التحيز اللوني، وأسطورة الجنس الزنجي
لقد رأينا من الأدلة السابقة أن الخواص والمظاهر الطبيعية المستخدمة لتصنيف السلالات الإنسانية قلما تكون لها أهمية وظيفية للأفراد، ومدنيتنا الحالية تعلق الكثير من الأهمية على لون البشرة. والألوان الأقرب إلى السواد تُعد نقطة ارتكاز يستند إليها البيض في دمغ، واحتقار كثير من المجموعات البشرية، ونبذها، واتهامها بالانحطاط الاجتماعي، وعند بعض الناس تشتد عصبية اللون إلى درجة تتخذ الكراهية عندهم حالة مرضية. وهذه الحالة ليست فطرية أو غريزية، إنما هي انعكاس، في صورة قوية، لتحيُّز قيود البيئة الاجتماعية. ويتضح سخف النظرية القائلة بانحطاط رجل ما لسواد بشرته إذا قلنا: إن أي حصان أبيض لا بد أن يجري أسرع من أيِّ حصان أسود، وعلى الرغم من قلة الأُسس التي تستند إليها نظرية التمييز اللوني فإن نتائجها العملية في كثير من الدول حقيقة لا تقبل الشك والجدل.
ولا جدال في أن اكتشاف قارات جديدة منذ القرن الخامس عشر الميلادي، ومحاولة استغلال العناصر البيضاء البشرة لموارد هذه القارات الزراعية والمعدنية؛ قد خلق نظام العبودية، وعلى الأخص استعباد الزنوج والأميرند (الهنود الحمر)، وقد ضاعف من غرور السلالات البيضاء، وتضاعف معه إحساسها بالرقي بالمقارنة بالسلالات الملون. إنها تدين بالديانة المسيحية، في حين أن الزنوج، والأميرند ما زالوا على وثنيتهم، والحقيقة أن منشأ اضطهاد السلالات البيض لغيرها من الملونين لم يكن الفارق الديني بقدر ما كان جوهره اقتصاديًّا بحتًا، فقد اكتشف الأُوربيون قارات جديدة غنية بمواردها، تسكنها عناصرُ وشعوبٌ ملونة، فعمد الأوربيون إلى استرقاق السكان الملونين ليكون تحت تصرفهم موردٌ من الأيدي العاملة فتزداد قيمة ممتلكاتهم الجديدة.
وعلى الرغم من جهود الكثيرين أمثال لاس كازاس لإبطال الرق بالنسبة للأميرند والزنوج على حد سواء «لأن ما ينطبق على حالة الأميرند ينطبق على حالة الزنوج»، فإن الكثرة العظمى كانت ترى إبقاء الأوضاع كما هي دون تغيير، على أساس الزعم بأن الزنج أحط من البيض.
وفي الثلث الأخير من القرن الماضي، وعلى وجه التحديد في مؤتمر برلين سنة ١٨٨٤، قَسَّمت الدولُ الأوربية — فيما بينها — أنصبتها من القارة الإفريقية، وقد وضح في هذا المؤتمر، ومن تلك التقسيمات مدى اهتمام السلالات البيضاء بمصالحها الخاصة في استغلال مستعمراتها، وأعطانا دليلًا دامغًا على تغاضي الرجل الأبيض نهائيًّا عن الجوانب القانونية، والخُلقية، والأدبية في هذا التقسيم. فليس من شك أنه لم يكن حق هذه الدول الأوربية أن تقسم إفريقيا فيما بينها كأنها غنيمة، ولا أن تتصرف في أرواح، وممتلكات سكان إفريقيا، ولا أن توجه طاقة العمل الإفريقي لصالحها.
