خاتمة

بدا المرشد السياحي الإيراني المرافق لي مرهقًا وسعيدًا في آنٍ واحد عندما قابلته في البهو الذي تغير لون جدرانه لفندق لاله بطهران. وعلت وجهه ابتسامة تآمرية. لقد أخبرني بلهجة المنتصر: «صنعت معجزة من أجلك. سوف نذهب إلى أحمد آباد!»

كنت قد جئت إلى إيران بحثًا عن آثار محمد مصدق، ولم تكن الرحلة سهلة الترتيب. فعندما قابلت أحد الدبلوماسيين الإيرانيين في نيويورك كي أقدم طلبًا للحصول على تأشيرة، أخبرني أن مشروعي يبدو مثيرًا للاهتمام، ولكن يجب أن تراجعه السلطات الإسلامية بطهران. وعلى مدار الشهور التالية أخذت أتصل به كل يوم تقريبًا، ولكن لم يكن لديه أي أخبار جديدة. وفي نهاية الأمر توصلت إلى أن هذا الطريق لن يؤدي بي إلى شيء. كنت أرغب في أن أكون موجودًا في إيران في الذكرى التاسعة والأربعين لانقلاب ١٩٥٣، ولكنه اعترف بأن هذا الاحتمال يبدو ضعيفًا.

فاقترحت قائلًا: «ربما عليَّ أن أقدم طلبًا للحصول على تأشيرة سياحية.»

أجاب: «يمكنك المحاولة.»

لم تكن لهجته مشجعة، ولكنني حملت كلامه على ظاهره. وعثرت على وكيلة سفر متخصصة في تنظيم رحلات إلى البلاد الغريبة. وبعد مرور أسبوعين حصلت بفضل مساعدتها على تأشيرة السفر.

وأثناء الرحلة الطويلة على الخطوط الجوية التركية عبر المحيط الأطلنطي ثم إلى طهران تساءلت عما ينتظرني. وكان أول انطباع لي أنني شخص غير مرحب بوجوده عندما كنت أقيد اسمي في فندق لاله، وهو أحد أكبر الفنادق بالمدينة. لم يكن قد مر عام على الهجمات الإرهابية التي وقعت في الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بنيويورك، أعطاني موظف الاستقبال مفتاح الغرفة رقم ٩١١. ورغم اعتراضي على تلك الغرفة هز الموظف كتفيه بلا مبالاة وأخبرني بأن تلك هي الغرفة التي خُصصت لي.

وبعد بضع ساعات رن جرس الهاتف. كنت قد طلبت من صديقة إيرانية أن تحاول العثور على أشخاص يعرفون مصدق أو ينتمون إلى الجبهة الوطنية، وكانت مصرة على أن أقابلها في الحال. وعندما وصلتُ أخبرتني بأن أحد المسئولين الحكوميين قد وجه لها تحذيرًا قاسيًا. فقد أخبرها بأنها ممنوعة من الاتصال بأي شخص من أجلي، وأنني إذا قابلت أي أحد فسوف أطرد من البلاد على الفور. وماذا عن خططنا للسفر إلى أحمد آباد في ذكرى انقلاب ١٩ أغسطس؟

قالت: «لا يمكنني الذهاب معك. فهم يرفضون أن أتعاون معك على الإطلاق.»

كانت بضعة أيام لا تزال تفصلنا عن الذكرى السنوية. ولم يكن في طهران الكثير من وسائل التسلية، وكنت قد ذكرت في طلب الحصول على التأشيرة أنني أرغب في زيارة أصفهان التي زرتها من قبل في رحلة سابقة. وقضيت عدة أيام هناك منبهرًا بالقصور والمساجد الرائعة المكسوة بالقرميد بنفس الدرجة التي شعرت بها من قبل. وفي رحلة العودة إلى طهران جلست بجوار رجل أعمال متوسط العمر كان ككل من قابلتهم في طهران كارهًا لنظام الحكم الإسلامي ومعجبًا بالأمريكيين. وبالطبع فقد توجهت إليه بالسؤال حول موضوعي المفضل.

تجرأت وسألته: «أعتقد أنك صغير السن حتى إنك لا تستطيع تذكُّر مصدق. ولكن ما الذي سمعته عنه؟ هل لديك أي معرفة به؟»

صمت الرجل لحظة كي يفكر. لم يكن الحديث عن مصدق ممنوعًا في إيران. ولم يكن الإيرانيون على استعداد لأن يلتزموا بذلك الأمر إن وجد. ولكن على مدار خمسة عقود فيما عدا العامين التاليين للثورة الإسلامية التي وقعت عام ١٩٧٩، ظل يصوَّر على أنه شخص مريب وعلى الأرجح خائن.

