الغواصة الأخيرة!
كان هناك لنشٌ صيفي يُشبه الغواصة يدخل في نطاق السفينة. في الوقت نفسه لم تكن المغنطة تؤثر فيه، فقال «أحمد» عن طريق الإشارة: هل اكتشف هؤلاء جهاز المغنطة؟ كيف؟ ومتى؟!
أشار «باسم» ليقول: ربما كان تصميم هذا اللنش ضد جاذبية المغنطة!
أضاف «خالد»: من الضروري أن يكون كذلك، وإلا فكيف يقتربون من «جون باري» دون أن يتأثروا بها؟
في نفس اللحظة كان «فهد» قد وصل … شرح له «أحمد» ما حدث، ثم قال في النهاية: إن الحل الوحيد هو استخدام لنش الشياطين، فهو مجهَّز بطريقة متقدمة عن أيِّ غواصة أو لنش آخر!
اتفق الشياطين على ذلك. أسرع «فهد» باستدعاء اللنش، الذي وصل في لحظات، ولم تكَد تمضي بضعُ ثوانٍ حتى كان الشياطين بداخله، جلس «خالد» إلى عجلة القيادة، واتجه إلى حيث «جون باري». في اللحظة نفسها، جلس الشياطين أمام الخريطة الإلكترونية يرقبون ما يظهر عليها.
قال «بو عمير»: إنهم سوف يرقبون «كنز الفضة»، لكنهم لن يستطيعوا الاقتراب منه ما لم يكونوا يحملون أجهزة أخرى ضد حالة المغناطيسية.
همس «أحمد»: هذه حقيقة، وسوف ترى.
مرَّت لحظات وظهرَت صورةٌ على الشاشة، كان منظرًا فريدًا؛ ففوق عدد من الصناديق كان يرقد «أخطبوط» ضخم، مدَّ ذراعَيه فوق الصناديق، وكأنه يجلس فوقها لحراستها.
ابتسم «خالد» وقال: إن هذه حراسة ممتازة!
وعلَّق «بو عمير»: يبدو أنه يتعامل مع الشياطين!
لكن «أحمد» قال بسرعة: إن الخلاص منه لا يمثل قضية مهمة، فمن الضروري أن يحمل لنشهم عددًا من الأسلحة التي يمكن أن تقضيَ على «الأخطبوط»!
كانت الصناديق مبعثرة في مساحة كبيرة، لكن «الأخطبوط» كان يرقد في منتصفها تمامًا، وكأنه مكلف فعلًا بحراستها. وكانت عدسات لنش الشياطين تمسح المنطقة، حتى وصلَت إلى اللنش الآخر، الذي كان له لون أبيض ناصع البياض، في نفس اللحظة، كان عددٌ من الضفادع البشرية يظهر من أسفله الواحد بعد الآخر، وعندما تحرَّك الرجال في اتجاه صناديق «الفضة»، كانت عدسات لنش الشياطين تنحرف إلى نفس الاتجاه. قال «باسم»: يبدو أنهم لم يكتشفوا «الأخطبوط»!
قال «فهد»: إن ذلك يعني أننا سوف نرى معركة شرسة!
ظلَّت الكاميرات تتابع رجال الضفادع، الذين كانوا يقتربون من مكان «الأخطبوط»، الذي لم يتحرك. فجأة، بدأَت أذرعه تتماوج، فتوقف الرجال. لكن «الأخطبوط» فجأةً تحرَّك بسرعة غريبة وامتدَّت أذرعُه إليهم وبدأت المعركة. وقع خمسة من الرجال في قبضته، بينما استطاع آخرون أن يُفلتوا. وبعنف كان «الأخطبوط» يضرب الرجال في أرض المحيط، وكأنه يدرك أنهم جاءوا من أجله، في الوقت نفسه وقف الآخرون بعيدًا، وبدءوا يستخدمون حِرابًا طويلة يُطلقونها ببراعة، فتصيب «الأخطبوط». وتلوَّنَت المياه باللون الأحمر، وكان هذا يعني أن «الأخطبوط» قد أُصيب، وربما الرجال الذين وقعوا في أذرعه، لكن فجأة ظهرَت أسماك القرش بأعداد غريبة، تهزُّ لنش الشياطين وهي متجهة إلى حيث وقعَت المعركة. واصطبغَت المياه باللون الأحمر حتى إن الشاشة الإلكترونية في لنش الشياطين لم تستطع أن تنقل تفاصيل كثيرة. وكان هذا يعني أن الإصابات عالية.
