وصف وتصوير
خليج ستانلي أو حمام البحر في الإسكندرية
يا ويح قلبك من هدفْ
صال المسدد أم صدفْ
بين الملاح المفرغا
ت من الأشعة والسدفْ١
سمر كما اسمر الجنى٢
بِيض كما ابيضَّ الصدفْ
كشف الخضم طلاءهنْ
نَ، ولا حجاب لما كشفْ
قف في سبيلك لحظة
وانسَ الشقاء وما اقترفْ
حيث الخماص ولا طوى
حيث العراة ولا شظفْ٣
•••
يا ويح قلبك من هدفْ
بين البضاضة والهيفْ
«كوبيد»٤ يعرض من سلا
حيه الفخامة والرهفْ
تلقى الطويلة كالقصيـ
ـرة، والسماحة كالصلفْ٥
برق السحاب طوالها
وقصارها برق خطفْ
•••
يا ويح قلبك من هدفْ
بين الأناقة والترفْ
بل بين ألوان الربيـ
ـع قد اختلفن، وما اختلفْ
ألقى لهن بقوسه
قزح، وأدبر وانصرفْ
فلبسن من أسلابه
شتى المطارف والطرفْ٨
وخلعن من ألوانه
تحفًا تنم على تحفْ
عيد الشباب فلا كلا
م ولا ملام، ولا خرفْ
•••
يا ويح قلبك من هدفْ
بين الصغيرة والنصفْ٩
ري لمن طلب الهوى
ريًّا، ولذة من رشفْ١٠
كالزهرة الحسناء أو
كالغصن في الروض العطفْ
أن تعلما أو تجهلا
فلأنت تعلم ما التلفْ
ولأنت تعلم ما الجوى
ولأنت تعلم ما الشغفْ
الحب يرمي عنهما
يا ويح قلبك من هدفْ!
•••
يا ويح قلبك بين ذي
وطن بمصر وذي كنفْ١١
ما بين شرقي جفا
أو بين غربي عطفْ
سل عصبه سكنت «جنيـ
ـف» تكلف بك أم كلفْ؟!
تدعين حرفتك السلا
م، وما السلام بمحترفْ
هذي الملاحة قربت
بين الحدود، ولا جنفْ
دين الملاحة واحد
ترك المذاهب وائتلف
حرم بميدان الحيا
ة وملجأ لا يُعتسَفْ
ما في جوانب بيته
إلا طبيب أو دنفْ
•••
قف في عبورك غير مأ
مور، ومن يعبر وقفْ
فإذا ذهبت موليًا
فاذهب، فكم لك من خلفْ
قال الجمال فلا تخف
صدق الجمال وما حلفْ!
هذي المحاسن موسم
أحيت مواسم من سلفْ
جمعت لعينك ساعة
وغدًا تفرقها الغرفْ
ملأت خليج «ستانلي»
وطغت على أعلى الطنفْ١٢
بحر تتابع مده
والبحر أعيى من غرفْ
زمر تصباك الظمى
منها وحياك الوطفْ١٣
وعناك من شمم هنا
لك ما عناك من الذلفْ١٤
ورأيت معسول اللمى
قاني الشفاه له ازدلفْ١٥
والشعر من شفق هفا
كالشعر من غسق رجفْ
والنور في بدر سرى
كالنور في رعد قصفْ
فتن شهدت زحوفها
كالجيش أهول ما زحفْ
فهتفت «فليحي الجما
ل» وقد يعاقب من هتفْ!
هذي معارض صنعة
لله تبهر من وصفْ
حي الجمال كما بدا
أو لا فدونك والجيفْ!
•••
يا ويح قلبك من هدف
بين التعلل واللهفْ
كم ذا رأيت، وكم طمعـ
ـت، وكم قنعت ولا أسفْ
أسرفت حتى قد عرفـ
ـت القصد من هذا السرفْ
ما زال يطمع من رأى
ما زال يقنع من عرفْ
مدينة الشمس
صدقوا! فأنت مدينة الشمسِ
وهبتك من نور ومن قدسِ
كم للنهار عليك مائدة
من فيضه، كموائد العرسِ١٦
تجد العيون بها كفايتها
ويزيد حظ القلب والنفسِ
لحسبت أرضك وهي مشرقة
تفتر عن لمحات ذي حسِّ
بعض الضياء إذا نظرت به
أغناك عن سمع وعن لمسِ١٧
شمس أسوان
شمس أسوان في الشتا
ءِ ارقصي أو تبرجي
إنك الشمس صُوِّرتْ
فوقنا للتفرجِ
لا لدفء كما ادعوا
أو لتوضيح منهجِ!
الجسم الخجل
أرى في البحر أجسامًا تشعُّ
عليها من حياء الحسن درعُ
إذا ما الماء جمشها تراءى
لها خجل على الأعطاف بدعُ
وما خجل الخدود وذاك جسم
سنى الخجل المورد فيه طبعُ؟
القمراء
كلما أشرق في الليل القمرْ
وسها الناس ولاذوا بالحجرْ
خِلْتُ أرواحًا تداعت للسمرْ
زمرًا تهمس من حول زمرْ
أن هذا الحسن لا يمضي هدرْ
حينما أسفر نور وانتشرْ
وحلا في خلوة الليل السهرْ
فهنا لا ريب حس وبصرْ
شيمة المسحور يقفو من سحرْ
١
السدف: من الأضداد، بمعنى الظلمة وبمعنى الضوء.
٢
الفاكهة التي تُجنَى.
٣
الخمصانة ضامرة البطن، والطوى الجوع، والشظف ضيق العيش.
٤
رب الحب في الأساطير اليونانية.
٥
الصلف الكبرياء.
٦
أقصده: طعنه فأصابه.
٧
اشترف: وقف منتصبًا.
٨
المطرف: الرداء، والطرفة: ما يُستملَح ويُستظرَف.
٩
النصف: متوسطة السن.
١٠
رشف الماء: مصه بشفتيه.
١١
الكنف: الحرز، يقال: أنت في كنف الله؛ أي: في حرزه.
١٢
الطنف: ما برز من البناء.
١٣
العين الظمياء: الرقيقة الجفن، والوطفاء: الغزيرة شعر الجفن.
١٤
الذلفاء: الصغيرة الأنف.
١٥
اللمى: سمرة في الشفة، وهي من الألوان المحبوبة قديمًا وحديثًا،
وازدلف: تقرب.
١٦
موائد العرس مشهورة بالمبالغة في السخاء.
١٧
إذا شغل الضياء النفس لفرط بهائه وشموله أفعمها بالحس؛ فلا تلتفت إلى
ما يُسمَع ويُلمَس.