وقد تضمن إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية إعلانًا بتساوي البشر في الحقوق كافة، إلى جانب التعديل رقم ١٥ الذي تضمن العبارة الصريحة التالية: «غيرُ قانوني إنكارُ أو تحديد الحقوق في أية ولاية من ولايات الاتحاد، على أساس الجنس، أو اللون، أو حالة كون الأفراد عبيدًا في الماضي» وفي معظم دساتير العالم نقرأ دائمًا أمثال هذه العبارات الخاصة بعدم التفرقة في حقوق الأفراد بغضِّ النظر عن اللون، والجنس. وفي العاشر من شهر ديسمبر عام ١٩٤٨ وُقِّع في الأُمم المتحدة الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، وفي الفقرة الثانية نَصَّ الميثاقُ على تساوي البشر في الحقوق كافة، وعلى الرغم من كل هذه النصوص والمواثيق، فإن من المسائل الواضحة التي لا تحتاج أية أدلة، أو شرح، حقيقة وقوع التمييز اللوني، والاضطهاد الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي ضد السلالات الملونة عامة، وضد الزنوج خاصة، وإن هذا الاضطهاد وذلك التمييز مبنيان على معتقدات جنسية خاطئة.
ومن أكثر سخافاته التمييز اللوني في الولايات المتحدة الأمريكية: وصف أي شخص بأنه زنجي إذا كان جد جده إفريقيًّا، بغض النظر عن مظاهره وصفاته الجسدية، ولذلك كانت كلمة زنجي (في هذا المعنى والمفهوم) لا تعني أيَّ معنًى بيولوجي، وإنما تطلق على كل عضو في مجتمع خاص له مميزات حضارية اجتماعية، واقتصادية معينة، وبعض أولئك الذين يطلق عليهم قانونًا «زنوج» في الولايات المتحدة لا يمكن تفريقهم، أو تمييزهم عن غيرهم من السلالات البيضاء؛ ولذلك يدَّعون أنهم بيض تهربًا من التفرقة المناهضة للزنوج، ولا شك أن القانون الذي يعتبر كل شخص تحتوي عروقه على نسبة ضئيلة من «الدماء الزنجية» على أنه من السلالات الزنجية قانونٌ غير منطقي، وتتضح عدم منطقية هذا القانون إذا قلنا: إن كل شخص تحتوي عروقه على نقطة من «الدماء البيضاء» عضو من أعضاء السلالات البيضاء.
والمعلوم أن ثلاثة أخماس سكان عالمنا من السلالات التي تسمى ملونة. ولا جدال في أنه لا يمكن، بأية حال، التغاضي عن هذه النسبة الكبيرة من سكان الأرض، كما أنه لا يمكن اعتبارها جزءًا ثانويًّا، ولا يمكن وضعها في مركز التابع، أو الخادم، بل يجب أن يكون هناك احترامٌ متبادل بين الشعوب، ويجب على الناس أن يتعلموا كيف يعيش بعضهم إلى جوار بعض دون خوف، دون كُرْهٍ، دون احتقار، دون الرغبة المُلِحَّة في تضخيم الاختلافات بين البشر على حساب أوجُه الشبه بينهم، مع بحث وتقصي مدى هذا التشابه، وتفهُّمه، وإدراك معناه وأهميته.
ومن أكثر مظاهر الذل ما يعانيه الزنوج من إقامة موانع اجتماعية، وأنواع الإهانات، والسباب، فإن منع الزنوج من السفر في قطارات معينة، وبعض السيارات العامة، وتخصيص عربات معينة لهم، وحجرات انتظار خاصة بهم في المحطات، ومدارس خاصة، ومطاعم معينة، كل هذه الموانع الاجتماعية عبارة عن إهانات متتالية للزنوج. وقد حدث في اتحاد جنوب إفريقيا، التي تمثل أكبر مظاهر التفرقة والتمييز اللوني في العالم، أن فصلت الحكومة في عام ١٩٤٤ بعض موظفيها؛ لأنهم رفضوا إطاعة الأوامر الرسمية الخاصة بوجوب استعمال ألفاظ المجاملة في الأوراق الرسمية الموجهة إلى السكان الملونين، كما هي مستعملة في مثل هذه الحالات للسكان البيض أيضًا.