قال صديقي الجديد: «لا أعلم عنه الكثير. لقد أمم صناعة النفط الإيرانية. ولكن ما يميزه حقًّا هو أنه رمز للحرية. ففي عصره كانت هناك حرية الرأي والتعبير، وكانت الانتخابات حرة، وكان الناس أحرارًا فيما يفعلونه. وهو يذكرنا بوجود عصر سابق في إيران كانت تتمتع فيه بالديمقراطية. ولذلك تخشاه الحكومة الحالية.»

عندما عدت إلى فندق لاله خُصصت لي نفس الغرفة رقم ٩١١. ولم يُسَرَّ المرشد السياحي — يتعين على كل سائح أمريكي في إيران أن يتنقل بصحبة مرشد سياحي — عندما علم أني أرغب في زيارة منزل مصدق بأحمد آباد. كنت قد خططت لركوب سيارة أجرة والذهاب إلى هناك، ولكن المرشد أخبرني بأن ذلك مستحيل. وفاجأني ذلك، حيث إن أحمد آباد قرية زراعية بعيدة عن أي قواعد عسكرية أو منشآت سرية. ولكنها لا تزال مرتبطة بطريقة معقدة بالرجل الذي قضى فيها أحد عشر عامًا سجينًا وكان أشهر مواطنيها على الإطلاق.

كان اليوم الثامن عشر من أغسطس، أي الليلة السابقة للذكرى السنوية للانقلاب، عندما حمل المرشد إليَّ أنباء سارة حول المعجزة التي تمكن من تحقيقها. وسألته لماذا التخطيط لرحلة بريئة كهذه بتلك الصعوبة؟ أدركت من تعبيرات وجهه أنني لو كنت أفهم إيران جيدًا لما سألت هذا السؤال الأحمق.

قال لي موضحًا: «هناك ثلاثة أسباب تجعله صعبًا. أولها: أنه ليس موقعًا سياحيًّا معتادًا. ولا يوجد في أي برنامج سياحي. فوزارة السياحة تمتلك قائمة بالأماكن التي يمكن للسائحين زيارتها، وعليك الالتزام بتلك الأماكن. فلا يوجد سائح يذهب إلى أحمد آباد! وثانيًا: أنت لم تضع أحمد آباد على قائمة الأماكن التي ترغب في زيارتها عندما قدمت طلبًا للحصول على تأشيرة سياحية. فوضعنا لك برنامجًا سياحيًّا بناء على رغباتك التي أبديتها، وحصل ذلك البرنامج على موافقة الوزارة. ولذلك عليك الالتزام به. وثالثًا: ليس لديك تأشيرة مناسبة لزيارة مثل هذا المكان. فلو كنت تحمل تأشيرة صحفي يمكنك السفر إلى أي مكان، ولكن التأشيرة السياحية لا تمكنك من ذلك. الأمر كله عسير ومعقد. ويلزم اللجوء إلى وسائل كثيرة.»

ويبدو أن المرشد لاحظ تجهمي الشديد، فبعد السلسلة الطويلة من المشكلات التي سردها أضاف مترددًا: «أنت لا تدين لي بأي شيء. فقد كنت سأفعل ذلك من أجل أي سائح آخر.»

•••

تقع أحمد آباد على بعد ساعة بالسيارة من طهران. ومعظم المسافة طريق سريع، وبعد انتهائه يمر الزائرون بعدد من المصانع الصغيرة وعبر حقول الشعير وبنجر السكر. ولا توجد لافتات تشير إلى الطريق ولا أي علامات على مدخل القرية. ولم يكن هناك سوى كشك صغير يبيع الحلوى. وعند وصولي وجدت صبيين جالسين في الظل أمام الكشك.

فطلبت من المرشد أن يسألهما هل يعرفان مصدق. وقد فعل، فابتسم الصبيان وهما يهزان رأسيهما كما لو كانا يرياننا اثنين من الحمقى.

أجاب أحدهما: «إنه مؤمم صناعة النفط!» وضحك الآخر. فشعرت بالإعجاب بهذين الصبيين.

ينتهي الطريق في أحمد آباد عند بوابة مجمع محاط بسور عالٍ من الطوب. ولا يوجد اسم على البوابة، ولكنني عندما ألقيت نظرة سريعة حولي تأكدت أنه لا يوجد مكان آخر في المدينة كلها بمثل تلك المهابة. ومن المؤكد أنه منزل مصدق، فقرعت الجرس وانتظرت.

انتظرت دقيقتين حتى فتحت امرأة شابة البوابة. وسرنا عبر ممر للمشاة يمتد طوله أكثر من سبعين مترًا تحفُّه من الجانبين أشجار الدردار الضخمة. ومن خلال الأشجار كان باستطاعتنا رؤية منزل أنيق مكون من طابقين مبني بالطوب به إطارات خضراء حول الأبواب والنوافذ.

