مفاجأة … بحر الرمال!
انتظر الشَّياطين عدة دقائق، لكنَّ أحدًا لم يظهر. كانت سحابة الرمال لا تزال تُغطي المكان. لكن الشَّياطين كانوا يراقبون المنطقة كلها. مضَت دقائق أخرى، ثم أخذت سحابة الرمال تنقشع، وكانت دهشة الشَّياطين. أنَّ أحدًا لم يكن موجودًا … في نفس الوقت الذي كانت فيه السيارة مقلوبةً على جانبها.
فجأة، تردَّدت أصوات طلقات الرصاص في اتجاههم. وبسرعة، انبطحوا أرضًا، وهم يحتمون بالسيارة، إلا أنَّ طلقة واحدة لم تصطدم بالسيارة المقلوبة. هذه المسألة لفتَت نظر الشَّياطين … فهمس «عثمان»: أظن أنَّهم حريصون على استخدام السيارة مرة أخرى!
تساءل «بو عمير»: إنَّ إطار السيارة قد انفجر!
ردَّ «عثمان»: ربما يكون من النوع الذي يُعيد إصلاح نفسه مرة أخرى.
فجأة قال «أحمد»: ينبغي أن نتحرَّك بسرعة، فالوقت هكذا سوف يكون في صالحهم!
ثم أضاف بعد لحظة: إنَّهم الآن يتحصَّنون بالجبل، ولا بد أن نشتبك معهم، سوف أقوم بعملية التفاف أنا و«عثمان»، وعليكما أن تتعاملا معهم، حتى يظنوا أننا لا نزال في أماكننا!
انسحب الاثنان في هدوء … وقال «أحمد»: سوف ندور دورة واسعة حولهم، ثم نُفاجئهم، وهذا يَستدعي استخدام الموتوسيكلات!
وبسرعة، كانا يأخذان طريقهما إلى حيث تقف الموتوسيكلات خلف صخرة، وبرشاقة، كانا يدوران حول الجبل. فجأة، بدأت عجلات موتوسيكل «أحمد» تتحرك بصعوبة، في حين كان «عثمان» يتبعه على مسافة أمتار قليلة … وأخذت عجلات الموتوسيكل تغوص في الرمال. توقف بسرعة، وبدأ ينتظر، كانت العجلات تغوص أكثر. تذكَّر «أحمد» بحر الرمال، وتذكر «الرمال الخادعة»!
فجأة قال «عثمان»: إنَّ الموتوسيكل يغوص في الرمال!
فكَّر «أحمد» بسرعة، بينما كانت الرمال قد بدأت تُلامس قدميه: هل يقفز؟ … لكنَّه تراجع، فقد يغوص هو نفسه في الرمال.
قال ﻟ «عثمان»، الذي كان بعيدًا عنه قليلًا: لا تتقدَّم، يبدو أننا وقعنا في مصيدة طبيعية، ما لم تكن مصيدة مصطَنعة فعلتها العصابة!
كانت الرمال قد ارتفعت أكثر. أسرع بإخراج أحد الحبال الطويلة، ثم قفز في رشاقة واقفًا فوق الموتوسيكل، كان الحبل ينتهي بخطاف قوي. أدار الحبل في الهواء بقوة، ثم قذفه في اتجاه الجبل، فتعلق بإحدى الصخور. جذبه بقوة، حتى تأكَّد وعرف أنَّه قد تعلَّق بطريقة جيدة. أسرع يربط طرف الحبل في الموتوسيكل، حتى لا يستمر في الغوص في بحر الرمال.
كان «عثمان» يراقب ما يفعله «أحمد». فمدَّ طرف الحبل الذي في يدِه، إلى «أحمد» الذي ربطه في الحبل الأول. أصبح عليهما الآن أن يخرجا، ويتركا الموتوسيكلين، حتى يعودا لهما؛ فالوقت يمر. فجأة استقبل جهاز الإرسال رسالة وكانت من الشَّياطين، كانت الرسالة تقول: ماذا حدث؟ لقد تأخرتُما!
لكن «أحمد» لم يستطع الرد؛ فقد كان عليه أن ينجو أولًا من مصيدة الرمال التي وقعا فيها. قال ﻟ «عثمان»: سوف نمشي فوق الرمال، معتمدين على الحبل المشدود، حتى يخف وزننا، ولا نغوص في الرمال.
