقدمه ضربةً قوية جعلَته يتلوَّى. لكن ذلك لم يدفعه للاستسلام؛ فقد تحمَّل الضربة واندفع مرة أخرى إلى «أحمد» الذي كان لا يزال يجذب السلك الرفيع إليه. فقد كان أقرب إليه من «فهد»، وسدَّد ضربة إلى «أحمد» الذي تلقَّاها بذكاء، فلم تؤثر فيه. لكنه التحمَ مع الرجل في محاولة لإجهاده، إلا أن الرجل كان قويًّا فاستطاع أن يُمسك ﺑ «أحمد» بقوة … شعر «أحمد» أنه يكاد يختنق، فاستجمع قوته. وضربَه ضربة سريعة، جعلَت الرجل يئنُّ. في اللحظة نفسها، كان «فهد» قد أسرع بتثبيت جهاز المغنطة في هيكل السفينة. وفجأة، كان الرجل يبتعد في سرعة عجيبة، حتى اصطدم بجانب السفينة «جون باري»، وقد أصبحَت في حراسة أمينة. بعد أن أصبحت المغناطيسية في كل أجزائها، وكان المنظر مضحكًا جدًّا عندما بدأ الشياطين يدخلون السفينة؛ فقد استطاعَت السفينة أن تصطاد عددًا آخر من الرجال!