لم يغادر مصدق هذا المجمع قط لأكثر من عشر سنوات. هذا مع أنه كان بإمكانه الخروج، وذلك لأن الحكم الصادر ضده كان بتحديد إقامته في القرية وليس في المجمع. ولكن رجال الشرطة كانوا قد أعطوا أوامر باتباعه ومراقبته في حالة تجاوزه أسوار المجمع. ولذلك فقد فضل الوحدة على صحبتهم.

كان المجمع مكانًا لطيفًا يحتوي على ممرات بين الحدائق والتعريشات، وكان المنزل مريحًا رغم أنه لم يكن فاخرًا. لم يكن مصدق عاطلًا في فترة حبسه الطويلة هنا. بل كان يشرف على مائتين من الفلاحين الذين يعملون في الحقول المجاورة، حيث كان يدربهم على استخدام معدات الزراعة الحديثة، بل إنه ربح جائزة في الزراعة لتقديمه خطة لزيادة إنتاج بنجر السكر. كان أفراد عائلته غالبًا ما يعملون بالمحاماة والطب، وحيث إنه درس كل ما يمكنه دراسته عن القانون فقد كرس نفسه لدراسة الطب. فأخذ يقرأ الكتب الطبية ويغلي جذور النباتات المحلية كي يصنع دواء للملاريا. وكان يعالج المرضى من الفلاحين. وأما من كانوا يعانون أمراضًا خطيرة فكان يرسل معهم رسالة إلى مستشفى نجمية في طهران التي أسستها والدته كي يتلقوا العلاج هناك. وكان الكثير من الناس يشتكون إليه من مشكلاتهم الصغيرة ويجدونه دائمًا كريمًا مهتمًّا لأمرهم.

وأثناء ساعات الوحدة الطويلة كان مصدق يقضي الكثير من الوقت في مكتبته بالطابق العلوي. كان يقرأ في الموضوعات التي طالما اهتم بها مثل الفلسفة الإسلامية وأعمال واضعي النظريات السياسية مثل مونتسكيو وروسو، واكتسب اهتمامات جديدة مثل الطهي. فقد امتنع تمامًا عن تناول الأطعمة المقلية واستبدل بها الأطعمة المسلوقة أو المطهوة بالبخار. وكان أحد كتبه المفضلة الذي لا يزال في مكتبته هو موسوعة «لاروس في فن الأكل».

ولكن فيما يتعلق بشخص عاش بين جدران ذلك المجمع فترة طويلة كهذه، لا بد أن هذا المجمع اكتسب طابع السجن. فخلال الأعوام التي قضاها هناك كان غالبًا معتل الصحة ويعاني نوبات متكررة من القرح النزفية والعديد من الأمراض الأخرى. وذكر أقاربه الذين كانوا يزورونه أنه كان يبدو محبطًا يائسًا واهن العزيمة. لم يكن حزينًا لضياع سلطته، ولكنه كان حزينًا لتحطم أحلامه من أجل إيران. ولم يكن بوسع أي نشاط يؤديه في أحمد آباد أن يرفع من روحه المعنوية.

كتب في مذكراته: «إنني فعليًّا في السجن. إنني مسجون في هذه القرية محروم من ممارسة حريتي الشخصية، وأتمنى أن تحين ساعتي قريبًا كي أرتاح من وجودي في الحياة.»

ذكرت لنا الحارسة التي رافقتنا إلى مجمع مصدق أن الزائرين يأتون إلى هنا بانتظام وخاصة في العطلات الأسبوعية. ولكن في ذلك اليوم الذي يوافق الذكرى السنوية التاسعة والأربعين للانقلاب الذي أسقط حكومة مصدق في التاسع عشر من أغسطس ١٩٥٣ لم يكن هناك أحد سوانا. وكنت قد قطعت نصف الكرة الأرضية كي آتي إلى هذا المكان.

•••

عبر مصدق في وصيته عن رغبته في أن يدفن في مقبرة ابن بابويه بطهران بجوار قبور من ماتوا وهم يدافعون عن حكومته أثناء الاشتباكات التي وقعت في يوليو ١٩٥٢. ولكن محمد رضا شاه رفض ذلك، فقد خشي من تحوُّل قبر مصدق إلى بؤرة للمعارضة. فقرر أقاربه أن يدفنوه في أحمد آباد دون إجراء أي مراسم. وكان قد طلب منهم ألا يقيموا نصبًا تذكاريًّا أو حتى شاهد قبر على المكان الذي يدفن فيه. وبالفعل نفذت رغباته. وها هو اليوم يرقد تحت المكان الذي كان يومًا ما غرفة طعامه.

كانت الغرفة المكسوة بالسجاد صغيرة ولكنها لطيفة وبها نوافذ تسمح بدخول أشعة الشمس. وعلى مدار السنوات اكتسبت تلك الغرفة طابع الضريح. وتوجد منضدة خشبية منخفضة مغطاة بقماش منسوج فوق البقعة التي يرقد تحتها مصدق. وفوقها شمعتان ونسخة من المصحف. ويتبع معظم الزائرين الإيرانيين التقاليد التي تقضي بوضع أيديهم على غطاء المائدة وتلاوة آية من القرآن تتحدث عن رحمة الله ورأفته.