ثم أضاف بسرعة: إنَّ السرعة ضرورية، حتى لا تغرز قدماك في الرمال!
وفي رشاقة، بدآ يجريان فوق الرمال الناعمة، وهما يتعلقان بالحبل. كانت الموتوسيكلات قد توقَّف غوصها في الرمال، بعد أن أصبح الحبل هو الذي يربطها، لكن فجأة، كاد الموقف أن يفلت منهما. فقد ظهر عند حافة الجبل رجلان. كان كلٌّ منهما يمسك ببندقية. وفي أقل من ثانية، كان «أحمد» قد أخرج مسدَّسه، وكانت به طلقات مطاطية، وأطلق طلقتَين متتاليتين على الرجلين، فسقطا في الحال.
قال ﻟ «عثمان»، وهو يبتسم: إنَّ طلقات المطاط تُعطي أثرًا جيدًا؛ فهي لا تُحدث صوتًا، وإصابتها ليست عنيفة …
قال «عثمان»: هذه أول مرة نُجرِّب فيها طلقات المطاط!
كانا لا يزالان يقفزان برشاقة فوق الرمال الناعمة … حتى وصلا إلى منطقة الأمان … قال «عثمان»: هل نترك الموتوسيكلين؟
ردَّ «أحمد»: إنَّ إعادتهما الآن سوف تحتاج لوقت، ونحن لا نملك سوى دقائق، ولا تنس أنَّ هناك طائرةً يمكن أن تَطير في أي لحظة.
قفزا بسرعة، في اتجاه الجبل، حتى وصلا إليه. نظر «أحمد» إلى أعلى. كانت قمة الجبل بعيدة. قال «عثمان»: نحن لا نحتاج الوصول إلى القمة، سوف ندور عند قاعدة الجبل، حتى يظهروا لنا، ثم نصعد قليلًا لنكون فوقهم!
ردَّ «أحمد»: هذه فكرة جيدة!
وبسرعة الريح، كانا يجريان. لكن فجأة، ظهر عدد من الرجال، يحتمون بصخرة. أمسك «أحمد» يد عثمان، فلم يكن «عثمان» قد رآهم. ولذلك فقد نظَر إلى «أحمد» نظرة تساؤل. أشار «أحمد» في اتجاه الرجال.
همس «عثمان»: لا بدَّ أن نصعد قليلًا حتى نفاجئهم!
وبرشاقة، قفزا بين الصخور، يصعدان الجبل لعدة أمتار، ثم تقدما. كان الرجال يقفون، وفي يد كلٍّ منهم مسدَّسه.
نظر «أحمد» إلى «عثمان»، ثم همس: إنَّ المفاجأة سوف تُعطينا الفرصة للتغلب عليهم.
تحفزا … ثم أشار «أحمد» إشارة، وقفزا معًا فوق الرجال، كانت المُفاجأة عاملًا مساعدًا مهمًّا لهما. فقد سقطا فوقهم، وكأن صخرة قد انهارت فوق الرجال فجأة. وقبل أن يفيق الرجال من المفاجأة، كان «عثمان» و«أحمد» قد قفزا في الهواء. واشتبك كلٌّ منهما مع عدد منهم.
ضرب «أحمد» اثنين بقدميه، بينما كانت ذراعاه تَضربان آخرين، فاصطدم الأربعة ببعضهم. وفعل «عثمان» نفس الشيء … ولم يعطيا للرجال فرصة، ليفعلوا أي حركة، إلا أنَّ أحد الرجال استطاع أن يفلت من ضربة مستقيمة ﻟ «أحمد»، ثم وجه ضربة خطافية ﻟ «أحمد» الذي كان مُشتبكًا مع اثنين. كانت الضربة عنيفة، أطاحت ﺑ «أحمد» بعيدًا، وكانت فرصة، ليجد الرجال لحظة للاشتباك، إلا أنَّ طلقات الرصاص خرجت سريعًا من مسدس «أحمد» … فتساقطوا الواحد بعد الآخر، حتى إنَّ «عثمان» وقف مذهولًا لتصرُّف «أحمد» السريع، ثم رفع إصبعين علامة النصر، وبسرعة كانا يقفزان إلى النقطة المحددة، غير أنَّ «عثمان» قال: إننا لا نسمع صوت طلقات الرصاص، وقد يكون هؤلاء الرجال هم أنفسهم الذين كانوا في السيارة!
