الملك شاكا
وفي سنة ١٨١٣ تولى شاكا على قبيلة الزولس، وكان رجلًا قويًّا برجاله حكيمًا بعقله، مشهورًا بالطمع، شديد الرغبة في غزو البلاد المجاورة له، وكان ينتصر في أكثر وقائعه الحربية حتى أرهب القلوب وخافته جميع القبائل، وقد اشتهر بالظلم لسوء معاملته لأسرائه ومعاملته لأهل قبيلته أيضًا؛ لأنه كان يأمر بقتل ٨٠٠ رجل من رجاله في كل عيد، ولما ماتت والدته أمر ألفًا من رجاله أن يقتلوا أنفسهم حزنًا عليها، وذبح معهم ألف بقرة، وكان من أحكامه أيضًا قتل جميع الحبالى، وكان تحت سلطته رجال أبطال وقواد شجعان أعظمهم يُسمى موزيليكاتس الذي لفرط إعجاب قومه بمهارته في فن الحرب وقوته العقلية والجسدية لقبوه بالأسد.
ولما رأى هذا القائد العظيم ما وصلت إليه درجته بين قومه وشدة محبتهم له شق عصا الطاعة على ولي أمره. وانضم تحت لوائه كثير من رجاله، ولم يكن يريد خلع الملك شاكا والتولي بدله، بل أنشأ قبيلة جديدة، يكون هو حاكمًا عليها؛ ولذلك أخذ رجاله ورحل إلى الجهة الشمالية في سنة ١٨٢٤، وكان سكانها من قبيلة البازوتس، وكان بينهم وبين قبيلة الزولس ضغائن وأحقاد كامنة في صدور الطرفَين. فاحتل الأسد بلادهم، وبعدما نال ما تمنى أراد أن يتمتع بالراحة في بلاده الجديدة، ويفتخر بما ناله من السيادة مهنئًا نفسه بنوال المشتهى. أما الملك شاكا فاستشاط غضبًا من هذا القائد، وأراد أن ينتقم منه، ويرده خاسئًا أو يورده المنون، فشرع في تنظيم جيش ليرسله إليه، فصادفته المنيَّة بأن قتله أخوه دنجان قبل أن يبلغ إربه سنة ١٨٢٨ بعد أن حكم خمس عشرة سنة، وتولى بعده أخوه دنجان الذي قتله طمعًا في الملك، ولما صفا له الجو، سار على خطة أخيه وجمع جيشًا وأرسله لقتال الأسد، فسار الجيش بعيدًا عن بلاد الزولس نحو ٣٠٠ ميل، وعبر جبال كتلا هنبين، وهناك التقى برجال موزيليكاتس والتحم القتال بينهما، وانجلى عن قتل الأسد وتبديد رجاله، وكان ذلك في سنة ١٨٣٦.