ومن الملاحظ أن أولئك الذين يصرون، أشد الإصرار، على تنفيذ التفرقة والتمييز ضد الزنوج هم أعضاء الطبقة الدنيا الفقيرة من السكان البيض، فهم أكثر طبقات السلالة البيضاء خوفًا من منافسة الزنوج لهم في الميدان الاقتصادي. وبما أنهم تنقصهم كل الأدلة للبرهنة، والتدليل على تفوُّقهم العنصري فإنهم يلجئون — ما استطاعوا — إلى الاعتماد على لون بشرتهم لتأييد قضيتهم. ولهذا السبب فإنهم أكثر الناس اهتمامًا بتضخيم أهمية لون البشرة.
ولم يقتصر استخدامُ التفرقة اللونية فقط كأساس لإقامة نظام طبقي في مجتمعنا، بل تعداها إلى نقابات العمال التي تستغلها لمحاربة منافسة الأيدي العاملة السوداء، والصفراء. إن الحواجز والموانع اللونية التي تُقيمها اتحادات نقابات العمال في الولايات المتحدة الأمريكية، وفي اتحادات جنوب إفريقيا، وفي أستراليا — وهي الاتحادات التي تنتمي إلى المُثُل والمبادئ الاشتراكية، وتقوم على أساس الدفاع عن الطبقة العاملة — كلها أدلة تُلْقِي ضوءًا كئيبًا على التنافس الاقتصادي، وهذا النوع من التنافس هو الدافع الحقيقي الذي يَكمن وراء التناقض بين الأجناس التي أُرسيت قواعدها في شكل نظريات لتبرير هذا التناقض.
إن الافتراضات والادعاءات الخاصة بالمميزات الاجتماعية والنفسية، والمبنية على أساس لون البشرة ليست فقط سخيفة ولكنها مختلَقة وكاذبة؛ ولذلك فهي تتغير بتغيُّر الظروف. ولنضربْ على ذلك مثالًا، هو: تغير وجهات النظر فيما يتعلق باليابانيين.
ففي عام ١٩٣٥ كان الاعتقادُ السائد عنهم في الولايات المتحدة الأمريكية أنهم عنصر «تقدُّمي» «ذكي» «نشيط»، وفي عام ١٩٤٢ أصبحوا «ماكرين»، و«غادرين»، وفي عام ١٩٥٠ تغير التفكير مرة ثالثة. وفي كاليفورنيا كان الرأيُ السائد يصف العمال الصينيين على أنهم عناصر «معتدلة»، «رزينة»، و«تخضع للقوانين» إذا حدث نقص في الأيدي العاملة الصينية. وفي اللحظة التي تصبح فيها منافستهم للأيدي العاملة البيضاء حادَّةً وقوية؛ يوصف هؤلاء العمال الفنيون بأنهم «أقذار» و«غير متعاونين»، و«كريهون» بل أيضًا «خطرون.»
ولْنَسُقْ مثالًا ثالثًا يوضح لنا كيف أن الافتقار إلى مقياس ثابت موضوعي يؤدي إلى اختلاف الآراء، ففي الهند كان الجنود الأمريكيون يصفون الهنود بأنهم «أقذار»، و«غير متمدينين»، في حين كان المثقفون من الهنود يصفون الأمريكيين بأنهم «أجلاف»، و«ماديون»، و«غير مثقفين»، و«غير مهذبين.»
وفي كثير من الأحوال كانت رائحةُ جسم الزنوج، وظاهرة بروز الفك الأعلى؛ تعد من الأدلة على انحطاط الزنجي من الناحية البيولوجية.
وعلى أي الحالات فإن معظم الجهود التي بُذلت لإثبات تفوُّق العناصر البيضاء على العناصر الزنجية كان في ميدان الأبحاث النفسية. ولا جدال في أن الزنجي والأبيض لا يتماثلان في المظاهر الجسدية، ولا العواطف، ولا الثقافة. ولكن هذا الاختلاف شيءٌ لا يدعم الادعاء بأن أحدهما يتفوق على الآخر.
- (١)
ثقل الجزء الأمامي من المخ، والذي يُعد مركز الذكاء، هو ٤٤٪ من وزن المخ كله بين النساء، والرجال، وبين السود والبيض على حد سواء.