فكَّر «أحمد» لحظة، ثم قال: قد يكون صحيحًا ما قلته، لكن هذا لا يجعلنا نتوقف، فمن يدري … ربما يكون هناك آخرون!
وبسرعة، صعدا الجبل لعدة أمتار، ثم أسرعا بين الصخور، يقفزان في رشاقة. مرة بعد أخرى، سجل جهاز الاستقبال رسالة تقول: انسحب بعض الرجال في اتجاهكم، ما هي الأخبار عندكم؟
لم يرد «أحمد» مباشرة … انتظر حتى ظهرت السيارة، وهمَس: إن كان هناك أحد، فسوف يكون أسفل منَّا تمامًا!
فجأة، دوَّت طلقة رصاص، اصطدمت بالصخرة التي يقف فوقها «أحمد»، فأسرع بالاختفاء خلفها. وأسرع «عثمان» يفعل نفس الشيء. رنَّت طلقة أخرى، فقال «أحمد»: لقد اكتشفوا وجودنا!
فكَّر قليلًا، ثم قال: لا بأس، إنَّ دخول هذه المعركة أمرٌ ضروريٌّ!
ظلَّا مختبئين لعدة دقائق. كان «أحمد» يفكر: إنَّ الطائرة الآن هي المسألة المهمة، وهي يمكن أن تطير فجأة، ولو حدث هذا، فإنَّ المغامرة تكون قد فقدت هدفها!
أسرع «أحمد» يرسل رسالة إلى «باسم» و«بو عمير». قال في الرسالة: اتجها إلى الطائرة، وامنعاها من الطيران، حتى لو فجرتما إطاراتها.
انتظر لحظة، وجاءه الرد: عليكما برجال العصابة، إنَّهم يَحتمُون عند النقطة «ص» أمام النقطة «س».
نقل «أحمد» الرسالة إلى «عثمان»، الذي قال: عليهما أن يسرعا، حتى لا نفقد كل ما فعلناه!
ردَّ «أحمد» برسالة ثانية. يقول لهما بضرورة الإسراع والوصول إلى الطائرة. في نفس الوقت، كان يفكر في طريقة للخروج من هذا المخبأ، فهما لا يستطيعان البقاء هكذا لفترة أطول.
همس ﻟ «عثمان»: سوف نضع بعض كرات الدخان، ثم ننسحب إلى نقطة «ص»، حيث يقف رجال العصابة!
أخرج عدة كرات، ثم وضعها على الأرض، وانسحب، وخلفه «عثمان». لم تمض لحظات، حتى انهالت طلقات الرصاص على منطقة الدخان، الذي بدأ يرتفع في الجو الساكن، فيبدو وكأن حريقًا على وشك الاشتعال. نظر «عثمان» إلى «أحمد»، وابتسم …
همس «أحمد»: يبدو أنَّهم يظنون أننا سوف نفجر الجبل!
وصلا إلى فوق نقطة «ص». نظر «أحمد» إلى أسفل، فلم ير شيئًا. همس «عثمان»: يبدو أنَّ وجهة نظرك صحيحة!
لكن، فجأة، سمعا صوتًا يقول: لقد تأخَّرَت الطائرة يا سيد «فالدي»!
وجاء صوت «فالدي» يقول: إنَّ الغبيَّ «رومر»، هو الذي أفسد الجهاز الجديد، ولو أنَّه لم يعبث به، لكنَّا قد استطعنا الطيران بالطائرة وأنهينا المهمة!
لمعت عينا «أحمد»، وهمس: لقد أفسدوا خطتهم بأنفسهم.
ابتسم «عثمان»، وهو يقول: ينبغي أن نشكرهم على غباء السيد «رومر»!
فجأة، قال الصوت الأول: إنَّه يحاول إصلاحه يا سيدي!
صاح فيه «فالدي»: كيف يستطيع؟ إذا كنت أنا قد فشلت! ولم ينطق أحد آخر. همس «أحمد»: يبدو أنَّهم يختفون في إحدى المغارات!
فقال «عثمان»: إنَّ كرات الدخان يُمكِن أن تخرجهم إلينا!
وفي هدوء، نزل الاثنان، ظلَّا يقتربان، حتى سُمع أنفاس الرجال وهي تردَّد في الصمت. وفي هدوء، دحرج «أحمد» كرات الدخان في اتجاه مصدر الصوت، ثم انتظر. وفجأة، ظهر ما لم يكن يتوقَّعُونه.