كانت حوائط تلك الغرفة مغطاة بلوحات لمصدق. كان بعضها مرسومًا بالزيت والبعض الآخر بالقلم الرصاص أو الحبر. وكانت إحداها لوحة مطرزة تصوره جالسًا وخلفه العلم الإيراني، وكانت هناك لوحة أخرى مطبوعة على الحرير تحمل قولًا مأثورًا من إحدى خطبه: «إنني إيراني مسلم، ولذلك فإنني أعارض أي شيء ضد إيران أو ضد الإسلام.» وهناك صورة له وهو يدافع عن نفسه بقوة في محاكمته، وصورة أخرى له أكثر كآبة تصوره جالسًا وحده مستغرقًا في التفكير أثناء إقامته الجبرية. أما أكثر الصور التي أعجبتني فهي تصوره بجوار جرس الحرية في فيلادلفيا وهو يضع إصبعه على الصدع الشهير.

كانت تلك هي الغرفة التي يتناول فيها مصدق طعامه وغالبًا ما يستقبل فيها ضيوفه. وقضيت وقتًا طويلًا هناك أتخيل كيف كانت تلك الأيام. وفي نهاية الأمر وجهت الشكر لحارسة البيت وسألتها هل بإمكاني التجول في المكان. فلم تبدِ اعتراضًا. فتجولت بين الأشجار المظللة وتفحصت المرآب الذي كان به سيارة خضراء من طراز بونتياك تعود لعام ١٩٤٨ كانت ملكًا لزوجة مصدق ولا تزال قابعة هناك لا يستخدمها أحد.

وبعد مرور بضع دقائق استرعى انتباهي شيء آخر مثير للاهتمام. كانت دفَّتا بوابة حديدية قوية تستندان على السور الخلفي. ذلك هو الشيء الوحيد الذي استُخلص سليمًا من منزل مصدق بطهران الذي قضى فيه معظم أيام حياته وفيها الأعوام الصاخبة التي قضاها رئيسًا للوزراء.

يا له من تاريخ ذلك الذي شهدته تلك البوابة! فقد مر عبرها السفراء الأمريكيون والبريطانيون لدى إيران، بالإضافة إلى مبعوثين من طراز خاص مثل أفريل هاريمان، مرات لا حصر لها وهم يحاولون إقناع مصدق بالاستسلام أو تعديل خططه لتأميم صناعة النفط ببلاده. ومرت عبرها حشود من الرعاع وهم يصرخون «الموت لمصدق!» أثناء انتفاضة عام ١٩٥٢ التي لم تكتمل. وأثناء نفس الانتفاضة انطلقت سيارة من طراز جيب تقل شعبان الأبله فحطمت البوابة عندما كان مصدق ينطلق مسرعًا إلى مكان آمن عبر السور الخلفي. ولا يزال هناك انبعاج كبير أسفل البوابة، وهو غالبًا بسبب ذلك الاصطدام.

تحطم المنزل الذي كانت تلك البوابة تحرسه ذات يوم وأضرمت فيه النيران في ليلة التاسع عشر من أغسطس ١٩٥٣، وأزيلت الأنقاض فيما بعد كي تفسح الطريق لإنشاء عمارة سكنية في ذلك الموقع. وكل ما تبقى من المنزل هو تلك البوابة. هذا يعطيها أهمية تاريخية ويضفي عليها هالة روحانية لكل من عرف مصدق في يوم من الأيام أو حاول أن يعلم عنه شيئًا بعد وفاته. وهكذا فقد ظللت واضعًا يدي على تلك البوابة لفترة طويلة.

لم يتذكر مصدق سوى أشخاص معدودين في أحمد آباد. وعثرت على أحدهم ويدعى أبو الفتح تاكروستا منهمكًا في إصلاح سيارته في شارع يكسوه الغبار أمام منزله. وهو سائق شاحنة ومزارع كان يعمل طاهيًا في مجمع مصدق عندما كان شابًّا صغيرًا. وعندما أخبرته بسبب مجيئي أشرق وجهه على الفور ودعاني إلى فناء منزله لتناول الشاي والمكسرات. وكانت الطيور تغرد ونحن نجلس تحت تكعيبة عنب ونتحدث عن الأيام الخوالي.

مع أن العديد من الروايات تصف مصدق بأنه كان يعاني أمراضًا كثيرة، وخاصة في أعوامه الأخيرة، ومع أن ثلاثة أعوام من الحبس الانفرادي لا يمكن أن تكون مفيدة لصحة رجل في مثل سنه، فإن السيد تاكروستا يذكره شخصًا قويًّا مليئًا بالحيوية. وعندما بدأ السيد تاكروستا يتحدث تدفقت منه الروايات. فقد ذكر أن مصدق افتتح صيدلية يوزع فيها الدواء بالمجان على الفقراء، وكان يقرض المحتاجين، وبنى سقيفة معزولة كي يحفظ فيها الثلج في فصل الصيف، وكان يوزع أكياسًا من الحبوب مجانًا على العمال في شهر رمضان وعيد رأس السنة.