- (٢)
لم تلاحَظ أية اختلافات بين الأجناس، والسلالات البشرية المختلفة بالنسبة لوزن المخ، ولكن لوحظت اختلافات في وزن المخ بين أفراد السلالة أو الجماعة الواحدة.
- (٣)
لم يثبت أن الأشخاص الذين اشتهروا بقوًى عقلية ممتازة كانوا ذوي أمخاخ كبيرة الحجم، أو أثقل وزنًا عن المعدل.
- (٤)
لم يحدث اكتشاف اختلافات في لفائف المخ بين السلالات المختلفة، وهذه نقطة كانت دعامة من دعامات التفرقة الجنسية، فكل الاختلافات في لفائف المخ وُجدت في كل السلالات، والجماعات.
ويختتم كولبروجي خلاصته قائلًا: إنه «لو خلطت مجموعة من الأمخاخ التي درست بعضها عن بعض، لما أمكن لأحد تحديد مخ الأسترالي، وتمييزه عن مخ الأوربي، وتمييز مخ الأذكياء عن أمخاخ متوسطي الذكاء.»
وتؤيد أبحاث «سرجي» على الزنوج، و«كابرز» على الصينيين هذه النتيجة التي وصل إليها كولبروجي، وبذلك يظهر خطأ التأكيد بأن الانحطاط الذهني للزنوج راجع إلى أن أمخاخ العناصر الملونة أصغر في الحجم، وأقل تجعيدًا في لفائفها من أمخاخ العناصر البيضاء.
ولا شك أن ظاهرة بروز الفك عند الزنوج إحدى المظاهر الجسدية البدائية، ولكن عدم وجود شعر على الجسم، وغلظ الشفاه ونوع شعر الرأس … إلخ عند الزنوج، كلها صفات جسدية متقدمة، ومتطورة (عن مرحلة القردة) عند الزنوج أكثر منها لدى العناصر البيضاء.
وعلى هذا، فإنه يمكن القول: إن الاصطلاحات الشائعة مثل «طيب»، و«رديء»، و«راق»، و«منحط» اصطلاحات لا معنى لها؛ لأنها ليست موضوعية، ويجب استخدامها في كل حالة مع شيء يربطها، فلا تطلق تعميمًا، فمثلًا نقول: «إن غالبية الزنوج أرقى (أقوى) من العناصر البيضاء في (وجود) مناعة ضد الملاريا لديهم»، أو نقول: «إن غالبية العناصر البيضاء أرقى (أقوى) من الزنوج في مقاومتهم للسل» … إلخ. ونتيجة هذا التخصيص، وربط مثل هذه الاصطلاحات بمعنًى معين يوضح لنا كيف أن كل جنس «أرقى» من الآخر في بعض النواحي، و«أحط» من الآخر في نواحٍ أُخرى.
والملاحَظ أن هناك اتجاهًا عامًّا، في الوقت الراهن، إلى الاعتقاد بأن الزنوج أحطُّ من السلالة البيضاء؛ نظرًا لأنهم متخلِّفون كثيرًا عن البيض في النواحي الاقتصادية، والسياسية، والحضارية، ولكن هذا التخلف لا يرجع إلى «انحطاط طبيعي في السلالات الزنجية»، والحقيقة أن مَرَدَّ هذا التخلف تلك الظروف التي يعيش فيها الغالب الأعمُّ من الزنوج في وقتنا الراهن. وهذه الظروف هي نُظُم الاستغلال التي أملاها البيض، وسياستهم الاستعمارية على الزنوج، فجعلتهم يعيشون تحت أحكام تُماثل أحكام الرق والعبودية. وإن كانت العبودية قد أُلغيت — قانونًا.
والواقع أن الزنجيَّ يعيش في ظروف اقتصادية شبه عبودية، فهو محاطٌ بشبكة من الموانع والحواجز بعضها قانوني وبعضها لا ينص عليه القانون. وقد تضافرت عوامل الفقر، والازدراء، والمرض على الزنجي، فصنعت منه الزنجيَّ الذي نراه ونسمع عنه في عالمنا الحالي.