قال «باسم» فجأة: ينبغي أن نقوم بجولة بعيدة حتى تنتهيَ المعركة!
قال «بو عمير»: أعتقد أن بقاءَنا هنا له أكثر من فائدة؛ فنحن لن نحقِّق شيئًا من جولتنا، خصوصًا أن الصناديق تحت أعيننا. وهذا يعني أن «الكنز الفضي» تحت أيدينا!
ظل الشياطين في مكانهم، ومرَّ الوقت. كان لون المياه يعود تدريجيًّا إلى حالته الطبيعية … حتى عاد إلى حالته تمامًا، وظهرَت آثار المعركة، كان «الأخطبوط» قد فقد حياته. ولم يكن هناك شيء آخر. وكان هذا يعني أن أسماك القرش قد حقَّقَت أهدافها كاملة، فجأة، لمعَت في يمين الشاشة الإلكترونية علامةٌ خضراء، ظلَّت تتردَّد ثم جاء على الشاشة رسالة تقول: «نحن في الطريق إليكم!»
قال «فهد»: يبدو أن رقم «صفر» قد أصدر أوامره!
تساءل «باسم»: هل هي الشركات «الفرنسية» و«العمانية» أم أنها شيء آخر؟
قال «بو عمير»: أخشى أن تكون رسالة مزيفة!
قال «خالد»: لا أظن، فلا أحدَ يَصِل إلى رسائل الماء غيرنا!
قال «أحمد»: مَن يدري؟ فبعد ظهور اللنش الأبيض الذي له خاصية عدم التأثر بالمغنطة قد تكون هناك أشياء أخرى!
كانت هذه مسألة محيرة؛ فإذا كان هذا صحيحًا، فإن المسألة تصبح صعبة، ويصبح الشياطين في مأزق.
قال «باسم» فجأة: لماذا لا نُرسل لهم رسالة شفرية؟ فإذا ردُّوا عليها، نتأكد أنهم جاءوا عن طريق الزعيم، وإذا فشلوا نكون قد اكتشفنا الحقيقة!
كانت الفكرة صائبة فعلًا، وأضاف «باسم»: أيضًا يجب أن نُرسل الرسالة ونحدِّد مكانًا مختلفًا عن مكاننا!
قال «فهد»: بل نُرسل مكاننا بلغة الشفرة. فإن ظهروا أمامنا سوف نعرفهم!
بدأ «أحمد» في كتابة الرسالة الشفرية. وكانت: ««٢٥ – ٦ – ٢٥»، وقفة «٢٠ – ٢٩»، وقفة «١ – ٢٨ – ٢٥ – ٣ – ١٧ – ١ – ١٠»، وقفة «١ – ٢٣ – ٢١» انتهى.»
أرسل «أحمد» الرسالة. وانتظروا، كانوا يتوقعون الردَّ بين لحظة وأخرى، لكن الرد لم يأتِ سريعًا.
قال «خالد»: أظن أنهم وقعوا في ورطة!
أضاف «بو عمير»: لعلهم يحلون الشفرة!
قال «باسم»: أو يرسلونها إلى عميل رقم «صفر» الذي يُرسلها بدوره إلى المقر السري، وهذا سوف يستغرق بعض الوقت!
قال «أحمد»: أقترح أن نغيِّر مكاننا، حتى لا نُفاجأ بهم!
تحرَّك «خالد» باللنش إلى مكان آخر. في نفس اللحظة، كانوا يحافظون على جعل «الكنز الفضي» واضحًا أمامهم على الشاشة. ومع حركتهم كانوا ينتظرون وصولَ الرد، كان القلق باديًا على الشياطين، فتأخر بعض الوقت، كان يعني أن الرسالة يمكن أن تكون مزيفة. وأنها مجرد اختبار قد يكشفهم. فجأة. ظهرَت رسالة شفرية على الشاشة. اهتم الشياطين بالرسالة، وبدأ «أحمد» يترجمها، لكن وجهه كان يبدو عليه القلق. كانت الرسالة: ««١٥ – ١٢ – ١٠ – ٣»، وقفة «٢ – ٦ – ٤»، وقفة «٥ – ٢٠ – ١٥ – ٧» انتهى.»