قال السيد تاكروستا: «لم يكن مصدق مالكًا عاديًّا. بل أدار ضيعته كما لو أنها مؤسسة خيرية. وأعطي معظم ما زرعه للعمال. وكان محبوبًا من الجميع هنا. كان بمقدورك أن تذهب إليه ليحل لك أي مشكلة تواجهك. وعامل الجميع سواسية من أكبر موظف إلى أفقر عامل.»

ثم قال إنه ذات يوم ذهب أحد الفلاحين إلى مصدق يشكو له من احتجازه على يد بعض عملاء السافاك الذين اقتادوه إلى مقر قيادتهم وأخذوا يعذبونه وهم يستجوبونه حول عادات مصدق والأحاديث التي يجريها.

وأوضح: «كانت تلك المرة الوحيدة التي رأيته فيها غاضبًا. فاتصل برئيس الشرطة وصاح فيه آمرًا أن يأتي إلى منزله في الحال. وعندما أتى الرجل دفعه مصدق إلى الحائط ووجه عصاه إلى عنقه صائحًا: «إن مهمتك هنا تتمثل في مراقبتي أنا، وليس لديك الحق في إساءة معاملة أي شخص آخر. فإذا كان هناك مشكلة تخصني عليك أن تأتي لتحادثني أنا فحسب! ولا تسول لك نفسك إيذاء أي فرد من الشعب مرة أخرى.» كان هذا الرجل ضابطًا من السافاك، ولم يكن رجلًا لطيفًا على الإطلاق، ولكنه أخذ يعتذر ويطلب العفو والسماح. وبعدها لم تجرؤ الشرطة على الاقتراب منا مرة أخرى. لقد خاف الجلاد من الضحية!»

وهنا سألت السيد تاكروستا هل هو وجيرانه يشعرون بالاختلاف عن أهل القرى الأخرى، أجاب بالإيجاب

وقال: «إننا لا نشعر بأننا مختلفون فحسب. بل إننا بالفعل مختلفون بسبب التأثير الذي تركه فينا مصدق. إن الزائرين يأتون إلى هنا من أماكن بعيدة. ولكنهم لا يذهبون إلى أي قرية أخرى. والناس هنا في قريتي يفخرون بميزة أن يكون مثل ذلك الشخص العظيم قد عاش هنا في يوم ما. إننا نحاول أن نسير على الدرب الذي علمنا إياه. فنحن نملك إحساسًا بالخير والتعاون والوحدة والتكافل. وأهالي القرى الأخرى يعلمون أننا لا نبخل على المحتاجين بالمساعدة، ولذلك فهم يأتون إلينا عندما تواجههم أي مشكلة كي نساعدهم. ولا يمكنك ذكر أحمد آباد دون أن يخطر على بالك مصدق. فهو الأب الروحي لهذه الأمة ولكنه أيضًا كان أبًا روحيًّا لقريته. ومن المخزي حقًّا أنهم أطاحوا بحكومته.»

وهنا سألت السيد تاكروستا عمن يكونون «هم» بالضبط. فتوقف لحظات غير متأكد من نفسه. وأخذ يحدق في السماء طويلًا ثم تحدث ببطء. قال: «إنني قروي بسيط غير متعلم. ولا أعلم من «هم» بالضبط. ولكن أيًّا كانت هويتهم فهم لا يريدون لشعبنا أن يصبح حرًّا وأن ينهض بنفسه.»

قضينا أكثر من ساعة نتجاذب أطراف الحديث، واتبع مضيفي التقاليد الإيرانية التي تقضي بأن يدعوني لتناول الغداء. ولكنني رفضت الدعوة بأدب شديد وصافحته شاكرًا بحرارة. وظللت بعد ذلك أتجول بلا هدف في القرية. ثم عدت فيما بعد إلى المنزل كي أعرف هل أتى زائرون آخرون لإحياء الذكرى السنوية. ولكنني لم أجد أحدًا. كانت مجموعة من معجبي مصدق قد فكروا في عقد اجتماع حاشد في ذلك اليوم، ولكن العديد منهم كانوا يواجهون اتهامات قضائية بارتكاب جرائم سياسية ولم يرغبوا في استفزاز السلطات.