وليس ثمة ما يمنع أن يعيش الأبيض والأسود كمواطنين في دولة، أو مواطنين عالميين في جو يسوده الصفاء والود. لماذا لا يُظهرون تعاونًا مشتركًا واحترامًا متبادلًا دون أن يحتاج أحدهما إلى التضحية بشخصيته. كما يفعل الكاثوليك والبروتستانت في كثير من بلاد العالم دون أن يغير أحدهما مذهبه الديني»، ودون أن ينتقص من قدر البروتستانتية أو الكاثوليكية؟
إن ما يغضب الزنجي هو منعه — نظرًا للون بشرته — من التمتع بتسهيلات ومنشآت اجتماعية يتمتع بها الأبيض وحده، حتى ولو كان هذا الأبيض قليلَ التعليم قليل الثقافة. إن موقف الأبيض من الزنجي على وجه العموم، وعدم احترامه الزنوجَ مع تعمده إظهاره؛ يدفع بالزنجي كل يوم إلى الرغبة المُلِحَّة في إنقاذ نفسه من هذا الاضطهاد الأبدي، والمهانة الدائمة التي تجعله وكأنه نوعٌ آخر لا يمت للبشرية بصلة.
وهناك من الزنوج من تسيطر عليهم مركبات النقص، وهذا شعورٌ مفهوم. وهؤلاء يفسرون كل قرار أو اتجاه يتخذه البيض على أنه موجَّهٌ إلى اضطهاد الزنوج، والرغبة في وضع الزنوج دائمًا موضع المهانة، ومنعهم من الترقي الاجتماعي. وهؤلاء الزنوج لا يفرقون بين القرارات التي تعامل الزنوج كوحدة وبين قرارات واتجاهات موجهة ضد أفراد من الزنوج فقط. هذا الحقد الهائل، والضغينة القاتلة التي يكنُّها الزنوج للبيض، وعدم الثقة في كل ما يقدمه الأبيض للزنجي، والاشمئزاز، والنفور المر من كل ما هو أبيض؛ هو نتيجة طبيعية لما قاساه الزنوج في عهد الاسترقاق؛ ولذلك يجب نسيان وكبت هذه المشاعر كلها، إذا كان هناك أدنى اتجاه إلى إيجاد شعور تفاهم وتعاون بين الأبيض والأسود.
ولقد دَلَّنَا التاريخ على أن الحروب الدينية في بعض مراحل التاريخ كانت سببًا في القضاء على الشعور بالتسامح الديني. ويعتقد المؤلف أن في الإمكان وَقْفَ الحروب بين السلالات البشرية إذا تَمَكَّنَ الرجل الأبيض في جميع أرجاء العالم من وقف اضطهاده للسلالات الزنجية، وتمكين العدالة بين البيض والسود، واتباع موقف مهذب عادل تجاه الشعوب الملونة يتميز بالتسامح، وتسوده علاقات حُسن الجوار. ويجب علينا أن نمتنع عن الأشباه والتفاهات التي تجعل العناصر الملونة تقول ما قاله أحد سكان جزر هاواي لأحد المبشرين. قال هذا الشخص للمبشر: حينما قدم الرجل الأبيض إلى هاواي كان يمتلك الكتاب المقدس وكان شعب هاواي يمتلك الأرض. أما الآن فإن شعب هاواي يمتلك الكتاب المقدس في حين يملك الرجلُ الأبيض أرضَ هاواي!
ويُمكننا أن نختتم هذا الفصل قائلين: إن الأدلة البيولوجية والأنثروبولوجية والتطور والوراثة؛ توضح أن التمييز الجنسي على أساس اللون ليس إلا خرافة لا يدعمها أدنى دليل علمي. ومن ثم فإن افتراض «انحطاط الشعوب الملونة» غير صحيح من أساسه، ولا شك أن الظروف البيئية غير الملائمة، والعوامل السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، التي يعيش تحت ظلها الملونون، هي الأسباب الوحيدة المسئولة عن بقاء هذه الشعوب في مستواها المنخفض الحالي.