ترجم «أحمد» الرسالة كاملة، وقال في دهشة: ماذا تعني؟!
قال «بو عمير»: إنها لا تعني شيئًا!
وأضاف «باسم»: إنها مجرد أرقام، ترجمتُها لا تعني أيَّ معنى. فماذا نفهم من كلمات «حنسرت بحت جفضنح»، إنها كلمات لا تعني شيئا … وهذا يعني أنهم لا يعرفون الشفرة. ولم يتمَّ اتصال بينهم وبين عميل رقم «صفر»، أو رقم «صفر» نفسه …
قال «خالد»: لقد تصرَّفنا التصرُّفَ الصحيح، عندما غيَّرنا مكاننا! …
كان «أحمد» يفكر في طريقة يمكن بها العثور على هذه الغواصة التي أرسلَت هذه الرسالة الغريبة، فجأة قال: ما رأيكم لو اتجهنا إلى هذه الغواصة. إننا نستطيع أن نضللها خاصة أنها تقترب الآن من «الكنز الفضي»، ونستطيع أن نضيع بعض الوقت حتى وصول مَن ننتظره!
ناقش الشياطين هذا الرأي، ووافقوا عليه، وبسرعة كان «خالد» يضغط زرًّا في تابلوه اللنش، فانطلقَت أشعة غير مرئية، ارتدَّت بعد قليل. وسجَّلَت الشاشة مسافة نصف كيلومتر … في اتجاه الشمال الشرقي.
غيَّر «خالد» اتجاهَ اللنش في نفس الاتجاه الذي حدَّدَته الأشعة ثم رفع السرعة، ولم تمضِ دقائق حتى ظهرَت على الشاشة غواصةٌ صغيرة تقترب، أرسل لها رسالة سريعة تقول: إن عليها أن تَتْبعَهم، لكن الغواصة رددت تقول: إن الاتجاه هكذا يصبح غير صحيح.
قال «أحمد»: ينبغي أن نتخلص منها!
ثم أضاف: علينا باستخدام قنابل الأعماق.
ردَّ «باسم»: لماذا؟ إننا نستطيع أن نُوقف أجهزتها، فتظل هكذا عائمة حتى يتم القبض عليها.
كانت هذه هي الفكرة الصائبة. ضغط «خالد» زرًّا في التابلوه، فانطلقَت أشعة غير مرئية في اتجاه الغواصة. في نفس الوقت كانت أجهزة التصنت التي تكشف الأصوات تحت الماء قد توقفت، بعد أن توقفت أجهزة الغواصة.
قال «خالد»: لقد توقفتِ الأجهزةُ فعلًا.
فجأة سجلت الشاشة رسالة شفرية، قرأها «أحمد» بسرعة، وهو يترجمها، فعرف أنها الجهات الرسمية التي ستقوم بانتشال الكنز. أسرع يُرسل الرد، ليحدِّد فيه المكان والزاوية، ويقدِّم تقريرًا كاملًا عمَّا يدور تحت الماء. وجاءه الردُّ بأن رقم «صفر» يُرسل لكم التحية. وكانت هذه علامة كافية.
قال «خالد»: الآن، نستطيع العودة!
قال «فهد»: أعرف أن هناك مغامرة جديدة في انتظارنا!
أرسل «أحمد» رسالة تحية وهو يحدِّد مكان جهاز المغنطة، ويعرض عليهم أيَّ مساعدة يريدونها، فجاء الرد يقول: إنهم مستعدون لكلِّ شيء، ولا يملكون لهم إلا الشكر. رفع «أحمد» من سرعة اللنش. ولم تمضِ سوى دقيقتين حتى كانت الغواصة العاطلة أمامهم.
قال «خالد»: إننا نستطيع أن نجذبَها خلفنا إلى مسافة بعيدة، عن طريق جهاز في اللنش وضغط زرًّا، فانطلقَت أشعة، أمسكَت في معدن الغواصة، وجذبَتها في اتجاه اللنش فظلَّت مربوطة به. وعندما ارتفع اللنش إلى خمسة آلاف قدم، ضغط «خالد» الزرَّ نفسه فتوقَّفَت الأشعة. وظلت الغواصة معلَّقة في الماء، بينما أخذ الشياطين طريقَهم إلى السطح، بعد أن حققوا مغامرتهم بنجاح.