•••

بدءًا من تسعينيات القرن العشرين، وخاصة بعد انتخاب محمد خاتمي ذي الفكر الإصلاحي رئيسًا للبلاد في عام ١٩٩٧ بدأ الإيرانيون يستخدمون اسم مصدق رمزًا في سجالاتهم السياسية. وكانت الإشادة بذكره فقط أو التلويح بصورته يعني ضمنًا تحدي مبادئ الحكم الإسلامي. كان القانون يحظر المطالبة بجمهورية ديمقراطية تحل محل النظام الإسلامي، ولكن الإشادة بتراث مصدق كان طريقة أخرى لفعل الشيء نفسه. وقد وجدت أن العديد من الإيرانيين لا يزالون يربطون بين اسمه وبين فكرة الحرية.

فقد قال لي أحد الشباب: «كم كان زعيمًا صالحًا! فعندما كان في السلطة كان بإمكان الناس أن تقول ما تشاء. وليس كما هو الحال اليوم. لقد قتله الشاه، أليس كذلك؟» أجبت: «ليس بالضبط. ولكن ربما يكون بالفعل قد اغتاله معنويًّا.»

لم يتفق الزعماء الإسلاميون في حكمهم على مصدق. فهم يعتبرون هزيمته دليلًا على أن إيران كانت دائمًا ضحية لقسوة الأجانب. ولكن نظرًا إلى كونه علمانيًّا ليبراليًّا فهم لا يرونه بطلًا.

أظهرت الصحافة الإيرانية ذلك التناقض في تغطيتها للذكرى التاسعة والأربعين لانقلاب عام ١٩٥٣. فقد أذاعت إحدى المحطات التليفزيونية فيلمًا وثائقيًّا يدين الانقلاب، ولكن دون أن يذكر فيه أن مصدق كان ضحية. واحتشدت مجموعة صغيرة من الطلاب المؤيدين للحكومة أمام المبنى الذي كان فيما مضى مقر السفارة الأمريكية، ولكنهم اكتفوا بإدانة «الجرائم التي يرتكبها الشيطان الأكبر ضد الأمة الإيرانية» دون أن يشيروا إلى مصدق.

لم تنشر سوى صحيفتين من صحف طهران الأربع عشرة اليومية قصصًا بمناسبة الذكرى السنوية. وذكرت صحيفة «انتخاب» الناطقة بلسان المتشددين أن الانقلاب «استهدف مصدق وكاشاني»، وهي رؤية مغايرة عجيبة للأحداث التاريخية تصور آية الله كاشاني ضحية للتدخل الأجنبي وليس أحد عملائه. وذكر في تلك المقالة أن الدرس المستفاد من الانقلاب هو أن على الإيرانيين تأييد زعمائهم، وذلك لأن الشقاق لا يخدم سوى مصالح «دعاة الحرب في البيت الأبيض».

أما المقال الآخر الذي نشر في صحيفة «فريدون شايسته» فقد كان مختلفًا. فقد وصف التاسع عشر من أغسطس عام ١٩٥٣ بأنه «يوم عودة الاستبداد»، ومع أن كاتب المقال حرص على تجنب الإشادة بمصدق فقد أعطى ملخصًا وافيًا للأحداث: «نفذ الانقلاب محترفون من داخل إيران وخارجها، وتكلف هذا الأمر ملايين الدولارات الأمريكية. وليس صحيحًا على الإطلاق كما زعم البعض أن الانقلاب حدث بسبب المعارضة الداخلية وعدم الثقة بمصدق. ولكنه حدث عندما انشق عليه عديد من السياسيين المرموقين الذين كان معظمهم يدينون بالفضل لمصدق، واستخدموا كل الأساليب الممكنة للإضرار بسمعته. ولكن تلك الاتهامات لم يستغرق تأثيرها وقتًا طويلًا، وفي الأعوام التي تلت الانقلاب لم يتمكن من أطلقوها من استعادة احترام الناس مرة أخرى.»

أثناء إقامتي بطهران حاولت الوصول إلى بعض المباني التي ارتبطت بأحداث الانقلاب، ولكنني لم أتمكن من ذلك. فقد ازدادت مساحة طهران منذ ذلك الحين، وكما هو الحال في العديد من المدن الكبرى كان ذلك التوسع يعني هدم العديد من الأحياء القديمة. وقدت سيارتي ببطء أمام مجمع السفارة الأمريكية الخالي الذي كان مقر عمليات كيرمت روزفلت واحتجز فيه الرهائن الأمريكيون فيما بعد. فوجدت شعارات مكتوبة بأحرف كبيرة على الحوائط الخارجية ومترجمة إلى اللغة الإنجليزية مثل: «سوف نُلحق بأمريكا هزيمة نكراء» و«يوم ترضى عنا الولايات المتحدة فسوف نرتدي أثواب الحداد.»

