المَلامَتيَّة والصُّوفيَّة وأهل الفُتُوَّة
في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري — ذلك القرن الذي ازدهر فيه التصوُّف الإسلامي، وامتاز بالوَرع والتقوى الصادقَين — ظهرت بمدينة «نيسابور» في «خُراسان» فِرقةٌ من فِرَق الصوفية أُطلِق عليها «المَلامَتِيَّة» أو «المَلامِيَّة»، واختارت هذا الاسمَ لما يَتضمنه من معنًى عميق، مُشتقٍ من المَلامة واللَّوم والنفس اللائمة لصاحبها دائمًا، المُؤنِّبة والمُحاسِبة له على كل ما يَصدر منه، كما يُبرِز الاسمُ أيضًا معنى الجهاد بالمفهوم الصوفي أو المَلامَتي، وهو جهاد النفس ولَومها ونَهيُها عن الخوض في باطل. يتناول هذا الكتاب مذهب «المَلامَتِيَّة» ونشأته وتاريخه، والصلة بين تعاليمه وتعاليم الصوفية، كما يَذكر النصف الثاني من الكتاب «رسالة المَلامَتِيَّة» وشرحها، ونبذةً عن مؤلِّفها «أبي عبد الرحمن السلمي» ومنزلته وقتئذٍ.