كان المكان الوحيد الذي تمكنت من الوصول إليه والذي يعد ذا صلة بمصدق هو قصر سعد آباد. ففي حديقة ذلك القصر جلس مصدق لمدة ثلاثة أيام في عام ١٩٤٩ يطالب الشاه بإلغاء الانتخابات المزورة التي أجريت في ذلك العام. وبالداخل توجد الغرف التي كان يجري فيها لقاءاته مع الشاه وفيها اليوم الشهير الذي غُشي عليه فيه عام ١٩٥٢. والقصر الآن مفتوح للزائرين. وعندما اقتربنا من القصر طلبت من السائق أن يتوقف في جانب الطريق الطويل قبل أن نصل إلى البوابة. ولم يفهم السائق ما السبب، ولكنني اعتقدت أن ذلك هو المكان الذي كانت تتوقف فيه سيارة كيرمت روزفلت في الأيام التي كان يجري فيها لقاءات سرية مع الشاه. وكان بإمكاني بسهولة أن أتخيل الشاه وهو يهبط الدرج قادمًا في الظلام وينسلُّ خلسة في السيارة بجواره.

وجدت القصر من الداخل يتميز بالبذخ الشديد. فقد زين بالرخام والخشب الفاخر والبسط المطرزة. وقضيت وقتًا طويلًا أتفقد غرفة استقبال الشاه الخاصة التي أعتقد أنه استقبل فيها روزفلت في الليلة التي احتفلا فيها بانتصارهما وودع أحدهما الآخر. ووجدت غرفة استقبال أخرى كبيرة بالطابق العلوي، وأعتقد أنها كانت الغرفة التي جلس فيها الشاه فوق المائدة أثناء لقائه بالجنرال شوارتسكوف، ولكنني لم أجد أحدًا بالطبع يؤكد لي تلك المعلومة.

•••

ومع أنني مُنِعْتُ من إجراء مقابلات صحفية مع الإيرانيين حول مصدق ونظامه، فإن الحوارات غير الرسمية التي أجريتها مع البسطاء أوضحت لي أن معظمهم يقدرونه ويحترمونه. ويومًا ما سوف يتحوَّل منزله في أحمد آباد إلى متحف يتوافد إليه الزائرون من كل أنحاء إيران وخارجها. وعندما ذكرت ذلك للمسئولة عن المنزل وأنا هناك، أجابتني أن إنشاء هذا المتحف هو بالضبط ما ترغب فيه عائلة مصدق.

سألتُها: «عائلة مصدق؟» كنت قد قابلت هدايت الله متين دفتري أثناء زيارة سابقة للندن، وهو حفيد مصدق الذي فر من إيران هاربًا من الجماهير الغاضبة. والآن علمت أن حفيدًا آخر لمصدق يدعى محمود مصدق بقي في إيران وأصبح من كبار الأطباء بطهران. وهو من يتولى نفقات المنزل الكائن بأحمد آباد، وفيها بيت المسئولة عن المنزل وراتبها الشهري. ولم تكن تعلم رقم هاتفه، ولكن بمساعدة المرشد السياحي تمكنت من العثور عليه في طهران. ووافق محمود مصدق على تناول العشاء معي في الفندق ذلك المساء.

نزلت من غرفتي التي تحمل رقم ٩١١ قبل الموعد ببضع دقائق. ولفترة قاربت على الساعة جلست بالقرب من مدخل الفندق. وعندما بدأت أتساءل هل أخطأت التعرف على ضيفي ظهر قادمًا. لم أكن أعلم كيف يبدو شكله، لكنني عرفته في الحال. كان طويلًا ذا بشرة فاتحة، تبدو عليه ملامح القوة والثقة بالنفس. وكان يرتدي حلة رسمية وربطة عنق، وهو زي لم أرَ أحدًا يرتديه في طهران. وعندما اقتربت منه اكتشفت أن ربطة العنق التي يرتديها من هارفارد. وعلمت أنه قد عاد لتوه من الاحتفال بالذكرى الخامسة والأربعين لتخرجه في الجامعة.

قال لي: «في الواقع كانت تلك فكرة أفريل هاريمان. فقد توليت مهمة الترجمة في بعض اللقاءات بين هاريمان وجدِّي. وسألني ذات يوم أين أرغب في متابعة دراستي الجامعية. فأخبرته أنني أرغب في الدراسة بإنجلترا، ولكنه قال إن الدراسة بالولايات المتحدة أفضل. كان هو شخصيًّا قد تخرَّج في جامعة ييل، ولكنه لسبب ما اقترح عليَّ أن أدرس بجامعة هارفارد. وهكذا قدمت طلبًا للالتحاق بهارفارد وتم الأمر.»

وقبل أن نصل إلى المصعد كان د. محمود مصدق قد أعادني إلى الأيام التي كان جده فيها في السلطة. كان والده غلام حسين مصدق الطبيب الخاص لجده ورافقه في رحلاته للأمم المتحدة بنيويورك ومحكمة العدل الدولية بلاهاي. كان غلام حسين قد توفي منذ عدة أعوام، بل إن أبناء مصدق الخمسة قد توفوا فيما عدا ابنته مجيد التي قضت معظم حياتها في مستشفى للأمراض العقلية بسويسرا. أما أحفاده وأبناؤهم فقد تفرقوا، وابتعد معظمهم عن السياسة. وأخبرني د. محمود مصدق أنه لم يعمل في حياته إلا بالطب. كما أخبرني أن المنصب العام الوحيد الذي تولاه كان الأمين العام للجمعية الإيرانية للخصوبة والعقم.

لم يحضر د. محمود مصدق وحده في تلك الليلة. ولكنه أحضر معه ابنه علي الذي كان في منتصف العشرينيات تقريبًا، وكان يرتدي بنطلونًا من الجينز وقميصًا أبيض. ودار معظم حديثنا حول رئيس الوزراء مصدق. وكان حفيده يملك الكثير من الذكريات والقصص. كان بعضها محزنًا للغاية، مثل الكآبة التي كان يشعر بها مصدق خلال عزلته الإجبارية التي استمرت عقدًا من الزمان. وحتى القصص التي بدت عديمة الأهمية كانت تحمل معاني كبرى. فعلى سبيل المثال، كان مصدق يفصل طبقات المناديل الورقية، فقد كان يعتقد أن استخدام الطبقتين مرة واحدة نوع من الإسراف والتبذير.

كان القليل من ذكريات د. محمود مصدق ذا أهمية تاريخية حقيقية. فقد أخبرني بأنه قبل وقوع انقلاب ١٩٥٣ ببضعة أسابيع حضر حفل استقبال في منزل أحد الدبلوماسيين الإيرانيين بواشنطن واستمع بالمصادفة إلى زوجة العقيد عباس فارزانيجان — وهو ملحق عسكري كان يتقاضى راتبًا من المخابرات المركزية الأمريكية — وهي تفخر بأن زوجها مشترك في مؤامرة سوف تجعل منه وزيرًا. وفي اليوم التالي أرسل محمود مصدق برقية إلى جده يخبره فيها بتلك المعلومة.

«وبعد حدوث الانقلاب سألته هل تلقَّى البرقية التي أرسلتها. أجاب: «بالطبع.» وعندما سألته لمَ لم يفعل أي شيء حيال ذلك الأمر، أخبرني بأنه لم يكن هناك شيء بوسعه القيام به. وقال إنه كان يعلم جيدًا أن ذلك الانقلاب آتٍ لا محالة. وكان الخياران المتاحان لديه إما الاستسلام وإما تزويد أنصاره بالسلاح والدعوة لحرب أهلية. كانت تضايقه فكرة التخلي عن كل ما يؤمن به، ولكن الخيار الآخر لم يكن مطروحًا للمناقشة.»

وأثناء حديثنا ظل علي مصدق يستمع باهتمام شديد ولكنه لم يتكلم كثيرًا. وأثناء تناول الحلوى حاولت أن أخرجه عن صمته. فأخبرني بلغة إنجليزية سليمة أنه يدرس العلاقات الدولية. ووجدت أن ذلك التخصص هو الأكثر ملاءمة لمثل هذا الشاب الذكي الذي ينحدر من ذلك الأصل العريق. ثم سألته هل ينوي الانخراط في الحياة العامة؟

تبادل الأب وابنه النظرات عندما وجهت هذا السؤال، وكان واضحًا أنهما قد ناقشا هذا الموضوع من قبل، وربما كان ذلك مرات عديدة. وظل د. محمود مصدق صامتًا ينتظر الإجابة مثلي.

وأجاب علي مصدق: «كلا، لا أنوي الانخراط في عالم السياسة. فأنا أخشى المخاطرة. ليس على نفسي ولكن على اسم عائلتي. ففي بلادنا يعتبر أهم شيء في المجتمع هو العائلة. وأينما ذهبت فإن الناس يسألون عن عائلتك حتى قبل أن يسألوك من أنت. وكل ما تفعله ينعكس على عائلتك. فلو ارتكب أحدنا أقل هفوة فسوف يؤدي ذلك إلى تشويه سمعة عائلتنا ورئيس وزرائنا المحبوب مصدق. إنني شخص عادي. وأنا أرتكب الأخطاء كأي شخص آخر. ولا مشكلة في ذلك ما دمت لم أتولَّ منصبًا عامًّا، ولكن إذا دخلت عالم السياسة فسوف تتحمل عائلتي ذنب أخطائي، حتى من توفي منهم. إنني أرغب في أن تكون حياتي كحياة والدي. وكل ما نرغب فيه هو الحفاظ على تراث عائلتنا. وأتمنى أن أتمتع بالأمانة والكرم والصفات الحميدة الأخرى التي يربط الناس بينها وبين اسم مصدق. ولكن الحياة العامة لا تناسبني، ولا أعتقد أنها تناسب أي فرد من أفراد عائلتنا. فهي مسئولية في غاية الخطورة.»

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة هنداوي © ٢٠٢٥